مواضيع

الجهاد لا يختصّ بالإسلام فقط

إنّ أهداف العدو التي حُدّدت كأهداف في الإسلام، هي بالدقّة عبارة عن تلك الأمور التي تتعارض مع هذه الخطوط الأساسيّة للحياة الإنسانيّة، فالذين يخالفون العدالة والسلام والأمن والهدوء، ويخالفون الصفاء والروح الإنسانيّة النقيّة والمتكاملة هم في الجهة الأخرى من دعوة الأنبياء؛ ومن أجل العدالة أوجب الله تعالى الجهاد على المسلمين، والجهاد ليس مختصًا بالإسلام، بل هو موجود في جميع الأديان الإلهيّة.

إنّ الذين يقفون في وجه الدعوة هم الذين يخالفون ويعارضون تحقّق الأمن والهدوء والسلام والتكامل للبشر والمجتمع، وهم أعداء المصلحة الإنسانيّة، وهذه المسألة -أي المصلحة الإنسانيّة- هي الأمر الذي جعله الإسلام هدفًا له، فمنذ بداية البعثة وضع نبي الإسلام المكرّم النقاط على الحروف من خلال الآيات التي كانت توحى إليه.

فالسورة المباركة «اقرأ»، والتي نزلت آياتها الأولى على النبيّ بحسب الظاهر في أوّل الوحي ـ والآيات اللاحقة للسورة نزلت بعد مدّة وإن كانت في مرحلة بداية البعثة تقول: <كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ15  نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ 16 فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ 17 سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ>[1]، فهذه الآيات تهدّد أولئك الذين يقفون مقابل دعوة الرحمة، دعوة العزّة، دعوة الهدوء والسلام. وفي سورة «المدّثر» المباركة، التي هي من أوائل السور التي نزلت على النبيّ، تؤكّد العنصر المعارض لحياة الناس وتقول له <ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا 11 وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا 12 وَبَنِينَ شُهُودًا 13 وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا 14 ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ 15 كَلَّا ۖ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا 16 سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا>[2]، حيث تشير إلى صمود هذه الحركة العظيمة وإلى هذه المواجهة في قبال من يعارض النبيّ ويعارض مصلحة المجتمع الإنساني ويعترض طريق الحقّ؛ ولهذا كان هناك جهاد وقتال في الإسلام؛ بيد أنّ هذا الجهاد هو حربٌ ضد المعارضين لهدوء الحياة الإنسانيّة والمعارضين للعدل وسعادة البشر.

ولهذا إذا نظرتم إلى القرآن الكريم وسيرة النبيّ(ص) سترون أنّه منذ ذلك اليوم الذي أقيمت فيه الحكومة الإسلاميّة كان هناك أشخاصٌ غير مسلمين يعيشون تحت ظلّ النبيّ(ص) في أمنٍ وأمان، فيهود المدينة كانوا قد عاهدوه على أن يعيشوا في جواره حياةً هادئةً، لكنّهم تآمروا وخالفوا وخانوا وطعنوا في الظهر، وهذا ما جعل النبي(ص) يقف بوجههم؛ ولو أنّهم لم يُعارضوا ويعادوا ويخونوا، فلعلّ النبيّ(ص) لم يكن ليتعرّض لهم أبداً؛ وبناءً على هذا، فالدعوة الإسلاميّة هي دعوةٌ معنويّةٌ، دعوةٌ قائمةٌ على الاستدلال، دعوةٌ بمعنى تقديم حياةٍ مُشرقة وممتزجة بالسعادة للبشر[3].


  • [1]– العلق: ١٥ – ١٨
  • [2]– المدثر: ١١ – ١٧
  • [3]– من محاضرته في لقائه بمسؤولي النظام في يوم عيد المبعث بتاريخ 30-6-2011م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟