مواضيع

وظائف أعضاء المؤسسات

تطوير المعرفة الدينية

أيها الإخوة والأخوات علينا أن نقوي مبانينا المعرفية، كما إننا نشهد اليوم إقبالاً من الشباب نحو ترشيد المعرفة الدينية قياساً مع الأعوام السبعة أو الثمانية السابقة، حيث كانت هنا تعقد الجلسات في شهر رمضان والأصدقاء يجتمعون ويتكلمون؛ وبعض الأفكار التي قدمتموها تكشف عن قوة هذه المباني عندكم، لكن لا بُدّ أن تأخذوا هذا الأمر على محمل الجد وتأسسوا لذلك هيئات وجمعيات كي يتفرع لاحقاً على المجموعات الطلابية في الجامعات، فتقوية المباني المعرفية أمر لازم وضروري وضعفها سيلحق ضرراً كبيراً بالطلاب الجامعيين والجمعيات على السواء.[1]

إنكم ما دمتم متمسكین بقوة الإيمان والعمل الصالح؛ فإن جميع القدرات الإلهية، جميع النواميس الطبيعية وجميع الإمكانات سوف تتوفر لكم، فالعدو يحاول أن يخترق جميع الميادين من الإعمار إلى الإعلام والثقافة ومواجهة الغزو الثقافي والأخلاق بل حتى العمل العسكري، رغم أن هذا مستبعد، فإنه يترصد الفرص لكي يخترقها بما أوتي من قوة تبليغية وعسكرية.

وفي الواقع فإن العدو اليوم فقد قدرته السابقة؛ في السابق كان المحور الشرقي هو المسيطر على طول الأرض وعرضها، بينما اليوم أصبح من الماضي، وقد وقعت تغيرات جغرافية كثيرة خلال هذه الفترة صبت كلها في مصلحة الإسلام والمسلمين، فالعدو سوف يضغف مقابل همم هؤلاء الشباب والعوائل المؤمنة ولن يجرأ على الخطأ أبداً.[2]

وليس من الصحيح القول إن القائد الفلاني ممتاز فلا يهم بعد وضعية جسم الحرس الثوري، فلا نكون كالأمراء والحكام السابقين الذين كانت توكل إليهم أمور المدن والولايات، ولا يهم وضع الشعب، فنحيل فوجاً کاملاً إلى أحد القادة وبعدها لا حسيب ولا رقيب، لا عن حاجات هذا الفوج ولا عن مديريته ولا عن قدرته.

إن القائد تقع على عاتقه مسؤوليات كبيرة، ولكن تقع على القياديين الأعلى مسؤوليات جميع الأفراد والقطاعات، وكل هذه المجموعة يجب أن تتحلى بالمعرفة الدينية.[3]

الالتزام بالإسلام ومكارم الأخلاق

يجب أن لا نغفل عن الله ونبقى بذكره دائماً، وأن نستلهم من تعاليمه وتشريعاته، وهذا ما يميزكم عن باقي المؤسسات التعبوية في البلدان الأخرى، فإن الذي يوفق الإنسان في جميع الميادين هو ذكر الله تعالی.

هذا الكلام يتوجه بالأخص إلى الشريحة الشابة في المجتمع، فإن الشاب كلما استأنس بذكر الله تعالى أدى ذلك إلى منفعة عامة شاملة. إن للشباب قلوباً وأرواح نقية وطاهرة، وعلى الشاب أن لا يلوث روحه بالزخارف الدنيوية المادية، فإن أرواح الشباب معدة لاستلهام الأنوار الإلهية؛ على الشاب أن يثمّن هذا الأمر وأن يحفظه من الضياع.[4]

أنتم جيدون لكن هذا لا يكفي، كي تستمر مؤسسة اقتصادية بالعمل حتى آخر نقطة فيها، بل يجب أن تكون المؤسسة جيدة ككل، فمثلاً إذا أرادت مؤسسة ما أن تنجح في العمل المؤسساتي کوزارة الأشغال أو وزارة الصناعة أو وزارة السياحة فكل مفاصلها لا بُدّ أن تكون جيدة ويكون موظفوها بقدر من الأمانة والتقوى والصدق والهمّة، وعدم الاعتناء بزخارف الدنيا والتي من جملتها هذه الأموال التي في حوزتهم الآن، وإلا فإن أُصيب قسم من أقسامها بعدوى معينة فإن الضرر سيشمل الوزارة كلها ولن يصب هذا الأمر في منفعة المستضعفين.[5]

تقوية الإخلاص والتقوى

ليس من الصحيح طرد الأفراد ضعيفي الإيمان من المؤسسات فإنه عمل غير ممدوح وليس بصالح، بل لا بد من العمل على نجاة هؤلاء الأفراد وإصلاحهم، وليبدأ الإنسان من نفسه فيصلحها ومن ثم يسعى إلى إصلاح من حوله في المؤسسة من الأصدقاء، بل يتعدى إلى خارج المؤسسة وأفراد عائلته وبذلك يصبح لدينا مخزون إصلاحي كبير في المجتمع بدل إهداره في طيات جهالتنا، وهذا العمل هو العمل الصحيح والمطلوب.[6]

علينا أن نكون مصداقاً لقوله تعالى: <لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ>[7] أي: أن نكون متقین، والتقوى هي مراقبة النفس من الوقوع في الخطأ فإن الإنسان في أغلب الأوقات يلاحظ أخطاء الناس ويراقبهم ولا يلاحظ أخطاءه التي يقع فيها. وهذا الأمر مذموم. فإن الإنسان مهما كان وفي أي مجال يعمل، مديراً كان أم لا؛ فإن المراقبة أولى أن تكون على نفسه، وهو أمر صعب، فإن الإقرار بالخطأ صعب على ابن آدم؛ ولكن لا بد من هذا الأمر؛ لأننا عرضة للحساب والمساءلة يوم القيامة، وإن لم يتخلص الإنسان من خطاياه في هذه الدنيا فإن لسانه سوف يخرس يوم القيامة.[8]

هناك تقوى عامة، تتعدى الفرد إلى الجمع، أي: أن الجميع يراقب نفسه بما هو جمع. فإن عدم المراقبة والتقوى الجماعية تؤدي إلى الانحراف والأضرار عندها ستكون كبيرة جداً.

كان هناك حراك في العقود السابقة في البلاد باسم الحراك اليساري، وكان شعارهم جذاباً، لكنهم يفتقدون التقوى الجمعية والرقابة، وهذا ما أدى بهم إلى أن يتم استغلالهم من قبل المغرضين في المجتمع، فرفعت الشعارات ضد الإمام الحسين (ع) وضد الإسلام وضد الثورة! طبعاً لم يكونوا كذلك، ولكن أصحاب تلك الشعارات قد تقوی بهم، من هنا فإن التقوى العامة والجمعية مطلوبة.

لا بُدّ أن يطرح النواب آراءهم في البرلمان ويعرضوها على الآخرين، فإن هذا العمل هو من التقوى الجماعية، كما لا بُدّ من تقويم المؤسسات فهناك بعض الشعارات التي ترفع من هنا وهناك بحجة أن النائب يجب أن يكون حر الاختيار، ولكن لا أحد منا يخالف هذا، بل المخالفة إنما هي تجاه الانحرافات والسلوكيات المنحرفة التي تصدر من بعض النواب، فالنائب الذي يفقد الأخلاق الحسنة يمكن أن يؤدي بسمعة البرلمان كله، خصوصاً إن للمجلس الإسلامي شأناً عظیماً يستمده من قوة دستور البلاد.[9]

والأمر الآخر الذي لا بُدّ من الالتفات إليه هو أن الذين يعملون في القطاعات والمؤسسات المختلفة يجب عليهم أن يتحلوا بصفة إصلاح الذات، وأن يحثوا الآخرين عليها، وهو الذي يسمى بالجهاد الأكبر في قبال الجهاد الأصغر. فإن الإنسان إذا استطاع أن ينتصر على صنم نفسه وشيطانه فإن النصر بلا شك سيكتب له في جميع الميادين الأخرى، وإذا غلب الإنسان في هذا الميدان فإن هذا سينعكس على الميادين الخارجية، فلا يكتب له فيها النصر، وإن كتب له التوفيق في بعضها، فإن هذا لن يبني دولة، لذلك لا بُدّ من توفر عنصر الإصلاح الذاتي.

يجب على الشباب الذين يتبوَّءُونَ المناصب، أن ينمو ملكة التقوى في أنفسهم، فما لم يتحلوا بالتقوى فإن العمل المؤسساتي سينحدر إلى الهاوية ولن تقوم له قائمة.[10]

الزهد في الدنيا

إن الدنيا دار ابتلاء وهلاك، وهذه المسألة التي لطالما تم التأكيد عليها، والتي يمتعض البعض عند ذكرها أو سماعها، ليس لها حدود إلا حدود التقوى مع السيطرة التامة التي تفرض على الإنسان أن يماشي القوانين المفروضة. ومع هذا يوجد البعض الذين يسعون إلى مخالفة القانون من خلال تهريب البضائع وغيرها من الأمور المخالفة للقانون، وكل هذا نابع من حب الدنيا. لقد تم مراسلة ومخاطبة بعض الطلبة الجامعيين الذين سوف يتخرجون فيصبحون من ضمن المؤسسات الحكومية. وقد تم تنبيههم من عدم الاغترار برونق الدنيا وبريقها الخدّاع. فإن الشاب الجامعي معرّض للوقوع في هذه الخدع والانحرافات؛ وكذلك الحال بالنسبة لأي مسؤول أيضاً.[11]

دعم المدير معنوياً

يجب على الاتحاد الإسلامي أن لا يتدخل في العمل الإداري. فلا يمكن أن يتواجد مديران في مؤسسة واحدة، فلا بُدّ من دعم المدير، وإذا شخّص الاتحاد الإسلامي أي خلل في أي مسؤول كان وفي أي موقع فعلى من رفع الأمر إلى الجهات المختصة أن لا يتدخل شخصياً، لا أن نثير البلبلة والقلقة في ذلك، فلا يحق للاتحاد الإسلامي أن يخالف ما اختاره المدير لنفسه من معاون أو رئيس قسمٍ ما. لا بُدّ لمحيط العمل أن يكون محيطاً إسلامياً. لا بُدّ للعمل أن يكون عملاً إسلامياً. لا بُدّ من التأثير على ذهنیات الأفراد إيجابياً ولكن تقع مسؤلية المؤسسات على عاتق المدير. فهو ملزم بإدارة العمل وتنظيمه.[12]


  • [1]– بيانات سماحته عند لقائه مع جمع من الطلبة الجامعيين في الحادي عشر من شهر رمضان مبارك بتاريخ 31-5-1389هـ ش
  • [2]– بيانات سماحته عند لقائه مع قادة الحرس الثوري ومسؤوليه في عام 1374هـ ش
  • [3]– كلمة سماحته عند لقائه مدراء مكاتب ممثلية الولي الفقيه في الحرس الثوري بتاريخ 7-11-1368هـ ش
  • [4]– كلمة سماحته في يوم التعبئة في قاعدة الإمام الحسن (ع) العسكرية بتاريخ 5-9-1369هـ ش
  • [5]– لقاء سماحته مع مسؤولي مؤسسة المستضعفين وجرحى الحرب بتاريخ 24-7-1369هـ ش
  • [6]– لقاء سماحته مع حشد غفير من الطلبة الجامعيين في عام 1389هـ ش
  • [7]– البقرة: 183
  • [8]– كلمة سماحته مع مسؤولي النظام الجمهوري الإسلامي والمدراء التنفيذيين بتاريخ 18-7-1385هـ ش
  • [9]– كلمة سماحته عند لقائه مع أعضاء المجلس الشورى الإسلامي بتاريخ 8-3-1390هـ ش
  • [10]– بيانات سماحته عند لقائه مع مدراء ورؤساء تحرير الصحف الجامعية في عام 1377هـ ش
  • [11]– نفس المصدر
  • [12]– لقاء سماحته مع أعضاء المنتديات الإسلامية بتاريخ 4-6-1371هـ ش
المصدر
العمل المؤسساتي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟