مواضيع

قبل هبوب الانتفاضة: هديرُ الشّهيد عباس السميع

     في تاريخ ٢٦ فبراير ٢٠١٥م، وجّه شهيدُ الإعدام عباس جميل طاهر محمد السميع، ومن داخل السجن، رسالةً مصوَّرة شكّلت انتقالةً نوعية في المقاومةِ من داخل السجون. ما فعله الشهيد عباس كان عملاً تاريخيّاً بكل المقاييس، ويمكن أن يُوضَع في سياقِ عالمي لجهة الطابع الاستثنائي لما قام به الشّهيد، والذي اكتسبَ أبعاداً أكثر بعد انتفاضة السجن في مارس، وبعد تنفيذ جريمة الإعدام الجماعي في ١٥ يناير ٢٠١٧م. الشاب الذي أيّدت محكمةٌ خليفية حكمَ إعدامه في ٣١ مايو ٢٠١٦م، أصدرت ما تُسمى بمحكمة التمييز حكمها النهائي ضدّه في يناير من العام نفسه. استبقَ الشهيد عباس كلّ ذلك بزمن، وظهرَ في شريط فيديو وهو في حالٍ من الاطمئنان الكامل، وقدّم دحْضاً كاملا للاتّهامات الموجّهة ضدّه في قضيةِ مقتل الضّابط الإماراتي المرتزق طارق الشحي في حادث التفجير الذي وقعَ في مارس ٢٠١٤م قرب بلدة الديّه أثناء قمع القوات الخليفيّة لتظاهرة ختام فاتحة الشهيد جعفر الدرازي التي انطلقت من البلدة.

     إضافة إلى الضّخ المعنوي الذي شكّله هذا الحدث على المستوى الشّعبي وفي أوساط السّجناء؛ فإنّ الخليفيين شعروا بهزيمةٍ نكراء تحيط بهم وهم يرون هذا اللون من التّحدي المفتوح وهو يصدرُ من داخل القضبان. كان ذلك بمثابة تأكيدٍ على فشلِ القيودِ والتّعذيب وعلى نجاح السجناء في تفريغ مفعولها القمعي. وهي نتيجةٌ “خطيرة” بالنسبةِ لنظامٍ يُعوِّل على سياسةِ القتل والتعذيب المفتوح لتحقيق أهدافه، وعلى رأسها إخراس الثورةِ وإسكات أصواتها وإخمادِ وقودها، ليأتي صوتُ الشّهيد عباس السميع هادرا، ومن داخل زنزانةِ الإعدام، ويحطّم “أسطورة” القمع الخليفي الذي لا يُقهر.

     فتح الخليفيون تحقيقاً حول هذا الشّريط، وسارعوا إلى الانتقام من عباس السميع، وشنّوا حرباً مفتوحةً على السّجناء، إلا أنّ النتائج لم تُرضِ آل خليفة، واستمرّ كسْرُ القيود على التوالي، وكان انفجارُ الأوضاع في ١٠ مارس ٢٠١٥م جزءا لا يتجزأ من الحدثِ النوعي الذي شكله خطاب السّميع التاريخي. هذا الخطابُ الذي أضحى بعد استشهاده وثيقةً جاهزة لإعادة قراءةِ تاريخ السّجون ولدراسةِ العبقريّة البحرانية في كسْر القضبان، ومهما اشتدّت الظلمة وطغى السّجان.

المصدر
كتاب زفرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟