مواضيع

نصّ خطاب الشّهيد السّميع قبل أحداث مارس

      في سياق توثيق الأحداث المأساويّة لسجن جو، ومن أجل ربْط الأحداث ببعضها البعض؛ من المهم تسجيل النّصّ الكامل للكلمة المصوّرة التي ألقاها الشّهيد السميع، لإعادة الإطلاع عليها والتأمُّل في محتواها الذي كُتبَ وألُقي من داخل فم التنين.

وهي كالتالي:

ربِّ اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واحْلل عقدة من لساني يفقه قولي.

 معكم عباس جميل طاهر السميع، عمري ٢٥ سنة، أسكن في منطقة السنابس، حاصل على شهادة البكالريوس في التربية الرياضية. أعمل مدرس تربية بدنية في إحدى المدارس الخاصة.

لا يخفى عليكم أنني أحد المستهدفين في قضية تفجير الديه، أو بما يُسمى بتفجير الشحي، وتزامنا مع إصدار الحكم الظالم من المحكمة غير الشرعية، أوجّه خطابا أخويا، أمانةً للقضية والتاريخ ولكم.

فقد أردّتُ أن أوضّح بعض النقاط بشكل موجز، قبل أن أبدأ الخطاب، لأنني فصّلتها سابقا، ويمكنكم الرجوع للمواقع الإلكترونية للإطلاع عليها:

ـ النقطة الأولى: إننا كعائلة في هذا الشعب، ترفض الظلم؛ مستهدفون منذ عشرات السنين، وعلامة ذلك سفْك دم عمي الشهيد حسن طاهر السميع.

ـ النقطة الثانية: إنني على الصعيد الشخصي مستهدف منذ عام ٢٠٠٨م، فقد اعْتقلت مع إخواني في قضية ما تُسمى بالحجيرة، والتهمة الموجّهة لنا في مباني التعذيب هي إننا نريد أن نثأر لدم عمّنا الشهيد.

ـ النقطة الثالثة: إنني مطارد منذ بدء الثورة، وكانت القضايا تُلفق إليّ لأنها (وقعت) في منطقة سكني، وجاء تلفيق قضية تفجير الديه كسابقها من القضايا الملفقة من غير دليلٍ واحد.

ـ النقطة الرابعة: بعد تفجير الديه كان لابد من الحكومة أن تُرضي أتباعها وأن تُرضي دولة الإمارات لمقتل الشحي، فكان لابد من كبش فداء، وكنتُ أنا وأخوتي وأبناء قريتي، وهذا بالفعل ما تمّ إخبارنا إياه في غرف التعذيب.

ـ النقطة الخامسة: أخبروني في غرف التعذيب أنهم سيلفّقون تهمة تنفيذ التفجير لي لأنني كان من المفروض – في حساباتهم – إنني قد صُفّيت، وبما أنه قد كُتب لي عمر لحدّ الآن؛ فلا بد من إلصاق تهمة القتل لي.

ـ النقطة السادسة: التعذيب الوحشي والنفسي كان لا يطاق، وقد تم تهديد عائلتي، بل وتعدى الأمر بتهديد حتى المحامين بفصلهم وإيقاف عضويتهم في حال إنسحابهم من جلسات المحكمة.

     بعد هذه النقاط؛ أوجّه لكم هذا الخطاب راجيا من الله سبحانه وتعالى الرضا والقبول، وتقبّل الله أعمالنا بقبول حسن:

بسم الله الرحمن الرحيم: “أحسِب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون“.

آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

إيماني بأن الله سبحانه وتعالى اختارني في هذه القضية لأنْ أكون محلّ اختبار وابتلاء، وأنا أحمد الله سبحانه وتعالى إنني راضٍ عمّا اختاره لي بكلّ اطمئنان وثقةٍ على درب الشهداء والمناضلين الذين ضحّوا من أجل شعوبهم وأوطانهم وعلى درب النبي الأكرم وآله الطيبين، وعلى نهج أبي عبدالله الحسين وموقفه الخالد في يوم عاشوراء، وإنني أعوّلعلى الله سبحانه وتعالى في خلاصي من هذه المحنة بما يختاره هو لي، لا رأي دولي ولا مكرمةٌ ملكيّة ولا ما شابه، ثم بعزمكم وإصراركم واستمراركم على نهج الحق ومقارعة الظلم الذي لابد من الشعب كلّ الشعب أن يحصد ثمارَ هذه التضحيات، ويعلم الله أنني لستُ خائفا بل مطمئنا كلّ الاطمئنان بأنّ الدرب الذي سرتُ عليه هو درب النضال السّلميوالسّعادة الأبديّة والحياة السرمديّة المتمثلة في رضى الله والأخذ بأوامره والإنتهاء عن نواهيه.

 أيها الشعبُ الأبيّ؛ تحية لكم من أعماق قلبي، فلقد برهنتم للعالم كلّه – بصمودكم وثباتكم في جميع الميادينأنكم شعبُ حقٍّ ووفاءٍ لا يُهزم رغم آلة القمع ورغم التنكيل، إلا أنكم ثابتون. حقا إنكم لا تعْجَزون وسيَعجزون ولن تعجزوا، الله ناصركم.

أوصيكم يا أبناء شعبي بمواصلةِ النضال، ومجابهة الظلم، والثبات على الحقّ، ووحدة الصفّ والإلتفاف حول رموز الثورةِ ومساندة الجمعيّات والحركات والتيارات التي تعمل لصالح الشعب، ومن أجل تحقيق أهدافِ الثورة وأهداف كلّ قطرةِ دمٍ سقطت على تراب هذه الأرض.

عائلتي الكريمة؛ أعلم مدى صبركم وصمودكم وإطمئنانكم بما كتب الله لي ولكم، وأن إيماني بقضيتي هو نتاجُ تربيتكم وتغذيتكم. أرفعُ رأسي فخرا إنني أنتمي إليكم.

أيتها العمائمُ الثائرة، أنتم ركائزُ الثورة. حضوركم في مواكبِ العزة والكرامة شعارٌ لحراك ثورتنا، عباراتكم الثورية وعيٌ لشبابنا وسهامٌ لأعدائنا.

 آباءُ وأمهاتُ الشهداء؛ أنتم بؤرةُ الثورة، تقدُّمكم في الميادين تشجيعٌ لشبابنا، هتافاتكم الثورية البارزة صدى شهداءِ ثورتنا.

 أيتها الحرائرُ الثائرة؛ أنتنّ شرفُ الثورة، صرخاتكن تهزُّ الظالم، ودعائكن به تسديدٌ وتوفيق، وصمودكن شموخٌ وإباء.

أيّها الشباب؛ أنتم درعُ الثورة، ضرباتكم سهامٌ للأعداء، وبوعيكم وبفكركم وحراككم وعزيمتكم وبكم تنتصر الثورة.. فأوصيكم أحبتي بتقوى الله تعالى والورع عن محارمه، والرّبط ما بين العلم والعمل، والجهاد في سبيل الله، والوعي والإستمرارية في تطوير الحراك الميداني.

أيّها الجلادون؛ ما أنتم إلا ضعفاء في نظري. إصراركم في التعذيب دليلُ هزيمتكم. تلفيق التهم من دون دليلٍ هو نتيجةُ إفلاسكم، رغم مطاردتي لثلاث سنوات وأنتم في حيرةٍ من أمركم، وأنا أمارسُ حياتي الطبيعية رغم الظروف الصعبة المتشردة، إلا أنني أكملتُ مشوار الدراسة والعمل بتوفيق من الله تعالى، وإصرار وتحدّ، حذرا بلا خوف.

وهذا ما أوصي به أبناء شعبي.

وأخيراً، اعلموا أيّها الأعزة أنّ الدّنيا دارُ ممرّ، والآخرة دارُ مقر، وعلينا التزوّد من الدنيا للحصد في الآخرة.

وأختم قولي تذكيرا لنفسي أولاً ولكم أيّها الأحبة بهذه الآية الكريمة:

بسم الله الرحمن الرحيم:

 “وقل اعملوا فسيرى اللهُ عملكم ورسوله والمؤمنون وستردّون إلى عالم الغيب والشهادة، فينبئكم بما كنتم تعملون“. آمنّا بالله صدق الله العلي العظيم.

وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين وصل الله على محمد وآله الطاهرين“.

المصدر
كتاب زفرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟