مواضيع

التجنيس القطري: لعبة الخلاف الخليجي

     على المستوى الخارجي، فإنّ الاتهامات الخليفيّة، المتكررة، ضدّ قطر ليست سوى “عمليّة وظيفيّة” لها أكثر من غاية ورسالة، وغير مستبعَد أن يكون السّعوديّون وراءها. وهي تتصل، بلا شك بالأزمة الخليجية التي تفجّرت في يونيو 2017م، وخرجت عن السيطرة خلافاً لكلّ محاولات التهدئة وزيارات الاحتواء. ويؤكد مراقبون أن قرار التّصعيد هو صناعة سعوديّة بامتياز، تأسيساً وتأزيمياً، وإنما من خلال استخدامات إماراتيّة وخليفيّة على وجه خاص.

     السّعوديّة تحملُ ثأراً غير محدود ضدّ قطر، يتّصل الأمر بما يُقال عن التآمر القطري القديم ضدّ آل سعود (بحسب التّسريبات الصّوتيّة التي جمعت وزير خارجيّة قطر السّابق مع معمّر القذافي) وملفّات الانقلاب، والحدود، ومزاحمة مشروع الهيمنة السّعودي، والاشتباك على مناطق النّفوذ الخارجيّة، وغير ذلك. إلا أنّ حكّام آل سعود – وعلى غير عادتهم – فضّلوا استخدام آل نهيان وآل خليفة في التّصعيد ضدّ آل ثاني، رعايةً للسّيّد الأمريكي الذي لجأ علنيّاً حتّى الآن إلى عدم التّدخّل في تفاصيل الخلاف الخليجي، ولأسباب لها علاقة بطريقة الأمريكيين الجديدة في إدارة “خلافات العبيد الأشقياء”.

     من خلال الإمارات، فُتحت أكثر من جبهة دعائيّة ضد قطر، وتمّ الاستفادة من كلّ أخطاء الدّوحة لتوسيع هذه الدّعاية، أو اختراع أخطاء معيّنة وتضخيمها (من قبيل، الإعلان عن اكتشاف خليّة تجسّس قطريّة في الإمارات، كما أعلنت الأخيرة في يوليو 2014م، والذي نفته قطر).

    أمّا البحرين، فإنها تبدو من وجهة النّظر السّعوديّة أكثر أفضليّة لتضمين التّصعيد ضدّ قطر المحتويات الأسرع تفجّراً، وبما يفتح الباب واسعاً لاختلاق الذّريعة الأنسب للانتقال إلى مرحلة “القرار” في معالجة الخلاف مع الدّوحة.

     لم يكن صدفةً أن يكون موضوع “التّجنيس” أحد مفاتيح التفجير الخليفي/السّعودي ضدّ قطر. الموضوع يتّصل بأزمة فاحشة في دول الخليج، والتي تتشابك بتعقيدات التوازُع القبائلي، وأزمات الانتماء الوطني في هذه المنطقة الرّخوة من حيث التأسيس المديني وفقدان العقد الاجتماعيّ الضّامن لحقّ المواطنة. هذه الهشاشة المركّبة هي أرضيّة قابلة لأنْ تُشْعِل أيّ نار موقدة، وإحراق الجميع بها. وفي ظل اكتظاظ الاختناق الذي يُحيط الخليفيّين بفعل استمرار الثّورة، فإنّهم لا يجدون غضاضة في تحوّلهم إلى أداة تفجير سعوديّة في وجه القطريين، ظنّاً من آل خليفة بأنّهم سيربحون من وراء ذلك تشتيت الانتباه عن الثّورة التي تُحاصرهم، وعلى طريقة القبائل في توزيع ثأر الدّماء على أكثر من فخْذ وقبيلة.

النّتائج تظلّ غير مضمونة، إلا أنّ “الوقاحة الخليفيّة” في تنويع لعبة التّجنيس تظلّ هي الموضوع الأخطر الذي يحتاج إلى تداركٍ، وبأسرع وقتٍ ممكن، وقبل أن يقع الفأس على الرأس.

  • المصدر موقع “البحرين اليوم”

افتضاح المفضوح

     مع الإيحاء الرسمي بتجريم الحديث عن “التجنيس”، وفق بيان وزارة الداخلية الصادر في ٢١ يوليو ٢٠١٨م؛ فإنّ مخاطر جريمة التجنيس تكاد تكون مكتملة، حيث يمثل التجنيس والتوطين السياسي أحد الأدوات التي تستخدمها القوى المستبدة والاستكبارية والدكتاتورية في سياق الحرب على الشعوب، وتصفيتها أو استبدالها عرقيا، وتغيير هوية الشعب وإبادته ثقافيا.

    ننقل في هذا القسم بعض الكتابات والتقارير المنشورة حول التجنيس السياسي في البحرين ودوره في الإبادة الثقافية ضد شعب البحرين الأصيل. كما نعيد نشرَ بعض التصريحات وتقارير خبرية منوّعة صدرت في سنواتٍ مختلفة لتقديم إضاءةٍ بانورامية حول هذا الملفز

التجنيس السياسي وإسقاط الجنسية في البحرين (مسعود جهرمي، 2017، بتصرّف)

    في شهر سبتمبر 2006 صدر تقرير خاص اشتهر “بتقرير البندر” نسبة الى كاتبه الدكتور صلاح البندر، الذي كان مستشار وزير شؤون مجلس الوزراء، ونظراً لمحتوى التقرير تم ترحيل الكاتب الى المملكة المتحدة حيث يحمل الجنسية البريطانية. كشف هذا التقرير عن أكبر فضيحة رسمية في التمييز العرقي والمذهبي تجاه الديموغرافية الدينية من «الشيعة» التي كانت تتجاوز نسبتها 75% ونزلت الى 60%، وفق تقرير «لجنة الحريات الدينية الأميركية» سنة 2015.

    مضت أكثر من عشر سنوات على تقرير البندر الذي أوضح كيف تُدار عملية التمييز من أطراف تتصل مباشرة بالديوان الملكي. ومن أبرز ملامح التمييز؛ مشروع التجنيس السياسي الذي تمكنت السلطة به من منح 120 ألف أجنبي الجنسية البحرانية (كاملة الصلاحيات والخدمات المجانية) بما يخالف القانون الوطني والدولي، ما يعني تغيير التركيبة الديموغرافية بما يفوق 20% من نسبة السكان الأصليين.

المصدر
كتاب الإبادة الثقافية في البحرين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟