مواضيع

عهد الثاني

هو أكثر فترات الخلافة وأكثرها أحداثًا بين الخلفاء الثلاثة، حيث واصل أمير المؤمنين جهده في التعاون مع الأمر تمامًا مثل ما كان في عهد الخليفة الأول فكانت تدخلاته تأتي بحسب الحاجة وحسب مصلحة الإسلام وخدمة المسلمين، وإن كان الفضل ما شهدت به الأعداء، فقد ذكرت كتب أهل العامة وصحاحها أن الخليفة الثاني قال وكرر هذه العبارة سبعين مرة: «لَوْلا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَر»[1]. أي في سبعين مرة وموقف مختلف وهذا لا يعني أن الأمر اقتصر على هذا العدد، وإنما هذا ما تركه التاريخ وما خفي أعظم، وقد شهدت هذه المرحلة ما تسمى بالفتوحات الإسلامية والتي سنقف عندها ومع تعاطي أمير المؤمنين معها.

ما تسمى بالفتوحات الإسلامية، الفتح أشمل وأكبر من النصر؛ لأن الفتح يزيل كافة العقبات والموانع عن طريق الدعوة الإسلامية، ويفتح المجال لتحقيق الانتصارات المتتالية لذلك وصف الله تعالى فتح مكة بالفتح؛ لأنه مهد الطريق لدخول الناس إلى الإسلام أفواجًا، وعادة ما يتم غزو أي دولة ابتداء من قبل المسلمين ويتم السيطرة عليها ويسمى ذلك فتحًا، وبما أن الجهاد الابتدائي لا يكون إلا بإذن من الخليفة والولي الشرعي، وبالإضافة إلى الأخطاء والفضائح التي رافقت غزوات المسلمين في البلدان الأخرى، حتى أن أعداء الإسلام يجدون فيها أفضل مادة دسمة للتعرض للإسلام، إننا لا نعتبر هذه الغزوات فتوحات كما أرادها الإسلام، وإنما نقول الفتوحات الإسلامية تجاوزًا لذلك نضعها بين قوسين، وهناك فتح وضم، فأما الفتح فشرحنا المقصود، والضم فالمقصود هو إدخال أي بلد ضمن الدولة الإسلامية وإخضاعها للحكم الإسلامي عبر ضمه إلى مساحات البلدان التي تقع ضمن حدود الدول الإسلامية وتخضع إلى سيطرتها، وما حصل في هذا العهد هو ضم الدول التي تم غزوها وليس فتحها، والضم جزء من الفتح ولكن ذلك الضم الذي يكون على أساس الحكم الإسلامي ويتم فيه إزالة الموانع والعقبات والتي تقف في طريق الدعوة إلى الإسلام وتعريف الداخلين الجدد ضمن الحكم الإسلامي الصحيح والحفاظ على كافة حقوقهم وحمايتهم من أي أذى أو ضرر.


  • [1] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، جزء 1، صفحة 18

المصدر
كتاب مرج البحرين يلتقيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟