مواضيع

الصبر

أحبتي .. إن الصبر مفتاح الفرج، و باب النجاة من عواصف البلاء والمحن، ومن غير الصبر يقع الإنسان فريسة للضعف واليأس والانهزام، والصبر من الإيمان كالرأس من الجسد؛ فكما أنه لا خير في جسدٍ بلا رأس، فكذلك لا خير ولا فائدة في إيمانٍ لا صبر معه. ومن صَبَرَ ظفر وإن طال به الزمان، والصبر يعقبه خير، فاصبروا ووطنّوا أنفسكم على الصبر.

أقسام الصبر

ينقسم الصبر إلى ثلاثة أقسام: صبرٌ عند البلاء، وصبرٌ على الطاعة، وصبرٌ عن المعصية.

  1. الصبر عند البلاء: الإنسان في الدنيا معرضٌ لأنواع المصائب كالمرض والفقر والسجن و…، و حتى يحصل على فيوضات البلاء ويرتقي ويتكامل عند المصيبة فلا بد من الصبر الذي يجعله ثابتاً مطمئناً، لا يجزع ولا ينهار.
  2. الصبر على الطاعة: العبادات والطاعات تحتاج إلى صبرٍ وتحمل، خصوصاً بعض الواجبات التي يؤدي القيام بها إلى إلحاق الضرر بك؛ فالجهاد واجب، وهو قد يؤدي إلى الشهادة أو الإصابة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يؤدي بك إلى السجن أو التعرض للإساءة من قبل الناس، فلا بد من الصبر الذي يجعلنا قادرين على امتثال الواجبات الإلهية.
  3. الصبر عن المعصية: النفس الأمارة بالسوء قد تزيّن لك المعصية وتحبّب إليك الرذيلة، فتميل إلى الارتماء في أحضان الفاحشة، والذي يوقفك عن كل ذلك هو الصبر وحبس النفس ومقاومة الشهوات والرغبات المحرمة، فبالصبر تحفظ نفسك من العصيان وبالصبر تنجي نفسك من النيران.

قصة الفقيه الخونساري

يُنقل أنه وقعت «حرب» بين المسلمين والكفار في الحدود الروسية الإيرانية قبل حدود 120 عاماً، وقد تم أسر واعتقال مجموعة من المسلمين، وتم نقلهم بالباخرة إلى بعض السجون البعيدة، وكان من ضمن الأسرى شخص يُعرف بـ«الخونساري» وهو إيراني، يقول: كنا مقيّدين على متن الباخرة وكان بجانبي أسير هندي مسلم، وكنّا شباباً في ريعان العمر، فلاحظتُ الشاب الهندي وإذا به لا يقدر على الصبر وتحمل القيود والاعتقال، وكان يشكو الحال كثيراً ويجزع، وهكذا استمر به الحال حتى قام و رمى بنفسه في البحر، فمات غرقاً!

والعجيب أن هذا «الخونساري» المعتقل الشاب، وبعد أن قضى مدة من عمره في السجون، تم الإفراج عنه ورجع إلى إيران ودرس في الحوزة حتى أصبح من كبار مراجع الشيعة .. إنه آية الله العظمى السيد محمد الخونساري(قدس سره).

فلاحظ كيف أن الصبر على الاعتقال وشدائده جعله في آخر المطاف مرجعاً وفقيهاً للمسلمين، وهكذا الصبر يعقبه خير.

المصدر
كتاب إلى أحبتي | الشيخ زهير عاشور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟