مواضيع

  الشجاعة في الفهم


إذا افتُقدَت الشجاعة فسيقع الخلل حتى في الفهم؛ وفي الوعي الواضح للمقدمات الكبرى والصغرى. أحياناً يفهم الإنسان المقدمة الكبرى بصورة صحيحة لكنّه يخطئ في الصغرى، هذا الوعي الصحيح لمباني الدين وللموضوعات الدينيّة وللموضوعات الخارجيّة المطابقة للمفاهيم الكليّة والعامة – أي المقدمات الكبرى والصغرى – يحتاج لأن نكون شجعاناً ولا نخاف؛ وإلّا فالخوف على أموالنا، وعلى أرواحنا، وعلى سمعتنا، والانفعال أمام الأعداء، والخوف من الأجواء ومن المحيط يسيطر علينا؛ إذا قلنا كذا فسوف يتكتّلون ضدّنا، وإذا قلنا كذا فسوف يصموننا بالوصمة الفلانيّة، هذه المخاوف تزعزع فهم الإنسان وتصيبه بالخلل. أحياناً لا يفهم الإنسان شكل القضيّة بصورةٍ صحيحة ويعجز عن معالجتها بسبب هذه المخاوف والمسايرة، وبذلك يقع في الخطأ؛ من هنا كان شعار «ولا يخشون أحدًا إلّا الله» مهمّاً جداً. في هذه الآية الشريفة <الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا>[1] يتّضح أنّ شرط البلاغ والإبلاغ والتبليغ هوعدم الخوف والخشية. <وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ> قد تقول: يا سيدي، لو فعلت هذا فقد يتم خداعي في هذا العالم؛ طيّب <وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا> اتركوا الحسابات على الله ودعوه هو تعالى يحسب لكم، إذا جعلنا خوف أحكام الناس وأقوالهم محلّ الخوف من الله فسوف نتعرّض لمشاكل، لأنّ الخوف من الله تعالى هو التقوى، وإذا نبذناه جانباً وأحللنا محلّه الخوف من النّاس عندئذٍ لن يحصل الفرقان الذي تحدّث الله تعالى عنه: <إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا>[2] هذا الفرقان ناتج عن التقوى، من ثمرات التقوى تجلّي الحقيقة للإنسان، وأعتقد أنّ هذه المسألة على جانبٍ كبير من الأهميّة، مسألة الخشية على المال والأرواح والخوف من كلام الناس والخوف على السمعة والخوف من الهمس والأقاويل والتهم وما إلى ذلك، هذه القضيّة مهمّة إلى درجة أنّ الله تعالى يخاطب رسوله ويحذّره: <وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ>[3] يجب عدم الاهتمام لكلام الناس والتهم التي سيطلقونها وما سيفعلونه <وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ>.[4]


  • -[1]الأحزاب: 39
  • [2] الأنفال: 29
  • [3] الأحزاب: 37
  • [4] 24-9-2009م
المصدر
كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟