مواضيع

أصعب النضال هو النضال في الغربة

إنّ أصعب نضالٍ هو النضال في الغربة، فليس من الصعب جدًا أن يُقتل الإنسان في خضمّ تشجيع أصحابه وتهليلهم، ومع تشجيع عامّة الناس والشعب؛ وذلك مثلما حدث في إحدى المعارك التي حصلت في صدر الإسلام، وذلك عندما وقف جيشا الحقّ والباطل في قبال بعضهما بعضًا، واصطفّا بوجه بعضهما بعضًا، وكان على رأس جبهة الحقّ أشخاصٌ كرسول الله وأمير المؤمنين C، وعندها سأل النبيّ جيشه: من يخرج للميدان ويقاتل فلانًا (وكان من المقاتلين المعروفين لجيش العدو)؟ فتقدّم شابٌ من جيش الإسلام وتبرّع بذلك،‌ فمسح رسول الله بيده على رأسه ورافقه، ودعا له المسلمون أيضًا، ثمّ ذهب إلى ميدان الحرب، فجاهد وقُتل؛ وهذا نوعٌ من أنواع القتل والجهاد.

هناك نوعٌ آخر، وهو الجهاد الذي يذهب فيه الإنسان نحو ميدان الحرب، وآحاد المجتمع ينكرون عليه ذلك، أو غافلون عن فعله، أو يلتزمون الحياد تجاه ذلك، أو يعارضون تصرّفه ويقفون بوجهه، نعم قد يكون هناك أفرادٌ يشجّعونه في قلوبهم، وهم أعداد قليلة، لكنّهم لا يتجرّؤون على إظهار دعمهم له على لسانهم.

في واقعة عاشوراء، كان هناك أفرادٌ من قبيل عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن جعفر، ممّن يعدّ من أفراد بني هاشم، ومن نفس تلك الشجرة الطيبة، لكنّهم لم يكونوا يتجرؤون على أن يقفوا في مكّة أو المدينة وينادوا بشعاراتٍ باسم الإمام الحسين(ع)، إنّ نضالًا كهذا النضال هو نضالُ الغرباء، والنضال في الغربة أشدّ أنواع النضال[1].


  • [1]– من خطاب سماحته في لقائه بجمعٍ من علماء الدين في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد بتاريخ 7-6-1994م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟