مواضيع

إلى أحبتي

تمهيد ..

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد

أحبتي ..

هي أيامٌ نعيشها في هذه الدنيا ثم نرحل عنها إلى عالم الآخرة والمستقر الأبدي، إما إلى سعادةٍ في الجنة منعَّمين وإمّا إلى شقاوة في النار معذَّبين … فأيَّ مصير تُحبُّ، وإلى أي خاتمة تسير؟!

فهل فكَّرت يا عزيزي بالقبر والبرزخ والقيامة ..؟!

وهل أعددت الفِراش لرقدتك الطويلة في القبر ..؟!

وهل تزودت بالتقوى وهيّأت مركب السفر في البرزخ ..؟!

وهل أنت مستعد لأن تجتاز الصراط فلا تقع في النار ..؟!

أحبتي ..

لابد لنا من السفر والرحيل، وأن نغادر هذه الديار ونعيش في القبور مع الأموات في ظلمة القبور، وضيق اللحود والوحشة والخوف وطول المحنة، مع العقارب والحيّات والدود وأنواع البلاء .. «اللهم أعنّا على الموت وما بعد الموت».

أحبتي ..

فإذا كنا على يقينٍ من السفر، وصعوبة الموقف والمنازل وشدّة الأهوال؛ فلا بد من الاستعداد والتهيأ قبل فوات الأوان وقبل جهنّم والنيران … فعندما نموت ونرحل من هذه الدنيا ونلاقي أهوال يوم القيامة، فعندها سنعض أصابعنا ندماً على ما قصّرنا في الدنيا وأسرفنا على أنفسنا وتجاوزنا حدود ربّنا … بما ارتكبناه من الذنوب وقصّرنا في القيام بالواجبات! وهل ينفع الندم بعد الممات؟!

أحبتي ..

لا يغّرنا طول الأمل ولا يخدعنا الشيطان بتسويف التوبة بعد أن أوقعنا في الذنب والزلل … و أنتم شباب وفي مقتبل العمر …

ولكن هل الموت لا يعرف إلا كبار السن ويترك الشباب؟!

وهل الأموات أكثرهم من الكبار أم من جيل الشباب؟!

وهل قبور الكبار أكثر أم قبور أمثالكم من الشباب؟!

أحبتي ..

إن الحث على التفكير بالموت وما بعد الموت لا من أجل أن يعيش الإنسان اليأس والقنوط، ولا الكسل والخمول، بل هي دعوة لبثّ الأمل والنظر إلى الحاضر والمستقبل، ولكن بـ«عین القلب» وبصر الفؤاد حيث لا نقصر نظرنا على الحياة الدنيا، بل ننظر إلى الدنيا والآخرة، وترى بأن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن اليوم عملٌ ولا حساب وغداً حسابٌ ولا عمل، وأنّ كلّ ما نعمله اليوم سوف نراه غداً .. <فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ 7 وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ>[1]

وعليه .. فما نزرعه اليوم من بذور صالحة وأخلاق فاضلة وعقائد حقّة وأعمال طاهرة، سوف نجنيه غداً في الجنة على شكل قصورٍ جميلة وأنهارٍ جارية وحور عين ..

ولكن .. إذا زرعنا اليوم الأشواك وعملنا الذنوب والمعاصي، فسوف يكون المصير جهنّم والنيران والعذاب الذي لا يقدر عليه إنسان ..

أحبتي ..

إذا عرضت عليكم الشهوة المحرمة، وغرتكم النفسُ الأمارة، وفكّرتم في المعصية .. فتذكروا هادم اللذات ومفرق الجماعات واستحضروا أنها لذةٌ وشهوةٌ عابرة، سوف تذهب سريعاً، ولكن سوف تبقى الآثار المدمِّرة والعواقب الوخيمة في الدنيا والآخرة .. فقد يكون السقوط النهائي والضياع والتيه والخسران المبين.

فلا تفكر في المعصية؛ لأنه يوجب ظلمة القلب وتلوث الروح ..

ولا تخطو خطوة واحدة للمعصية؛ لأنه ستأتي خطوات أخرى ..

ولا تصاحب صديقاً يزيّن لك المعصية؛ فإنه عدوٌّ بصورة صديق!

ولا تجلس في مكانٍ يُعصى الله فيه؛ فقد ينزل عليك العذاب!

عزيزي .. وإذا زّلت قدمُك ووقعت في مستنقع المعصية فبادر سريعاً بالتوبة، واندم على ما فات، واعزم على أن لا تعصي مرةً ثانية ..


[1]- الزلزلة: 7-8

المصدر
كتاب إلى أحبتي | الشيخ زهير عاشور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟