مواضيع

خصائص الإسلام الأمريكي

الداعي للفصل بين الدين والسياسة

الإسلام الأمريكيّ حجّة لانزواء المتديّنين وعدم تطرّقهم لشؤون المسلمين ومصاير الشعوب المسلمة؛ وهو أداة لفصل جزء عظيم من أحكام الإسلام الاجتماعية والسياسية عن متن الدين وحصر الدين بالمسجد، لا ذاك المسجد الذي يُعتبر مقرّاً لحلّ شؤون المسلمين -فهذا ما كان عليه الحال في مرحلة صدر الإسلام- بل ذاك المكان الذي يكون زاوية يتمّ عبرها فصل الدين عن الحياة والدنيا عن الآخرة. نعم، هذا هو الإسلام الأمريكي الذي يدعو الناس للابتعاد عن السياسة والفهم والبحث والعمل السياسي.[1]

إسلام أشخاص عديمي الفائدة

الإسلام الأمريكيّ هو إسلام الأشخاص الذي لا يحملون همّاً سوى التفكير بأنفسهم وبرفاههم الحيواني؛ وينظرون إلى الله والدين كرأس مال يتاجرون به، وأداة لكنز الأموال أو اكتساب القوة، ويرمون دون اكتراث كلّ الآيات والروايات التي تتعارض مع مصالحهم في غياهب النسيان أو يأوّلونها بوقاحة.[2]

إسلام المتسلكين وصاحبي رؤوس الأموال

الإسلام الأمريكي هو إسلام السلاطين والرؤساء الذين يضحّون بمصالح شعوبهم المستضعفة والمظلومة على أعتاب الآلهة الأمريكيّة والأوروبيّة، وفي المقابل، يشخصون بأبصارهم إليهم وينتظرون منهم الدعم من أجل مواصلة حكمهم وسلطتهم المخزية؛ هو إسلام الرأسماليّين الذين يدوسون بأقدامهم كلّ الفضائل والقيم من أجل تأمين مصالحهم.[3]

الإسلام المقابل للإسلام المحمدي الأصيل

ما يلاحظ في العالم الإسلامي هو أن أعداء الإسلام يحاربون الإسلام باسم الإسلام. وهذا ما عبّر عنه إمامنا الخميني الجليل(رضوان الله تعالى عليه)بالإسلام الأمريكي في مقابل الإسلام المحمدي الأصيل. الإسلام الأمريكي هو الإسلام الذي يتحالف مع الطاغوت، وينسجم مع الصهيونية، ويعمل لخدمة الأهداف الأمريكية، وظاهره الإسلام، واسمه الإسلام، وقد يؤدّي بعض المراسم الإسلامية، مع أنه حسب ما يسمعه المرء -وليست لدينا معلومات دقيقة جداً- فإن الذين يظهرون باسم الإسلام بشكل جدّ متعصب في بعض البلدان -في العراق مؤخراً وفي أماكن أخرى قبل ذلك- ليسوا ملتزمين بالأحكام والشرائع الدينية والواجبات الدينية الشخصية كما ينبغي، ولكن القدر المتيقن منه هو أن مسيرتهم العامة تتعاكس مع الإسلام مائة وثمانين درجة. لقد اعتبر الإسلام أن مواكبة أعداء الدين وولاية أعداء الدين وولاية المستكبرين من الأمور التي ينبغي للمؤمن اجتنابها: <الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ>[4]. إذا سرتم باسم الإسلام على درب الطاغوت فاعلموا أن هذا الإسلام ليس إسلاماً صحيحاً حقيقياً، وأن هناك خللاً في أمركم. وهكذا هو الحال اليوم. طبعاً باستطاعة المرء أن يشاهد أيدي الأعداء وأصابعهم، وينبغي التيقن من أن الأيدي الخبيثة للأجهزة الأمنية والتجسسية للأنظمة المعادية للإسلام لها دورها -بشكل مباشر أو غير مباشر- في مثل هذه الأمور والأحداث والقلاقل والويلات التي تنزل بالمسلمين. إنهم هم الذين يديرون هذه المشاهد، وهذا ما يمكن للمرء ملاحظته، وهناك علامات ومؤشرات ودلائل واضحة تشير لذلك. إذا أنست الأمة الإسلامية بمعارف القرآن أكثر فإن مثل هذه الأحداث ستقل وتنحسر. الارتباط والاتصال بالله يمنع من أن تميل القلوب إلى خيانة سبيل الله. ونتمنى أن يحصل هذا. [5]

الإسلام الأصيل هو إسلام النقاء والمعنوية، إسلام التقوى والسيادة الشعبية، إسلام أشداء على الكفار رحماء بينهم. وإن الإسلام الأمريكي هو أن تقمّص العمالة للأجانب ومعاداة الأمة الإسلامية بزي الإسلام!! إن الإسلام الذي يشعل نيران التفرقة بين المسلمين، ويضعُ الثقة بأعداء الله بدلا من الثقة بالوعد الإلهي، ويشن الحرب على الأخوة المسلمين بدلاً من مكافحة الصهيونية والاستكبار ويتحد مع أمريكا المستكبرة ضد شعبه أو الشعوب الأخرى ليس بإسلام، إنه نفاق خطر مُهلك يجب أن يكافحه كل مسلم صادق. إن نظرة مقرونة بالبصيرة وعمق التفكير توضّح هذه القضايا والموضوعات الهامة في واقع العالم الإسلامي لكل باحث عن الحق، وتحدّد الواجبات والتكاليف الراهنة بلا غموض. إن في الحج ومناسكه وشعائره فرصة مغتنمة لاكتساب هذه البصيرة، ومن المؤمل أن تحظُوا أنتم أيها الحجاج السعداء بهذه الموهبة الإلهية بصورة كاملة.[6]

إسلام الخائف من الأعداء

إذا كنتم ترون أنّ البعض يتنازلون أمام أعداء الإسلام باسم الإسلام، فهذا بسبب أنّ ظاهرهم ظاهر الإسلام، إلا أنّ باطنهم لا يعرف عن الإسلام شيئاً. بعض هؤلاء الرجعيّين في المنطقة -هؤلاء المسلمين في الظاهر، الذين يدّعون الإسلام- يتوسّلون مختلف أنواع الحيَل من أجل أن يخدعوا عقول الشعوب، ويجرون على ألسنتهم اسم الإسلام ويدّعون اتباعه، إلا أنّهم لا يفقهون شيئاً عن الإسلام! من الواضح أنّ أمثال هؤلاء، يتزعزعون ويرتعبون أمام قوّة الكفر؛ لكنّ الإسلام الحقيقيّ والأصيل لا يخشى أيّ شيء ولا يُمكن لشيء أن يهزمه.[7]

مصاديق الإسلام الأمريكي

الإسلام الأمريكي في زماننا وفي زمان الإمام الخميني وفي كل الأزمنة -في حدود ما نعلم، وقد يكون الأمر على نفس الشاكلة في المستقبل أيضاً- ليس له أكثر من فرعين: أحدهما الإسلام العلماني، والثاني الإسلام المتحجر. لذا كان الإمام الخميني يضع دوماً أصحاب الفكر العلماني -أي الذين يريدون المجتمع والسلوك الاجتماعي للبشر منفصلاً عن الدين والإسلام- إلى جانب الذين يحملون نظرة متحجرة للدين، أي النظرة المتخلفة وغير المفهومة من قبل الأفراد المتجددين، والنظرة المتعصبة لأسس خاطئة، أي التحجر. هاتان النظرتان كان الإمام الخميني يضعهما دائماً إلى جانب بعضهما. وحين تنظرون اليوم ترون أن كلا هذين النموذجين من الإسلام موجود في العالم الإسلامي، وكلاهما مدعوم من قبل القوى المتجبرة في العالم ومن قبل أمريكا. تيار داعش والقاعدة وأمثالهما مدعوم اليوم من قبل أمريكا وإسرائيل، وكذلك بعض التيارات التي تحمل اسم الإسلام لكنها غريبة على العمل الإسلامي والفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية، ومدعومة حالياً من قبل أمريكا.[8]


  • [1] رسالة سماحته إلى حجاج بيت الله الحرام بتاريخ 5-7-1989م
  • [2] نفس المصدر
  • [3] نفس المصدر
  • [4] النساء: 76
  • [5] خطاب سماحته في محفل الأنس بالقرآن بتاريخ 29-6-2014م
  • [6] رسالة سماحته لحجّاح بيت الله الحرام بتاريخ 30-9-2014م
  • [7] خطاب سماحته أمام مجموعة من المحررين من السجون العراقية بتاريخ 26-8-1990م
  • [8] خطاب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2015م
المصدر
كتاب الثورة الإسلامية في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟