مواضيع

وصيّة أمير المؤمنين (ع) بالجهاد

«الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله»[1]، إيّاكم وترك الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم، إنّ الأمّة الإسلاميّة كانت الأمّة النموذجيّة في العالم ولطالما كانت تقوم بالجهاد في سبيل الله، ولكنّها أُصيبت بالذلّ والهوان عندما تخلّت عن هذه الفريضة الإلهيّة، وقد ذكر الكتّاب المسيحيّون في إنجيلهم عن المسيح(ع) أنّه قال: إذا ضربك أحدٌ على خدّك الأيمن فأدر له خدّك الأيسر، ويعنون بذلك إنّنا مسالمون ولا نعرف معنى الحرب، وشعارنا الرحمة والسلام، ولا يزالون يردّدون هذا من دون حياء ويطعنون بالمسلمين؛ لأنّهم أهل الجهاد، والحرب، والسيف، وسفك الدماء، وقد كرّروا هذه الافتراءات إلى حدٍّ أصبح معه بعض المسلمين يخجل من طرح تلك المفاهيم الإسلاميّة، ممّا حدا ببعض العلماء والكتّاب المسلمين إلى أن ينكروا وجود موضوع الجهاد في الإسلام، بل قالوا جهادنا هو دفاعٌ فقط.

ماذا يعني هذا الكلام الهزيل، إنّ الله سبحانه يقول جاهدوا في سبيل الله، وهؤلاء يقولون: لا يوجد لدينا جهاد، بل الجهاد هو الدفاع، إنّ الله يقول في قرآنه: <إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ>[2]، و <قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ>[3]،‌ وهؤلاء يقولون: إنّ الجهاد في سبيل الله ليس هو الجهاد الهجومي، وإنّما الجهاد هو الدفاعي فقط، إنّ هذه الأفكار نشأت على أثر الإعلام والتبليغ المسيحي الذي يُكرّر دومًا أنّ ‌الحرب وسفك الدماء هو شيءٌ قبيح ولا بدّ من الصلح والسلام، وقد صدّق المسلمون هذه الترّهات فأصبحوا أذلةً جليسي بيوتهم بعد أن كانت راية العزّة ترفرف على رؤوسهم لقيامهم بفريضة الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى.‌

إنّ أولئك الذين يدعون إلى الصلح والسلام والرحمة ويعيبون على المسلمين جهادهم في سبيل الله، قاموا بقتل المسلمين وذبحهم وتشريدهم في عددٍ من بقاع الأرض، واليوم تشاهدون ما يقوم به هؤلاء في البوسنة والهرسك، وما قاموا به من عملٍ شنيع في الحرم الإبراهيمي الشريف لمسجد خليل الرحمن في فلسطين المحتلة، فعملوا على قتل المسلمين، هم أنفسهم الذين جاؤوا من أمريكا وأوروبا.‌

نفس هؤلاء الأوروبيّين والأمريكيّين ونفس هذا الغرب الذين ظلّوا ينتقدون المسلمين بأنّهم أهل جهادٍ، والجهاد أمرٌ سيّئ، نفس هؤلاء هم من أشعل حربًا ضروسًا مع المسلمين في الحروب الصليبيّة، فكان المسيحيّون لا يؤلون جهدًا في قتال المسلمين والقضاء عليهم.

لا ينبغي أن نخوض في تفاصيل تلك الحروب هنا، ولكن الخلاصة، كانت قصصًا عجيبةً! وحينما يقرأ الإنسان ما دُوِّن في التاريخ من وقائع وأحداث، فسيبكي دومًا بسبب الظلم الذي ارتكب، وبسبب حالة النفاق التي كانت موجودة، هذا كلّه بسبب أولئك الذين يرفعون أصواتهم بالصلح والسلام، مع أنّهم يُخفون سيوفهم وخناجرهم!![4]


  • [1]– نهج البلاغة: ج 3 ص 76 خطبة (47)
  • [2]– الأنفال: ١٥
  • [3]– التوبة: ١٢٣
  • [4]– من خطبته في خطبة صلاة الجمعة في طهران بتاريخ 4-3-1994م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟