مواضيع

مضار اختيار الإمام الحسن(ع) للحرب

نعم، كان بإمكان الإمام الحسن(ع) القيام بعملٍ يتناسب مع فهم الناس الأوّلي؛ فهو من أبناء بني هاشم، الذين قال عنهم الإمام السجّاد(ع) أن سجّيتهم الموت؛ الموت الشريف[1]، هم أولئك الذين فُتحت لهم أبواب الشّهادة ومستعدون لفداء الدين ومدرسة الإسلام بأرواحهم. الإمام المجتبى(ع) بهذا التاريخ العائلي -إن لم نعتبره تاريخًا فكريًا- كان من الممكن أن يُقترح عليه اقتراح في البداية: لماذا لم تذهب أنت مع هذه الثّلة القليلة لتُقاتل وتُقتل، لتستشهدوا وتكون الشهادة فخراً لكم كما كانت لأخيك الحسين(ع)؟

هذا السؤال مطروحٌ في ذهن غالبية الأشخاص الذين يُناقشون هذه النقطة من قضية صلح الإمام الحسن، نعم هذا عملٌ حماسيّ. لو ذهب الإمام المجتبى إلى ميدان الحرب وأشعل حرباً ضاريةً في ذلك اليوم وقُتل هو وأصحابه وسالت دماءهم، لكان من الممكن أن ينظر عشرة أشخاصٍ أو عشرون شخصاً أو مائة شخصٍ بل وحتى ألف شخصٍ بإعجابٍ إلى هذه الحادثة ويمدحون فعل الإمام، لكن هذا العمل كان بمنزلة القضاء على مدرسة الإسلام بشكلٍ كامل.

لو قُتل الإمام الحسن(ع) في تلك الحرب، لكان ذلك يعني انفصال الإسلام عن المجتمع البشري إلى الأبد. نعم، كان هذا الأمر سيُشعر البعض بالفخر ويحصل الإمام على تقدير واحترام مجموعة من الناس في ذلك الزمان القريب، لكن الإمام الحسن(ع) تصرّف بشجاعة، وتنازل عن التقدير والاحترام الذي كان البعض سيكنّه له في ذلك اليوم، أو كان التاريخ سيسجّله له بشكلٍ ما، مثلاً يقرأ أحد الباحثين اسمه في أحد الكتب في زاوية من المكتبة ويقدّره، أو يشعر باحترامٍ له؛ لقد تنازل الإمام الحسن(ع) عن هذا الاحترام والتقدير، وتحمّل سباب أصدقائه وشتائمهم، واعتراض أنصاره المقرّبين، وتحمّل نظرة الأجيال المعوجّة حول الحادثة التي توالت عبر سنين، ودفع ذلك ثمناً لحفظ الإسلام وحفظ الدين.


  • [1] الفتوح، ج5، ص123؛ اللهوف؛ بحار الأنوار، ج45، ص117.
المصدر
كتاب صلح الإمام الحسن (ع) | الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟