مواضيع

التنظيم والبرنامج

انطلق تيار الوفاء الإسلامي على المستوى الشعبي والتنظيمي عام 2009م كطرف أصيل في الساحة، وامتلك جملة من مقومات التأسيس والامتداد، منها:

الشريحة القيادية ذات الخبرة والشعبية، حيث أن المؤسسين له كانوا من ضمن الشريحة الأعلى في الهرم الديني والسياسي والاجتماعي في البحرين، وكان المؤسسون مزيجاً من الطبقة الدينية والسياسية الأولى، والذين انعزلوا عن العمل السياسي الحزبي العلني بعد سنة 2002م وحتى سنة 2007م لأسباب تم الإشارة لها بشكل مجمل في مقدمة الكتاب.

وجود حاضنة شعبية ممتدة للفكر والمنهج الذي طرحه تيار الوفاء الإسلامي.

اعتماد المنهج الديني والعقائدي في الفكر والعمل، والذي ينسجم مع ما يؤمن به شعب البحرين.

وجود أسباب موضوعية، كفشل العملية السياسية في تحقيق مكاسب معتبرة، والقمع من قبل السلطات.

ولهذا تشكل التيار الجديد بشكل عمودي وأفقي في فترة سريعة نسبياً، من أعلى الهرم التنظيمي مروراً بالمستويات الوسطى، وصولاً للجذور الشعبية.

شنّت السلطات عدة حملات قمع واعتقالات في صفوف تيار الوفاء الإسلامي، الأولى كانت في عام 2010م[1]، وشملت بعض القيادات والرموز العلمائية والشباب الناشط في كل من تيار الوفاء الإسلامي وحلفائه، أما الثانية فكانت بعد انطلاق ثورة 14 فبراير، فبعد دخول القوات السعودية في 15 مارس 2011م لإنقاذ النظام الخليفي تم اعتقال 6 من قيادات الصف الأول في تيار الوفاء الإسلامي[2]، أما الثالثة فكانت بين عامي 2014 و2016م حيث تم اعتقال 10 آخرين من القيادات الأخرى والعشرات من عناصر تيار الوفاء الإسلامي الذين يعملون بشكل أساس في مختلف الأقسام[3]، كما شهدت السنتان الأخيرتان 2017م و2018م حملات قمع واعتقالات عديدة لعشرات العناصر الفاعلة في صفوف تيار الوفاء الإسلامي، ونتيجة للوضع الأمني المعقّد ووضع النظام الخليفي استهداف تيار الوفاء ضمن أولوياته الأمنية، فقد اعتمد التيار على أسلوب العمل التنظيمي السري، حيث يعمل معظم كوادره بصورة غير معروفة في داخل وخارج البحرين.

البناء التنظيمي والمؤسسي

رغم حداثة عمر التيار نسبياً، وعمله في بيئة أمنية معقدة إلا أنه استطاع بناء تنظيم متشعّب، وقد أدى طوال سنينه الماضية أدواراً حيوية في المجالات الميدانية والثقافية والسياسية والإعلامية وفي المجال الإنساني الداعم لصمود الناس في البحرين، ويعمل تيار الوفاء الإسلامي على بناء تنظيمه بما يتناسب ورؤيته في مختلف الملفات، واستناداً لطبيعة أهدافه، وأدوات عمله، والظروف المحيطة به، والوظائف التي يرسمها لنفسه.

المستويات التنظيمية

يتألف تيار الوفاء الإسلامي تنظيمياً من مستويين:

المستوى الهيكلي: وهي الحالة المنظمة للكوادر البشرية المختارة بعناية من الرجال والنساء لتشكيل الهيئات التنظيمية للتيار، ويتم الاختيار لهذه الكوادر وفق معايير محددة، منها: الإيمان، والنزاهة، والكفاءة، والالتزام بنظام التيار، وتقبّل المهمات والتكاليف المناطة بالأعضاء المنتسبين للتيار، مع الحرص الشديد على أن يبقى التيار محافظاً على حالته كتيار جماهيري وشعبي، وأن لا يتحول إلى حالة حزبية نخبوية مغلقة على غرار الأحزاب التقليدية.

المستوى الطيفي: وهي الحالة المفتوحة لكل المواطنين من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية الذين يتبنون منهج التيار السياسي، ويؤيدون أهدافه، ويلتفون حوله، ويدافعون عنه، ويقدمون له مختلف أشكال الدعم المادي والمعنوي والإداري، ويحمون مساره الإسلامي، ويسعون معه لتحقيق أهدافه دون أن تكون لهم عضوية في إحدى هيئاته أو لجانه أو مؤسساته التنظيمية، وتشكل هذه الحالة ضمانة التيار التي لا يقوى بدونها على أداء مهامه الأساسية في الإصلاح، فهم الحاضنة الأساسية للتيار، وخزّانه البشري، وهم وسيلته لتحقيق أهدافه، ويسعى التيار للتواصل مع الشرائح الطيفية، والعمل على تنمية دورها وتطوير أدائها لبناء العملية السياسية والنهضوية الشاملة المنشودة للوطن على ضوء منهج الإسلام الحنيف.

وقد أشار فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين في الجلسات الخاصة وفي الخطاب العام إلى المستوى الطيفي وأهميته، حيث قال: «الذي أفهمه (إسلامياً) بأن الأحزاب الإسلامية لا تتخذ قراراتها بحسب أعضائها فحسب، وإنما ينبغي عليها أن تلاحظ توجهات الأمة وإرادتها؛ لأن الأحزاب الإسلامية لا تعبر عن نفسها، وإنما تعبر عن الأمة، على خلاف الأحزاب العلمانية في المجتمعات الغربية التي تعبر فقط عن أعضائها وقد تتبنى قرارات تغاير توجهات الأمة وتخالف إرادتها»[4].

وبهذا الطرح يهدف تيار الوفاء الإسلامي لأن يكوّن الحركة الجماهيرية التي تلتقي وتنسجم مع الجماهير والقواعد الشعبية، والتي ينبثق منها تيار الوفاء الإسلامي ليعبّر عنها، ويحمي مصالحها، ويمثلها في رؤيته وبرنامج عمله، ضمن الأطر الإسلامية التي وضعت لسعادة البشرية.

تتعدى النظرة إلى القاعدة الشعبية عند مؤسسي تيار الوفاء الإسلامي لكونهم فقط خزّان بشري طيفي، بل تصل لاعتبارها شريكةٌ في القرار السياسي، وإن الواجب يقتضي وضع اعتباراتها وتوجهاتها ضمن آلية القرار، ويقول الأستاذ عبدالوهاب حسين في ذلك: «كسب ثقة الجماهير ودعمهم: فهم الرقم الأصعب في العملية السياسية الذي يتوقف عليه (كثيراً) نجاح الأطراف السياسية في عملها وتحقيق أهدافها في الشأن الوطني العام، ومن شأن انحيازهم لأي طرف سياسي، أن يقلب الميزان لصالحه»[5].

الاستناد على الإرادة الشعبية

لم يغفل تيار الوفاء الإسلامي في طرحه الديني والسياسي عن الإرادة الشعبية والظروف المحيطة، بل جعلها نصب عينيه، وقد ظهر ذلك في عدة محطات، من أبرزها خطاب الأستاذ عبد الوهاب حسين حفظه الله في اللقاء مع مبعوث الحاكم حمد آل خليفة داخل السّجن.

يقول الأستاذ لمبعوث الحاكم: «بخصوص مطلب الجمهورية، فهو خيار مبني على رؤية سياسية نتبناها، وهو ما زال مطلبنا لأننا نرى أن جميع الخيارات قد استنفذت مع السلطة الحالية من أجل إصلاحها ولم يجد ذلك نفعا معها، بل أنها تزداد سوءاً كلما طال أمدها، حتى وصل بها الحال إلى قتل الأبرياء السلميين والاستعانة بالقوى الخارجية لقمع الحركات السلمية الداخلية وهذا مناقض لاستقلالية البلد وصون أراضيها. وعلى من تستعين السلطة بالخارج؟ على شعبها!!

مطلب الجمهورية مبني على رؤية سياسية، ووسيلة التغيير السلمية تستند على مرجعية الإرادة الشعبية ولا يجوز استخدام العنف من أجل تحقيقه، كما أن التحالف لم يدعُ لممارسة العنف، بل أن العنف لم يمارس أصلاً من طرف الشعب، والوحيد الذي استخدم العنف هو السلطة الحاكمة، وهذا من مبررات وجوب سقوطها. وإن إرادة الشعب هي الحاكمة في هذا الأمر، فإن رغبوا في خيار آخر غير الجمهورية فنحن معهم و لا وصاية لعبدالوهاب ولا غيره على أحد.

أما سؤالك عن التنازل عن رؤيتنا السياسية بشأن الجمهورية، فقلت لك بأنها رؤية سياسية مبنية على أسس منطقية وعقلائية وهي تمثل قناعتنا، أما قابليتها للتغير فمبني على أساسين هما: اتخاذ غالبية الشعب خياراً آخر غير هذا الخيار، أو وجود صفقة شاملة لحلحلة كافة الملفات العالقة كحزمة واحدة ووفق جدول زمني محدد يرتضيه الشعب، وأؤكد على مرجعية الشعب في القبول، فإن لم يقبل فلا قيمة لأي طرح مهما كان منشأه، فلقد ولى الزمان الذي يقرر فيه فلان مصير الشعب سواء كان هذا الشخص حاكماً أو محكوماً، فالشعب فقط هو من يقرر مصيره»[6].

هنا يطرح الأستاذ بأن مطلب الجمهورية يستند على الإرادة الشعبية، وإن إرادة الشعب هي الحاكمة، وأنه هو من يقرر مصيره.

الرؤية الاستراتيجية

لخّص تيار الوفاء الإسلامي الخطوط الاستراتيجية العامة لعمله في وثيقة الثبات والصّمود، التي أصدرها بمعيّة حركة الحريات والديمقراطية في البحرين «حق»، والتي أوردناها في نهاية هذا الكتاب للاطلاع.[7]

القيادة

يؤمن تيار الوفاء الإسلامي بالقيادة العالمية لولي أمر المسلمين آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي، أما على المستوى التنظيمي الداخلي تتشكل منظومة القيادة في تيار الوفاء الإسلامي من طبقات عدة، على رأسها قادة التيار المعتقلين في سجون النظام، وهيئات أخرى تلعب دوراً في بلورة الرؤى، ورسم البرامج، وإدارة تنفيذها.

الوسائل الإعلامية

الوسائل الإعلامية هي لسان التيار، والتي تعكس جميع نشاطات التيار السياسية والثقافية والميدانية وغيرها في الإعلام، من خلال الإنتاج الإعلامي المتنوع، والنشر بأنواعه ومجالاته المتعددة، وفق السياسات الإعلامية المُقرّة.

المشروع الثقافي

كحركة عقائدية وسياسية فإن الجبهة الثقافية هي من أهم جبهات العمل لدى تيار الوفاء الإسلامي، ومن صلب عمله وأولوياته، حيث ينظر سماحة القائد الخامنئي حفظه الله للعمل الدعوي والثقافي باعتباره الأصل، وأن أهم جبهة للعاملين هي الجبهة الثقافية، كون أن الهدف الأساسي للسياسة والجهاد والاقتصاد الإسلامي، وغير ذلك من مجالات العمل هو تزكية الإنسان، وقربه من خالقه، وهو نفس الغاية والهدف الأساس من العمل الثقافي.

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: <هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ>[8].

ولقد تطورت ميادين العمل الثقافي وأدواته، حيث تسعى الحضارة الغربية للتواجد والتأثير الثقافي في كل ميادين ومجالات الحياة، وتعتمد على أدوات وسياسات العولمة لتكون الثقافة الغربية وطريقة الحياة الغربية سائدة على مستوى العالم، فهدف الحضارة الغربية من وراء ذلك هو التغيير الفكري والثقافي، وصياغة العالم ثقافياً وسياسياً واقتصادياً بما يتلاءم وتحقيق مصالح الحضارة الغربية الضيقة، ولا سيما المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

من هنا تكمن أهمية التواجد في الجبهات والميادين الثقافية بالأدوات والإمكانات والاستعدادات الصحيحة، وقد أوصى سماحة القائد الخامنئي حفظه الله بالعمل الثقافي العميق، والتربية الخاصة والعامة.

يقول الأستاذ عبدالوهاب حسين: «يعتبر المشروع الثقافي هو مشروع الإمام الذي يقود المشروع السياسي وغيره من المشاريع في الحياة الإسلامية كلها، وأن كل مشروع سياسي لا يخضع لمشروع ثقافي فهو مشروع سلطوي سطحي وليست له أية قيمة إنسانية على الإطلاق، وهذا المعنى يطرحه الفلاسفة والمفكرون الغربيون، إلا أنه أكثر وضوحاً لدى المفكرين الإسلاميين، فالمشروع السياسي الإسلامي هدفه هو الدفاع عن الدين وتحقيق الأهداف الإنسانية السامية للإسلام الحنيف في الحياة»[9].

البرنامج الميداني

يعتقد تيار الوفاء الإسلامي بأهمية العمل الميداني والفعاليات الشعبية، سواء الاحتجاجية منها أو السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية، وغير ذلك، وأن العمل الميداني هو أداة مهمة من أدوات التأثير والوصول للأهداف، وأن لايكون عمله معتمداً فقط على الأدوار النخبوية والآليات البعيدة عن الميدان والشارع، ولهذا واكب تيار الوفاء الإسلامي مرحلة انطلاق الثورة في 14 فبراير، وكان له دور بارز في إطلاقها، وفي إقامة الفعاليات والأنشطة الميدانية في مرحلة الثورة، ويعتمد تيار الوفاء في ذلك على تشكيل ميداني وشعبي على الأرض، مهمته إقامة الفعاليات وإنجاحها.

الملف الاجتماعي والإنساني

يؤمن تيار الوفاء الإسلامي أن خدمة الناس على المستوى الاجتماعي والإنساني هو تكليف إلهي وواجب إنساني، من أقدس أهدافه ومهماته، في مرحلة الثورة ومابعدها، ولهذا حمل تيار الوفاء الإسلامي على عاتقه هذه المهمة، بما تتوفر لديه من إمكانات، وقد لعب منذ انطلاق الثورة في 14 فبراير 2011م دوراً مؤثراً في رفد الجانب الإنساني، خاصة وقد تمخضت ثورة 14 من فبراير عن تداعيات عدة، على الجانب الإنساني والاجتماعي منها وجود شريحة واسعة من المعتقلين، والمفصولين عن العمل، والجرحى، والملاحقين أمنياً من قبل النظام، والمهجرين، والطلبة الذين تعرضوا للتمييز والحرمان من التخصص العلمي.

ونظراً لتشعب الملف الإنساني والحاجة لتقديم جهود في هذا الملف لدعم صمود الناس في طريق النضال، فقد قام التيار برعاية هذا الملف حسب توافر الإمكانات.

يقول الأستاذ عبدالوهاب حسين: «أن التيارات الإسلامية في كثير من البلدان العربية، مثل: مصر ولبنان وفلسطين، تعتمد (بصورة أساسية) في شعبيتها ونفوذها وسعة انتشارها ودعم الجماهير إلى مواقفها، على توجهاتها الخدمية، وقربها من الناس، والتصاقها بهمومهم، والتزامها بقضاياهم، والتعبير عنهم، ومشاركتها لهم في أفراحهم وأحزانهم»[10].

منطلقات البرنامج السياسي

وفقاً للتجربة السياسية والنضالية العميقة التي خاضها شعب البحرين نخبةً وجماهيراً للوصول للأهداف، وباستناده للمواثيق والقوانين العالمية والمحلية التي كفلت له هذا الحق وهذه الممارسة، وباستخدامه لأدوات شرعية وقانونية، فإن تيار الوفاء الإسلامي يعمل على تطبيق برنامجه السياسي على المدى القصير والمنظور والاستراتيجي استناداً على التالي:

التجربة التاريخية والعميقة في نهضات النضال الشعبي في البحرين، وبرهان التجربة التاريخية بأن النظام الخليفي في عقيدة حكمه، وتركيبته القبلية، وتشكيله السياسي القائم على العنصرية والتكفير والاستقواء بالأجنبي، هو كيان غير قابل للإصلاح.

عدم اعتراف النظام الحاكم وداعميه الأمريكيين والبريطانيين وآل سعود، طوال تاريخ الصراع بين الشعب ونظام الحكم بمطالب الشعب وحقوقه، وصدّهم عن مطالبات الإصلاح السلمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره.

انقلاب السلطة الخليفية على جميع التفاهمات السياسية بينها وبين المعارضة كممثل حقيقي للشعب، ونكثها بالوعود مرة بعد أخرى، وفشل الآليات القانونية والتشريعية الداخلية في إلزام السلطة بهذه التفاهمات والتعهدات.

فشل نظرية إمكان التغيير من خلال اختصار العمل السياسي بداخل العملية السياسية الرسمية في البحرين، وقد ثبت ذلك بالتجربة العملية خلال العقدين الماضيين، واتضاح عدم إمكانية تغيير واقع البلاد السياسي وفق رؤية العمل على تحقيق المكاسب التدريجية، بدون وجود حراك سياسي ثوري وممانع يلعب دوراً مؤثراً خارج العملية السياسية، وذلك بسبب عقم آليات العمل السياسي من داخل مؤسسات النظام وعدم قدرتها على تحقيق مكاسب معتبرة وذات مغزى.

إجماع أطراف المعارضة والشرائح النخبوية والشعبية كافة، وبجميع تلاوينها وقناعاتها السياسية، على فشل العملية السياسية في تحقيق أي من أهداف ومطالب شعب البحرين، وإجماع جميع القوى السياسية والثورية المعارضة على مقاطعة الانتخابات النيابية الصورية.

سيطرة السلطة الخليفية الفاقدة للشرعية على مفاتيح ومخارج العملية السياسية من خلال مواد دستورية باطلة في دستور فُرِضَ على الناس، وفاقد للصفة العقدية أو التمثيلية لهم، ومن خلال قوانين أفرَغت العمل الحزبي من عناصر التأثير والقوة، وأعطت رأس النظام والحكومة غير المنتخبة الهيمنة الكاملة على عمل المعارضة.

هيمنة العائلة الخليفية على جميع قرارات الدولة ومؤسساتها ومفاصلها الحيوية، عبر مجلس العائلة، وعبر تولي أفرادها المناصب الرئاسية الحساسة، وجعلهم البلاد مزرعة مستباحة لمصالحهم الخاصة.

عداء الحكم الخليفي للإسلام والمذهب، وتطبيقه لسياسات وممارسات خطيرة تهدف لتخريب هوية البلاد وثقافتها، وتحريف وتزوير تاريخها وحاضرها، مثل مشروع التوطين والتجنيس السياسي الخطير، وتغريب المجتمع، وتحريم الممارسات الدينية.

الواقع السياسي الجديد الذي تشكل في البلاد إثر انطلاق ثورة 14 فبراير، وخروج الأغلبية الساحقة من المواطنين للشوارع والميادين للمطالبة برحيل النظام الخليفي، وعمق الجراح، واتساع التضحيات، وارتقاء الشهداء، والزج بالآلاف في السجون، وإسقاط جنسية المئات من أبناء الوطن، ووجود أمثالهم في المنفى القسري، والحرب الدينية والثقافية على شعب البحرين.

تجذر واستمرار الأزمة السياسية، وأزمة شرعية النظام الخليفي، واستفحال الأزمات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، والتي تنخر في جسد النظام الخليفي البالي، والتي جعلته قائماً بفعل الدعم الأجنبي الاقتصادي والأمني وحده.

التواجد والنفوذ العسكري والأمني والسياسي للقوى الأجنبية على أرض البحرين، وانتهاك سيادتها وقراراتها المصيرية، والتي يجب أن تكون بيد الشعب حصراً وممثليه المنتخبين، وممارسة القواعد العسكرية الأجنبية أدواراً تآمرية وحربية ضد أمتنا الإسلامية والعربية وقضاياها.

يقول الأستاذ عبدالوهاب حسين: «أننا نرفض من حيث المبدأ الوجود الأمريكي في المنطقة، ونرفض ضرب العراق واحتلاله، وذلك بدوافع إنسانية ودينية وقومية ووطنية، ونرى بأن ذلك يمثل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة، وتهديداً لاستقلالها وسيادتها، وتهديداً لثرواتها، وتهديداً لهويته الدينية والتاريخية والثقافية والاجتماعية، وتهديداً لإنسانها وكرامته وحقوقه، ونقول: بأن الشعوب الإسلامية والعربية التي رفضت وقاومت الاستعمار القديم، سوف ترفض وتقاوم الاستعمار الجديد، وعلى الحكومات أن تتحمل مسؤولياتها الإنسانية والدينية والتاريخية والقومية والوطنية اتجاه ذلك»[11].

اتجاه الحكم الخليفي إلى التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني على أعلى المستويات، وفتحه الباب أمام نفوذ الكيان الصهيوني السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي في البحرين، مما ينذر بأخطار جسيمة على حاضر ومستقبل بلدنا وشعبنا.

صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 278[12]، بتاريخ 11 مايو 1970 م، والذي نصّ – مضموناً وروحاً – على حق الشعب حصراً في دولة مستقلة وذات سيادة وهوية محددة، والفقرة 1 من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1976م، والتي نصّت على حق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي.

يقول الأستاذ عبدالوهاب حسين: «يجوز (نظرياً) للشعب البحريني (استناداً لعدم وفاء العائلة الحاكمة بالتزاماتها) إعادة النظر في علاقته مع العائلة الحاكمة، والرجوع إلى المؤسسة الدولية التي أشرفت على الاستفتاء الأول، للإشراف على الاستفتاء الثاني المتعلق بإعادة النظر في العلاقة مع العائلة الحاكمة في البحرين»[13].

تشكل واقع إقليمي وعالمي لصالح الشعوب والقوى المقاومة، وهو تراجع قوى الشر الداعمة للنظام الخليفي، كأمريكا والحكم السعودي، عن مواقعهما، وفشلهما في أكثر من جبهة، بل وتورطهما واستنزافهما اقتصادياً وأمنياً في الحروب والأزمات التي افتعلوها وأشعلوا نارها.

تغيّر مشهد الصراع واحتشاد جبهتي الحق والباطل واستنفارهما في الجبهات والميادين السياسية والعسكرية  والاقتصادية وغيرها بعد الحصار المفروض  على الجمهورية الإسلامية في إيران، واغتيال قادة النصر على الإرهاب لواء الإسلام الحاج قاسم سليماني والقائد الجهادي الكبير الحاج المهندس؛ وما فرضته هذه التغيّرات الجيوسياسية من انتكاسات على مختلف قضايا وملفات المنطقة.


[1]. إحالة مشيمع و«متهمي الحُجّيرة» إلى المحكمة الجنائية، صحيفة الوسط البحرينية، تم الاقتباس بتاريخ 29 مايو 2019م، من على الرابط الإلكتروني:

http:www.alwasatnews.com

  • راجع الملحق المصوّر التوثيقي، صورة (1)
  • [2]. قوات الأمن تقتحم منازل لأفراد «مجموعة الـ25»، جريدة الوسط البحرينية، لقراءة الخبر راجع الرابط التالي: http:www.alwasatnews.com
  • راجع الملحق المصوّر التوثيقي، صورة (4)
  • [3]. «الداخلية»: تنظيم «قروب البسطة» مدعومٌ من الحرس الثوري وحزب الله، جريدة الوسط، تم الاقتباس بتاريخ 7 يوليو 2019م، من على الرابط الإلكتروني: https:alayam.com
  • راجع الملحق المصوّر التوثيقي، صورة (5)
  • [4]. كتاب ذاكرة شعب، جزء 2، الأستاذ عبدالوهاب حسين، صفحة 143، دار العصمة – البحرين (2009)
  • [5]. نفس المصدر السابق، صفحة 54
  • [6]. كتاب شهادة وطن، شهادة الأستاذ الفاضل عبد الوهاب حسين، صفحة 21، دار الوفاء للثقافة والإعلام (2013)
  • [7]. راجع ملحق (4): وثيقة الثبات والصمود
  • [8]. الجمعة: 2
  • [9]. كتاب ذاكرة شعب، جزء 2، الأستاذ عبدالوهاب حسين، صفحة 336، دار العصمة – البحرين (2009)
  • [10]. نفس المصدر السابق، صفحة 90
  • [11]. كتاب ذاكرة شعب، جزء 1، الأستاذ عبدالوهاب حسين، صفحة 69، دار العصمة – البحرين (2009)
  • [12]. موضوع البحرين، قرارات مجلس الأمن الدولي، القرار 278 (Resolution 278
  • The Question of Bahrain)، تم الاقتباس بتاريخ 30 يونيو 2019م، من على الرابط الإلكتروني:
  • http:unscr.com
  • [13].كتاب ذاكرة شعب، جزء 1، الأستاذ عبدالوهاب حسين، صفحة 40، دار العصمة – البحرين (2009)
المصدر
كتاب تيار الوفاء الإسلامي .. المنهج الرؤية الطموح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟