مواضيع

إفادة هاني منصور حبيب العصفور

وسائل التعذيب

العمر: ٣٨ عاما

الحكم: ٢٧ سنة

     سأوجز إفادتي هذه وستحتوي على كل التجاوزات والانتهاكات التي قام بها هذا النظام عبر جلاوزته، وبمسؤولية من وزير الداخلية بشكل مباشر بحسب التصريحات التي أدلى بها في الصحف الرسمية، وخاصة بعد انتشار مقطعين من الفيديو من داخل سجن جو، الأول كان يشرح حالة تكدس المعتقلين في الممرات، حيث بلغ عدد المعتقلين في سجن جو ٣٠٠٠ معتقل، في الوقت الذي تتسع طاقته الاستيعابية ١٤٠٠ معتقل فقط. أما المقطع الآخر فيخص الخطاب الذي ألقاه المحكوم بالإعدام عدوانا عباس السميع.

     وفيما يلي أهم ما أود تسجيله في هذه الإفادة:

     في تاريخ العاشر من مارس ٢٠١٥م، وتحديدا يوم الثلاثاء، وصل إلى المبنى رقم ١ نبأ الاعتداء على النساء في مبنى الزيارات، حيث تم التعرض لعائلة المعتقل حسين علي وولده المعتقل أثناء الزيارة العائلية، وقد تم أخذ حسين إلى مكان مجهول. وقد احتج نزلاء المبنى رقم ١ على ذلك، وطالبوا بمعرفة مصيره، حيث كان لغاية الساعة الثانية ظهرا غير معلوم المصير.

    عندما ذهبتُ إلى مكتب الشرطة؛ فوجئت بأن هناك طلبا بنقلي إلى مكان آخر، كما أخبرني كل من كميل المنامي ومازن الونه. إلا أنه لم يكن هناك أي أثر للشرطة، حيث قالا لي بأن تجهز أغراضك للنقل. ثم رجعت إلى الغرفة، وكان ذلك فيما بين الساعة الرابعة والخامسة، حيث داهمت القوات المبنى، وتم إطلاق الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية على المعتقلين بالمبنى، إلى أن توقف الطلق قبل أذان المغرب. وقد تعرض عدد من المعتقلين لإصابات متفرقة. وبعد أذان العشاء، تمت مداهمة المبنى من جديد عن طريق قوات الشغب، وبأعداد هائلة جدا، وتم استهداف العنبرين بعد قطع “الفنس” بآلة قطع حديدية، وأخرجوا الجميع إلى “الفنس”. وعند وصولنا إلى هناك، كان الوضع أشبه بحالة حرب حقيقية، حيث كانت الدماء تسيل على أجسادهم، وهم ممدون على الأرض، والهراوات تلعب على أجسادهم، والصراخ يعلو، ولكن دون رحمة. وكان الجميع مقيدين من الخلف بسير بلاستيكي، إلى أن جاءت سيارة الإسعاف لنقل المصابين، حيث كانت إصابة البعض خطيرة وتعرضوا للإغماء.

    وكان كل ذلك بإشراف من الرائد حسن جاسم، والعقيد ناصر بخيت وعدد آخر من الضباط، مثل عبد الله عيسى وعيسى الجودر ومحمد عبد الحميد ومعاذ وأحمد خليل، بالإضافة إلى عدد كبير من الشرطة من مختلف الجنسيات، السورية والأردنية والباكستانية والبلوشية واليمنية وغيرها.

    وبعد ذلك، جاء أحمد الكاتب التابع للإدارة بقائمة من الأسماء، وكان من بينها: السيد أحمد الماجد، والسيد فيصل العلوي، والسيد صادق الشاخوري، والشيخ محمد علي المحفوظ، ومازن الونة، وهشام الصباغ.. وآخرين وكنت أنا معهم، حيث كنا قرابة ٢٠ معتقلا. وتم نقلنا بعد تفتيش مهين إلى مبنى رقم ١٠، ولم يسمحوا لنا بحمل أي شيء من أغراضنا الضرورية، وبمجرد دخولنا المبنى استقبلنا شرطي سوري برتبة عريف، وقام بضربنا وإهانتنا، وركلنا بالأرجل.

وسائل التعذيب

    وكان من أبرز وسائل التعذيب التي تعرضنا لها في هذا المبنى، هي:

ـ بقينا مدة يومين دون طعام أو شراب، مع الحرمان من النوم والذهاب إلى الحمام، وبصحبة سيل من الإهانات التي تمس المذهب والعقيدة والانتماء. وقد أبقونا بدون فرش أو غطاء أو وسادة، في ظل البرودة الشديدة. وفي اليوم التالي، وبين الساعة الثالثة والرابعة عصرا؛ حدثت حادثة ما تسمى ب”حلفة الأرنب”، حيث تم إخراج المعتقلين في “الفنس”، وتلقوا التعذيب الممنهج بشتى الأساليب، من الضرب الهراوات وبالآلات الحديدية، والوقوف على قدم واحدة، والزحف لمسافة طويلة على الأرض مع الضرب على الظهر والساقين وسكب الماء البارد على الجسم، والحلاقة بأسلوب مهين، وإجبارنا على أن نقول: “أنا مش زعيم أنا أرنب”، و”أنا كلب وخنزير”، و”أنا ابن المتعة” وأنا ابن الفاعلة والتاركة وغير ذلك. واستمرت هذه الحال إلى الساعة الثانية عشرة تقريبا.

ـ في الليلة الثانية من هذه الحلفة، تم إخراج محمد السنكيس من الزنزانة وتعذيبه تعذيبا ممنهجا، حتى سمعت صوته بوضوح قائلا: “إني أريد أن أموت”. كان صراخه يصل إلى القلب، واستمر تعذيبه لما يقارب الساعتين أو أكثر.

ـ في ليلة من الليالي، تم إخراج كل المعتقلين الذين كانوا في الزنزانتين رقم 4 و5 من نفس العنبر الذي أتواجد فيه، وهو عنبر رقم 2. وكان ذلك في مناوبة الوكيل محمد زكريا، ورئيس العرفاء سامر. وأخذوا المعتقلين إلى جانب الثلاجة، وعذبوهم بشدة، مع العلم بأنهم صغار السن. وأتوا بهم من مبنى رقم 3 ومبنى 6، وهم دون سن العشرين. وبعد تعذيبهم؛ أجبروهم على الزحف إلى زنازينهم وهم يقلدون أصوات الحيوانات، برفقة الضرب والركل، وكان الصراخ يعلو منهم، وكذلك البكاء. كما قام الشرطة برش الفلفل الحار عليهم، وقالوا لهم بأنه ستكون لهم “حفلة” تعذيب من هذا النوع كل ليلة.

ـ ذات مرة، قام الوكيل تيسير ورؤساء العرفاء خالد وبلال، مع الشرطة محمد سليمان ومحمد حسن وغيرهم؛ بعمل خلطة سائلة من القهوة، “الديتول”، صابون غسل الصحون، و”لوكس”، وغيرها من المواد، وأجبرونا على الاستحمام بها، مما تسبب لنا بحاسية مفرطة في أجسادنا، ولازلنا نعاني منها. وكان ذلك من أجل السخرية منا لأننا بقينا قرابة الشهرين دون استحمام بأدوات النظافة. وقد كان مسموحا لنا الذهاب للاستحمام وقضاء الحاجة في مدة لا تزيد على الدقيقة الواحدة. ولازلت أعاني من المسالك البولية بسبب الحرمان من الذهاب إلى الحمام.

    وخلال 3 أشهر، عانينا من أنواع مختلفة من التعذيب، ومنها الوقوف لساعات طويلة تصل أحيانا إلى عشرين ساعة أو يومين كاملين، كما حرمنا من النوم والطعام والشراب خلال اليومين الأولين، هذا عدا الإهانات والإجبار على تقليد أصوات الحيوانات، وأغراقنا بالماء البارد وغير ذلك.

المصدر
كتاب زفرات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟