مواضيع

وظائف مدراء المؤسسات تجاه الناس

أولاً: الحرص، الاحترام والتكريم

كان أمير المؤمنين (ع) مثالاً يُحتذى به من قبل كل مسؤولي قطاعات الدولة، والآن يتواجد بينكم بعض مسؤولي الدولة، فأينما كانوا ومهما كان تنوع مسؤولياتهم يجب عليهم إنجاز عمل الناس بكل حرص ومحبة، كما عليهم أن ينجزوها من منطلق الخدمة لا المنّة، ولا يستقلّوا قدر أي مراجع لدوائرهم، بل يكون الهدف هو الخدمة فقط وتقديم العون، إن حفظ النفس عن الحرام والعين عن الحرام، واللسان عن الحرام، والابتعاد عن المال الحرام وحفظ القلب من التلوث من أصعب الأمور التي يجب علينا السعي إلى تحقيقها؛ فإن أمير المؤمین (ع) قد أدى جهده في سبيل إحياء قلوب البشر.[1]

ثانياً: الاهتمام بالتقارير

يجب علينا أن نهتم بما يرفع إلينا من تقارير ونرتب عليها الأثر اللازم، يجب على الإنسان أن يمتلك وعياً كافياً يمكنه من استشمام الحق من خلال التقارير التي ترفع له، وهذا أقل ما هو مطلوب منا.[2]

ثالثاً: ترك المنة

يجب على الإنسان أن ينطلق من مبدأ خدمة الناس والآخرين في التعامل معهم، وبالأخص فيما يتعلق بالأمور الإدارية والمؤسساتية، فما يفعله الشخص للناس إنما هو خدمة منه لا بُدّ من تقديمها، فهي وظيفته التي برقبته لا منّة على أحد، يقول أمير المؤمنین (ع) في كتابه إلى مالك الأشتر: «وإياك والمنّ على رعيتك بإحسانك»..«فإن المنّ يبطل الإحسان»، فقد يمدح الإنسان أحياناً غيره من خلال تضخيم الأعمال والخدمات التي قدمها للآخرين، وهي صفة مذمومة جداً، كما قد يلجأ إلى مدح نفسه وهو أمر معيب خلقياً، لذلك يكمل أمير المؤمنين (ع) بالقول: «أو التزيد فيما كان من فعلك».

ومن الأمور المهمة الأخرى التي لا بُدّ من الإشارة إليها هي الوفاء بالوعود التي تُعطى للناس، فمن أعطى وعداً عليه أن يفي به ويسعی جاهداً لتنفيذه إلا إذا كان الأمر خارجاً عن يده،…«الخُلفَ يوجب المقت عند الله والناس».[3]

رابعاً: تقبل النقد

يجب على الإنسان أن يرسخ في ذاته فكرة تقبل النقد وتحمل الآخر، وهذا الكلام متوجه بالدرجة الأولى إلى مسؤولي الدولة.

إن ترسيخ هذه الصفة في النفس صعب جداً ولكن لا بُدّ من تقبل هذا الأمر بصدر رحب، وقد ورد في الحديث: أن «آلة الرئاسة سعة الصدر»[4]، كما أنه ليس المراد هو المناصب العليا فقط، بل كل من يسعى ليتسنم مقاماً إدارياً يجب عليه أن يتحلى بذلك[5]، فهذا في الواقع يصب في مصلحته.

وهذا طبعاً بخلاف النقد الهدام الذي لا يكون بقصد الإصلاح، وهذا أمر جليّ وواضح، فعلى سبيل المثال: انظروا إلى الانتقادات التي تبث في الصحف والمجلات، وعشرات الإذاعات والبرامج التلفزيونية، فنجد فيها الخبيث والطيب والغث والسمين، ناهيكم عن تضخيم الأشياء الصغيرة وخلق الوقائع الافتراضية.

إن النقد البناء هو كمصلح يسعى إلى خير المجتمع ولا يصدر إلا عن صديق أو حریص، ولا بُدّ أن يؤخذ بعين الاعتبار، إذ لعلنا توصّلنا من خلاله إلى أمر كان مخفياً عنا، مع عدم إغفال أن يكون الناقد قد اشتبه بنقده، من هنا كان لزاماً علينا أن نتقبل النقد بصدر رحب.[6]

إذا أردنا أن ندفع الأخطاء عن أنفسنا أو أن نقللها بالقدر الممكن فعلينا أن نتقبل نقد الحرصاء من المخلصين فهي أحد طرق السلامة والنجاة. ولا يخلو هذا الأمر من المغرضين الذين يخلطون الأمور على الناس من خلال حرب نفسية مبرمجة أو من خلال الكذب والتلفيق أيضاً؛ ولكن في قبالهم البعض الذين لا ينطلقون من منطلق العناد والعداء وإن كان لحن کلامهم فظاً غليظاً ولكن في الواقع لا يجب علينا أن نتحرّج منهم بل نتقبل نصحهم ونقدهم بسعة صدر، فلو طبقنا ذلك فإن ثماره سترد إلينا.[7]


  • [1]– لقاء سماحته مع مسؤولين النظام بمناسبة يوم المبعث الشريف بتاريخ 20-1-1372هـ ش
  • [2]– لقاء سماحته مع رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة بمناسبة أسبوع الدولة بتاريخ 3-6-1370هـ ش
  • [3]– لقاء سماحته مع أعضاء مجلس الوزراء بتاريخ 17-7-1384هـ ش
  • [4]– نهج البلاغة، حكمة 176
  • [5]– كلمة سماحته مع أعضاء الحكومة بتاريخ 8-6-1389هـ ش
  • [6]– لقاء سماحته مع أعضاء مجلس الوزراء بتاريخ 18-6-1388هـ ش
  • [7]– لقاء سماحته مع أعضاء مجلس الوزراء بتاريخ 17-7-1384هـ ش
المصدر
العمل المؤسساتي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟