مواضيع

هجمة الأعداء على الاقتصاد، مسألة مهمّة وأساسيّة في الجهاد الاقتصادي

لقد طرحنا منذ عدّة سنواتٍ، فكرة «الاقتصاد المقاوم»، وبإمكان جميع المشرفين على المسائل المختلفة أن يحدسوا أنّ هدف العدوّ هو ممارسة الضغط الاقتصادي على البلد، وكان هذا الأمر واضحًا، وكانت المشاريع تدلّ على أنّهم يريدون تركيز الجهود على اقتصادنا؛ هذا الاقتصاد الذي يمثّل بالنسبة إليهم قضيةً مهمّةً.

لقد كان هدف العدوّ أن يركّز على الاقتصاد لكي يصيب النموّ الوطني بضربةٍ، ويوجّه لطمةً للحركة الاقتصاديّة؛ وبالطبع ستصاب الرفاهية الوطنيّة بالاختلال والخطر، وسيقع الناس في المشاكل، ويضطربون وينفصلون عن النظام الإسلامي.

كان هذا، هو هدف الضغط الاقتصادي للعدوّ، وكان الأمر ملموسًا، وبإمكان المرء أن يشاهد هذا الأمر.

لقد قلتُ في عام 86 ش -الموافق لعام 1428 هـ و2007م- في الصحن المطهّر لعليّ بن موسى الرضا(ع)، في خطابي لمطلع العام، إنّهم يلاحقون القضيّة الاقتصاديّة، ثمّ من بعدها يمكن للمرء أن يستنتج أنّ هذه الشعارات المتعلّقة بكلّ عام[1]، تمثّل حلقةً ضمن سلسلةٍ تهدف إلى إيجاد منظومةٍ كاملةٍ في المجال الاقتصاديّ أي: «ترشيد النموذج الاستهلاكي» وقضيّة اجتناب الإسراف، وقضية «الهمّة المضاعفة والعمل المضاعف»، وقضية «الجهاد الاقتصادي»، إضافة إلى شعار هذه السنة «الإنتاج الوطني، ودعم العمل والرأسمال الإيراني»؛ فنحن لم نطرح هذه الأمور على أنها شعارات عابرة، بل هي أمور يمكنها أن توجّه وتنظّم الحركة العامّة للبلاد في المجال الاقتصادي، وبإمكانها أن تساعد على تقدّمنا، وعلينا أن نكمل هذا الطريق.[2]

إنّ الجهاد الاقتصادي مُوجّهٌ إلى نقطةٍ أساسيّة تتعلّق بإدارة البلاد؛ وهي أنّ العدوّ في يومنا هذا قد ركّز في حربه ضدّ الإسلام والجمهوريّة الإسلاميّة على القضيّة الاقتصاديّة، لا أنّه نسي المجالات الأخرى فهم يعملون كلّ ما يمكنهم أيضًا في المجالات الثقافيّة والأمنيّة والسياسيّة، وفي كل المجالات ضدّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، نعم هم ينهزمون فيها، ولكن هذه مسألة أخرى؛ ولكنّهم يعملون ويسعون، وسعيهم يتمركز حول القضايا الاقتصاديّة؛ وذلك من أجل فصل الشعب عن الدولة والنظام وإيجاد صدعٍ بينهم، إنّهم يسعون لإيجاد المشاكل في القضايا الاقتصاديّة؛ لهذا فإنّ الجهاد الاقتصادي ضروريٌّ؛ أي إنّ علينا أن نقوم بنفس المواجهة والنضال ولكن بصورتها الجهاديّة، علينا أن نعمل بكلّ عزمٍ وقوّةٍ وإخلاصٍ وفهمٍ وبصيرةٍ بما نقوم به؛ فهذا هو معنى سنة الجهاد الاقتصادي.

إذا تمسّكت القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد بجميع فروعها الحكوميّة وغير الحكوميّة فإنّ هذه المجاهدة فستحدث ـ بتوفيق الله ـ طفرةً وسيكون الجميع مشاركين في هذا النجاح[3].

وأمّا أوصي به الفئة العاملة فهو الإتقان والدقّة، وقد ذكرتُ هذا الحديث عدّة مرّات: « رَحِمَ الله امرأً عَمِلَ عملًا صَالحًا فأتقَنهُ»[4].

يجب علينا أن نعمل من أجل أن تثبت في ذهن المستهلك الإيراني وغير الإيراني أن البضاعة الإيرانيّة هي بضاعةٌ متقنةٌ مطلوبةٌ جميلةٌ توافق الأذواق ومتينة الصنع، وهذا يعتمد على همّة مجموعةِ المبتكرين والعاملين والمتصدّين للأمر.

وبالطبع، فإنّ لهذا الأمر متطلّبات، فمن الممكن أن تكون هناك حاجةٌ للتدريب ولدوراتٍ تتعلّق بتقوية المهارات، وهذه هي مهمّة الأجهزة الحكوميّة وأشباهها لكن يبقى الهدف هو ذاك، فحيثما يقوم العامل الإيراني بإعمال ذائقته وسليقته وأنامله الماهرة يخرج بعملٍ جذّابٍ ولافتٍ.

هذه الأعمال الفنّية وهي التي مزيج من الفن والعمل والتي كانت لدى الإيرانيّين في السابق، موجودةٌ الآن؛ فهذا الأمر ملحوظٌ ومشهودٌ، فكلّما نزل الذوق والفن الإيراني إلى الميدان ـ من خلال نفس هذا العامل الذي يعمل ويبتكر وله ذوقٌ وفنٌّ وإتقانٌ ـ فإنّ عمله يكون جذّابًا ويتميّز بالديمومة.

والآن ولحسن الحظّ فإنّ العديد من المنتجات المحلّيّة هي أفضل من نظائرها الخارجيّة، وبعضها أفضل بدرجات وكذلك أجمل وأكثر إتقانًا وجاذبيّةً، وعلينا أن نجعل هذا الأمر شاملًا لجميع المواد التي نُنتجها، سواء على مستوى المواد الغذائيّة أم الألبسة أم وسائل العيش أم الزينة، فيجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في جميع الأشياء التي يتمّ إنتاجها، ويمكننا ذلك.

يُمكن لفئة العمّال والمهندسين والمصمّمين وأصحاب رؤوس المال والعاملين في مجال الأعمال اليدويّة والآلات أن يقوموا بهذا العمل، ويجب أن ينصبّ همُّنا في هذا الاتجاه لإيجاد مُنتَجٍ جميلٍ وفاخرٍ وذي ديمومةٍ، فهذا عملٌ جماعيٌّ[5].


  • [1]– يطلق سماحة مرشد الثورة كلّ مطلع عام من السنة الشمسيّة (التقويم المعتمد في إيران) شعارًا خاصًّا لذلك العام، وهو يمثّل البوصلة للوجهة العامّة لسياسة البلد من جميع النواحي (الاقتصاديّة، الثقافيّة، السياسيّة، وغيرها…‌)،‌ وقد استعرض سماحته آنفاً هذه الشعارات. (المترجم)
  • [2]– من خطاب سماحته في لقائه برجالات الدولة ومسؤولي النظام بتاريخ 24-7-2012م
  • [3]– من خطاب سماحته في لقائه بحشدٍ كبير من العمّال بتاريخ 27-4-2011م
  • [4]– بحار الأنوار، محمّد باقر المجلسي: ج22، ص157
  • [5]– من خاطب سماحته في لقائه بحشدٍ كبير من العمّال بتاريخ 27-4-2011م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟