مواضيع

إفادة محمود حسين علي محمد (الملقب بالديواني)

العمر:  ٢٥ عاما

الحكم: ٧ سنوات

     في يوم الثلاثاء الموافق العاشر من شهر مارس لعام ٢٠١٥م، وبينما كنت في مبنى رقم ٤ وتحديدا في عنبر رقم ٦، غرفة ١٤، تجمع عدد كبير من قوات الشغب والكومندوز عند مداخل المبنى الذي أتواجد فيه، وكان هذا في يوم قد وصل إلى مسامع الجميع خبر مفاده تعرض عائلة أحد المحكومين إلى الاعتداء من جهة مبنى الزيارات، وهناك تدخلت قوات الشغب لإحداث فوضى وقمع وانتهاك بجميع من كان في المبنى، حتى أنهم عند دخولهم للمبنى أخذوا بضرب الجميع وتعذيبهم والتنكيل بهم بكل أنواع الآلات التي كانت بأيديهم، حتى أن كلا من الشرطة مسؤولي الاتصال صالح الجهمي ومحمد القرشي، بالإضافة إلى الشرطي ماجد ـ وكلهم من أصول يمنية ـ وكذلك الشرطي منتصر؛ قاموا بإخراجي أنا وطاهر جاسم محمد من قرية كرزكان، وهو معتقل بنفس مبنى ٤ ووضعونا خارج المبنى، وتحديدا مقابل مبنى١، وبعد فترة تم إدخالنا إلى المبنى من جديد، حيث قام كل من الشرطة الباكستانيين محمد سليمان ومحمد محسن، وكذلك فضل وماجد (اليمنيان)  بالإضافة إلى قوات الشغب، بتعذيبنا تعذيبا قاسية أنا والحقوقي ناجي فتيل وكل من المعتقلين علي مبارك وعلي الوزير، حيث بقينا بالقرب من المسجد الشمالي، إلى أن تم تم تحويلنا إلى “الفنس” الخارجي، وبقينا على حالنا والتعذيب مستمر دون توقف لغاية الساعة الخامسة عصرا، ثم أمروا بتحويلنا إلى الجهة الثانية من “الفنس”.

     في بداية الأمر، أمر الضابط المسؤول للشغب بتقسيم المعتقلين إلى قسمين، القسم الذي على اليمين هم من يستحقون التعذيب، وينالوا أقسى درجاته، والقسم الآخر يتم التخفيف عليهم، إلا أنه من سوء حظنا حصلنا على القسم الأول، وتعرضنا ل”وجبة دسمة”، مع العلم بأن التعذيب لم يتم فيه استثناء المرضى أو الجانب الآخر، وتعرض الجميع للتعذيب. وحين تم تحويلنا إلى الجهة الأخرى من “الفنس” عن طريق محمد عبدالقوي (الشرطي اليمني)؛ جاء كل من مسؤول الاتصال محمد الحروبي وأحمد الكاتب التابع للإدارة بقائمة بها أسماء وكنت من ضمن القائمة، حيث تم إخراجي مع كل من محمد ميرزا موسى وحسين علي حسن السهلاوي والسيد أحمد السيد رضي حميدان، وتم أخذنا عن طريق الباص إلى مبنى رقم ١٠ وذلك بين الساعة التاسعة والعاشرة مساء، وعند وصولنا أدخلونا إلى الغرف بعد التفتيش المهين الذي يحط من كرامة الإنسان، وبتنا هذه الليلة دون طعام أو شراب ولا حتى فراش ننام عليه ودون غطاء ووسادة، وكان هناك فقط السرير الحديدي الذي أكل من أجسادنا وفي ظل البرودة الشديدة.

الأربعاء ١١ مارس

     في اليوم التالي، أي يوم الأربعاء الموافق ١١ مارس ٢٠١٥م وقبل أذان الظهر؛ كان من بين المعتقلين علي عبدالزهراء، وهو مصاب بداء السكري، ويأخذ في اليوم الواحد أربع حقنات من الأنسولين، وباعتباره لم يتناول أي طعام فقد أغمي عليه، وتم أخذه إلى العيادة.

     أما أنا ومن معي فقد جاءت قوات الشغب، بالإضافة إلى الشرطة فارس ومحمد سليمان، وتحدثوا معنا بأسلوب استهزائي قذر جدا، بحيث كل من يرانا من الشرطة كان يسخر منا. وبعد الظهيرة من هذا اليوم بدأت الحفلة التعذيبية “الراقية” والتي أطلق عليها النزلاء بمبنى ١٠ (حفلة الأرنب) حيث تم إخراج المعتقلين ما بعد الساعة الثالثة والنصف ظهرا، وقام كل من محمد سليمان (الشرطي الباكستاني) ومحمد محسن ودرك أردنيين بإخراجي من هذه الحفلة، وتم التفنن بتعذيب المعتقلين بأساليب وحشية همجية، مثل إجبار المعتقلين على الوقوف على قدم واحدة لساعات طويلة، وإجبارهم على الغناء وتقليد اصوات الحيوانات وحركاتهم، وسكب الماء البارد جدا، والبصق على أجسادهم ووجوههم، وتعذيبهم بوحشية بالهروات والأسلاك الكهربائية والأخشاب والركل بالأرجل وحلاقتهم حلاقة مهينة، وحرمانهم من الحمام والطعام والشراب، وإجبارهم على افتراش الأرض على بطونهم والدوس عليهم.

     استمرت هذه الجريمة لساعات طويلة وحتى الساعة الواحدة صباحا، أي بعد منتصف الليل، وكان هذا باشراف كل من الرائد حسن جاسم والعقيد ناصر بخيت وضباط بحرينيين آخرين أمثال الملازم عبدالله عيسى والملازم عيسى الجودر والملازم محمد عبدالحميد والملازم أحمد خليل الذي يعمل لدى مركز الرفاع، بالإضافة إلى ضباط مدنيين قاموا بتصوير هذه الحفلة عن طريق كاميرات التلفون، وكذلك كانت هناك مجموعة كبيرة جدا من القوات الأردنية والشغب، وقد حصلت على حصص عديدة من التعذيب التي لا زال جسمي يعاني من آثارها، وكذلك المعتقل محمد ميرزا موسى (ابو جبرائيل).

     كان الشرطي محمد سليمان وشرطي العيادة فضيل يتفننان في تعذيبي.

حفلة الأرنب

     بعد “حفلة الأرنب”، لي في هذا المبنى عدة أحداث، أذكر منها:

١ـ بين يومي الجمعة والسبت، وهذا كان بعد “حفلة الأرنب” مباشرة، وتحديدا في يوم الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥، قام الشرطي التابع للإدارة شاهد، وهو باكستاني الجنسية، بتعذيبي أنا والمعتقل محمد عبدالأمير، واستعان بالشرطي اليمني المشهور بالتعذيب الليلي مروان، وحصلنا على “وجبة دسمة” قاسية من التعذيب. وفي تاريخ ١٨ مارس ٢٠١٥م وقعت حادثة أخرى، حيث طلب المعتقل محمد ميرزا موسى (ابو جبرائيل) من الشرطة الذهاب إلى الحمام، وكانت النتيجة إرسالنا إلى الإدارة مقيدي اليدين من الخلف، وتم تعذيبنا، وما أن رجعنا حتى استقبلنا كل من رئيس العرفاء بلال والشرطي محمد سليمان ومجموعة من الشغب عند الحمامات في العنبر الثاني من مبنى  ١٠ وتحديدا عند الثلاجة، وهذا المكان أطلق عليه المعتقلون (مكتب ٩٩ للتحقيقات)، حيث تم تعذيبي بالهراوات وتعليقي تعليقة “الفيلقة”  بضرب أسفل القدمين، مع إهانة مذهبي وعقيدتي. وفي تاريخ ٢١ مارس ٢٠١٥م وفي الصباح الباكر؛ كنت ذاهبا إلى الحمام في مناوبة كل من الوكيل تيسير ورؤساء العرفاء خالد وبلال والشرطة محمد سليمان ومحمد محسن وفضيل التابع للعياده، حيث عذبني بلال بقسوة جدا، وقام بإغراقي بالمياه الباردة، وأجبرني على الوقوف على قدم واحدة، مع الضرب على ظهري، وذلك ذلك من أجل أن أقول عبارة: “أنا مش رجال أنا حرمه”.

2ـ أما مسلسل الطابور الصباحي و”النشيد الوطني”؛ فكان سخرية القدر! حيث تم إجبارنا على ذلك ونحن نزحف على بطوننا، أو يتم وضعنا في إناء القمامة، ومن يرفض تكون عقوبته قاسية أو ما يسمى بالتمارين العسكرية التي كانوا يجبروننا عليها، أو حفلة (بل حالنا)، أي أن عليك الذهاب إلى الحمام وسكب الماء عليك وعلى ثيابك، والوقوف في الجو البارد، وفي حال لم يكن الجو باردا فإن عليك الوقوف أمام المكيف ودرجة البرودة عند ١٦. وهذه الحفلات يتفنن في تنفيذها كل من بلال وخالد ومحمد سليمان ومحمد محسن والبلوشي محمد جمال. أما مسلسل التعذيب عند  الثلاجة (مكتب ٩٩) فقد وقعت على مدى خمسة أيام متواصلة، وبدأت بتاريخ ١١ مارس ٢٠١٥م، حيث قام بها الوكيل محمد زكريا ورئيس العرفاء سامر والشرطة إحسان ومحمد جمال ومحمد ميرز، ولم يكتف بذلك حتى قام بنقلي من غرفة إلى أخرى، حتى أوصلني إلى غرفة بها مرضى السي (٢).

3ـ قام رئيس العرفاء خالد ومن معه، وبينهم بلال والوكيل تيسير والشرطة محمد سليمان ومحمد جمال ومحمد محسن بالاستهزاء بي، ففي يوم من الأيام وبينما كنت خارجا من دورة المياه أجبرني المدعو خالد أن أمشي وكأني راكبا سيارة “تاكسي”، وهددني في حال بتعذيبي لو امتنعت، وعندما دخلت الزنزانة بعدها بنصف ساعة أو أكثر أخرجني مره ثانية واستهزأ بي، حيث عذبني وقال لي: “كيف تركب التاكسي ولم تدفع الأجره”. وأيضا ذات مرة وكان يوم أحد، وبينما كنت ذاهبا للاتصال ـ وهي المرة الأولى التي أذهب فيها للاتصال بعد حادثة العاشر من مارس ـ إذ وجدت في مكان الاتصال وتحديدا بمبنى 6 (حيث إن مبنى ١٠ ليس به كابينات اتصال) كان هناك الشرطي السوري محمد عوض وبسام اليمني الكاتب بالإدارة، حيث قال لي بلغة التهديد:  “أنت هنا؟”. وحصلت على تهديد يمسني ويمس عائلتي، هذا غير الشتم والقذف وانتهاك المذهب.

4ـ أما مسألة التحقيق في الإدارة، فعندما جاءت القوات لأخذي إلى الإدارة؛ تم أخذي عن طريق الشرطي اليمني مروان، وعند وصولي كان هناك ضباط مدنيون، ومنهم خالد التميمي وعيسى الجودر ومحمد عبد الحميد وأحمد خليل، بالإضافة إلى ضباط مدنيين اثنين، وكذلك الشرطي السوري المدعو غنام. وفي أثناء التحقيق، قام الأخير وبسام الكاتب، وأحمد الكاتب (وكلاهما يمنيان) بتعذيبي بالهراوات والأسلاك الكهربائية وغيرها، وبعد الفراغ من التحقيق تم إرجاعي إلى مبنى ١٠ واستلمني الوكيل محمد زكريا مع رئيس العرفاء سامر وعذبوني بقوة، حتى قال الوكيل محمد: “سوف أعذبك أمام الكاميرا”، وكأنه يقول لا من محاسب وعندنا مطلق الأوامر للتعذيب، هذا غير وكيل القوه أبو راشد وجاسم مسؤول الاتصال والوكيل تيسير، حيث أجبراني على تقليد أصوات الحيوانات وحركاتهم.

     وختاما؛ لقد عشنا طيلة ما يقارب الخمسة شهور عذابا جسديا ونفسيا قاسيا جدا، وطال الحرمان من النوم ومن الحمام والاقتصار على دقيقة واحدة فقط لقضاء الحاجة، أو خمس دقائق لقضاء الحاجة والإستحمام وغسل الملابس، وفي حال التأخر أكثر من ذلك تحصل على وجبات التعذيب، هذا غير اقتحام الحمام عليك بقوة. بالإضافة إلى الإجبار على الوقوف لساعات طويلة حتى تصل في بعض الأحيان لثلاثة أيام أو أكثر متواصلة، وإهانة المعتقدات الدينية، وإغراق الجسم بالماء البارد، والوقوف أمام المكيف، وكذلك الإستحمام بسائل غسيل الأواني (لوكس) أو الاستحمام بخلطة تم عملها من قبل الدرك الأردنيين بالقهوة والديتول وال”كلوركس” و”اللوكس”، مما تسبب بحساسية في الجلد. ولا زلنا نعاني من أمراض في المسالك البولية وغيرها جراء التعذيب من هذا النظام.

المصدر
كتاب زفرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟