مواضيع

الشّهيد الّذي دُفن بالقيود والسّلاسل


[1]-أنا حرٌّ، لا تقلقوا

 كان الشّهيد غلام حسين خزاعي رافري من شهداء كرمان، وهو الشّهيد الّذي دُفن بالأغلال والسّلاسل. يروي والد حسين؛ قبل يوم أو يومين من إرساله إلى الجبهة، اشترى حسين بعض السّلاسل وأحضرها إلى المنزل. سألنا حسين عن سبب إحضار السّلاسل.

قال: سأقول لكم فيما بعد!

وبعد أن فُتحت وصيّة حسين، رأينا أنّه قد أوصى بربط يديه وقدميه قبل دفنه حتّى تكون له شهادةً قويّةً يوم القيامة للتّعبير عن العبوديّة لله.

لقد فاجأتنا وصيّة حسين، لم نكن نعرف لماذا رغب بمثل هذه الوصيّة.

عاملنا البعض معاملةً سيّئةً، فكانوا يؤذون قلوبنا بالسّخرية ولسعات اللّسان. أحياناً كانوا يسألون: أين بيت الشّهيد المُقيّد؟ وكانوا يعذّبوننا بهذه الكلمات.

ذات ليلةٍ رأى أحد الأقارب حسيناً في المنام. سأله: ما هذه الوصيّة؟ لقد أحرقتنا بهذه الإرادة.

كان حسين واقفا على التلّ، فتح ذراعيه ورجليه وقال: أنا حرٌّ، لا تقلقوا.

منذ ذلك الحين، لم نعد نعير السّخرية أيّ اهتمام.

لم نكن نعرف هل ننفّذ وصيّة الشّهيد أم لا. ذهبت إلى الشّيخ حقيقي؛ إمام مسجد كرمان الكبير، فاستغرب وبكى وقال لي: «قلّةٌ هم الّذين رأينا أو سمعنا عنهم وقد وصلوا إلى هذا المستوى من النّمو والكمال، إنّه أمرٌ غير مسبوقٍ منذ بداية الإسلام». ثمّ أمرنا باتّباع وصيّة الشّهيد بشرط الحفاظ على الحالة الطبيعيّة للجسد.

وُكّل غلام عباس خزاعي، شقيق الشهيد، بتنفيذ الوصيّة. يقول: كانت السّلاسل عاديّة، وكان طولها حوالي مترين. في التّاسعة مساءً، أخذت السّلسلة وذهبت مع بعض الأصدقاء إلى مقرّ «معراج». وكان قد تمّ تجهيز الشّهداء للتّشييع. أحضروا التّابوت وفتحوه. كان نائماً بسلامٍ. طلبت من أصدقائي تنفيذ الوصيّة؛ لكنّ أحداً منهم لم يقبل. قبّلت وجه حسين، وضعت السّلاسل حول يديه ورجليه ثمّ ربطتها، وقبّلت وجهه مجدّداً. بهذه الطّريقة تصرّفت بناءً على الوصيّة.

اتّصل أحد أصدقائه من المدينة وقال: لقد أحبّ حسين أن يكون حاضراً مع السّلاسل يوم القيامة ويداه ورجلاه مقيّدتان بحيث تشمله العناية الإلهيّة، وذلك استناداً إلى الآية 49 من سورة إبراهيم الّتي تقول: <وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ>.

الشّهيد الّذي دُفن بالقيود والسّلاسل[1]


المصدر
كتاب سيد شهداء محور المقاومة | الشهيد قاسم سليماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟