مواضيع

الشهداء هم الروّاد في الثقافة الجهاديّة

إنّ الجهاد لا يتلازم بالضرورة مع الشهادة؛ لكنّه متلازمٌ حتمًا مع الفوز برتبة المجاهدين، والتقرّب إلى الله. إنّ ميدان الجهاد موجودٌ في كلّ مكان؛ فكما أنّه موجود في الدفاع العسكري عن البلد، كذلك هو موجودٌ في الدفاع السياسي عن البلد وعن كرامته، كذلك هو موجود في العمل على تقدّم البلد والأمّة وهو الساحة التي تعملون بها أنتم، فكلّ هذه المجالات هي مجالات للنضال والمواجهة، وعلينا جميعاً أن نشارك في هذه المواجهة،‌ إنّ كلّ تحقيقٍ أو تقدّمٍ علميٍّ، أو تحركٍ سياسيٍّ صحيحٍ من قبلكم ضمن مجموعة تحرّكات الطلاب الجامعيّين أو خارج إطار تلك التحرّكات، يعدّ نوعًا من النضال والمواجهة.‌

لقد ذكرت مرارًا لأصدقائي أنّ شعوري اليوم في قبال الجبهة العالميّة العظمى للفساد والضلال، لا يختلف أصلاً عمّا كنت أشعر به تجاهها خلال حقبة حصار نظام الشاه الظالم؛ فآنذاك كنت أرى أنّ علينا أن نقاوم ونناضل ونواجه، واليوم أرى أنّ علينا أن نناضل ونواجه، نحن خلقنا للنضال.

غاية الأمر إنّ ما تغيّر هو الشكل والساحة والأبعاد، وصارت المواجهة أكثر تعقيدًا وأصعب؛ إنّ ما نبذله في هذه المواجهة أكثر ممّا كنّا نبذله في عصر الشاه الظالم، فعدوّنا الآن هو جهاز الاستكبار والظلم وأقبح طبيعة في الإنسان العاصي مخفيّة تحت ستار وجهٍ مُبتسمٍ متعطّر بالكلونيا وتضع ربطة العنق، مختفية تحت ذلك! إنّنا نواجه اليوم هذا الموجود، ولو أنّ أمّة من الأمم تقاعست عن النضال في سبيل مبادئها، أو غفلت عن الشيء الصحيح الذي تعرف صحّته، فسوف يعود عليها بالخسارة، وهو ما حصل مع الإسلام والأمّة الإسلاميّة والأمم التي تعيش في هذه المنطقة طوال عدّة قرون.

إنّنا نملك أكبر المصادر والثروات الطبيعيّة؛ ونملك أكثر المناطق الاستراتيجيّة في العالم؛ إنّ الأمّة الإسلاميّة تمتلك كلّ مصادر حياة الرقي والتقدّم لهذا اليوم، يعني النفط؛ لكن انظروا اليوم إلى الوضع السياسي والعلمي والتأخّر الحاصل! هذا كلّه بسبب النوم والغفلة عن النضال والمواجهة.

علينا أن نتحمّل مصاعب المواجهة حتّى نتمكّن من أن نوصل أنفسنا إلى المكانة الإنسانيّة الشريفة والعزيزة،‌ وكذلك الأمر لنوصل الأجيال التي تأتي بعدنا، وفي هذه المواجهة علينا أن نتوكّل ونعتمد على الله[1].


  • [1]– من خطاب سماحته في لقائه بجمعٍ من طلاب الجامعة في قزوين بتاريخ 17-12-2003م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟