مواضيع

جذب الأكثريّة ودفع الأقليّة

إنني اعتقد بالحد الأقصى من الاجتذاب والحد الأدنى من الإقصاء، ولكن كأن البعض يصرّون هم أنفسهم على الابتعاد عن النظام. اختلاف داخل العائلة وداخل النظام – تمثل في التنافس الانتخابي – حوّله البعض لكفاح ضد النظام – وهؤلاء طبعاً أقلية صغيرة وهم صفر مقابل عظمة الشعب الإيراني لكنهم يهتفون باسم هؤلاء وهؤلاء يفرحون لذلك – هذا شيء يجب أن نعتبر منه. على عملية التبليغ أن تستطيع إيضاح هذه الحقائق للشعب ولهم ليفهموا أنهم على خطأ[1].

بناء النظام على قاعدة جذب الأكثريّة ودفع الأقليّة

لا إشكال في أن يكون لمسؤولي البلاد ومدراء شؤونها من ينتقدهم ويؤشر لهم على نقاط ضعفهم. حينما يكون المرء في ساحة تنافس، ويكون أمامه من ينتقده فسيعمل بصورة أفضل. وجود النقاد والذين لا يوافقون هذا الأسلوب أو ذاك لا يضرّ النظام، ولكن يجب أن تتم هذه العملية ضمن إطار النظام؛ لا إشكال في هذا.. هذه المخالفة ليست مخالفةً مضرة على الإطلاق، والنظام لا يجابه مثل هذه المخالفة أبداً. طبعاً؛ النقد يجب أن يتم ضمن إطار الأصول، وأصول الثورة معروفة؛ أصول الثورة ليست شؤوناً ذوقية حتى يخرج كل يوم شخص من هنا وهناك ويرفع راية الأصول والمبادئ، ثم حين ننظر في هذه الأصول نراها أجنبيةً على الثورة. أصول الثورة هي الإسلام، والدستور، وتوجيهات الإمام، ووصية الإمام، والسياسات العامة للنظام والمحددة في الدستور والتي يجب تدوينها. ليست اختلاف وجهات النظر، واختلاف المسالك والأذواق بالشيء المعيب ضمن هذا الإطار؛ بل هو شيء حسن، وليس مضراً بل مفيداً ونافعاً. في ساحة مثل هذه الاختلافات لا يجابه النظام أي شخص. حينما يتصرف الأفراد داخل إطار الأصول والمبادئ، ولا ينحازون إلى العنف، ولا يفكرون في زعزعة أمن المجتمع، ولا يريدون إفساد هدوء المجتمع – من قبيل هذه المخالفات التي تحدث كالكذب والإشاعات – فليس للنظام أية مشكلة. هناك مخالفون ولديهم آراؤهم التي يعبّرون عنها والنظام لا يجابههم. يعمل النظام هنا على أساس أقصى حد من الاستقطاب وأدنى حد من الإقصاء، هذا هو منهج النظام، وعلى الجميع التنبّه لذلك. والذين لديهم آراء معارضة وتصورات تختلف عن التصورات الرسمية بوسعهم مقارنة أنفسهم بهذا الإطار. إذا عارض شخص أسس النظام، وعارض أمن المجتمع، فالنظام مضطر للوقوف بوجهه[2].

لا نُبعد أحد من النظام

الذين يؤمنون بهذه الخارطة العامة المتبلورة في الدستور وسيادة القانون وتحكيمه هم داخل النظام الإسلامي. والذين يرفضون هذه الأمور إنما يخسرون بأيديهم صلاحية تواجدهم داخل النظام الإسلامي، فهم لا صلاحية لهم لذلك. الذين لا يبدون استعداداً لتحمل القانون، ولا هم مستعدون لقبول الأكثرية، والذين يشككون في تلك الانتخابات العظيمة التي شارك فيها أربعون مليوناً فكانت مبعث فخر، ويريدون تبديل نقطة من نقاط قوة النظام إلى نقطة ضعف، هؤلاء في الواقع يخرجون أنفسهم بأنفسهم من سفينة النجاة هذه المتمثلة بالنظام الإسلامي. وإلا لا يروم أحد إخراج أحدٍ من سفينة النجاة.

نبي الله نوح(ع) قال لابنه: <يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا ولاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ>[3]، والنظام الإسلامي يتأسى بالنبي نوح ويقول للجميع: (تعالوا وكونوا معنا واركبوا سفينة النجاة هذه، وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ)، هذا هو الهدف والمبنى. إننا لا نطرد أي إنسان من النظام، ولكن ثمة أشخاص يطردون أنفسهم بأنفسهم من النظام، يُخرجون أنفسهم من النظام[4].

المعيار هو القيم في جذب الأكثريّة ودفع الأقليّة

لقد قلنا بجذب الحد الأكثر ودفع الحد الأقل. بالطبع؛ المعيار والميزان هو الأصول والقيم، فالناس ليسوا سواء بلحاظ الإيمان؛ ففينا من هو ضعيف الإيمان ومن هو أقوى إيماناً. وعلينا أن نسعى، فلا يصح أن ندفع ضعيف الإيمان، ولا يصح أن نركّز على الأقوى إيماناً، كلا؛ فضعفاء الإيمان ينبغي أن يحوزوا على عنايتنا، فالذين يعدون أنفسهم أقوياء ينبغي أن يعتنوا بمن يرونه ضعيفاً ويراعوه ولا يدفعوه، الذين كانوا من الجماعة لكنهم بسبب الاشتباه والغفلة ابتعدوا وانفصلوا نعيدهم إلينا؛ ننصحهم، نبين لهم الطريق، ونستعيدهم. فهذه قضايا أساسية[5].

الجذب من منتصف الطريق

«وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ»؛ أي ينبغي السعي لإعادة أولئك الذين ينفصلون عن جماعة المسلمين، ويبتعدون عن جماعة البلاد، والسعي لكسبهم وتقريبهم وانضمامهم، فينبغي علينا السعي لإيصال أولئك الذين هم في منتصف الطريق ليصلوا إلى المنزل المطلوب، وألّا نسمح لسلوكنا الخاطئ أو مواقفنا أو تصريحاتنا المتشددة أن تقضي تماما على إيمان المترددين في إيمانهم، أو تبعد تماما أولئك الذين لهم بعض الارتباط والصلة بالنظام؛ بل ينبغي علينا عكس ذلك، فنسعى لكسب مثل هؤلاء المترددين وتقريبهم منا أكثر فأكثر. فهذا الأمر جزء من مصاديق التقوى ومعانيها[6].

جميع فصائل الثورة من التيار المؤالف للنظام

إنني أعتقد بأن من المشاكل الرئيسية التي نعاني منها في الوقت الحاضر هي الخلافات الواهية التي لا أساس لها، والتي دبّت بين أنصار النظام والعاملين له وكوادره الذين يمثلّون مجموعة المؤالفين المنسوبين للنظام وهذا هو معنى المؤالف، أما أن يحاول البعض نتيجة اعوجاج في الفهم، أو بدافع الإيذاء، مطابقة مفهوم المؤالف والمخالف على التيارات في البلاد فقد قال شططاً.

كلا؛ ففصائل الثورة جميعها من التيار المؤالف داخل البلاد، فعلى هذه الفئة المؤالفة التوحّد والتآلف، وهذا بطبيعة الحال لا يعني عدم اختلافهم في الأذواق، وأن لا يخوضوا نقاشات وجدالات فيما بينهم، وإنما المرفوض منهم هو المجاهرة بهذه المجادلات، وتهويل الصغائر التي يدور حولها النقاش، فلبئس الفعل ذلك[7].


  • [1].  بيانات سماحته أمام جمع من طلبة العلوم الدينية بتاريخ 13-12-2009م
  • [2].  خطبة الجمعة بتاريخ 11-9-2009م
  • [3].  هود: 42
  • [4].  بيانات سماحته أمام أعضاء مجلس الخبراء بتاريخ 25-2-2010م
  • [5].  بيانات سماحته أمام مسؤولي الدولة بتاريخ 18-8-2010م
  • [6].  بيانات سماحته أمام مسؤولي الدولة بتاريخ 7-8-2011م
  • [7].  بيانات سماحته أمام مسؤولي الدولة بتاريخ 12-12-2001م

المصدر
كتاب الثوري الأمثل في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟