مواضيع

الاقتصاد المقاوم،‌ نموذجٌ محلّي وعلمي من نتاج الثقافة الثوريّة والإسلاميّة

إنّ مجموعة سياسات الاقتصاد المقاوم هي في الواقع نموذجٌ محليٌّ وعلميٌّ نابع من ثقافتنا الثورية والإسلاميّة، وهي مناسبةٌ لوضعنا اليوم وغدًا، وسوف أشرح كيف أنّ هذه السياسات لا تختص بوضعنا الحالي وظروف البلاد الراهنة، بل هي تدابير طويلة الأمد لاقتصاد البلاد، و يمكنها تحقيق أهداف نظام الجمهوريّة الإسلاميّة على الصعد الاقتصاديّة، وبوسعها رفع المشكلات، وهي في الوقت نفسه حركيّة ومتطوّرة، بمعنى أنّنا لم ننظر لهذه السياسات داخل إطارٍ مغلقٍ و متحجّرٍ، بل يُمكن تطويرها ويمكن تطبيقها على ظروفٍ متنوعةٍ قد تطرأ في فتراتٍ من الزمن، وهي تأخذ اقتصاد البلد عمليًا إلى حالةٍ من المرونة، أي إنها تعالج هشاشة الاقتصاد وضعفه حيال الهزّات المختلفة التي سوف أشير إليها.

لقد تمّ إعداد هذا النموذج بمجهود الخبراء وبتعاضدهم وبتعاونهم الفكري وبعد مناقشته في مجمع تشخيص مصلحة النظام وبحضور رؤساء السلطات والمسؤولين.

وقد تمّت الاستفادة تماماً من مساعدات الخبراء الاقتصاديين في إعداد هذا النموذج، والواقع إنّ من حسنات هذا النموذج أنّه موضع إجماعٍ واتفاقٍ، وقد تمّ تنضيجه في مجمع تشخيص مصلحة النظام، ورؤساء السلطات موجودون في مجمع تشخيص المصلحة، والمسؤولون غيرهم أيضًا موجودون هناك وقد بحثوا الموضوع وناقشوه، وخرج النموذج بعد كلّ الملاحظات والتدقيق فيه وإحكامه بالنحو اللازم.

وليس التوجّه نحو الاقتصاد المقاوم أمرًا خاصًّا بنا، اليوم هناك العديد من بلدان العالم التي سعت لجعل اقتصادها مقاومًا، وخصوصًا في هذه الأعوام الأخيرة بعد وقوع الهزّات الاقتصاديّة العنيفة في العالم، وبالطبع لكلّ بلدٍ من البلدان ظروفه الخاصّة.

لقد سقط هذا الاقتصاد الرأسمالي بما فيه من مشكلات من الغرب وأمريكا وأثر على الجميع وصولًا إلى العديد من البلدان، والاقتصاد العالمي في المجموع كلٌّ مترابطٌ بعضه ببعض، وبطبيعة الحال فقد تأثرت البلدان بهذه المشكلات بدرجات مختلفة، بعضها تأثر بشدّةٍ وبعضها بنحوٍ أقلّ؛ ومن هنا، فقد سعت الكثير من البلدان لجعل اقتصادها مقاومًا منيعًا، وبعبارةٍ أخرى: حاولت التخطيط لهذا الاقتصاد المقاوم وتحقيقه بما يتناسب وبلدانها.

وأنا أعتقد أنّ حاجتنا للاقتصاد المقاوم أكبر من البلدان الأخرى، الحاجة عندنا أمسّ وأكبر لأنّ نجعل اقتصادنا مقاومًا.

أوّلًا: لنفس السبب المشترك بيننا وبين البلدان الأخرى، فنحن مرتبطون بالاقتصاد العالمي، ونحن نريد مثل هذا الارتباط، ولا نروم الانفصال عن الاقتصاد العالمي بأيّ حال من الأحوال، وهذا غير ممكنٍ في الظروف الحاليّة في العالم؛ نحن -إذاً- نتأثّر بما يحدث في الاقتصادات العالميّة.

ثانيًا: للخصوصيّة التي فينا، فإنّنا وبسبب استقلالنا وعزّتنا وإصرارنا على عدم التأثّر بسياسات القوى الكبرى، نتعرّض لهجماتٍ ونيّات سيّئة، أي إنّ دوافع المعارضة والإخلال والعرقلة وخلق المشاكل ضدنا أكثر ممّا يحصل في البلدان الأخرى، وهذا ما نشهده في الظروف الراهنة التي نعيشها؛ إذاً، علينا أن نهتم أكثر بتمتين ركائز الاقتصاد، وجعل اقتصادنا مقاومًا، ويجب أن لا نسمح بوضعيّةٍ تُؤثِّر فيها الأحداث والهزّات الحتميّة أو حالاتِ سوء النيات على اقتصادنا؛ إذاً، نحن بحاجة لهذه السياسات[1].


  • [1]– من خطاب سماحته في جلسة شرح سياسات الاقتصاد المقاوم بتاريخ 11-3-2014م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟