مواضيع

شكَر الشّيخ هاشمي رفسنجاني الحاج يونس على عمله

أتذكّر أن السّاعة كانت تقترب من الثّانية بعد الظّهر عندما جاء السّيد شمخاني إلى خندقي بواسطة سيّارة إسعافٍ لزيارة خطّ «شَلامْجة». ثمّ خرجنا لتفقّد حالة الأخوة ومكانهم والاستعدادات اللّازمة للعمليّة. رأيت الحاج يونس من بعيد قادماً نحونا بوجهٍ هادئٍ ولطيفٍ لا يُلاحَظ فيه أدنى تعب.

كان ظلٌّ الابتسامة موجوداً دائماً على شفتيه. الكلّ يعرف كم أحببت الحاج يونس. كان حبّي للحاج يونس زنكي آبادي[1] مثل حبّ الأب لابنه. يعلم الله أنّني كلّما نظرت إلى مكانته كنت أستمتع به وأفتخر به، فقد كان الحاج يونس أملي؛ على الرّغم من أنّ السّيّد مير حسيني لم يكن قد استشهد بعد.

قلت للسّيّد شمخاني: «هل تعرف أيّ شخصٍ يقترب منّا؟»

نظر شمخاني بتمّعنٍ إلى الحاج يونس وقال: «كلّا، لا أعرف!»

قلت بحزم: «الحاج يونس زنكي آبادي هو قائد الفرقة المستقبليّ».

ثمّ أخبرته عن أخلاق الحاج يونس ودوره حتّى وصل إلينا. حالما اقترب منّا الحاج يونس، قام الأخ شمخاني وقبّله بحرارةٍ وحبٍّ، وبينما كان يمسك الحاج يونس بين ذراعيه ويضمّه إليه، قال: «سلَّمكَ الله يا أخي!»، فأجاب الحاج يونس بحزمٍ شديدٍ ووجهٍ سعيدٍ ومبتسمٍ: <نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ>.

إلى أن بدأت عمليّة كربلاء 5. برأيي، كان أهمّ نجاحٍ لنا في تلك العمليّة هو العمل الاستثنائيّ الّذي قامت به القوّات في الجبهة. لم تمنح قوّات الحاج يونس العدوّ فُرصةً. ضرب الحاج يونس نقطة العدوّ المُستحيلة، وقام بهذا الهجوم من هذه النّقطة حيث هاجم المجاهچون اللّاقط الهوائي على جسر قناة الصّيد؛ لقد استطاعوا تتبّع العراقيّين إلى هذا الحدّ.

لم يسيطروا على جسر الصّيد فحسب، بل عبروا أيضاً الجسر وأخذوا قمّته. عندما أعلن الحاج يونس أنّه على الجانب الآخر من الجسر، كان شيئاً لا يمكن تصوّره بالنّسبة لمعسكر الخاتم والشّيخ هاشمي رفسنجاني. اتّصل بي السّيد محسن رضائي وقال لي: «يا أخي! ابن محافظتك (الشّيخ هاشمي رفسنجاني) مُمتنٌّ للوضع الّذي نشأ».

بينما كانت الفرق الأخرى مشغولة في المعركة، كان الحاج يونس قد عبر قناة الصّيد وتمركز خلف العدوّ.[2]


أثّرت شهادته عليّ بقدر تأثير شهادة كتيبةٍ بأكملها

كان للحاج قاسم سليماني علاقة خاصّة بالحاج يونس، بحيث كان لاستشهاد هذا القائد أثراً كبيراً عليه. يقول الحاج قاسم في هذا الصّدد:

«كانت أصعب اللّحظات بالنّسبة لمن كانت لهم مسؤوليّات في الحرب هي اللّحظة التي يستشهد فيها رفاقهم أو أصدقاؤهم، وتزداد حدّة هذه اللّحظات عندما يكون ذلك الشّهيد السّعيد ركيزة الحرب وعمودها.

في بعض الأحيان، أثّرت شهادته عليّ بقدر تأثير شهادة كتيبةٍ بأكملها. كان الشّهيد الحاج يونس زنكي آبادي من هؤلاء الّذين اعتُبروا أمل جيش ثار الله. كان حريصاً دائماً على العمل الشاقّ في المقدّمة».

  • [1] ولد يونس زنكي آبادي عام 1940 في قرية زنكي آباد في كرمان. مع انتصار الثّورة، ذهب إلى كردستان لمحاربة الانفصاليّين. في عام 1981، أصبح عضواً في حرس الثّورة الإسلامية الإيرانيّة. أدّى تدبيره وشجاعته وجرأته في مختلف العمليّات إلى أن يختاره الحاج قاسم سليماني -قائد فرقة ثار الله 41 آنذاك- قائداً للواء الإمام الحسين  (ع). استشهد الحاج يونس أخيراً في 16 كانون الأوّل 1986 في منطقة «شلامجة» خلال عمليّة كربلاء 5. وكان الشّهيد قد شارك في عمليّات مهمّة مؤثّرة متعدّدة مثل فتح المبين وبيت المقدس.
  • [2] من كلام الحاج قاسم سليماني عن الشّهيد الحاج يونس زنكي آبادي / مأخوذة من الكتاب «الحاج يونس».
المصدر
كتاب سيد شهداء محور المقاومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟