مواضيع

المدد الإلهي العظيم

<قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ>

وأمام هذا التخوف الذي سرى في نفس موسى الكليم (عليه السلام) رغم أنه كان آنياً وخفيفاً وسطحياً لا يعبأ به، فقد جاءه المدد الإلهي العظيم، وخاطبه رب العزة والجلال، فقال تثبيتاً له وتطميناً وتأييداً: <لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَىٰ>[1] أي: لا تخف ولا تستعظم ما جاء به السحرة، فإن ما معك أجل وأعظم، وسيظهر الفرق جلياً للناظرين بين ما جاءوا به من السحر وما جئت به من الحقيقة، فلا تخف من أن يلتبس الأمر على الناس، فسوف يظهر الحق جلياً للعيان وتدركه عقول جميع الناظرين، وستكون أنت المستعلي على السحرة والذي جاء بهم لمبارزتك بالظفر والغلبة، وتقهرهم بالتأكيد في حقيقة الأمر وفي نظر المشاهدين، وسيعرف السحرة أنفسهم وهم أصحاب الفن والحجة في المقام، بأنك الصادق الأمين، والرسول الكريم، وسيخضعون لك ويتبعونك؛ لأنك المحق وهم المبطلون، وسيعلمون أن ما عندك حقيقة فعلية عظيمة تقف وراءها قوة مطلقة فوق الطبيعة وفوق الإنسان، وما عندهم مجرد تمويه وخداع ولا حقيقة له، وسيُظهِرون أن فرعون الطاغية قد أكرههم على السحر والكذب والافتراء وابتزهم وسخّرهم وسخّر علمهم ومهاراتهم لسلطته وأغراضه الخاصة الأنانية، واعلم أن معك الله (عز وجل) <إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ>[2] وهو القادر على كل شيء، ومعهم فرعون الضعيف العاجز الذي لا يملك لنفسه أو لغيره نفعاً ولاضراً، أي: أن الله (عز وجل) طمأن نبيه الكريم موسى الكليم (عليه السلام) بأن إعطاء السحرة فرصة البدء لن يعيق إزالة ما يعلق في أنفس الجماهير وعموم المشاهدين من تأثير ما جاء به السحرة من عظيم الفن والكيد وتقدم السحر لديهم، فقد ضمن الله (عز وجل) لموسى الكليم (عليه السلام) التفوق على السحرة من جميع الجهات، وطمأنه بأن فرعون سوف يفشل في تحقيق أهدافه ولن ينال ما يريد وسوف يصاب بالخيبة والخسران في نهاية الأمر.


المصادر والمراجع

المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك - الجزء الثاني | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟