مواضيع

عناصر نموذج الاقتصاد المقاوم وخصائصه

لقد سجّلتُ عشر خصائصٍ أودّ أن أذكرها لكم، وهي خصائص سياسات الاقتصاد المقاوم التي أعلنت، وهي في الحقيقة مكوّنات هذه المنظومة وعناصرها من السياسات.

أوّلًا: وهي إيجاد حراكٍ وحيويّةٍ في اقتصاد البلاد وتحسين المؤشرات العامّة من قبيل النمو الاقتصادي، والإنتاج الوطني، والعمالة وفرص العمل، وخفض التضخم، وزيادة الكفاءة والإنتاجيّة، والرفاه العام، وقد أخذ بعين الاعتبار في تأمين هذه السياسات الحراك في اقتصاد البلاد وتحسين هذه المؤشرات، والأهمّ بين هذه المؤشرات هو مؤشر العدالة الاجتماعيّة الذي يُعدّ مؤشرًا أساسيًا ومهمّاً. بمعنى أنّنا لا نؤيد أبدًا الازدهار الاقتصادي للبلاد من دون تأمين العدالة الاجتماعيّة، ولا نُؤمن بمثل هذا الازدهار.

ثمّة بلدان مؤشراتهم جيّدةٌ جدًا وإيجابيّة ولديهم نموٌّ اقتصاديٌّ عالٍ جدًا، لكن التمييز الطبقي والتفاوت الطبقي وانعدام العدالة في تلك البلدان حالات محسوسةٌ في تلك البلدان. إنّنا لا نعتبر هذا بحال من الأحوال متطابقًا مع ما يريده الإسلام ومع أهداف الجمهوريّة الإسلاميّة.

إذاً، من أهم أهدافنا ومؤشراتنا هو مؤشر العدالة الاجتماعيّة، حيث يجب أن تتمتّع الطبقات المحرومة والفقيرة من تقدّم البلاد الاقتصادي بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ هذا هو العنصر الأوّل.

ثانياً: القدرة على المقاومة في مواجهة العوامل المهدِّدة وهي التي تضمنّتها هذه السياسات وركّزت عليها، وكما ذكرتُ، فإنّ بعض العوامل التي تؤثّر على اقتصاد البلدان كالهزّات الاقتصاديّة في العالم ـ والتي شهدها الاقتصاد العالمي في هذه السنوات الماضية أو حصل مثيلها سابقًا ـ تترك بصماتها على البلدان.

لقد ذكرتُ في إحدى المرّات، بأنّه عندما زار إيران، رئيسُ أحد البلدان في جنوب شرق آسيا، وكان لنا لقاءٌ معه، في تلك الفترة كان قد حصل في تلك المنطقة انهيارٌ اقتصاديٌّ عجيب، قال لي: «اعلموا فقط بأنّنا في ليلةٍ واحدةٍ فقط تحوّلنا من بلدٍ غنيٍّ إلى بلدٍ فقيرٍ!»، فهذا هو حال الاقتصاد غير المقاوم.

إذاً، هناك عاملٌ مؤثّرٌ على الاقتصاد هو هذه الهزّات المتنوّعة للاقتصاد العالمي، وهي التي تسري من أحد البلدان إلى البلدان الأخرى، وهناك عامل الكوارث الطبيعيّة التي تحصل أحيانًا، وهناك عاملٌ آخر هو الهزّات المعادية والهجوميّة كالحظر والعقوبات وما شابه.

افرضوا مثلًا، بأنّه وفي مراكز القرار العالميّة قد أخذوا قرارًا حول قيمة النفط، على سبيل المثال، بأن تصبح قيمة البرميل ستّة دولارات، وهذا ما قد حصل سابقًا، فهذه الأمور لا يحصل أغلبها اعتياديّاً وعفويّاً، بل هي عبارة عن قراراتٍ درستها واتّخذتها مراكز القرار.

بناءً عليه، فإنّ العنصر الثاني هو القدرة على مقاومة هذه العوامل المهدِّدة، وفق التوضيح الذي ذُكر.

ثالثاً: الاعتماد على الطاقات والموارد الداخليّة، وهي التي تمّ إقرارها في هذه السياسات، وسأشير لاحقًا باختصار إلى هذه الطاقات والإمكانات سواءً العِلميّة منها أم الإنسانيّة أم الطبيعيّة أم الماليّة أم الجغرافيّة أم المناخيّة، فنحن نمتلك موارد وطاقات هامّة، أي إنّه تمّ في هذه السياسات الاعتماد اعتماداً أساسيّاً على الطاقات الداخليّة، والتي هي متنوّعة ومنتشرة انتشاراً واسعاً.

وهذا لا يعني أنّنا لا نلحظ أبدًا الإمكانات الخارجيّة، كلّا، بالتأكيد سنستفيد منها ـ وبالحدّ الأقصى ـ لكنّ نظرنا واعتمادنا هنا وثقتنا أكثر ما تكون بالإمكانات الداخليّة، وتركيزنا سيكون منصبًّا على إمكانات البلد الداخليّة وموارده المحليّة.

رابعاً: التوجّه الجهادي الملحوظ في هذه السياسات، الهمّة الجهاديّة، الإرادة الجهاديّة؛ فلا يمكن التقدّم بواسطة الحركة العاديّة، لا يمكن أن تُنجَز الأعمال الكبرى بواسطة الحركة العاديّة والرتابة والغفلة والتثاقل أحيانًا وغياب الحساسيّة، المطلوب هو الهمّة الجهاديّة والتحرّك الجهاديّ والإدارة الجهاديّة، هذا ضروريّ لهذه الأعمال.

على الحركة أن تكون عِلميّة وفي الوقت نفسه مفعَمَة بالقوّة، وأن تتحلّى بالتخطيط الجيّد، وكذلك بالروح الجهاديّة، وقد طَرحتُ هذه المسألة في لقاءٍ مع رؤساء السلطات الثلاث المحترَمين منذ عدّة أسابيع[1]، ولحسن الحظّ، فإنّ السيّد رئيس الجمهوريّة قال لي بحزمٍ: إنّ الذين يتابعون هذه الملفّات في الحكومة مُصمِّمون على إنجاز الأعمال بهذه الحركة الجديّة والجهاديّة، هذا أمرٌ جيّدٌ جدًّا، يعني هذا الأمر مطلوبٌ، ولا يمكن التقدّم من دونه.

خامساً: محوريّة الشعب وهذا ما أخذ بعين الاعتبار في هذه السياسات، فالتجربة تدلّنا وكذلك هذا ما تؤكّده التعاليم والمعارف الإسلاميّة، بأنّه حيثما يكون الناس، فإنّ يد الله معهم: «يدُ الله مع الجماعة»[2]، فحيثما يكون الناس، تكون العناية الإلهيّة والعون والدعم الإلهيّ أيضًا، ودليل ذلك ونموذجه: دفاع السنوات الثماني (الحرب المفروضة)، وكذلك (قيام) الثورة نفسها. ونموذجٌ آخر هو العبور من كلّ المصاعب والمحطّات الشاقّة خلال 35 سنة، لأنّ الناس كانوا حاضرين في الميدان، فإنّ المسيرة قد تقدّمت، لكنّنا في المجال الاقتصادي، قلّما قدّرنا هذه المسألة والتفتنا إليها.

لقد كانت سياسات الأصل 44[3] والتي صدقناها وأعلنا عنها تهدف إلى هذا الأمر، والحقيقة أنّه لم يؤدَّ حقّ هذه السياسات وواجباتها كما يجب، وأنا بنفسي تحدّثتُ هنا، وفي تلك السنوات[4] في لقاءٍ مع المسؤولين حول سياسات الأصل 44، والجميع وافق على أنّه قد تمّت أعمال تستحقّ الشكر والتقدير، ولكن المطلوب واللازم لم يتحقّق كما يجب.

يجب علينا أن نعتمد على الناس، أن نقدّر حضورهم، يجب أن ينزل الناس بكلّ إمكاناتهم إلى وسط الميدان الاقتصادي، يوجد في هذه البلاد ناشطون ورجال أعمال، ومبتكرون، وأصحاب مهارةٍ واحترافٍ، وأصحاب رؤوس أموالٍ وطاقاتٍ لا حدّ لها ولا انتهاء، الحقيقة أنّ هذه الطاقات لا تُعدّ ولا تُحصى.

وهذا العبد، كان له طوال سنوات متمادية تواصلٌ وارتباطٌ عمليٌّ مع فئات الشعب المختلفة، وفي الوقت نفسه تَظهرُ لنا أحيانًا أمورٌ أرى أنّنا كنّا غافلين عنها أيضًا.

يوجد في البلاد الكثير من العناصر المستعدّة للعمل وهي تمتلك المهارة والإبداع، أو تحمل العلم والمعرفة أو تمتلك الرساميل في البلاد[5]، وهي عناصر متعطّشة للعمل، يجب على الحكومة أن تهيّئ الأرضيّة اللّازمة لحضور هؤلاء، عليها أن ترشدهم إلى المجالات التي يستطيعون تفريغ طاقاتهم فيها، على الحكومة أن تدعمهم، وهذه هي المسؤوليّة الأساسيّة للحكومة. إنّ الدولة تضطر في بعض الأقسام إلى القيام بنشاطٍ اقتصادي، ولكن الأصل أنّه يجب أن يوكل النشاط الاقتصادي إلى الناس، وهذا الأمر قد أُقِرّ في هذه السياسات.

سادساً: تأمين المواد الإستراتيجية والأساسيّة، وهي الغذاء والدواء في الدرجة الأولى؛ فيجب أن يتشكّل الإنتاج الداخلي ويتكوَّن بنحوٍ بحيث لا يواجه البلد أيّ مشكلةٍ في مجال الغذاء والدواء تحت أيّ ظرفٍ أو وضعٍ، وهذا من العناصر الأساسيّة في هذه السياسات التي تمّ إبلاغها.

يجب أن يكون لدينا اكتفاء ذاتي، ويجب أن نلتفت إلى المجالات التي تتطلّب اكتفاءً ذاتيًّا بصفةٍ كاملةٍ.

سابعاً: خفض التبعيّة للنفط، فإنّ من أصعب آفاتنا الاقتصاديّة، هي هذه التبعيّة؛ إنّ هذه النعمة الإلهيّة الكبرى (النفط)، قد أصبحت طوال العقود الماضية سببًا للانهيارات الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة بالنسبة إلى بلدنا، يجب أن نفكّر بقرارٍ مصيريٍّ حول هذا الأمر.

لا نقول هنا، إنّنا لا نريد أن يُستفاد من النفط، بل أن يصل اعتمادنا على بيع النفط الخام إلى حدّه الأقلّ، يمكن للنفط أن يُقدَّمَ بشكل مشتقّاتٍ ومنتجات نفطيّة، وهذا ما تضمّنته هذه السياسات.

هذا العمل هو عملٌ أساسيٌّ ومهمٌّ يجب إنجازه، وهو ما يحتاج إلى همّةٍ عاليةٍ، وقد تناولنا هذا الأمر في البند الثالث عشر من هذه السياسات، ويجب أن يُنفّذَ هذا البند عمليًّا وبمنتهى الجدّية.

ثامناً: إصلاح نموذج الاستهلاك، قضيّة الاقتصاد في الاستهلاك وعدم الإسراف، وتجنّب المصاريف الزائدة وعدم التبذير، بالتأكيد، فإنّ خطابي موجّهٌ بالدرجة الأولى إلى المسؤولين، على المسؤولين أن يتجنّبوا الإسراف والهدر والمصاريف الزائدة بكلّ جدّيّةٍ، ليس في حياتهم الشخصيّة فحسب ـ وهذه مسألة من الدرجة الثانية في الأهميّة ـ بل في الدرجة الأولى في نطاق عملهم ومهامّهم.

إذا التزمنا نحن مسؤولي البلد بهذا الأصل، فإنّ هذه الروحيّة وهذه الأخلاق والخصال ستسري حينها إلى الناس وتنتشر بينهم. كذلك فإنّنا نلاحظ اليوم، بين الناس والفئات المتمكّنة والثريّة، الكثيرَ من الإسراف؛ حيث يوجد إسرافٌ في الكثير من المجالات، فعلينا أن نتحدّث أيضًا مع الناس، ولكنّ هذه المسألة هي من الأمور التي ينطبق عليها «كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم»[6].

على مسؤولي البلاد أن يتنبهوا ويلتفتوا إلى كلّ شؤون القطاعات التي يديرونها: ألّا يكون هناك إسرافٌ، يجب أن يكون نموذج الاستهلاك نموذجًا قائمًا في الحقيقة على العقل والتدبير والمعايير الإسلاميّة.

نحن لا نطلب من الناس التقشّف، كما يحاول البعض أن يروّج بعد أن تمّ إبلاغ السياسات الاقتصاديّة، فلم يكن حبر هذه الوثيقة قد جفّ، حتّى سارع بعضهم إلى الترويج: «إنّهم يدعون الناس إلى التقشّف»، كلّا، الأمر ليس كذلك بأيّ وجه من الوجوه، بل إنّه على العكس منه، إنّنا نعتقد أنّه عندما تُنجز هذه السياسات، فإنّ وضعَ الناس سيتحسّن، وإنّ الطبقات الضعيفة سترتاح ويزدهر وضعها.

ففي البلد الذي يصل التضخّم فيه إلى المستوى المطلوب، والذي تتوفّر فيه فرص العمل اللازمة، يعيش عامّة الناس براحةٍ ورفاهيّةٍ وطمأنينةٍ؛ نحن لا نقول للناس أبدًا أن يتقشّفوا، بل نقول أن لا يكون هناك إسرافٌ أو هدرٌ، إنّ الاستهلاكَ هو موضوعٌ، وسوءَ الاستهلاك هو موضوع آخر مختلف تمامًا.

ولقد تحدّثتُ بالتفصيل عن هذا الموضوع قبل عدّة سنوات في خطابٍ بمناسبة حلول السنة الجديدة[7]. يجب علينا نحن المسؤولين أن نوجّه همّنا وهمّتنا إلى هذه القضيّة، إنّ الإسراف في الماء والإسراف في الخبز وفي المواد الغذائيّة، والإسراف في الدواء، والإسراف في وسائل المعيشة، والإسراف في أدوات التجميل والزينة وما شابه، يؤدّي إلى هدر قسمٍ هامٍ من المصادر والموارد الحيّة في البلاد، وهذا من الأمور التي يجب أن تراعى بدقّة، فالاستهلاك الجيّد والصحيح هو أمرٌ مختلفٌ عن الإسراف والتبذير وسوء الاستهلاك.

تاسعاً: مكافحة الفساد، فإذا أردنا أن يحضر الناس في الميدان الاقتصادي، ينبغي أن يتمتّع هذا الميدان بالأمن، ولأجل استتباب الأمن، ينبغي كفّ أيدي المفسدين والمستغلّين والمتحايلين على القانون ومخالفي القانون، هذه هي مكافحة الفساد، وهو ما ينبغي أن يُؤخذ على محمل الجِدّ، لحسن الحظّ، فإنّ المسؤولين اليوم يقولون بهذا، ولكن القول فقط لا يكفي.

إنّ جميع المسؤولين ـ سواء كانوا مسؤولين تنفيذيّين أم مسؤولين قضائيّين أم مسؤولين تشريعيّين ـ مطالَبون بهذا الواجب.

إذا كان وضع المجتمع والاقتصاد في البلد شبيهًا بمنزلٍ لا باب له ولا بوّابة، بحيث يدخل إليه من يشاء ويعمل به ما شاء كيفما شاء، يأخذ من أيّ واحدٍ ما يحلو له ويأكل ما يطيب له! فمن الطبيعي عندها، أن يقف الإنسان النبيل الصالح الذي يطلب الرزق الحلال جانبًا ولا يُقدم على ميدان كهذا.

إنّ الشفافية هي شرطٌ أساسيٌّ لمكافحة الفساد هذا، يجب التعامل بشفافية، يجب خلق أجواءٍ للمنافسة، أجواء تتمتّع بالثبات والاستقرار، في هذه الأجواء سيشارك الناشط الاقتصادي وسيشعر بالأمن والأمان؛ عندها وفي أجواء كهذه، فإنّ النظام الإسلاميّ سيوفّر الدعم والتأييد لكل من يجني الثروة من خلال ابتكاره وإبداعه أو رأسماله أو خلقه لفرص العمل.

إذا كانت الأجواء سليمة فإنّ جمع الثروة وتحقيق الأرباح هو أمرٌ مباحٌ ومحل تأييد النظام وحمايته؛ هذه هي النقطة التاسعة.

عاشراً: من عناصر السياسات المقاومة: هي مسألة محوريّة العلم والتي هي من المؤشّرات البالغة الأهميّة، ولحُسن الحظّ، فإنّ الوضع العلمي للبلاد اليوم يسمح لنا بامتلاك هذا الطموح والتحليق عاليًا بأن نجعل اقتصادنا اقتصادًا مبنيًّا على العلم، حيث سأشير لاحقًا إلى هذا الأمر.

إنّنا نمتلك عددًا كبيرًا من العلماء والمتخصّصين والشركات المبنيّة على العلم والأشخاص المبدعين والمبتكرين، وهذا الأمر من أهمّ البنى التحتيّة للاقتصاد في أيّ بلدٍ، أي إنّ أهمّ بنية تحتيّة اقتصادية لبلدٍ ما هو وجود الموارد البشريّة، وإذا وجّهنا اهتمامنا لهذه النقطة، وهي النقطة العاشرة، بالتأكيد، فإنّ الدورة من العلم إلى الثروة ـ وخاصّة في الأقسام المميّزة ـ ستنطلق وتستمرّ وتنمو، وهذا ما سيتحقّق في الاقتصاد المقاوم، إن شاء الله.

هذه هي أهمّ المؤشرات التي تمّ التركيز عليها في هذه السياسات، وبالطبع، هناك أمورٌ أخرى أيضًا وردت في نصّ السياسات، ولكن الأهمّ هو هذه النقاط العشرة التي ذكرتها.

حسنٌ، السؤال الآن: هل طرح الاقتصاد المقاوم في الظروف الحالية، يدلّ على أنّنا نريد القيام بحركة مرحليّة؟ لأنّ البلد حاليًا يتعرّض لحظر وعقوبات وضغوط وتُشنّ عليه حربٌ اقتصادية، مثلما حصل، على سبيل المثال، حيث تمّ تشكيل لجان فكر وعمل لمواجهة الحرب الاقتصاديّة، فهل لأجل هذا تمّ إعلان هذه السياسات؟

جوابي هو «كلّا»، الأمر ليس كذلك بأيّ وجهٍ من الوجوه، هذه السياسات هي سياسات طويلة الأمد، وهي مفيدة للوضع الحالي، كما أنّها مفيدة أيضًا في المراحل التي لا يوجد فيها أيّ حظرٍ أو عقوباتٍ، أي إنّ السياسات طويلة الأمد وهي التي يُبنى اقتصاد البلاد على أساسها، ليست تدبيرًا مرحليًّا، إنّ هذا تدبيرٌ طويلُ الأمد، إنّه سياسة إستراتيجية.

بالتأكيد، إنّ بلدًا كبيرًا كبلدنا، بلدٌ ذو أصولٍ عريقةٍ، بلدٌ يتمتّع بموقعٍ ممتازٍ، وهو اليوم بلدٌ محترمٌ وموقّرٌ جدًّا في العالم، بلدٌ ذو ثقافةٍ راقيةٍ، وماضٍ زاهرٍ متألِّقٍ، لديه أهدافٌ ساميةٌ، يطرح فكرًا جديدًا، بلدٌ بهذه الخصائص ـ يحتاج أن يكون اقتصاده متميّزًا بتلك الخصائص والمؤشّرات التي أقرّت في سياسات الاقتصاد المقاوم، وقد ذكرنا أنّ هذه السياسات ليست سياسات متحجّرة ومغلَقة بحيث إنّه لو وُجدت فكرة جديدة أو نظرية جديدة أو أسلوب جديد في العالم، فلن تتمكّن هذه السياسات من استيعاب هذا المستجدّ والاستفادة منه، الوضع ليس هكذا بأيّ وجهٍ من الوجوه، هذه السياسات الاقتصادية ذات مرونة وحيويّة، ويُمكن أن تُكمَّل وأن تُنمَّى وتُوسَّع، لكنّ خطّها المستقيم لن يتعرّض للتغيير[8].


  • [1]– إشارة إلى اللقاء الحاصل بتاريخ 25-2-2014م (المترجم)
  • [2]– نهج البلاغة، الخطبة 127
  • [3]– المادة 44: فقرة في دستور الجمهوريّة الإسلاميّة تحدّد السياسات الاقتصاديّة ومنها مسألة الخصخصة، وقد طلب سماحة مرشد الثورة حفظه الله قبل 4سنوات العمل على هذه المادّة وتحديد السياسات وشرحها ووضع المشاريع والخطط وفقًا لها، وهذا ما تمّ، حيث وضعت البرامج والمشاريع وهي في طور التنفيذ. (المترجم)
  • [4]– في ذلك إشارة إلى لقاء المسؤولين الاقتصاديين والعاملين على تنفيذ الأصل 44 في الدستور، في 30/11/1385ش (1428هـ – 2007م). (المترجم)
  • [5]– الرساميل (رؤوس الأموال): هي الموارد المختلفة التي يمكن استخدامها في العملية الإنتاجية لغرض تحسين إنتاجية العمل ويتأتى رأس المال من تراكم فائض عمل سابق. (العرفان)
  • [6]– بحار الأنوار، محمّد باقر المجلسي: ج67، ص309
  • [7]– إشارة إلى الخطاب الذي ألقاه سماحته بتاريخ 21-3-1998م (المترجم)
  • [8]– من خطاب سماحته في جلسة شرح سياسات الاقتصاد المقاوم بتاريخ 11-3-2014م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟