المعصية و الذنوب
جدول المحتويات
أخي .. إنّ الذنوب والخطايا تُلبسنا ثوب المذلة والمسكنة، والانغماس في المعاصي يُميت قلوبنا ويُظلم أرواحنا، والإصرار على المحرمات يحرمنا عن لذيذ مناجاة الله، ونُسلب البركات في الدنيا وبعده الممات!
فلا شيء أخطر علينا من «الحرام»: فهو طاعة الشيطان ومعصية لله ..
ولا شيء أخطر علينا من «المعصية»: فهي جرأةٌ وتعدّي ومحاربةٌ لله ..
ولا شيء أخطر علينا من «الذنوب»: فهي تسلبنا إنسانيتنا وتجعلنا من الهالكين ..
«إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي، وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتِي، وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمُ جِنايَتِي، فَأَحْيِه بِتَوْبَة مِنْكَ يا أَمَلِي وَبُغْيَتِي، وَيا سُؤْلِي وَمُنْيَتِي»[1]
الأعمال وآثارها
إنّ كل عملٍ نقوم به؛ سواء كان العملُ صالحاً أم طالحاً، حسناً أم قبيحاً، طاعةً أم معصيةً، فإنّ العملَ له أثرٌ على النفس والروح، فـ«العمل الصالح» يجعل الروح تعيش الصفاء، والقلب يعيش النقاء والطهر، و«العمل الطالح» يجعل الروح تعيش الظلمة، ويصير القلب ملوّثاً ونجساً.
الأعمال الحسنة
إن القيام بالصالحات، والإتيان بالواجبات والمستحبات، ومداومة طاعة الله تعالى تجعل الإنسان يعيش الكمال، فيعيش الحياة الطيّبة الطاهرة، مع نفسه ومع الناس ومع الله تعالى، ويعيش طمأنينة النفس وسعة الصدر في الحياة الدنيا.
وإنّ السّر في تكرار العبادات حيث نصلّي في كل يوم خمس مرات ونصوم في كل عام شهر رمضان، مع المداومة على الدعاء وقراءة القرآن، فإن التكرار يجعل الروح ترتقي على الدوام، والقلب يصفو ويزداد إشراقاً مع مرور الزمان، كـ«المرآة» التي يزداد صفاؤها كلّما نظّفتها وأزلت الغبار والأوساخ عنها، فلابد من الاستمرار على طاعة الله، والمداومة على الخير حتى نصل إلى الكمال ويرضى عنا الله.
قصة المقدس الأردبيلي
يُنقل أن عالماً كان يدرس في حوزة النجف الأشرف، حيث استمر في دراسة العلوم الإسلامية حدود 20 عاماً، إلّا أنه لم يصل إلى المستوى العلمي المطلوب! فالتفت إلى نفسه وقال: إذا كانت هذه السنين لم توصلني إلى الهدف! فلا فائدة من مواصلة البقاء في الحوزة!
فقرّر أن يرجع إلى موطنه وهو إيران، وبالفعل قام بالسفر ومغادرة الحوزة، وفي أثناء الطريق توقّف عند بئر من أجل أن يشرب منه الماء، فلمّا اقترب من البئر شاهد شيئاً جعله يغيّر مسار حياته كاملاً!
لقد شاهد أن الحبل الذي يُرسل إلى أسفل البئر، قام بحفر الصخر الذي على حدود البئر، حيث كان البئر مبنياً وعلى حدوده صخور صلبة فالتفت إلى نفسه متسائلاً: إذا كان هذا الحبل الضعيف ومع الاستمرار في سحبه وإرساله قام بالتأثير في الصخر حيث أوجد فيه حفرة واحدة، والحبل ضعيف والصخرة قوية وصلبة! فكيف لي لا أقدر على الصبر والثبات والاستمرار على طلب العلم والدراسة في الحوزة حتى أصل إلى المقام العلمي الراقي؟ فلو واصلت وداومت لسنواتٍ أخرى فسوف أصل إلى النتيجة إن شاء الله تعالى ..
وبالفعل قرّر العودة إلى حوزة النجف وواصل مشواره الدراسي وزاد في الجهد الذي يبذله، وبعد سنوات وصل إلى مقامات عالية، حتى عُرف هذا الشخص بـ«المقدس الأردبيلي(قدس سره)» وهو من كبار الفقهاء والمراجع الذين خرجتهم حوزة النجف الأشرف، كلّ ذلك سببه المداومة والاستمرارية ومواصلة طريق الخير.
الذنوب و آثارها
إن التفكير في الذنوب، فضلاً عن «ارتكاب المعاصي» يسبب آثار مأساوية وظلمات داكنة على القلب والروح والفكر.
إن القلوب كـ«المرآة» فهي لا تصبح جميلةً وبرّاقة إذا غطّتها الذنوب، ولا تعكس الخارج ولا تُدرك الواقع كما هو إذا صدأت من المعاصي والآثام، و«القلب» إذا طهر من الذنوب صار جميلاً برّاقاً يشعُّ منه الخير والبركة، و«الروح» إذا نقت من المعاصي صارت تُدرك الحقائق وتُبصر الأشياء كما هي.
أحبتي ..
ألا ترون أن «العصاة» ينظرون إلى الحياة بنظرة معكوسة و مقلوبة؟!
ألا ترون أن «الطغاة» يفسدون في الأرض وهم يحسبون أنفسهم مصلحين؟!
ألا ترون أن «المذنب» المصرّ على ذنبه يفقد إنسانيته مع مرور الزمان؟!
إنه أثر الذنوب والمعاصي الذي يغيّر «فطرة الإنسان» ويجعله كالأنعام!!
التفكير في المعصية
القرآن الكريم والأئمة (علیهم السلام) يقولون لنا: لا تتبعوا خطوات «الشيطان»؛ لأنك إذا أطعت الشيطان في خطوة واحدة، فسوف تطيعه في الخطوة الثانية، حتى تصير عبداً له، وتطيعه في كلّ ما يأمرك وينهاك، فاقطع على الشيطان الأمل واعصه في أولِ خطوةٍ يدعوك إليها، حتى ييأس منك، ولا يفكّر في إضلالك، و«التفكير» في المعصية و«حديث النفس» باقتراف الخطيئة هي أولى خطوات وتسويلات الشيطان من أجل أن يوقعك في فِخَاخِه وأشراكِهِ وحبائله، فكم من «فكرةٍ شيطانية» جرّت الدمار والخسارة في الدنيا والندامة في الآخرة؟!
وقد يكون صديقك هو الذي ينفثُ في قلبك ويوسوس في صدرك! إنه من «شياطين الإنس» فاحذره ولا تُطِعه.
أخي .. حتى لو لم ترتكب المعصية ولم تفعل الذنب، إلا أنّ «التفكير» بالمعصية والذنب يجعلك تعيش الظلمة الروحية وعدم بصيرة القلب.
قصة عدم التفكير في المعصية
يُروى أن النبي عيسى (علیه السلام) كان يقول لأصحابه: إنّ النبي موسى (علیه السلام) قد نهاكم عن الزنا، وأنا أقول لكم: لا تفكّروا في الزنا، فإنّ البيت الذي يمتلأ بالدخان، وإن كان لا يسبب الحريق، إلا أن الجدران تصبح سوداء ووسخة! وهكذا الحال مع التفكير بالمعصية حيث يصبح القلب مظلماً والروح ملوّثة!
«إلهِي أَشْكُو إلَيْكَ عَدُوّاً يُضِلُّنِي، وَشَيْطانَاً يَغْوِينِي، قَدْ مَلأ بِالْوَسْواسِ صَدْرِي، وَأَحاطَتْ هَواجِسُهُ بِقَلْبِي يُعاضِدُ لِيَ الْهَوى، وَيُزَيِّنُ لِي حُبَّ الدُّنْيَا، وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّاعَةِ وَالزُّلْفى»[2]
الإصرار على المعصية
وإذا زلّت قدمك يا عزيزي، وخدعك الشيطان بغروره، وسوّلت لك النفس الأمارة بالسوء حتى وقعت في المعصية .. فعليك بالتراجع والتوبة والإنابة، والحذر الحذر من المواصلة على الذنب والإصرار.
لا تقل: ما دمتُ عمِلت بالمعصية وارتكبت حراماً، فسأواصل في الحرام! بل عليك أن تبادر بسرعة لإزالة «أثر المعصية» قبل أن تحصل المضاعفات، فالذنب العابر والمعصية التي لا نُصر عليها يمكن التوبة منها سريعاً واقتلاع آثارها بسهولة مثل «النبتة الصغيرة» التي للتَّوِّ خرجت من بذرتها، فإن اقتلاعها سهلٌ ويسير، أما إذا عملنا المعصية وأصرّينا عليها فإن اقتلاع آثارها بعد ذلك سيكون صعباً وشاقاً وحاله حال اقتلاع «شجرة النخيل الكبيرة» التي ضربت بجذورها الأعماق .. هكذا يصعب اقتلاع آثار الذنوب مع الإصرار!
أخي .. كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابين .. وقد فُتِح لنا باب التوبة وإصلاح ما أفسدناه، فلا يصح أن «نصرّ على الذنوب» ..
قصة الاحساس بألم النار
ينقل أنه كانت في بني إسرائيل امرأة فاسقة لا تتورع عن الحرام، وكانت معروفة ومشهورة بالمعاصي، وذات مرّة وبينما كانت تمشي في الطريق إذ سمعت حديث بعض الشباب الفاسق وهم يقولون: لو أنّ هذه المرأة – وكانوا يقصدونها – ذهبت إلى فلان العابد لأوقعته في الحرام!
ففكرت هذه المرأة الفاسقة في أن تذهب إلى ذلك العابد وتوقعه في الحرام! لكن بأي طريق وبأي حيلة؟!
فذهبت إليه في صومعته، وكان يعيش بعيداً عن الناس، فطرقت عليه الباب، فلمّا سأل عن الطارق وأجابت، عرفها ولم يفتح لها الباب، لكنها أخذت بالبكاء والتظاهر بأنها قد تابت عن المعاصي لكن الشباب يلاحقونها ولا يدعونها تتوب، وإذا لم تفتح لي الباب فإنهم سوف يرتكبون معي الحرام! وأنت المسؤول عن ذلك!!
فرقّ قلبُهُ وصدقها في دعواها وفتح لها الباب! ولكن ما إن دخلت البيت حتى خلعت ملابسها أمامه حتى تغويه!!
وفي لحظةٍ سريعة، وبعمل غير مدروس، قام العابد و وضع يده على جسدها .. وهذا حرام، ولكنه كان في سكرة الخطأ للحظة واحدة!!
ولكن بسرعة خاطفة، التفت إلى نفسه ورجع عن خطئه ولم يصر على ما بَدَرَ منه من معصية .. فرفع يده عن جسدها ولأجل أن يُعاقب نفسه ويده، فإنه وضعها في «موقد النار» الذي كان يتدفأ منه! وأخذت النار تحرق يده، فسألته: لماذا تفعل ذلك؟ فقال: عقاباً لها، فهي يدٌ عملت الحرام والتذت بالمعصية، فلا بد أن تذوق ألم النار في الدنيا حتى لا أعاقب في الآخرة بنار جهنّم.
المجاهرة بالمعصية
إن الذي يعصي ويرتكب الذنوب والآثام، هو في الواقع يعلن التمرد والحرب على الله تعالى، والله سبحانه قد يعينك على التوبة ويتجاوز عن الخطيئة إذا علم أن سبب معصيته الشهوة العابرة والجهل والجهالة .. لكن إذا علم منك العناد وسوء السريرة والتحدي لله، وذلك من خلال «التجاهر بالمعصية» والإعلان للذنب وإخبار الآخرين بأنك فعلت المعاصي ولا تخاف من عقاب الله!! فاعلم أن وضعك خطير، وحالك لا يبشر بخير، وتوقع نزول العقاب عليك وإخراجك من الدنيا بشر مصير.
إِلهِي، لَمْ أَعْصِكَ حِيْنَ عَصَيْتُكَ وَأَنا بِرُبُوبِيَّتِكَ جاحِدٌ، وَلا بِأَمْرِكَ مُسْتَخِفٌ، وَلا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، وَلا لِوَعِيدِكَ مُتَهاوِنٌ، لكِنْ خَطِيئَةٌ عَرَضَتْ، وَسَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، وَغَلَبَنِي هَوَايَ، وَأَعانَنِي عَلَيْها شِقْوَتِي، وَغَرَّنِي سِتْرُكَ المُرْخَى عَلَيَّ.[3]
<يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا 28 لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا>[4]
أجواء المعصية
واحذر عزيزي من العيش في جو ومحيط تسوده المعصية وتخيم على أجوائه الخطيئة، فحتى لو لم تكن أنت واحداً منهم ولا من الذين يباشرون المعصية، إلا أنك وبعد مدة من الاعتياد على هذا المحيط والأنس بحديث العصاة وأفعال المذنبين، سوف تفعل ما يفعلون وترتكب ما يرتكبون، وتصير عاصياً من العاصين!
لا تحضر مجلساً يعصى الله فيه … فقد ينزل العذاب عليهم وأنت معهم، ولا تجالس من يعصي الله … فهو عدو الله، وهل تحب أعدائه؟ فكن دقيقاً في اختيار الأصدقاء والجلسات .. واحذر رفاق السوء ومجالس المعصية وكن حازماً في تكوين العلاقات فالذي يعصي الله ويصر على مخالفته ولا يريد الرجوع عن طريق الضلال والانحراف .. فلا يمكن مصاحبته ..
وَلا تَفْضَحْنِي بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي وَلا تُعَاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَا عَمِلْتُهُ فِي خَلَوَاتِي مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَإِسَاءَتِي وَدَوَامِ تَفْرِيطِي وَجَهَالَتِي وَكَثْرَةِ شَهَوَاتِي وَغَفْلَتِي[5]
المعصية في السر والخفاء
إن الكثير منا لا يرتكب المعصية أمام الناس، ولكن إذا كان لوحده بحيث لا يراه أحد، فإنه لا يتورع عن مقارفة الذنب!
وهكذا نخاف من الناس ولا نخاف من رب الناس! ونخشى عيون البشر أن ترانا عاصين مذنبين، ولا نخشى من عين الله التي لا يخفى عليها شيء، فلنحذر الله في الخلوات؛ لأن الخلوات هي عيون الله علينا ومشاهدة ضدنا، ولنشعر قلوبنا الاحساس بأن الله تعالى حاضر، ونحن في محضره على الدوام، لا يخفى شيء من حالنا عليه، فهو مطلع على ظاهرنا وباطننا، وما أعلنا وما أسررنا. وهو قادر على فضحنا ..
الإمام علي (علیه السلام): «من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح مابينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس ..»[6]
قصة تظليل التائب
ينقل أن جماعة ركبت سفينة في البحر، وفي أثناء سفرهم حلت عاصفة فكسرت السفينة، وغرق كل من عليها، إلا امرأة تعلقت بخشبة حتى وصلت إلى جزيرة، وفي هذه الجزيرة كان هناك رجل فاسق، فلما رآها سألها: هل أنت إنسية أم جنية؟ من أين جئت؟ فأخبرته بالقصة، ثم إنه أراد أن يفعل معها الفاحشة ويجبرها على ذلك. إلا أنها رفضت ذلك، وهو يصر على ما يريد، وفي الأثناء وجدها ترتجف وترتعش وترتعد! فسألها: ممن تخافين ولم هذا الاضطراب؟! فأشارت المرأة إلى السماء وقالت: أخاف من الله، فحتى لو لم يشاهدنا أحد، إلا أن الله يشاهدنا وهو لا يرضى بالزنا والفاحشة، فتغير حال هذا الرجل الفاسق وقال لها: الأولى أن يكون الخوف من نصيبي، فأنا الذي كنت أعصي الله طول هذه السنوات ولم أراقبه، لا في الخفاء ولا في العلن! ثم عزم على التوبة وأن لا يعود إلى المعصية.
وبينما هو يمشي ويحدث نفسه بالتوبة، إذ يلاقي عالماً عابداً، فقال التائب: يا شيخ أنا تائب فهل يقبل الله توبتي؟ فقال له: نعم، إذا تبت تاب الله عليك. وبينما هما يمشيان، وكان الجو حاراً، قال العالم: ادع لنا واطلب من الله أن يظللنا بغيمة تخفف عنا أكثر. فقال التائب: أنا كلي معاصي وللتو وفقت للتوبة، فكيف يستجيب الله دعائي؟ فقال العالم: دعنا ندعو معاً لعل الله يستجيب لنا، فدعوا معاً، وإذا بغيمة تظللهما معاً. ثم إنهما وصلا إلى مفترق طريق فمشى العالم في طريق والتائب في طريق آخر، وإذا بالغيمة تذهب مع التائب وتظلله!!
الغيبة
إن هذا الذنب وهذه المعصية تعتبر من الذنوب الكبيرة التي توجب سخط الله وغضبه، وتؤدي بفاعلها وسامعها إلى النار وأنواع العذاب ..
فالغيبة: تأكل الحسنات منك، وتنقل السيئات إليك، وتجعلك فقيراً يوم الحساب.
والغيبة: تمزق المجتمع، وتورث الضغينة والحسد بين الناس والأفراد.
والغيبة: أكل للحوم البشر وهم أحياء، وفي النار ستأكل الجيفة بسببها!
أحبتي …
إن اعتياد الناس على الغيبة، وامتلاء المجالس من هذه الرذيلة لا يقلل من قبحها وكونها من كبائر الذنوب، فلابد من الحذر منها. فالغيبة حرام على من يتفوه بها، وحرام على من يستمع إليها، وعليك أن تمنع من يقوم بالغيبة وتنهاه عن هذه المعصية، وإذا لم يمتنع فدافع عن الشخص الذي وقعت عليه الغيبة أو اترك المجلس والمكان الذي وقعت فيه هذه الغيبة.
هل تعلم؟
بأن الإنسان في يوم القيامة يؤتى له بصحيفة أعماله، فيجد فيها أعمالاً صالحة لم يكن قد أتى بها في الدنيا، فيسأل متعجباً: أنا لم أقم بهذه الصالحات, فكيف جعلت في صحيفة أعمالي؟! فيقال له: إن فلاناً قد اغتابك، وقد نقلنا حسناته إليك عقاباً له وثواباً لك.
وهل تعلم؟
بأن الإنسان في يوم القيامة يؤتى له بصحيفة أعماله، فيجد فيها أعمالاً طالحة لم يكن قد اقترفها في الدنيا، فيسأل متعجباً: أنا لم أقترف هذه الذنوب، فكيف جعلت في صحيفة أعمالي؟! فيقال له: إنك قد اغتبت فلاناً، وقد نقلنا سيئاته إليك عقاباً لك.
أخي .. لماذا تذكر أخاك بعيوبه المستورة وتفضحه أمام الآخرين؟! هل تحب أن يذكرك أحد بمثل ذلك ويفضحك أمام الآخرين؟!
النميمة
إن البعض يعيش العقد النفسية والأمراض الروحية…، فلا تهنأ له الحياة إلا إذا سعى لإيقاع العداوة بين الناس والمشاكل والاضطرابات! فينقل لفلان كلاماً، ثم ينقل لآخر كلاماً آخر، وهكذا، حتى تقع الحرب والعداوة بينهما! فيعكر صفو الأرواح ويشعل الضغائن في الصدور، ويجعل المكان الذي يعيش فيه موبوءاً بالمشاحنات والعداوات!
والنميمة حرام شرعاً، ومن الذنوب التي تسبب دخول النار، وتجعل المجتمع متفككاً متحارباً .. والذي يباشر النميمة يكون مبغوضا بين الناس، ولا يذكرونه إلا بأنه صاحب فتنة.
أحبتي .. القرآن يدعونا بأن نكون مباركين أين ما كنا .. <وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ>[7] ..، فنحب الخير للناس، ونسعى لجعلهم متآلفين ومتحابين ونحل مشاكلهم، ونكشف الهم والغم عنهم، فنكون من عباد الله الصالحين ..
الكذب
والكذب: أن تخبر عن شيء خلاف الواقع، وأنت تعلم بذلك.
والكذب يبدأ بالقول ثم يصل إلى الأخلاق والعقائد، فإذا اعتاد الإنسان على الكذب فإن روحه ستعتاد على هذه الرذيلة في كل الشؤون، حتى يصل في آخر المطاف أن يكذب الإنسان على نفسه!
أحبتي ..
لنعش الصدق في كل ما نقول ونفعل، وليعرفنا الناس بالصادقين .. فالصدق فيه النجاة، حتى لو تضررت بعض مصالحك «مصالحنا» … والصدق يدخل الجنة، ويوجب رضا الله ومحبته ..
من كثر كلامه كثر خطؤه، ومن كثر خطؤه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار ..
أحبتي الشباب ..
إنكم تعيشون زهرة أيام العمر وأحلى سنين الحياة حيث طهارة القلب ونقاء الروح، والقدرة على التغيير والتكامل إلى سماء الفضيلة.
فشبابكم .. أمانةٌ في أعناقكم، ستسألون عنه في يوم القيامة ..
والعافية .. نعمةٌ لا تدرك إلا بعد فواتها وبعد حلول الأمراض ..
والوقت .. ثمينٌ لا يضيع بمجالسة البطّالين ولا بالجلوس مع العاصين ..
أحبتي الشباب ..
إن الشيطان لن يترككم، وهو يفكّر دائماً في إضلالكم، وينصِب لكم فخاخه ليوقعكم في مستنقع الذنوب والمعاصي، فعيشوا «نعمة الشباب» كما يريد الله لكم، ولن تهنؤوا بالحياة إذا أُسرتُم في زنازين المعاصي وقُيّدتم بأغلال الذنوب جراء متابعة الشهوات، وطاعة الأهواء .. فلنكن على حذرٍ قبل أن نخسر نعمة الشباب ..
النظر إلى المحرمات
إن مشاهدة الصور المبتذلة أو الأفلام والمسلسلات الماجنة الساقطة، هي محرّمة في الدين، وتوجب العقاب ودخول جهنم و النار .. فـ«من ملأ عينه من الحرام، ملأ الله عينه من النار، إلا أن يتوب» ..
فالعين ضعيفة لا تتحمل الوخزة الخفيفة، فكيف تتحمل أن تملأ بالجمر الذي يشتعل نيران، عقاباً على مشاهدة المحرمات؟!
والعينُ أمانةٌ من الله ونعمة يجب أن نشكره عليها، لا أن نقابل النعمة بالكفران من خلال مشاهدة ومتابعة المحرمات!!
أحبتي الشباب ..
إن من يغضّ طرفه يُريح قلبه، والذي يُطلق بصره ولا يوقفه عن مشاهدة المحرمات فإنه يُتعب نفسه وروحه وفكره، وغضّ الطرف عبادة المتقين، وسببٌ للراحة في الدنيا والسعادة في الآخرة، فلا تعطي نفسك ما تشتهي بأن تنظر إلى كل شيء .. فالحرام خط أحمر ..
الاستماع إلى الغناء
والغناء .. حرامٌ فعله، وحرامُ الاستماع إليه، وهو طريق الزنا والفاحشة وهو يوجب التحلل والتفسخ، ويوهن ويضعفالعزيمة والهمّة فيصير المستمع له في قبضة الشيطان يسيّره أين ما يشاء ويوقعه في أنواع الحرام وفي خاتمة المصير يوجب الغناء دخول النار و مقاساة العذابات ..
والسمعُ نعمةٌ من الله، فهل نستمع لشيء يكرهه الله ويبغضه!!
والذي يستمع إلى الغناء سوف يجعل في أذنيه سيخاً من نار!!
أحبتي الشباب ..
إن الله هو الذي حرّم الغناء، وحرّم الاستماع إليه؛ وذلك لعلمه بالمفاسد العظيمة والآثار الخطيرة التي يسببها الغناء على حياتنا وأرواحنا وقلوبنا .. فهل نُلحق الضرر بأنفسنا من أجل رغبةٍ كاذبة وطربٍ خادع ولهوٍ ماجن؟! وهل نسقط بإنسانيتنا إلى حضيض وحل آثام هذه الرذيلة والاستماع لإراذل الخلق من الفاسقين!!
الإستمناء
والإستمناء من الأفعال المحرّمة، حيث لا يجوز للإنسان أن يُخرج المني من نفسه عامداً، والذي يفعل ذلك فهو فاعلٌ في نفسه!
وعليه أن يغتسل من الجنابة، ويلزمه التوبة والندامة وعدم العود له، فهو مرض الشباب حيث يفكرون في «القضايا الجنسية» ويفرغون ما في داخلهم من خلال هذه الممارسة الشنيعة! والعادة القبيحة!
أحبتي الشباب ..
لا تشعلوا غرائزكم من خلال النظر إلى المشاهد المحرمة ولا تشغلوا أفكاركم بالحديث عن القضايا المثيرة، ولا تفكروا بهذه العادة الشنيعة ..
فهي سببٌ لبعض الأمراض الجسدية ..
وهي سببٌ لبعض الأمراض الروحية ..
وهي سببٌ لسخط الله وغضبه ..
اللواط
اللواط من الذنوب الكبيرة، فهو حرامٌ يوجب العقاب يوم القيامة، فمن اقترف هذا الذنب فعليه المبادرة للتوبة قبل أن ينزل عليه العذاب وعليه أن يغتسل غسل الجنابة، فما أعظمه من ذنب وأشدّها من فضيحة!
والله تعالى أهلك أمّةً بكاملها؛ لأنها كانت ترتكب هذه الرذيلة فجعل عاليها سافلها وأهلكهم في الدنيا وهم الآن في النار معذبين!
أحبتي الشباب ..
احذروا من هذه الفاحشة ولا تصاحبوا من يفعلها أو يدعوا إليها، و اطردوه من بينكم وانبذوه .. حتى يتوب إلى الله.
وسُدُّوا مقدمات هذه الرذيلة، فأي مقدمة وأي عمل يؤدي إليها، فلا بد من الامتناع عنه وعدم دخوله.
إنه ذنب يوجب الفقر وزوال البركات، ويسبب الفضيحة بين الناس، ويدخل فاعله النار!
أحبتي ..
لا نكن سبباً في صناعة أجواء هذه المعصية، من حيث نشعر أو لا نشعر، وأنا أخوكم الكبير الذي شاب رأسه، ودنا أجله، واقترب موته، أدعو لكم دعاء الشفيق الرحيم، وأنتم أحبتي وأعزتي، وأقول لكم ملتمساً: أحبتي حافظوا على «الستر الكامل»، وابتعدوا عن لبس الثياب القصيرة ولا تعتادوا وتلبسوا «الشورت»، أعلم أن هذا صعبٌ عليكم، خصوصاً في هذا الزمان، لكن سأقول لكم بصراحة؛ إن هناك أناساً مرضى في نفوسهم، وينظرون إلى ما يُكشف، فيفكرون في الحرام! بل قد وقعت حالات لواطٍ كثيرة وسببها «شورت» لا يستر عورة، ويثير شهوة! أحبتي، اعتادوا على «الستر الكامل»، حتى وأنتم رجال بين الرجال؛ تحفظون بذلك أعراضكم وأعراض الناس. ولنعمل على صناعة «المجتمع النظيف» برجاله ونسائه، ونجعل الكل يعتاد على الحياء والحشمة، في اللباس والسلوك، حتى نعيش السعادة في الدارين ..
أحبتي الشباب ..
لنهجر الذنوب والمعاصي، ولنكفّ عن مخالفة الله وحربه، ولنطهر القلوب من أوساخ الآثام بالتوبة إلى ربّ الأنام، ولنغسل بـ«ماء التوبة» كل الأدران والأقذار قبل الموت والنيران، ولا نيأس ولا نقنط حتى لو ارتكبنا المعاصي والذنوب العظام العظام، فالفرصة ما زالت سانحة ما دامت الروح تدُّبُ في الأجساد ..
والعودة لحياة الطهر والفضيلة ممكنة ما دام باب التوبة مفتوحاً ..
وَارحَمني صَريعا عَلَى الفِراشِ تُقَلِّبُني أيدي أحِبَّتي ..
وتَفَضَّل عَلَيَ مَمدوداً عَلَى المُغتَسَلِ يُقَلِّبُني صالِحُ جيرَتي ..
وتَحَنَّن عَلَيَ مَحمولاً قَد تَناوَلَ الأَقرِباءُ أطرافَ جِنازَتي ..
وجُد عَلَيَ مَنقولاً قَد نَزَلتُ بِكَ وَحيدا في حُفرَتي ..
وَارحَم في ذلِكَ البَيتِ الجَديدِ غُربَتي ..[8]
[1]- مناجاة التائبين [2]- مناجاة الشاكين [3]- دعاء أبي حمزة [4]- الفرقان: 28-29 [5]- دعاء كميل [6]- نهج البلاغة، حكمة 420 [7]- مريم: 31 [8]- دعاء أبي حمزة الثمالي