مواضيع

منزلة الثقافة الجهاديّة في التراث الإسلاميّ

من النقاط المهمّة في الثقافة والتراث الإسلامي، والتي لها مصاديق بارزة في صدر الإسلام بنحو أكثر، وبنحوٍ أقل على امتداد القرون، هي «ثقافة القتال والجهاد»، والجهاد ليس بمعنى الحضور في ميدان القتال وحسب؛ لأنّ كلّ جهدٍ يُبذل ضدّ العدو، يمكن أن يعدّ جهادًا، طبعًا قد يقوم بعضهم بأعمالٍ معيّنة وأن يبذلوا جهودًا معيّنة، ثمّ يُعبّرون عن ذلك بأنّه جهاد، لكن هذا التعبير غير صحيح؛ لأنّ شرط الجهاد هو المواجهة ضدّ العدو، وهذه المواجهة تارةً تكون في ميدان الجبهة المسلّحة وهو ما يسمّى «الجهاد المسلّح»، وتارةً أخرى يكون في ميدان السياسة فيسمّى «الجهاد السياسيّ»،‌ وأحيانًا يكون في مجال البناء فيسمّى «جهاد البناء»، وطبعًا هناك العديد من العناوين الأخرى للجهاد وله ميادين أخرى. إذاً الشرط الأوّل للجهاد هو أن يتضمّن سعيًا وجهدًا، وشرطه الآخر أن يكون ضدّ العدو.‌

إنّ هذه النقطة من النقاط المهمّة في الثقافة الإسلاميّة، وقد ذكرنا أنّ لها نماذجَ مختلفةً في الميادين المختلفة، وفي أيّامنا هذه بدأ الجهاد عندما خرج النداء لمواجهة النظام البهلوي المنحوس من حلقوم السيّد الإمام الخميني، وأعوانه سنة 1341 ش -الموافق لعام 1382 هـ-، وبعد ارتحاله أيضًا؛ طبعًا كان هناك جهاد بنحوٍ محدودٍ ومتفرّق، لكنّه لم يكن بتلك الأهميّة، ولكن عندما بدأت مواجهة السيّد الإمام، بدأ الجهاد يأخذ أهميّته إلى أن وصل إلى مرحلة الانتصار، يعني انتصار الثورة الإسلاميّة، وقد استمرّ الجهاد في هذا البلد بعد ذلك وإلى يومنا الحاضر؛ لأنّ لدينا أعداءً، ولأنّ أعداءنا أقوياء من ناحية القوّة المادّيّة، ولأنّنا محاطون بالأعداء من كلّ جانب، ولأنّهم جدّيّون في عدائهم لإيران الإسلاميّة ولا يمزحون أبدًا؛ ولأنّهم يريدون أن يوجهوا لنا ضربةً من أيّ طريقٍ كان؛‌ ولذا في إيران الإسلاميّة،‌كلّ شخصٍ يبذل جهدًا ضدّ العدو ـ الذي يوجه من كلّ جانب أسهمه السامّة نحو الثورة ونحو الجمهوريّة الإسلاميّة ـ‌ فعمله هذا هو جهادٌ في سبيل الله، وبحمد الله كانت شعلة الجهاد مشتعلةً وما زالت وستبقى كذلك.

وبالطبع إنّ أحد أنواع الجهاد هو الجهاد الفكري؛ لأنّ العدو يمكن أن يستغفلنا، فيحرف أفكارنا ويوقعنا في الخطأ والاشتباه؛ ولذا كلّ شخصٍ يسعى إلى تنوير فكر الناس، ويبذل جهده لكي يمنع الانحراف وسوء الفهم، ولأنّ هذه الجهود موجهة ضدّ العدو، لذا تسمّى جهوده جهادًا،‌ ويعدّ هذا النوع من الجهاد مهمًّا في هذه الأيّام؛ إذاً بلدنا هو مركز للجهاد، لذا ليس لدينا أيّ همّ أو خوف،‌ والحمد لله فإنّ مسؤولي الدولة هم أناس صالحون، فاليوم على رأس الدولة شخصيّات مؤمنة ومجاهدة ومطلّعة وودودة[1].

لقد كان بوسع الإسلام ولا يزال أن يأخذ بأيدي الإنسانيّة إلى السعادة والكمال، وأن يُنمّيها من الناحيتين المادّية والمعنويّة؛ وهذه الأسس التي أرساها الرسول الأكرم (أسس الإيمان وأسس العقلانية وأسس الجهاد وأسس العزة) هي الأسس الرئيسيّة للمجتمع الإسلاميّ.

لنُعزّز إيماننا ونقوّيه في قلوبنا وفي أعمالنا، ولنستخدم العقل الإنساني الذي هو الهدية الإلهية‌ الكبرى للبشر، ولنجاهد في سبيل الله سواء في ميادين القتال العسكري حينما يقتضي الأمر أو في الميادين الأخرى من قبيل الميدان السياسيّ والميدان الاقتصاديّ وسائر الميادين، ولنعتبر الشعور بالعزّة والكرامة الإنسانيّة والإسلاميّة حالةً ثمينةً ينبغي أن نغتنمها.

حينما تُحيَا هذه المشاعر والأمور في المجتمع سوف يتابع ذلك المجتمع المسيرة الإسلامية وخط رسول الإسلام العظيم(ص) بلا شك. وقد استطعنا نحن الشعب الإيراني تحقيق جانب من هذه المسيرة في حياتنا ببركة رسالة الإسلام وبفضل نداء السيّد الإمام، وها نحن نشاهد آثار ذلك وثماره في حياتنا[2].

إنّ الجهاد إذا كان في إطاره الإسلاميّ، وضمن الضوابط والحدود فبالطبع ليس من الظلم، فلا يوجد في الجهاد تعدٍّ أو تجاوز لحقوق الآخرين، وليس في الجهاد أي مبرّر لقتل هذا أو ذاك، ولا يُرى في الجهاد مبدأ القضاء على كل واحدٍ من غير المسلمين؛ إنّ الجهاد فريضة إلهيّة وهي ذات قيمة عظيمةٍ جدًا،‌ وإذا أقيمت هذه الفريضة ستؤدّي إلى رفعةِ الأمّة‌[3].


  • [1]– من حديث في لقائه بلواء (27) محمّد رسول الله(ص) بتاريخ 9-6-1996م
  • [2]– من محاضرته في لقائه بمسؤولي النظام في يوم عيد المبعث بتاريخ 30-6-2011م
  • [3]– من بياناته في خطبة صلاة الجمعة بتاريخ 4-3-1994م
المصدر
كتاب الحياة بأسلوب جهادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟