الشهادة رحلة العشق إلى الله
معنى الشهيد ومكانته
الشهيد أسم من أسماء الله الحسنى ، المراد به : الحاضر الذي لا يغيب عنه شيء.
والشهيد هو : القتيل في سبيل الله عز وجل ، من أجل إعلاء كلمة الحق ، وإقامة العدل ، ونشر الفضيلة ، والدفاع عن حقوق الناس ومصالحهم ، وتحقيق أهداف الرسالة الإسلامية ، يبتغي بذلك وجه الله تبارك وتعالى ورضوانه.
فالشهيد يحمل أسما من أسماء الله الحسنى ، وهذا يدل على المكانة العظيمة له عند الله جل جلاله وفي منظور العقيدة الإسلامية.
والشهادة ، هي : الحضور والمعاينة والإخبار عن يقين.
شهادة الشهيد
وفي الحقيقة : فإن الشهيد يؤدي الشهادة ويقيم الدليل على صدق شهادته بالدم الأحمر القاني ، وليس باللسان وبالكلمات الخاوية ، وذلك في مسائل عديدة ، منها :
• عقيدة التوحيد : قال الله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ } ( البقرة : 140 ) حيث تعتبر شهادة ( ألا إله إلا الله ) أعظم شهادة يحملها الإنسان ، والشهيد يؤدي هذا الشهادة ويثبت صدقه فيها بدمه وليس بلسانه .
• عدالة قضيته التي آمن بها وضحى من أجلها ، وهو يثبت صدقه في هذه الشهادة أيضا بدمه .
• ظلم قاتليه وانحرافهم ، وهو يثبت صدقه في هذه الشهادة أيضا بدمه .
الشهادة رحلة عشق إلى الله : هناك فرق جوهري في علاقة الشهيد بالموت ، وعلاقة غيره بالموت ، فالشهيد يذهب إلى الموت ويقع على الموت بنفسه ، أما غيره فيأتيه الموت ويقع عليه الموت . وذلك لأن الشهيد يعشق الحق والعدل ، ويعشق الطهارة وعالم الملكوت ، وهو يرحل بدافع العشق من خلال الشهادة إلى ذلك العالم ويصعد إليه ، وفي نفس الوقت يسعى للصعود بمجتمعه إلى ذلك العالم ، عالم الحقيقة والعدالة والطهارة والقداسة والنور والسعادة والخلود .
والخلاصة : الشهادة رحلة عشق إلى الله ذي الجلال والإكرام ، ولهذا فإن الشهيد يمنح في يوم القيامة فرصة النظر في وجه الله تبارك وتعالى ، وإنها لراحة لكل نبي وشهيد .
الشهادة قيمة إنسانية كبرى
وتعتبر الشهادة قيمة إنسانية كبرى ، وذلك :
• لأنها تثبت بأن قيمة الإنسان في كماله الروحي والمعنوي ، وليس بماله وسلطته وجماله الحسي ، فالروح هي جوهر وجود الإنسان ، وكمالها هو الكمال الحقيقي للإنسان ، فقد يكون إنسان فقير معدم من سكان الأكواخ لا نصيب له من الثروة ولا من السلطة ، ولكنه يحمل في نفسه قيمة إنسانية كبيرة تفوق قيمة جميع ملوك الدنيا ، وذلك لما يحمله من كمال روحي ومعنوي في نفسه .
والخلاصة : الشهيد يضحي بجسده من أجل كماله الروحي والمعنوي ، ويضحي بالدنيا كلها من أجل ربه وآخرته ، وهذه قيمة إنسانية كبرى .
• والشهادة تمثل قيمة إنسانية كبرى لما يحمله الشهيد من صفات إنسانية سامية ، مثل : الوعي والصدق والإيثار والتضحية بالنفس والنفيس من أجل القيم والمبادئ ، ومن أجل مصالح الآخرين وسعادتهم .
• والشهادة تمثل قيمة إنسانية كبرى ، لأنها تثبت قيمة العشق في حياة الإنسان ، فالشهيد لم يستشهد بدافع الخوف من النار أو الطمع في الجنة ، لأنه يستطيع أن ينجو من النار ويفوز بالجنة بأقل من الشهادة ، ولكنه استشهد بدافع العشق لله ذي الجلال والإكرام ، وبهذا العشق سمى في نفسه وتعالى ، وبهذا العشق يسعى للصعود بمجتمعه إلى عالم الحقيقة والعدالة والطهارة والنور والسعادة والخلود ، ولهذا فإن المجتمعات الذي تجود بالشهداء ، هي مجتمعات طاهرة لا تعرف الذل والهزيمة والتراجعات ، أما المجتمعات التي تبخل بالشهداء ، فهي مجتمعات ملوثة ، لا يفارقها الذل والصغار ، ويسودها الاستبداد والاستكبار ، ولا تفارقها الهزائم ، نعوذ بالله تعالى منها ومن شرها المستطير في الأرض والسماء .
المناسبة
- المناسبة : يوم الشهيد.
- اليوم : مساء الأحد ـ ليلة الاثنين
- التاريخ : 16 / ذو الحجة / 1429هج
- الموافق : 14 / ديسمبر ـ كانون الأول / 2008م.
ملاحظة : بمناسبة اقتراب يوم الشهيد نظمت غرفة أحرار البحرين “a7rar alba7rain” لقاء عبر الانترنت حول الشهادة ألقى فيها الأستاذ عبد الوهاب حسين كلمة قصيرة، هذا نصها المكتوب.