مواضيع

طرح فصل الدين عن السياسة

دققوا في أن الأعداء يتابعون في مضمار الدين نقطتين أساسيتين لأنهم لاحظوا مدى تأثير هاتين النقطتين في حياة الناس. الأولى قضية «الإسلام من دون رجال الدين» فقد شاهدوا ما لرجال الدين من تأثير عميق في المجتمع الإيراني وعلى تحرك الجماهير. وقد كانوا طبعاً يطلقون مثل هذه الأراجيف قبل الثورة أيضاً. لكن تواجد رجال الدين في الثورة وريادتهم لصفوف الثورة أقصى هذا المعنى والمفهوم عن الساحة مؤقتاً، لكنهم بدأوا بأراجيفهم مرة أخرى. والنقطة الثانية هي «الإسلام من دون سياسة» أي فصل الدين عن السياسة. هاتان النقطتان من جملة الأمور التي يشيعونها اليوم بأشد الإصرار في صحافتهم وكتاباتهم ووسائلهم الأنترنتية. القضية مهمة بالنسبة لهم. دققوا في هذه الظاهرة. كل ما يشدد عليه العدو ويركز عليه في خارطة طريقه ومخططاته العامة يمكنه أن يوفر لنا نحن أيضاً مشروعاً عاماً وخارطة طريق.[1]

شهدنا فترة دعت فيه صحافتنا رسمياً وعلنياً لفصل الدين عن السياسة! بل شككوا في فكرة الوحدة بين الدين والسياسة وهي أساس الجمهورية الإسلامية وأساس التحرك العام للشعب. هل فوق هذا شيء؟![2]

إنّني عَزمت على المشاركة في أحد المؤتمرات العالمية، وأعددت كلمة كي أُلقيها في ذلك المؤتمر، فعرضتها عليه[3]، وهو ما كنت أفعله عادةً، فقرأها وأعادها ليّ بعد ثلاثة أيام، وقد ضَمّنَها بعض الأُمور، منها ضرورة التطرّق إلى عدم فصل الدين عن السياسة في ذلك المؤتمر.

وفي الوَهلة الأولى استولت عليّ الدهشة، إلا أنّني مع ذلك أعددت بعض الصَفحات حول هذا الموضوع وأضفتها إلى الكلمة.

وقد حضر ذلك المؤتمر حوالي مئة دولة، وحينما قرأت عليهم كلمتي، وجدت أنّ أهم ما حظي باهتمامهم وانتباههم هي هذه المسألة، في حين أنيّ إذ رأيت بقية المسائل قد تمّ اختيار ألفاظها وانتقاء معانيها تَصوّرت أنها هي التي ستنال إعجابهم، إلا أنّني أدركت فيما بعد أنّ ما أشار إليه الإمام كان هو الأهم.

إنّ الذي يرتقي المنابر العالمية المتقدّمة ويؤكد على عدم فصل الدين عن السياسة يكون قد أصاب قلب الهدف.

وهناك في الداخل من ينطق عن لسان الأعداء، وينطبق عليهم القول القائل: «وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس»[4] ويكتبون حول فصل الدين عن السياسة.

إنّ فصل الدين عن السياسة كان سائداً في بلادنا طوال قرون، إلا أنّ الإمام جاء وطوى صَفحة الماضي وصرّح بهذا الفكر في العالم.[5]


  • [1] خطاب سماحته أمام أهالي قم بتاريخ 19-10-2010م
  • [2] خطاب سماحته أمام أساتذة وطلاب جامعة علم وصنعت بتاريخ 19-7-2008م
  • [3] الإمام الخميني
  • [4] بحار الأنوار، جزء 2، صفحة 94
  • [5] خطاب سماحته أمام القائمين على حفل ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 31-5-2005م
المصدر
كتاب الثورة الإسلامية في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟