مواضيع

إثبات الإسلام المحمدي الأصيل ونفي الإسلام الأمريكي

إنّ أساس النقاط وأولى مبادئ الإمام وآرائه هي الإسلام المحمدي الأصيل؛ أي الإسلام المناهض للظلم، الإسلام المتطلع للعدالة، الإسلام الجهادي، الإسلام المدافع عن المحرومين، الإسلام المدافع عن حقوق البائسين والمضطهدين والمستضعفين. وفي قبال هذا الإسلام أدخل الإمام مصطلح «الإسلام الأمريكي» في ثقافتنا السياسية. الإسلام الأمريكي هو إسلام المجاملات، الإسلام الذي يتخذ موقف اللامبالاة حيال الظلم والأطماع، الإسلام الذي لا يبالي بالعدوان على المظلومين، الإسلام الذي يدعم الجائرين، الإسلام الذي يعين الأقوياء، الإسلام الذي ينسجم مع كل هذه الأمور. هذا الإسلام هو الذي سماه الإمام بـ«الإسلام الأمريكي».[1]

الإسلام الأمريكي ليس فقط ما ترضاه أمريكا. أي شيء خارج نطاق هذا الإسلام الأصيل: الإسلام الملكي أيضاً إسلام أمريكي، والإسلام الانتقائي أيضاً إسلام أمريكي، الإسلام الرأسمالي كذلك إسلام أمريكي، والإسلام الاشتراكي أيضاً إسلام أمريكي، أنواع الإسلام التي تعرض بأشكال وألوان مختلفة ولا تتوفر فيها تلك العناصر الرئيسية كلها على الضد من الإسلام الأصيل، وهي في الحقيقة إسلام أمريكي. يلاحظ الإنسان في هذه المعارضات التي شنت ضد النظام طوال الثلاثين عاماً الماضية حضور ونشاط هذه الأنواع من الإسلام. فقد كان هناك الإسلام الانتقائي، وكان هناك الإسلام الملكي، وكذلك الإسلام الاشتراكي، ومختلف أنواع الإسلام في مواجهة نظام الجمهورية الإسلامية.[2]

إسلام وعاظ السلاطين ورجال دين البلاط -وقد كان الإمام الخميني يسمّيهم بهذه التسمية دوماً- وإسلام داعش، وبالمقابل إسلام عدم الاكتراث لجرائم الصهيونية وجرائم أمريكا، والإسلام المسمّر الأعين على أمريكا والقوى الكبرى وعلى إشارات أمريكا، هذه كلها تبنع من منبع واحد وتصل كلها إلى محطة واحدة، وهي كلها مرفوضة في رأي الإمام الخميني.

الإسلام الذي يطرحه الإمام الخميني يقف على الضدّ من هذه كلها. التابع للإمام الخميني والسائر على نهجه يجب أن تكون له حدوده الفاصلة عن الإسلام المتحجر وكذلك عن الإسلام العلماني، وأن يشخص الإسلام الأصيل ويتبعه، هذا أحد مبادئ الإمام الخميني. وهذا ليس بالشيء الذي ذكره الإمام الخميني لمرة واحدة، إنما هو مبثوث منتشر في كل كلماته.[3]

إنّ الهدف الرئيسي الذي كان يتطلع إليه إمامنا العظيم الشأن هو تطبيق الإسلام الأصيل؛ ولا ينحصر تطبيقه في عصر الجمهورية الإسلامية فقط؛ غاية الأمر لا يمكن تطبيق الإسلام الأصيل إلا بسيادة الإسلام وتشكيل نظام إسلامي. فلو لم يكن النظام السياسي للبلد على أسس الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي، فلا يمكن للإسلام أن يواجه الظالمين في العالم، والمستبدين في المجتمع مواجهة حقيقية وواقعية. لهذا كان أوجب الواجبات عند الإمام هو صيانة الجمهورية الإسلامية والدفاع عنها. أقول أوجب الواجبات، لا من أوجب الواجبات. فأوجب الواجبات صيانة الجمهورية الإسلامية؛ لأن صيانة الإسلام -بالمعنى الحقيقي للكلمة- يعتمد على صيانة النظام السياسي الإسلامي. ولا يمكن ذلك بدون النظام السياسي.

كان الإمام يعتبر أن الجمهورية الإسلامية مظهر حاكمية الإسلام. ومن أجل ذلك كان الإمام يتابع الجمهورية الإسلامية، وبذل كل ذلك السعي في سبيل هذا الطريق، وقام بتلك الصلابة والحزم والقوة وصمد من أجل الجمهورية الإسلامية. فلم يكن الإمام يطلب السلطة لأغراضه الشخصية؛ لم يكن الإمام بصدد الوصول إلى القوة. فالقضية المهمة لدى الإمام هي قضية الإسلام؛ ولهذا صمد بكل صلابة من أجل الجمهورية الإسلامية. وهكذا قدّم الإمام هذا الأنموذج الجديد إلى العالم؛ أي نموذج الجمهورية الإسلامية.[4]

فالحقيقة الخالصة، والإسلام الخالص الذي كان سماحة الإمام الخميني يُركّز عليه إلى هذا الحد هو من أجل أن نُبلّغ هذا الزاد -الذي يغذّي الأفكار والعقول والقلوب- إلى الناس خالصاً نقياً لا تشوبه شائبة ولا يمازجه غش، وبعيداً عن الزوائد والنواقص التي أحدثتها فيه الأيدي الخائنة الأثيمة أو الغافلة الجاهلة، وهذه هي أكبر أمانة إلهية في أعناقنا <إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا>[5].

إنّ أكبر وأنفس وأغلى وأثمن أمانة وضعها الباري تعالى في رقابنا هي المعارف والحقائق الإلهية، وعلينا أن نتناولها خالصة نقيّة، وأقرب ما تكون للواقع وإبلاغها إلى المخاطبين، إلاّ أنّ ثمّة معوقات على هذا السبيل ومن جملتها التساهل.[6]


  • [1] نفس المصدر
  • [2] خطاب سماحته مع أعضاء مجلس الخبراء بتاريخ 24-9-2009م
  • [3] خاطب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2015م
  • [4] خطاب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2010م
  • [5] سورة النساء، الآية: 58.
  • [6] خطاب سماحته مع العلماء ومالبلغين في شهر رمضان المبارك بتاريخ 14-12-1998م
المصدر
كتاب الثورة الإسلامية في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟