اكتشافٌ ضروريّ!

عادةً (أو في أغلب الأحيان) يظنّ الناس أنّ تاريخ أمريكا بدأ منذ أن اكتشف كريستوف كولومبوس القارّة الأمريكيّة. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ تاريخ أمريكا لم يبدأ من هذه النقطة! فإنّه عندما داست قدم كولومبوس ذلك المكان كان يعيش على تلك الأرض ملايين النّاس وكانوا قد بنوا لأنفسهم مدن وحضارات بنحوٍ أفضل من أمريكا الحاليّة! ومن يصعب عليهم تصديق الأمر، فليذهبوا ويبحثوا حول حضارات المايا، الآزتك والإينكا ليعرفوا حقيقة هذا الأمر.

لكن، ما السّرّ الّذي جعل الجميع يعتبرون أنّ الأوروبيّين هم من اكتشفوا أرض الهنود الحُمر؟! الله أعلم! هل التفتّم أنّنا عندما نقول بأنّ كريستوف كولومبوس اكتشف أمريكا، فإنّ كلامنا هذا يعني أنّ الملايين من الكائنات المتحضّرة التي عاشت في تلك الأرض لآلاف السنين لم تكن بشراً؟! فلتنظروا إلى المسألة بشكل منطقي. إنّ مكتشف أمريكا هو أوّل إنسان وصل إلى تلك الأرض. طبعاً، أستبعد أن يكون هناك من يعرف اسم ذاك الإنسان! ولكنّ الأوروبيّين ولأسباب ترتبط بحقوق الإنسان والديمقراطيّة أراحوا ملايين الناس الذين رأوا أمريكا قبل كولومبوس ورفاقه، وعاشوا فيها وعرفوا كلّ حجرٍ ونذر، من مسؤولية ثقيلة، وهي أن يكونوا بشراً! وفي النتيجة، وعندما لا نعتبر من عاشوا قبل كولومبوس في أمريكا بشرا، فسنُجبَر على تقديم كريستوف كولومبوس على أنّه مكتشف تلك الأرض «الجديدة»! يمكنكم أن لا تكترثوا للكلام الذي يتكلّمون به وراء ظهر كولومبوس! كلام من قبيل أنّ كولومبوس كان متشاجراً مع زوجته، وبعد أن غضب واغتاظ توجّه بعدّة سفن وابتعد وابتعد حتى اكتشف أمريكا، أو أنّ كولومبوس كان مخلوقاً طمّاعاً عابدا للمال وقام بهذا الاكتشاف لكي يملأ جيوبه بالمال.

ولكنّ حقيقة الأمر هي أنّ كولومبوس كان قد أدرك أنّ العالم ناقصٌ دون وجود أمريكا.

وحيث أنّه كان عاطلاً عن العمل (بعضهم يقولون أنّه كان في السجن وادّعى البطالة والجلوس في المنزل ليصون ماء وجهه) جلس وأخذ ينظر إلى خرائط العالم الّتي كانت موجودة آنذاك، ظلّ ينظر وينظر إلى أن توصّل إلى هذه النتيجة: «وهل يُمكن أن يكون للعالم وجودٌ دون أمريكا؟!» وحدّث نفسه: «يا رجل! هيا انهض! هزّ نفسك قليلا! إنّ البشر والمستقبل ينتظرون اكتشافك!» ثمّ قام بضربة خاطفة وانطلق نحو ملكة إسبانيا. اقترض عدداً من السّفن والقباطنة وانطلق مبحرا نحو الغرب. أنا لا أعلم لمَ قال البعض أنّه كان يسعى للعثور على طريقٍ جديد تؤدّي إلى الهند؟ فالإنسان العاقل يذهب ويكتشف عالماً جديداً ويفرح بإنجازه عوضا عن أن يحاول العثور على طريقٍ جديد يؤدّي إلى الهند!