مواضيع

معسكر المتظاهرين بالقداسة والتعبد

يقول الله تعالى: <وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ>[1]، وسبب نزول هذه الآية المباركة إن النبي (ص) كان مشغولًا بتقسيم الصدقات، «فقالَ رجلٌ: اعدِل يا محمَّدُ فإنَّكَ لم تعدِلْ. فقالَ: ويلَكَ ومَن يعدلُ بعدي إذا لم أعدِلْ. فقالَ عمرُ بن الخطاب: دعني يا رسولَ اللَّهِ حتَّى أضربَ عنُقَ هذا المُنافقِ. فقالَ رسولُ اللَّهِ (ص): إنَّ هذا في أصحابٍ لَه يقرءونَ القرآنَ لا يجاوزُ تراقيَهُم يمرُقونَ منَ الدِّينِ كما يمرُقُ السَّهمُ منَ الرَّميَّةِ»[2].

إذًا الحديث هنا عن فئة كما ذكر التاريخ يقرؤون القرآن ويفقهون في الدين وزهاد في الدنيا وأشداء في الحرب ولكنهم يفتقرون إلى العقل، لذلك ضررهم على الإسلام إن لم يكن أكثر فلا يقل عن الكفار والمنافقين، ولذلك قال أمير المؤمنين (ع): «إلى الله أشكو يقظة القائم وبلادة الأمين»[3]، كما قال (ع): «ما قصم ظهري إلا رجلان عالم متهتّك وجاهل متنسّك»[4].

هؤلاء الحمقى تمسكوا قشريًا بالقرآن الصامت وتركوا القرآن الناطق وهو أمير المؤمنين (ع) الذي من غيره لا يمكن معرفة القرآن فينحرف الإنسان عن جادة الصواب ويكون مصداقًا لقوله تعالى: <قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا 103 الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا>[5]، من أفعالهم أنهم قتلوا الصحابي الجليل محمد بن أبي بكر الذي قال عنه النبي (ص) أنه ثمرة فؤادي ووضعوا جثته في بطن حمار وأحرقوه، ثم في طريق عودتهم صادفهم خنزير فقام أحدهم برميه بالقوس واستنكروا عليه، فعندهم قتل النفس المحترقة قربة إلى الله أما التعرض لخنزير اعترضهم جريمة، هؤلاء تسببوا بجريمة بحق البشرية تمتد آثارها إلى القيامة الأولى، حالوا دون القضاء على معاوية وانتصار الأمير في صفين وأدى ذلك إلى:

  1. عدم عودة الحق المسلوب إلى أصحابه، أي إلى آل علي فتغير مجرى التاريخ وحرمت البشرية من الحكومة الإلهية.
  2. استمرار بني أمية في الحكم، ومن بعدهم بني العباس الذين ارتكبوا جرائم يندى لها الجبين وقتلوا أحد عشر معصومًا.

قتلوا مظهر اسم الله الأعظم علي بن أبي طالب وهذا هو المعسكر الثالث وهم المارقون، أي الخارجون عن الدين وكما أشرنا هؤلاء أخبر عنهم رسول الله (ص) وأطلق عليهم المارقين ولنا معهم وقفة أخرى لاحقًا.


  • [1] التوبة: 58
  • [2] صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم 3445
  • [3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، جزء 20، الحكم المنسوبة، حكمة 939
  • [4] غرر الحكم ودرر الكلم، صفحة 696
  • [5] الكهف: 103-104

المصدر
كتاب مرج البحرين يلتقيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟