مواضيع

أفخر بامتلاك جوهرة مثل أمير شاه بسندي

إنّني أفخر لكوني كرمانيّاً، ولامتلاك جوهرة من أمثال «أمير شاه بسندي»[1] الذين كووا لحمه المتشقّق إثر


[1]– أيّ نوع من الجنود أنتم؟! كيف شاركتم في الحرب؟!

يقول أحمد يوسف زادة، مؤلّف كتاب «أولئك الثلاثة والعشرون فتى» حول كيفيّة تعذيب أمير شاه بسندي:

عام 1984 كانوا قد جمعوا حوال الأربعمئة أسير ممّن تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 21 سنة في معسكر بين القفصين، وقد كان عمري 20 سنة وكنت أحد الأسرى. كانوا يعذّبوننا تحت أيّ ذريعة ويضربوننا بالأسلاك والسياط ثمّ يدحرجوننا على التراب، ويسجنوننا، وكانوا يلقون بالإخوة في المجارير. كما أنّهم كانوا يبقوننا تحت أشعّة الشمس اللاهبة لساعات دون أن يسمحوا لنا بشرب الماء، إضافة إلى التعذيب الروحي لنا من قبيل منعنا من صلاة الجماعة، وإقامة الدعاء، وبثّهم للموسيقى المطربة والعربيّة وبشكل خاصّ في أوقات الصلاة …

في يوم من الأيام قال لنا العراقيّون ضمن إطار استعراضاتهم الدعائيّة، أن علينا أن ندرّبكم من الناحية العسكريّة. كان قد وصل نبأ من إيران، أنّ الجمهورية الإسلاميّة تأخذ الأسرى لديها إلى صلاة الجمعة. حتّى أنّ عدداً من الأسرى كانوا قد أعلنوا استعدادهم بأن يقوموا بعرض عسكريّ في الشارع مقابل صورة الإمام الخميني، وقد تمّ ذلك. كانت قد بدأت أيام التدريب العسكريّ للأسرى الإيرانيّين. في الأيام الأولى درّبونا على الإيعازات العسكريّة وأمثال هذه الأمور وقد كنّا نتقنها. عندما كانوا يقولون تأهب كانوا يتوقّعون أن نقوم جميعاً بضرب الأرض بأقدامنا في اللحظة نفسها. لقد كنّا نتعمّد رفع أرجلنا التي ترتدي نعالاً ممزّقة إلى الأعلى وضربها بالأرض بعد عدّة ثوانٍ من ضرب صديقنا لقدمه بالأرض، وكانت تصدر أصوات مزعجة. كان الضابط العراقي ينزعج جدّاً ويقول أيّ نوع من الجنود أنتم؟! وكيف شاركتم في الحرب؟! في يومٍ من الأيام ضقنا ذرعاً وتركنا الباحة وعدنا إلى الغرف. انزعج البعثيّون كثيراً. لقد اعتبروا تركنا للباحة عند عدّ الموجودين وعودتنا إلى الغرف مصداقاً للتمرّد وكان وقع ذلك قاسياً عليهم.

توقّعوا كم كان عمر أمير، 15 عاماً!

كان هناك ضابطٌ يُدعى النقيب محمّد وكان من البعثيّين الذين يفورون من الغضب بسرعة وكان قاسي القلب. أخبروه بنبأ تمرّدنا، وكان النقيب محمّد قد استيقظ للتوّ من النوم ودخل غرفنا مرتدياً نعله. كان رجلاً فظّاً وقاسي القلب. قبل دخوله كان أمير شاه بسندي قد ردّ على أحد البعثيّين الذي سأله لماذا فعلتم ذلك؟ قائلاً: نحن لا نرغب في أن تقوموا بتدريبنا. كانوا يبحثون عن من يخرجوه ويسلّموه للنقيب محمّد لكي يعذّبه. أخرجوا أمير، كان البعثيّون قد أمسكوا بيده لكي يأخذوه، وأمسكنا نحن بيده الأخرى وكان كلّ منا يشدّه لناحيته ولم نكن نسمح لهم بأن يأخذوه، لكنّهم نجحوا في ذلك في نهاية المطاف.

كنّا نعلم ما سيحلّ بأمير؛ لكن لم نكن نعلم إلى أيّ حدّ سيقومون بتعذيبه. كان المكان الذي يعذّبونه فيه فارغاً وكنّا نسمع صوته. لم تكن لتنتهي ضربات الأسلاك. توقّعوا كم كان عمر أمير، 15 عاماً!

 لقد كنت حينها أسمع صوت تشظّي قدمي

كان النقيب محمّد قد سأل أمير عمّن وجّه إليهم الأمر بترك الباحة والعودة إلى الغرف، وأن ممّن تتلقّون الأوامر؟ كان أمير يقول: كنت في غرفة دائريّة عندما قام عدد من الجنود العراقيّين بضربي وكنت أركض في أرجاء الغرفة ويركضون خلفي ويعذّبونني. كنت في بعض الأحيان أقع على الأرض من شدّة التعب. كانوا يسكبون عليّ إبريق ماء وكنت أعود إلى وعيي وكانت تلك العمليّة تستمرّ. قاموا بحرق أقدام أمير بالمكواة.

كان أمير يقول: في تلك اللحظة سمعت صوت تشظّي قدمي. كان أمير يستفرغ الدّم طوال ثلاثة أشهر، ويمشي طوال 9 أشهر بمساعدة الآخرين. كان النقيب محمّد ضابطاً استجوب وعذّب كثيرين من معارضي النظام البعثي في العراق أيضاً. رغم ذلك عجز عن انتزاع أيّ اعترافٍ من أمير. يُقال بأنّ النقيب محمّد اعترف يوماً باعتراف كبير وقال لأمير: أنت فوق البشر. اعترف له بأنّني دفعت كثر من كبار العاملين في الاستخبارات للاعتراف؛ لكنّني عجزت عن دفعك للإقرار بأيّ شيء.

في متحف الدفاع المقدّس في كرمان، توجد صورة لأمير شاه بسندي مكتوبٌ تحتها أنّ هذا الفتى تلقّى 400 جلدة بالأسلاك. سمعت أنّ الإمام الخامنئي عندما رأى هذه الصورة، سأل هل هذا الفتى حيّ؟ أجابوه بنعم، فقال سماحته: قولوا له أن يزورني حتماً؛ لكنّني لم أعرف إن كان قد التقى أو لم يلتقِ بسماحته.

المصدر
كتاب سيد شهداء محور المقاومة | الشهيد قاسم سليماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟