مواضيع

تذكير قومه بنبوة يوسف الصديق(ع) ورسالته

<وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ 34 الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ>

بعد أن خاطب مؤمن آل فرعون وجدان قومه وخوفهم من عواقب كفرهم وتكذيبهم لموسى الكليم(ع) في الدارين الدنيا والآخرة، خاطب عقولهم خطاباً منطقياً محكماً مستفيداً من التجربة التاريخية لهم بغية محو الصدأ وآثار الكفر السوداء عن صفحة قلوبهم؛ كي تذعن للحق المبين وتسلم لرب العالمين وتصدق الأنبياء والمرسلين الناصحين(عليهم السلام) وتتبعهم وتترك العناد والتكبر والطغيان، فبيّن لهم بأن الدعوة التي جاء بها موسى الكليم(ع) ليست بدعاً في التاريخ والحضارة المصرية العريقة، واستشهد بنبوة يوسف الصديق(ع) ورسالته الذي هو واحد من أجداد موسى الكليم(ع) ولا يبعد عنهم تاريخياً بزمن طويل، ولا تزال أواصر الارتباط الذهني قائمة بينهم وبينه، فقال: <وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ 34 الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ>[1].

ولقد: الواو للقسم، والمعنى: وأقسم لقد جاءكم من قبل يوسف الصديق عزيز مصر بالمعجزات الباهرات والبينات الواضحات الدالة على صدق نبوته ورسالته، ودعاكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وطاعته، وأنقذ شعب مصر من كارثة محققة بحسن تدبيره، فالتجربة والمنطق يدلان على صدقه بما لا يدع مجالاً للشك والريب والتردد، ومع ذلك حصل الارتياب في صدقه والإعراض عن رسالته ما دام حياً، ليس بسبب صعوبة دعوته وعدم وضوحها أو لغموض فيها أو عدم وجود الأدلة الكافية على صدقها، ولكن بسبب غرورهم وسوء طبعهم وعنادهم واستكبارهم على الحق وأهله، ولكي يعطوا لأنفسهم الذرائع والمبررات ليتنصلوا من المسؤولية وترك العمل بالتكليف الإلهي جرياً منهم وراء الأهواء الشيطانية والرغبات والشهوات الحيوانية والمصالح الدنيوية العاجلة التي لا يريدون التفريط فيها ولو كان ذلك على حساب الحقيقة والفضيلة وكافة القيم والمبادئ السامية.

ولما توفى الله(عز وجل) يوسف الصديق(ع) وانقضت أيام حياته ازداد الشرك والشكوك، إذ ضموا إلى تكذيب رسالته التكذيب برسالات الرسل بعد وفاته، إذ قالوا: <لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً>[2] ويومئ هذا التعبير إلى أنهم قد فرحوا بموت يوسف الصديق وعزيز مصر(ع) لأنهم ظنوا بأنهم قد تحرروا بموته من التكليف الإلهي، وهذا هو عين الضلال لأنه خلاف المنطق والحكمة الإلهية، فالمنطق السليم يقتضي متابعة الدليل، والشك في صدق نبوة يوسف الصديق(ع) مخالف للدليل فهو مخالف للعقل والمنطق وهو مخالف للحكمة الإلهية، ولا يليق وصف الله سبحانه وتعالى به لأن الله تبارك وتعالى خلق الموجودات كلها وتكفل بهدايتها وإيصالها إلى غاية وجودها ولا يمكن أن يتركها سدى.

قول الله تعالى: <قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى>[3] وهذا يشمل الإنسان وغيره. وهداية الإنسان تتطلب بعث الأنبياء وإرسال الرسل الكرام(عليهم السلام) وإنزال الكتب، حيث يتميز الإنسان بالعقل والاختيار وبذلك صارت لديه قابلية الصعود في مدارج الكمال وبلوغ القمة في الخير والصلاح والعطاء إن عمل وفق مقتضيات العقل والفكر، وقابلية الهبوط إلى حضيض الشيطنة والحيوانية وبلوغ الذروة في الهمجية والرذيلة والفساد إن أطلق العنان للهوى والشهوات، وصار مؤهلاً للتكليف وتحمل المسؤلية الدينية والمدنية إلا أن العقل وحده لا يكفي لمعرفة الإنسان جميع ما يلزمه للوصول إلى كماله التربوي والحضاري وتحقيق سعادته في الدارين الدنيا والآخرة، لهذا تكفل الله تبارك وتعالى بلطفه ورحمته بإرسال الرسل الكرام(عليهم السلام)، وإنزال الكتب السماوية مثل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم لهداية الإنسان سبيل الرشاد، وتعريفه ما فيه خيره وصلاحه، ونظم أمره على الوجه الأكمل في الدين والدنيا؛ لأنه العالم والمحيط وحده بجميع ذلك.

ودعم الرسل بالمعجزات الباهرات والبينات الواضحات التي تثبت صدقهم بما لا يدع مجالاً للشك ويلزم الناس بالإذعان لهم بالطاعة والامتثال، ولولا إرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية لكان خلق الإنسان عبثاً ومخالفاً للحكمة الإلهية البالغة ولا يليق بالله سبحانة وتعالى؛ لأن الناتج: إنطلاق الإنسان في الفساد والجريمة بدون رادع ولا وازع مما يؤدي إلى الهمجية والرذيلة والشقاء مطلقاً.

كما أن حاجة الإنسان إلى الرسل تتطلب تجديد الرسالات كلما اختلفت الأوضاع، بحيث تتناسب الرسالة السماوية دائماً مع مستجدات الأوضاع والتطورات الحضارية وإلا فقدت قيمتها ووظيفتها في الحياة ولما انتهى الأمر إلى الرسالة المحمدية الخاتمة، فقد تكفل الله(عز وجل) بحفظ الكتاب الإلهي المنزل (القرآن) من التحريف وأن لا تخلو الأرض من حجة من الأوصياء الهادين المهديين(عليهم السلام) ما بقيت حياة الإنسان على وجه الأرض.

وعليه: فإن قولهم <لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً>[4] أي بعد يوسف الصديق(ع) يدل على عدم المعرفة بالله ذي الجلال والإكرام حق المعرفة <وَما قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدرِهِ إِذ قالوا ما أَنزَلَ اللَّـهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيءٍ>[5] لأن من عرف أن الله سبحانه وتعالى حكيم ورحيم بعباده، وأنه لم يخلقهم عبثاً بل خلقهم لغاية حكيمة، وأنهم إليه راجعون للحساب والجزاء ضرورة، يلزمه اليقين عقلاً بأن الله(عز وجل) يبعث إلى الناس أنبياءً ورسلاً لهدايتهم وإرشادهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم وسعادتهم في الدارين الدنيا والآخرة من المعارف الإلهية الحقة، والأخلاق الفاضلة الجميلة والشرائع المنظمة لأحوال الأفراد والمجتمع التربوية والحضارية على الوجه الأكمل.

وبدون ذلك ينقص هدف الخلقة، وهو مخالف للحكمة الإلهية البالغة، وأيضاً: في إنكار الوحي والرسالات الإلهية، حط لمنزلة الربوبية الحقة، وقدح في الحكمة الإليهة، ونفي لأعظم منة إلهية على الإنسان، ووصف لله سبحانه وتعالى بما لا يليق وما هو على خلاف العظمة والرحمة واللطف بعباده.

وفي سلسلة الرسالات الربانية الهادية والإلهية المستمرة إلى الناس، جاءكم موسى الكليم(ع) بالمعجزات الباهرات والبينات الواضحات التي تدل على صدق نبوته ورسالته وأنها من عند الله رب العالمين بما لا يدع لأحد مجالاً للشك والريب والتردد، مما يثبت خطأ ما ذهب إليه آباؤكم من قبل، إذ قالوا لن يبعث الله من بعده رسولا، أي بعد يوسف الصديق(ع)، ومن المؤسف جداً أنكم وقفتم في نبوة موسى الكليم(ع) ورسالته كما وقف آباؤكم من قبل في نبوة يوسف الصديق ورسالته، وكررتم نفس الخطأ الذي أخطأه آباؤكم وعلى نفس الأساس المَرَضِي المخالف للعقل والمنطق والفطرة، ولنفس الفرض السخيف وهو المحافظة على دين الآباء والأجداد وعدم التفريط في المصالح الدنيوية العاجلة.

فسلكتم بذلك نفس مسلكهم وهو الإسراف والمبالغة في المعاصي والتعدي على الحق والفضيلة، وتركتم سبيل البحث في أدلة النبوة والرسالة، وخالفتم العقل الذي تميز به الإنسان ومنطقه، مما تسبب في حرمانكم من اللطف الإلهي، فلم تشملكم الرحمة الإلهية وأنوار الهداية الربانية، فسرتم في وادي الجهل والغي والضلال، وبقيت قلوبكم سوداء مظلمة محجوبة عن شعاع الهداية والفضيلة في ظل حكومة الطاغوت وفسادها، وهو عينه خذلان الله(عز وجل) للإنسان وإضلاله الذي ينتهي بهلاكه وشقائه في الدارين الدنيا والآخرة.

فإن الله (جل جلاله) لا يهدي كل من هو مسرف في المعاصي مكثر منها، ومتمادٍ في تجاوز الحق وحد الاعتدال إلى الباطل والتطرف، ومرتاب من الدين الحق وكثير الشك وبشكل مرضي وعلى غير أساس صحيح وبدون حجة صحيحة أو دليل مستقيم فيما تشهد به المعجزات الباهرات والبينات الواضحات من وحدانية لله سبحانه وتعالى ووعده ووعيده وسائر الحقائق الإلهية وسواها، وذلك: لغلبة الوهم والتعصب والانهماك في التقليد الأعمى وتعطيل العقل والتجربة، وهذا هو وصفهم الحقيقي ووصفكم ما لم تتوبوا وتتراجعوا عما أنتم عليه من الكفر والتكذيب ونحوهما، ومن كان هذا وصفه الحقيقي فإن الله(عز وجل) لا يهديه ولا يوفقه إلى الخير لأنه لا يليق إليه، حيث رد الحق بالباطل ورفض الحق بعد أن وصل إليه وعرفه، وخرج عن عالم الفضيلة فهو لا يستحق إلا الخذلان وأن يخليه الله (جل جلاله) هو وما اختاره لنفسه ويضله.

وهنا يجب التمييز بين الشك المنهجي الذي هو السبيل إلى اليقين، ومعناه: أن يضع العالم أو الباحث عن الحقيقة المعلومة التي يحصل عليها موضع الشك حتى يحصل له اليقين بها عن طريق الدليل القاطع، فلا يقبل أمراً على أنه حق إلا إذا عرف أنه حق بدليل واضح قطعي إلى درجة تمنعه من وضعه موضع الشك أو الريب والظن، وهو شك: نظري ومؤقت ولا ينطبق على الحياة العملية والذي يقابله الشك المرضي، ويسمى جنون أو داء الشك وهو: اضطراب عقلي مصحوب بالعجز عن ترجيج أحد الحكمين النفي أو الإثبات مهما تكن أماراتهما واضحة وقاطعة، فيضع جميع المعلومات النظرية والعملية موضع الشك حتى بعد قيام الدليل الصحيح القاطع عليها، ويشمل: المبالغة في اجترار المسائل الفكرية الفلسفية والعقائدية المتعارضة أو المختلف فيها، والمبالغة في القلق والتوهم وسوء الظن في المسائل والقضايا العملية، والميل إلى البحث في الأسباب والمسائل والقضايا التافهة، والدخول في الجدل السلبي العقيم أو غير المنتج ونحو ذلك، مما يفسد منطق الإنسان وفطرته ويضل الإنسان عن الصراط السوي في الحياة، ويهدم بنيان المعرفة والأخلاق والحضارة، ومن يبتلى بهذا النوع من الشك فهو مريض القلب والروح ويكون مضراً كثيراً بالمجتمع بعيداً كل البعد عن الهداية الربانية؛ لأنه غير لائق بها كما سبق بيانه.

وهؤلاء المرضى الضالون: بسبب أمراضهم القلبية والروحية وإسرافهم في الشك والمعاصي، يرفضون آيات الله تبارك وتعالى وبيناته الواضحة وحججه القاطعة التي بينت الحق والباطل وفصلت بينهما وصارت في ظهورها ودلالاتها بمنزلة الشمس في رابعة النهار للبصر، ليبطلوها بغير حجة واضحة ولا برهان صحيح وعلى خلاف المنطق والفطرة والطبع السليم، وإنما بالاعتماد على الشبهات والمغالطات والأهواء الشيطانية المغرضة والرغبات والشهوات الحيوانية والوساوس المضلة الواهية والتقليد الأعمى للآباء والأجداد ونحو ذلك من عوامل الضلال والإضلال، بغية الاستمرار في رفع راية الجدل والمعارضة للحق بالباطل، وهذا وصف لازم لهم؛ لأن كل من يجادل في آيات الله تبارك وتعالى وبيناته ليبطلها، فإنه من المحال عقلاً أن يجد حجة صحيحة أو برهاناً سليماً يحقق به مراده، فالحق بما هو حق لا يعارضه دليل صحيح مطلقاً، وإلا لم يكن حقاً.

ثم يسعى هؤلاء المرضى ليصرفوا الآيات والبينات الإلهية إلى ما لا تحمله بحسب المنطق والطبع السليم من المعاني والمقاصد الباطلة بقصد الطعن فيها بغير حجة، لمجرد أنها تخالف أهواءهم الشيطانية المغرضة وشهواتهم الحيوانية الخسيسة.

ومقت الله (جل جلاله) والعباد الصالحين دليل على شناعة كل من مقتوه وما مقتوه، وقد قرن الله تعالى نفسه بالمؤمنين، تعظيماً لشأنهم.

ومن جهة ثانية: فإن كل مسرف في المعاصي ومصاب بمرض الشك في الحقائق والبينات، وبين الإسراف في المعاصي ومرض الشك في الحقائق والبينات صلة وثيقة، وإذ أن الإسراف في المعاصي واتباع الأهواء يؤدي إلى الوساوس والأوهام واستقرار الشك والارتياب في النفس، فلا يستقر صاحبها على علم ولا يطمئن إلى حجة أو دليل ولا يهتدي إلى حل أو ركن وثيق، والنتيجة: يجادل في الحق وفي آيات الله تبارك وتعالى بغير حجة أو برهان صحيح.

ويعتبر الجدل المرضي العقيم بغير علم ولا هدى بقصد رد الحق بالباطل في منتهى البغض عند الله سبحانه وتعالى الذي فطر الناس على قبول الحق؛ لأنه يتضمن التكذيب بالحق والتصديق بالباطل، وعند المؤمنين بما هم عقلاء سليمو الطبع والفطرة، فهم يكرهون أشد الكره من يعاند الحق ويجادل بالباطل، موافقة منهم لربهم (جل جلاله) ولما عليه صاحب الشك المرضي من الطبع السيء وفساد العقل والمنطق والفطرة، بحيث ينقض إنسانية الإنسان ويهدمهما، ولما يرومونه من إبطال الدعوة الإلهية المحقة والتلبيس على من يريد الإيمان والهداية، وما يترتب على ذلك من ضلال المجادلين أنفسهم وتنكبهم عن جادة الهداية والصراط المستقيم، وإضلال الآخرين وإغوائهم حيث تنطفئ أنوار الحق وتتقوى أسس ودعائم حاكمية الباطل، ويظهر الفساد العظيم في الأرض مما ينقض غاية وجود الإنسان ويخالف مقتضى الحكمة الإلهية البالغة والرحمة واللطف الإلهي.

وعلى هذا النحو من سوء الطبع وعمى القلب وفساد المنطق يختم الله(عز وجل) على قلب كل متكبر في نفسه على الحق برده، وعلى العباد لا سيما الفقراء والمستضعفين باحتقارهم، ومتجبر بكثرة ظلمه وعدوانه وإصراره على إظهار الفساد في المجتمع وفي مختلف مظاهر الحياة مثل فرعون وغيره من الطواغيت والحكام المستبدين الظلمة والمترفين الأنانيين المستعلين، فلا ينفعه حجة ولا يركن إلى دليل أو برهان صحيح ولا يهتدي إلى خير أبداً؛ لأن العناد والتعصب الأعمى والتكبر والتجبر تشكل امتيازاً تحجب فكر الإنسان عن إدراك الحقيقة ويسلب منه روح طلب الحقيقة وقابلية التشخيص الصحيح وفيتحول القلب إلى إناء مغلق لا يمكن إفراغه من محتواه الفاسد وإدخال المحتوى الصحيح الهادي إليه.

وإسناد الله (جل جلاله) الطبع إلى نفسه، يعني جعل التكبر والتجبر سبباً لعمى القلب والضلال؛ لأن السبب لا يخلق المسبب وإنما يخلقه الله(عز وجل)، ولهذا يقدر الله(عز وجل) على تعطيل السببية، قول الله تعالى: <قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إبراهيم>[6] وهذا لا يعني إلغاء مبدأ أو قانون السببية بل هو موجود في جميع العوالم: عالم الطبيعة وعالم الغيب، ويجري التدبير فيها على أساسه وينتهي إلى سبب الأسباب أو العلة الأولى وهو الله سبحانه وتعالى، ولاتأثير لغيره من العلل إلا بإذنه ووفق مشيئته.


  • [1]. غافر: 34-35
  • [2]. غافر: 34
  • [3]. طه: 50
  • [4]. غافر: 34
  • [5]. الأنعام: 91
  • [6]. الأنبياء: 69
المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك – الجزء الثاني | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟