مواضيع

حفظ العفاف والحجاب في المجتمع

خلافاً لمعتقدات كثيرٍ من النّاس، فإنّ العالم لا يحبّ هذه العبوديّة والفجور، وهو قد تعب من ذلك. وإنّ هذه العفّة، واللّياقة، والسّلامة، والحياء، هي أمورٌ بديهيّةٌ عند الإيرانيّين، وقد أوصى به الإسلام أيضاً. يجب أن يسود الشّيء نفسه في الرّياضة وفي أماكن أخرى. سيكون هذا الجوّ الرّوحيّ الثّقافيّ هو الرّياضة، وسيكون هذا ما تقولون به؛ إنه من أجل محاربة الغزو الثّقافيّ، يجب أن نلتزم بثقافتنا، وهذا صحيح تماماً[1].

معيار المرأة الإسلامية

يريد الإسلام أن يصل التّطوّر الفكريّ والعلميّ والاجتماعيّ والسّياسيّ للمرأة، وقبل كلّ شيء، التّطوّر الرّوحيّ إلى أعلى مستوى، وأن يكون لوجودها أكبر تأثيرٍ من النّفع والفائدة للمجتمع والأسرة البشريّة، باعتبارها عضواً فيه. وهذا كلّه مبنيٌّ على كلّ تعاليم الإسلام، بما في ذلك موضوع الحجاب. موضوع الحجاب لا يعني عزل المرأة، وإذا كان لدى شخص مثل هذا التّفسير للحجاب، فإنّ تصوّره خاطئٌ ومنحرفٌ تماماً. موضوع الحجاب هو منع الاختلاط غير المشروط بين الرّجل والمرأة في المجتمع؛ فهذا الاختلاط يضرّ بالمجتمع ويضرّ بالرّجل والمرأة؛ ولا سيّما على مستوى المرأة. الحجاب لا يعيق الأنشطة السّياسيّة أو الاجتماعيّة أو العلميّة بأيّ شكلٍ من الأشكال[2].

على المرأة المسلمة أن تسعى في طريق الحكمة والعلم، وفي طريق التهذيب المعنوي والأخلاقي للنفس، وتكون طليعة في ميدان الجهاد والكفاح بكلّ أنواعه، ولا تهتمّ بزخارف الدنيا ومظاهرها الرخيصة، وتكون عفّتها وعصمتها وطهارتها بدرجة بحيث تدفع عنها نظر الأجنبي تلقائياً، وفي البيت سكينة للزوج والأولاد وراحة للحياة الزوجية، وتربّي في حضنها الحنون والرؤوف وبكلماتها الطريفة والحنونة أولاداً مهذّبين بلا عُقد، وذوي روحيّة حسنة وسليمة، وتربّي رجالاً ونساء وشخصيات المجتمع.

إنّ الأم هي أفضل من يبني، فأكبر العلماء قد يصنعون أداة إلكترونية معقّدة جدّاً مثلاً، أو يصنعون أجهزة للصعود إلى الفضاء أو صواريخ عابرة للقارات، ولكن هذا كلّه لا يعادل أهمّية بناء إنسان رفيع، وهو عمل لا يتمكن منه إلاّ الأم، وهذه هي المرأة المسلمة الأسوة[3].

لا يقل البعض إنّ النساء لا يمكنهن كسب العلم إذا حافظن على الحجاب والعفّة وإدارة البيت وتربية الأولاد.

فكم من النساء العالمات لدينا في مختلف المجالات في مجتمعنا – وللّه الحمد – فهناك عدد كبير من الطالبات الجامعيات المجدّات ومن ذوات القابلية، وكذلك من الخريجات في مستويات عالية وطبيبات ممتازات من النمط العالي في مجالات علمية متنوّعة.

إن نساءنا اليوم في الجمهورية الإسلامية يحافظن على عفافهن وعصمتهن وطهارتهن كنساء، ويحافظن على الحجاب بشكل كامل، ويقمن بتربية أولادهن بالطريقة الإسلامية، وكذا في الواجبات الزوجية كما يقول الإسلام، ويمارسن نشاطات علمية وسياسية[4].

أهمية كرامة المرأة في الإسلام

الاهتمام بشأن العفاف عند المرأة، وكل حركة تنبري للدفاع عن المرأة يجب أن تجعل ركنها الأساسي التمسك بعفاف المرأة.

وكما سبق لي القول: بأنَّ الغرب وبسبب إهماله لهذا الجانب، آلت الأُمور فيه إلى ما آلت إليه من التفسخ والتحلل.

جانب العفاف عند المرأة وهو أهم عنصر في شخصيتها يجب ألا يكون عرضة للإهمال.

عفّة المرأة وسيلة لتكريمها ورفع منزلتها في نظر الآخرين، وحتى في نظر الرجال المتحلّلين وأتباع الشهوات، وهي في الحقيقة جوهر احترامها وتقديرها، وليست مسائل الحجاب، والأجنبي، وغير الأجنبي، وإباحة النظر أو تحريمه إلاّ لأجل صيانة العفاف، الإسلام يُعنى كثيراً بعفاف المرأة.

كما أنّ عفاف الرجل بطبيعة الحال مهم أيضاً؛ لأنّ العفاف لا يختص بالمرأة، فالرجل أيضاً يجب أن يكون عفيفاً، ولكن بما أنّ الرجل يتمتع بقوّة بدنية تفوقها، فهو قادر على الإساءة إليها ومعاملتها بما لا ترضاه، ولهذا كان التأكيد على عفّة المرأة أكثر[5].

الإسلام يؤيد حضور المرأة في جميع المجالات بشرط التزام الحدود

النّشاط الاقتصاديّ، النّشاط السّياسيّ، النّشاط الاجتماعيّ بمعنى خاص، النّشاط العلميّ، القراءة، الدّراسة، السّعي في سبيل الله، الجهاد وفي جميع مجالات الحياة في المجتمع؛ هنا أيضاً لا فرق بين الرّجل والمرأة في السّماح بالقيام بمجموعةٍ متنوّعةٍ من الأنشطة في كافّة المجالات من وجهة النّظر الإسلاميّة. إذا قال أحدهم إنّ الرّجل يمكنه الدّراسة، والمرأة لا تستطيع؛ وإنه يمكن للرّجل أن يعلّم، والمرأة لا تستطيع، ويمكن للرّجل أن يقوم بنشاطٍ اقتصاديٍّ، والمرأة لا تستطيع ذلك؛ ويمكن للرّجل أن يكون ناشطاً سياسيّاً، والمرأة لا تستطيع ذلك، فهو لا يعبّر عن منطق الإسلام؛ بل قد نطق ضدّ الإسلام. وفقًا للإسلام، في كلّ هذه الأنشطة المتعلّقة بالمجتمع البشريّ ومجالات الحياة، يتمتّع الرّجل والمرأة بنفس المساحة وهما متساويان في ذلك. بالطّبع؛ هناك بعض الأعمال ليست للنساء؛ لأنّها لا تتناسب مع تكوينهنّ الجسديّ؛ وهناك بعض الأشياء الّتي ليست للرّجال؛ لأنّها لا تتوافق مع تكوينهم الأخلاقيّ والمادّيّ. لا علاقة للأمر بما إذا كانت المرأة يمكن أن تتواجد في مجال الأنشطة الاجتماعيّة أم لا. يعتمد تقسيم العمل على الإمكانات والشّغف ومقتضيات هذا العمل، وإذا أرادت المرأة أن تكون شغوفةً، يمكنها القيام بأنشطةٍ اجتماعيّةٍ مختلفةٍ وأن تمارس الأعمال الّتي ترتبط بالمجتمع.

طبعاً؛ في مجال هذه الأنشطة وضع الإسلام حدّاً لا يتعلّق بنفس المرأة أو نشاطها؛ بل يرتبط بالاختلاط بين الرّجال والنّساء من جهة أنّ الإسلام حسّاسٌ في هذه المسألة. يؤمن الإسلام بأنّه يجب أن يكون للرّجال والنساء حدود بينهم في كلّ مكان – في الشّارع، في المكتب، في العمل – لذلك تمّ وضع الحجاب والحدود بين الرّجال والنّساء المسلمين. كما أنّ اختلاط الرّجال بالنّساء ليس كاختلاط الرجال ببعضهم أو النّساء ببعضهنّ؛ يجب أن يلاحظوا هذا، يجب أن يراعي ذلك كلٌّ من الرّجال والنّساء. إذا تمّت مراعاة حساسية الإسلام هذه للعلاقة ونوع الاختلاط بين الرّجال والنّساء، فإن كلّ الأعمال الّتي يمكن للرّجال القيام بها في السّاحة الاجتماعيّة، يمكن للمرأة أيضاً أن تفعلها، إذا كانت لديها القوّة الجسديّة والشّغف والفرصة لذلك[6].

التأثير المباشر لعلاقة الرجل مع المرأة في المجتمع في محيط العائلة

علاقة الرجل بالمرأة في الأسرة تكون بصورة معينة، وعلاقته بها في المجتمع بصورة أخرى، فإذا تحطمت الضوابط والحدود التي وضعها الإسلام حائلاً بين المرأة والرجل في المجتمع، تهدّمت معها الروابط الأسرية أيضاً.

إن الثقافة الإسلامية هي ثقافة عدم الاختلاط بين الرجل والمرأة، ومثل هذه الحياة تستطيع – برعاية الموازين العقلية – أن تحقّق السعادة وأن تتقدم بصورة صحيحة، وقد شدّد الإسلام عليها، وهو خلاف ما أراده وعمل له طلاب الشهوة، وإن أصحاب السلطة والمال والقدرة من رجالهم ونسائهم ومن تحت سلطتهم رغبوا في إزالة هذا الحاجز الموجود بين الرجل والمرأة، وطبعاً؛ هذا شيء يعود بالضرر على حياة المجتمع وعلى أخلاق المجتمع، وهدر لعفة المجتمع، والأسوأ من ذلك أنّه يهزّ أركان الأسرة[7].

وقد جعل الإسلام من هذه الغريزة الجنسيّة أساساً للأسرة؛ أي وسيلةً لتقوية الأسرة. ماذا يعني؟ أي عندما يكون الرّجل والمرأة عفيفين ومتديّنين ويتّقيان الله، ويكونان حسب الشّريعة الإسلاميّة يتجنّبان الخطيئة من باب الغريزة الجنسيّة، فمن الطّبيعي أن تزداد حاجة الرّجل والمرأة إلى بعضهما البعض في هذا الصّدد. عندما يحتاج كلٌّ منهما إلى الآخر أكثر، فإنّ هذا الهيكل الأسريّ، الّذي يعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على الرّجل والمرأة، سيكون أقوى[8].

إنَّكم عندما تكونون صالحين من الناحية الدينية، وطاهرين وعفيفين من الناحية الروحية، وذاكرين لله، وتشعرون شعوراً حقيقياً بوجودكم في محضر الله تعالى، فسوف يكون وجودكم في أي مجال كنتم؛ سواء في الجامعة، أو مكان العمل، أو البيت، أو العائلة والأقرباء له تأثير نوراني[9].


  • [1].  بيانات سماحته أمام مجموعة من النساء بتاريخ 27-4-1998م
  • [2].  بيانات سماحته أمام مجموعة من النساء بتاريخ 16-1-1990م
  • [3].  بيانات سماحته أمام مجموعة من النساء بتاريخ 16-12-1992م
  • [4].  نفس المصدر
  • [5].  بيانات سماحته أمام مجموعة من النساء بتاريخ 22-10-1997م
  • [6].  بيانات سماحته أمام مجموعة من نساء منطقة خوزستان بتاريخ 10-3-1997م
  • [7].  بيانات سماحته أمام مجموعة من الممرضات بتاريخ 20-10-1994م
  • [8].  بيانات سماحته أثناء قراءة عقد الزواج بتاريخ 28-2-2002م
  • [9].  بيانات سماحته أمام النخب الشباب بتاريخ 16-9-2006م
المصدر
كتاب الثوري الأمثل في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟