أجر المجاهد والعمل الجهاديّ
هناك اختلاف بين الأعمال العسكريّة في الثقافة المادّيّة، وبينها في الثقافة الإسلاميّة، حيث إنّها لا تعني في المنظار المادّي سوى انعدام الرحمة والقسوة والطاعة العمياء التي تخلو من العلم والمعرفة؛ ففي الثقافة المادّية الشخص العسكري مثله مثل السلاح عبارة عن موجودٍ جامد يخلو من الروح والمرونة؛ هو عبارة عن أداة بيد أصحاب الثروة والسلطة، أمّا في الإسلام، فالعمليّات العسكريّة تختلف في مفهومها كلّ الاختلاف، فالشخص العسكري في الثقافة الإسلاميّة عبارة عن إنسانٍ يتحلّى بالمعرفة والاطلاع، وهو يدافع بروحه عن أفضل القِيم، وهذا الدفاع يعني حمل الأرواح على الأكفّ وترويض النفس على التضحية والفداء وإنّ هذا الدفاع إنّما يكون من أجل أسمى القِيم الإنسانيّة والإلهيّة، ألا وهو استقلال الشعوب ورفعتها، واحتفاظها بهويّتها وشخصيّتها الذاتيّة والدينيّة، لذا يُعدّ هذا الشخص العسكري في المنظار الإسلامي «مجاهدًا».
إنّ الجهاد مأخوذٌ من بذل الجهد والسعي في سبيل القِيم العليا، ومن هنا جاء في الحديث: «إِنَ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّة»[1].
انظروا إلى مظاهر العمليّات العسكريّة المادّيّة التي تدور حاليًا في العراق[2]، حيث يوجد اليوم مضافًا إلى الجيوش الأمريكيّة والبريطانيّة عشرات الآلاف من المرتزقة، وليس لهم أيّ دافعٍ في ارتداء الزيّ العسكري سوى المطامع المادّيّة، فتراهم يحصدون الأطفال والشيوخ والنساء والعزّل وينتهكون الحرمات دون أن يمنعهم مانع أو يحول دونهم وازع، وإذا زهقت في صفوفهم روحٌ، كانت بالنسبة لهم بمثابة حيوانٍ نافق يُرمى في المزبلة، وحياته تذهب هدرًا! دون أن يُخلّف موته فخرًا أو مأثرةً يتحدّث بها الناس.
أمّا الإنسان الذي يُقاتل من أجل الدفاع عن الشعب والبلاد والعدل والحقيقة، والصمود في وجه المعتدين والمتجبّرين، والوقوف أمام القوى العظمى في العالم، فإنّه يُقاتل من أجل القِيم، وإذا جهله الناس ومات مجهول الاسم، أشارت إليه ملائكة الله في ملكوت السماوات، فهو لا يموت، <وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ>[3]، فلا تظنّوا أنّ هؤلاء موتى، بل هؤلاء أحياءٌ إلى الأبد، وهم مصدر الإلهام[4].
تعليق واحد