مواضيع

الحصول على القوّة إنّما يحصل من خلال الجهاد في العمل على إنتاج العلم

من الأمور التـي لا يسمحون بنموّها فـي البلدان الخاضعة للهيمنة والتي يَحولون دونها بشدّةٍ هي الحالة العلميّة، ذلك أنّهم يعلمون أّن العلم أداةٌ من أدوات القوّة، إنّ الغربيّين أنفسهم اكتسبوا قوّتهم من خلال العلم، وهذه هي إحدى ظواهر التاريخ. طبعًا، كان العلم ينتقل دائمًا بين الشرق والغرب، كما أنّهم هُم أنفسهم كانوا يقبعون في الجهل فترةً من الزمن، فخلال حقبة القرون الوسطى ـ‌ كما وصفوها هم أنفسهم ـ كانت العلوم تتفتّق هنا فـي هذا الجانب من العالم، ولكن بمجرّد أن ظفروا بالعلم استخدموه أداةً للقوّة وكسب الثروة وتوسيع تسلّطهم السياسي وامتصاص ثروات الشعوب وإنتاج الثروة، كما أنّهم عملوا على إنتاج العلوم من تلك الثروة، فطوروا العلوم وزادوا من معارفهم.

إنّهم يُدركون ما للعلم من تأثير فـي تحقيق الاقتدار والقوّة لأيّ أمّةٍ أو بلدٍ؛ لذا إذا أرادوا الإبقاء على نظام الهيمنة، أي الإبقاء على علاقة المُهيمن مع الخاضع للهيمنة والسيطرة على النظام العالمي، فعليهم أن لا يسمحوا للجانب الذي يرغبون فـي بقائه خاضعًا للهيمنة أن يكتسب أيّ شيءٍ من العلم، وهذه استراتيجية لا شكّ فيها أبدًا، ومنهجهم فـي العالم اليوم قائم أيضًا على هذا المنوال؛ لذا علينا أن نجاهد من أجل اكتساب العلم والقيام بالبحوث العلميّة، وعلينا أن نعمل.

لقد بقينا خلال الفترة التي سبقت الثورة بعيدين عن العلم لسنواتٍ طويلةٍ، فإحدى المراحل كانت مرحلة سباتٍ وغفلةٍ مطلقةٍ، كما أنّ هناك مرحلة أخرى هي مرحلة اليقظة والوعي لدى الأمم وهو أمرٌ طبيعي، لكنّ تلك المرحلة كانت مرحلة خداعٍ، إذ لم يسمحوا للعلم -بالمعنى الحقيقي للكلمة- أن يَفِد إلى البلد، كانوا يشغلون الناس ولا يفتحون الطريق للبحث العلمي، ولا يعملون على تنمية المواهب ولا على تشجيعها، فجاءت الثورة لترفع هذه الجدران والحدود والقيود، فتوفّر الوعي العلمي الذاتـي، بيد أن هذا التحرّك لن يصل إلى نتيجةٍ من دون الإدارة والمثابرة والعزيمة والإرادة، وإنّ جميع الأمور بما فـي ذلك العلوم والبحث العلمي تحتاج إلى إدارة منظمّة ومؤسّساتيّة؛ ولذا ينبغي التقدّم بهذه المهمة إلى الأمام، طبعًا هناك جانب من هذه المهمّة يقع على عاتق مسؤولي الدولة، كما أنّ قسمًا من المسؤوليّة يقع على عاتق الجامعات، وهناك شقٌّ آخر من المسؤوليّة يقع على عاتق المراكز العلميّة[1].


  • [1]– من كلمته خلال لقائه بالهيئة العلميّة والخبراء في «الجهاد الجامعي» بتاريخ 21-6-2004م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟