الاعتقاد بأصل «المعيار الوضع الحالي للأفراد»
النقطةٌ الأساسية الأخرى في خط الإمام ونهجه هي أن الإمام قال مراراً أن حكمنا فيما يتعلق بالأشخاص ينبغي أن يكون بمعيار حالهم في الزمن الحاضر، فماضي الأشخاص لا يُلتفت إليه، والماضي إنما يُلتفت إليه عندما لا يُعلم الوضع الراهن، عندها يتمسك أحدنا بالماضي ويقول: حسناً؛ هكذا كان في السابق، ولعله الآن كذلك. أما إذا كان الوضع الراهن للأشخاص في النقطة المعاكسة لماضيهم، فعندها لن يكون أي دخل للماضي في ذلك. هذا هو الحكم الذي أجراه الإمام أمير المؤمنين (ع) مع طلحة والزبير، فعليكم أن تعلموا أن طلحة والزبير لم يكونا برجلين عاديين، لقد كان للزبير ماضٍ مشرق قلما نجد له المثيل بين أصحاب أمير المؤمنين (ع)، وبعد وصول جناب أبي بكر إلى الخلافة، وفي تلك الأيام الأوائل، حينما وقف جماعة من الصحابة أمام منبر أبي بكر واعترضوا عليه، وقالوا ليس الحق معك بل الحق مع علي بن أبي طالب، وقد ذكر التاريخ أسماء هؤلاء، فإنها لم تكن من الأشياء التي نقلها الشيعة؛ كلا؛ بل ذُكر هذا في جميع كتب التاريخ. وأحد أولئك الذين وقفوا أمام منبر أبي بكر ودافع عن حق أمير المؤمنين هو الزبير، فهذه سابقة للزبير. وما بين ذلك اليوم واليوم الذي استلّ الزبير سيفه بوجه أمير المؤمنين مدة 25 عاماً، وإذا برر إخواننا أهل السنة لـ (طلحة والزبير) وقالوا إنهما اجتهدا، وقالوا بأن اجتهادهما قد أوصلهما إلى هذا، حسناً؛ كيفما كان، فنحن لسنا في مقام تحديد منزلتهم عند الله تعالى؛ ولكن ماذا فعل أمير المؤمنين معهم؟ لقد حاربهم، وجهز أمير المؤمنين جيشاً من المدينة، واتجه إلى الكوفة والبصرة من أجل محاربة طلحة والزبير؛ أي أن تلك السوابق قد مُحيت وانتهت. كان هذا ملاك الإمام، وهذا معياره[1].
[1]. بيانات سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2010م