مواضيع

نصحني بالخصال الزينبية والالتزام بالحجاب الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام على شهدائنا الأبرار

السلام على الأرواح الطاهرة

السلام على روحك يا أبي

أبدأ حديثي بشكر كل الشرفاء الأوفياء الذين جاهدوا لتصوير جسد والدي الشهيد الطاهر كريم فخراوي، وذلك لفضح جرائم النظام وما فعلوه بجسده، فشكراً لكم. كما أشكر كل من ترك بصمته أثناء محنتنا طوال عام كامل من استشهاد والدي العزيز.

عندما سألتني والدتي يوماً : ماذا لو خيروك بأن يرجع والدك ليعيش معنا او ستستمر حياتنا هكذا؟! فاخترت بأن يرجع والدي معنا كما كان، فاستغربت أمي وتساءلت : لم يا ابنتي؟! فأنت تعلمين بأن هذه الكرامة التي نالها أباكِ لا يُعلى عليها، فأجبتها باطمئنان : أنا على يقين إن لم يستشهد والدي، وعاش حياته، وتوفى وفاةً طبيعية لكان مصيره حتماً الجنة؛ لأنه الإنسان المؤمن والوفي لله سبحانه وتعالى.

فكرت بعد عامٍ أن الله يختارُ الشهادة لمن يستحق ذلك، وأشكر المولى الذي أكرم والدي بالشهادة، لأنه كان يستحقها، أكملت عاماً وأنا أفتقد والدي الحنون الذي عمل لراحتي وكثيراً ما أتذكره وهو ينصحني بالخصال الزينبية والالتزام بالحجاب الإسلامي.

الشهيد الأب المربّي

كريم فخراوي ليس كجميع الآباء .. نعم فهو أبٌ استثنائي، وكان يعاملني باستثنائية أيضاً، كثيرا ما كان يرغبني في صلاة الفجر أول وقتها، فتعودت عليه بشوش الوجه، حتى في الصباح الباكر، فكان يمازحني دائماً بالرغم من كبر سنه، فالجميع في المنزل يفتقده، تفتقده أمي في جميع نواحي منزلنا، وتفتقده في كل خطواتها، فكانت هي رفيقة دربه التي يعتز بها، فكان خير زوج، وكانت نعم الزوجة التي حملها على كفوف الراحة، تفتقده أختي فاطمة وتحن إليه، فكان نعم أبٍ، قام بتربيتها وزرع فيها العشق الإلهي، ومحبة أهل البيت للسير على نهجه، فكان يفخر بها بنتاً صالحة، وتفتقده ليداعب ابنها ويمازح زوجها، تفتقده أختي الطفلة الحنونة سارة، تفتقده ليصاحبها إلى المدرسة ويلعب معها، تفتقده حين كان يذهب إليها ويحتضنها ويركض معها على شاطئ البحر، تفتقده وتحضن قميصه ليلاً قبل النوم لتشعر بوجوده.

أما أنا أفتقده دائماً في مسير حياتي، أفتقده ليشاركنا طاولة الطعام ويتوسطنا في تجمعنا العائلي، كما أفتقد رائحة أبي، فلا زلت أحتفظ بالقنينة لأشمها كلما اشتقت إليه، أفتقده كما يفخر بي عند حصولي على درجات عالية في المدرسة، كما أفتقده أمامي في حفلة تخرجي، فهذه اللحظة التي يتمناها كل أبٍ ليقر بها عينيه، كما أفتقده الآن وأنا أمامكم أتحدث عن مصيبتي فقداً، مر عام على استشهاد والدي، فرغم فقدي لكن الله عوضنا بأمٍ تعودت أن تكون أمي وأبي، فهي أمي التي كبرت العفة داخلها وظهرت في وجهها دائمة رغم الألم، فأسجد شكراً لله الذي أنعم علينا بتلك الأم القوية الصامدة، وشكراً لوالدي الشهيد، فكان المدرسة التي تعلمنا منها الصبر والتوكل على الله في هذه المحن، فكانت هذه إحدى وصاياه ليلة اقتحام منزلنا وقبل رحيله، وأعلم بأننا بفضل والدي وأنتم سنبقى على نهجه ماضون.

وفي الختام أبعث برسالةٍ لوالدي بأنني على يقين بأن روحه باقية بيننا :

بابا جميعنا نشتاق إليك اشتياق يعقوب إلى يوسف، لكني أقول لك لا تخف ولا تحزن علينا يا أبي، فنحن بخير والألطاف الإلهية تشمل حالنا، فجيراننا و أهالي كرباباد الأوفياء نعم الأهل، فبطرقاتهم على بابنا للسؤال عن حالنا وتقديم باقات الورود لنا نحن بأمانٍ وسلام .. نم قرير العين يا أبي فإن الله دائماً معنا، دعواتكم لنا أيها الأحبة بالصبر والانتقام ممن قتل والدنا، مع تحياتنا والشكر لمن ساهم في هذا التأبين.

المصدر
كتاب فخر الشهداء - الشهيد عبدالكريم فخراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟