مواضيع

وظيفة الشعب في الجهاد الاقتصادي

النقطة الأخرى التي أتوجّه بها إلى أبناء شعبنا تتعلّق باستهلاك المنتجات المحليّة؛ فمن الآفات الموجودة في مجتمعنا وهي التي تعود بجذورها إلى إرث عهد الطاغوت والعصر الظلامي البائد هي أنّ الناس يحبّون المنتجات الأجنبيّة، فلم يكن يتوفّر في بعض الأحيان الإنتاج المحليّ، وفي أحيانٍ أخرى كان المنتَج متوفّرًا لكنّه غير قابل للاستهلاك؛ ولكنّنا في هذا الزمن لسنا كذلك، فالآن أضحت المنتجات المحلّية مرغوبة ومطلوبة، ومع ذلك في نفس الوقت هناك من يعجبه أن يُقال: توجد ماركة أجنبية على لباس فلان أو على وسيلة طعامه وهذا مرضٌ ويجب معالجته، وهذا الأمر هو عدم اكتراث بأنّنا نعيش في هذا البلد وننعم فيه بالنعم الإلهية، فعندما نحصل على الأموال في هذا البلد ونقوم بصبّها في جيب عاملٍ أجنبي فإنّنا نضرُّ بالعامل المحلّي، وهذا يعني عدم الاكتراث للحاجة المحليّة وبالعامل المحليّ الذي يتعب لينتج، ثمّ نذهب إلى العامل الأجنبي! إنّ هذه عادة سيّئة جدًا.

برأيي، إنّ من أنواع الجهاد الاقتصادي للشعب، في عام الجهاد الاقتصادي، هو أن يتّجهوا نحو البضائع المحليّة ويطلبوها، وبالطبع الجانب الآخر للقضيّة هو أن تكون السلع المصنّعة محليًا مقنعةً، أي يجب أن يكون إتقانها ومرغوبيّتها وصلاحيّتها بحيث تقنع المشترين، فكلاهما معًا لازمان وواجبان[1].

إنّ مسألة إدارة الاستهلاك تُعدّ من أركان الاقتصاد المقاوم؛ أي الاستهلاك المتوازن والبعيد عن الإسراف والتبذير، فالأجهزة الحكوميّة وغير الحكوميّة، وكلّ أفراد هذا الشعب، والعوائل يجب أن يلتفتوا إلى هذه القضيّة، وهذا بحدّ ذاته جهادٌ.

إنّ اجتناب الإسراف في هذا اليوم، ورعاية التوازن في الإنفاق هما بلا شك نشاطان جهاديّان بوجه الأعداء، ويمكن للمرء أن يدّعي أنّ لهذا الأمر أجر الجهاد في سبيل الله[2].

يجب أن يبرمج الاستهلاك، فإنّ مسألة الإسراف هي مسألة مهمّة في البلد، فكيف ينبغي الحؤول دون الإسراف؟ إنّ هذا الأمر يتطلّب بناء ثقافةٍ، وإجراءاتٍ عمليّةٍ، والبناء الثقافي فيه، بمعظمه يقع على عاتق الوسائل الإعلاميّة.

في الواقع، إنّ المسؤولية في هذا المجال تقع بالدرجة الأولى على الإذاعة والتلفزيون أكثر من الجميع، وإن كان على الأجهزة الأخرى مسؤوليّات.

يجب عليكم القيام بالبناء الثقافي؛ إنّنا شعبٌ مسلمٌ نحبّ المفاهيم الإسلاميّة، ولقد اهتمّ الإسلام بمحاربة الإسراف إلى درجةٍ كبيرةٍ، ونحن وللأسف مسرفون في حياتنا، أمّا القسم الإجرائي فيه، فبرأيي، ينبغي أن يبدأ من الحكومة نفسها، وقد قرأت في تقاريركم، إضافة إلى ما بيّنه هنا أيضًا بعض الأصدقاء من أنّ الحكومة بصدد ترشيد الاستهلاك وتريد أن تقتصد؛ حسنٌ جدًا، إنّ هذا مطلوبٌ فخذوه على محمل الجدّ؛ فإنّ الحكومة نفسها مستهلكٌ كبيرٌ جدًا، بدءًا من البنزين وحتّى الوسائل المختلفة فإنّ الحكومة هي مستهلكٌ كبيرٌ؛ فاقتصدوا في الاستهلاك لأنّه أمرٌ ضروريٌّ جدًا ومهمٌ[3].

هناك بعدٌ آخر لهذه المسألة، المتعلّقة بالتوازن في الاستهلاك والإنفاق وقضيّة إدارة الاستهلاك، وهو أن نستفيد من الإنتاج المحلّي فلتعتني جميع أجهزة الدولة بهذا الأمر ـ الأجهزة الحاكمة المرتبطة بالسلطات الثلاث ـ عليها السعي من أجل أن لا تستهلك أي مُنتج غير إيراني، فليعقدوا العزم على ذلك، وليُفضّل أبناء شعبنا استهلاك المنتجات المحليّة على البضائع أو الماركات الأجنبيّة المعروفة ـ إذ إنّ بعضهم يسعون وراء الماركات الأجنبيّة فقط لأجل اسمها ولأجل التفاخر والتظاهر في المجالات المختلفة ـ فليقم شعبنا بسدّ طريق استهلاك البضائع الأجنبيّة بأنفسهم[4].


  • [1]– من خطاب سماحته في لقائه مع حشد من العمّال بتاريخ 27-4-2011م
  • [2]– من خطاب سماحته في لقائه برجالات الدولة ومسؤولي النظام بتاريخ 24-7-2012م
  • [3]– من خطاب سماحته في لقائه برئيس الجمهوريّة وأعضاء مجلس الوزراء بتاريخ 23-8-2012م
  • [4]– من خطاب سماحته في لقائه برجالات الدولة ومسؤولي النظام بتاريخ 24-7-2012م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟