مواضيع

أسرار شخصية الشهيد محمد سهوان !

كيف كانت شخصية الشهيد محمد سهوان في السجن؟

لا يختلف أيٌّ من السجناء الذين عاشوا مع الشهيد أبو القسام حول شخصية الشهيد محمد سهوان وطيبته وابتسامته الدائمة وضحكته المميزة، وإحدى الحركات اللطيفة التي كانت تميز الشهيد، هي أنه كان ينادي الناس من حوله بعبارة: «يا الطيب»؛ حتى إن بعض زملائه صار يقتدي به في استخدام هذه الكلمة اللطيفة.

لم يكن في شخصية الشهيد محمد سهوان استخدام كلمات غير لائقة في كلامه أثناء حديثه؛ ناهيك عن قيامه بفعل ينافي الأخلاق الإسلامية؛ بل على العكس تماماً، فقد كان يقابل الإساءة بالإحسان، ففي أحد الأيام انفعل أحد المعتقلين مع الشهيد، فصار يصرخ على أبي قسّام، وبتلفظ بألفاظ غير لائقة في حقه.

في شخصية الشهيد محمد سهوان ،لم يكن من الشهيد سوى التبسم في وجهه والقول: «رحم الله والديك، ما قصرت»، فكان الشهيد يكرر هذه العبارة كلما تكررت الإساءة.

كما كان الشهيد محمد سهوان مواظباً على صلاة الليل، ولأن غرف عنبر 4 كانت تضيق بالسجناء؛ لهذا فقد كان الشهيد يفرش سجادته في الممر متوجهاً إلى ربه.

شخصية الشهيد محمد سهوان في سجن جو

شخصية الشهيد محمد سهوان الرياضية

الشهيد كان لاعباً متمرساً في لعبة التكواندو؛ إضافة إلى كونه مدرباً ماهراً فيها، ورغم المستوى الرياضي المتقدم الذي كان يتمتع به الشهيد، إلا أنه كان يراعي تفاوت المعتقلين في قدراتهم البدنية، وكان الشهيد ينظم حلقة تدريبات رياضة تستهدف غير الرياضيين من الراغبين في التخسيس وإنقاص الوزن.

وفي هذه الحلقة كان يشارك قرابة العشرين نزيلاً من بينهم عدة من الأجانب من جنسيات مختلفة، ونجح أبو قسّام في رفع مستوى اللياقة البدنية لدى العديد من النزلاء، حتى أن بعضهم لايزال محتفظاً بذات اللياقة لغاية اليوم.

إضافة الى تلك الحلقة، فقد كان الشهيد يخصص جزءا من وقته لتقديم تدريبات خاصة من التكواندو ، فكان يختار وقت الغداء الذي يكون بعد صلاة الظهر ، ففي هذا الوقت كانت الساحة تخلو من المعتقلين ، ولا يبقى فيها سوى الشهيد ومعه اثنان من تلامذته ، كان الشهيد يضع في يديه نعالاً (حذاء ) يستخدمه في صدّ ركلات التلميذين خلال التدريب.

كل هذا النشاط، كان مجرد غطاء يراه السجناء، في حين كان الشهيد يعاني من آلام شديدة بسبب شظايا الشوزن المغروسة في جسده، وهي معاناة تتجدد مع كل موجة برد، وفي كل مرة تزداد فيها برودة المبنى بسبب المكيف، فحينما تحفظ درجة الحرارة، فإن الشظايا الحديدية تمتص البرودة، وتسبب له صداعاً وألماً بالغ الشدة.

قصة من سجن جو عند زاوية المصلى

كان لقائي الشخصي الأول مع أبي قسّام في سنة 2014م؛ حيث شاء الله أن يجمعنا في مبنى 4 من سجن جو المركزي، كان اللقاء في أول صلاة فجر لي في المبنى؛ حيث كانت الأبواب تفتح لصلاة الفجر، فكانت العنابر 4-5-6 تلتقي معاً في المصلّى؛ علماً أن الشهيد كان في عنبر 4، أما أنا فكنت في عنبر 6.

أبو قسّام كان يصلّي في مكانه المعتاد، وهو الزاوية الخارجية للمصلّى، وإلى جانبه كان يصلّي دائماً نزيل لبناني الجنسية، ويبدو أني لم أكن قد استوعبت الوضع بصورة تامة، لأني صليت إلى جانب أبي قسّام دون أن أعرف!!.

احتاج الأمر مني عدة أيام قبل أن أكتشف أن الرجل الأسمر صاحب النظارة هو ذاته محمد سهوان، الذي كنت أحب رؤيته على خشبة المسرح. لم يكن أبو قسّام طويلاً؛ بل كان معتدل الطول، لكن كان عريض المنكبين وصاحب جسد رياضي منحوت حتى وإن كان يحاول إخفاءه خلف ثيابٍ فضفاضة، كنت أصافحه كما أصافح باقي المعتقلين قبل الانسحاب إلى عنبر 6؛ حيث كان الإخوة يقرؤون دعاء الصباح.

كنت أنام في الممر وحدي؛ حيث غرفتنا كانت أولى الغرف امتلاءً في المبنى، وعندما تكلمنا مع أحد الضباط وافق على فتح باب الغرفة كي أتمكن من الدخول عند الحاجة. شخصياً كنت أستغل الإنارة في الممر من أجل القراءة، ومن جانبه لاحظ أبو قسّام ذلك، فجاء إليّ بعد عدة أيام، وسألني عبر بوابة العنبر قائلاً: «أنت فلان؟»، فأجبته: «نعم».

فقال لي إن أخته تعمل مع أختي، وإنها أوصته بي خيراً، ثم أردف قائلاً: «شكلك تحب القراءة؟ راح أجيب لك كتاب يعجبك»، وبالطبع رحبت بهذا العرض المغري.

في صباح اليوم التالي، أحضر لي الشهيد قصة من 2000 صفحة (نعم ألفي صفحة)، تتكلم عن تاريخ بعض المدارس الفكرية الأولى، وكانت الصفحة الأولى تحمل اسم صاحب الكتاب الأصلي «حسين سهوان»، ورغم صفحاته الكثيرة إلا أن الكتاب أعجبني فعلاً كما توقع الشهيد وإن كان رفع الكتاب قد أنهك ذراعي.

شخصية الشهيد محمد سهوان وحماية الشباب

على صعيد الشؤون الداخلية للعنبر، فقد كان الشهيد يعيش حالة خوف دائم على المستضعفين من الشباب، وكان يخشى عليهم من الانجرار مع العصابات الضالة، ويحذرهم دوماً من هذا الأمر، وكما كان ينبههم إلى الأمور التي تثير الفرقة وتشتت الوحدة.

وينقل أحد الشباب أن الشهيد استوقفه عند الخروج إلى الساحة، وأخذ يكلمه على انفراد في الممر المؤدي إلى الساحة، فحذره من بعض الفتن المنتشرة والتي تشق الوحدة، وحينما اطمأن الشهيد إلى أن هذا الشاب ليس من النوع الذي ينجر وراء هذه الأمور، فإنه لم يكن يتطرّق إلى هذا الموضوع معه مرة أخرى.

وكان الشهيد يعطي عدة دروس دينية في العنبر؛ مثل القرآن والعقائد وغيرها، وكان لدى الشهيد القدرة على جذب الشباب الذين كانوا يملؤون أرضية الغرفة حتى قبل بدء الدرس، ولعل أسلوب الشهيد كان عامل الجذب الأكبر للشباب؛ حيث كان أسلوبه يمتاز بالبساطة والفكاهة.

كما كان الشهيد يزور عدداً من العنابر لتقديم دورات مختلفة؛ مثل دورة «الإنسان الرسالي»؛ إضافة إلى تلبية الشهيد لدعوات باقي العنابر ليكون ضيفاً في ندوات متنوعة.

القلب الحسيني للشهيد محمد سهوان

من الأمور التي اكتشفتها في السجن – وذلك خلال استضافة الشهيد في مبنى 4- شخصية الشهيد محمد سهوان «أبا قسّام» اذ كان يتقطع قلبه ألماً حين أدائه لدور «الشمر»، وذلك لما كان لديه من مشاعر مرهفة وحب شديد وعميق «للإمام حسين (ع)».

وهنا ينبغي لفت نظر القارئ إلى أن بعض الممثلين يرفضون أداء دور «الشمر» حتى لا تتم معايرتهم من الآخرين، لكن موقف الشهيد كان مختلفاً، فلم يكن هنالك من يعايره على أداء هذا الدور؛ بل كان هذا الدور محل ثناء الناس وشكرهم له على أدائه لهذا العمل المميز الذي كان يجسد ملحمة «الحسين (ع)» في أبهى صورة.

ولكن بالنسبة لـ شخصية الشهيد محمد سهوان «أبو قسّام»، فإنه يصعب على المحب العاشق أن يرفع السيف على جسد المحبوب حتى لو كان الأمر مجرد تمثيل، فخلال الندوة كان الشهيد يقول – وأحسب أنه كان يتكلم عن الفترة ما بين الملحمة الخالدة 1 والملحمة الخالدة 2- بأنه ذهب إلى الشيخ «محمد الصنقور» يشكو له إصرار الإخوة على مشاركته بتمثيل دور «الشمر»، وبأنه لا يستطيع تحمل أداء هذا الدور، وأن يجسد عملية قتل «الحسين (ع)» في كل ليلة.

فما كان من الشيخ «محمد الصنقور» إلا أن أثنى على أداء «أبي قسّام»، وألح عليه لإيصال الرسالة الحسينية، وأصرّ عليه أن يواصل تقديم ملحمة كربلاء بمختلف الطرق، كما شدد على أهمية المسرح في ربط الناس بـ«الإمام الحسين (ع)». أما من ناحية الآلام النفسية التي يعانيها خلال التمثيل، فطلب الشيخ منه أن يتصبر عليها.

خلال سرد الشهيد تفاصيل لقائه مع الشيخ محمد الصنقور، كان يكرر عبارات كـ«ما أقدر» و«أصيح» و«قلبي ما يستحمل»، وكان يقولها بحرقة قلب واضحة، وحيث إني رأيت الشهيد يبكي عند أدائه لدور «الشمر»، فأعلم أنه كان يتجرع السم في كل ليلة.

لم يكن إبداع «أبي قسّام» مقتصراً على أداء الأدوار الجادة والحزينة – وإن كان أداؤه للأدوار الحسينية هو الأكثر إبداعاً – بل كان أبو قسّام ممثلاً فكاهياً قادراً على ملء القاعات ضحكاً وبهجةً، وله العديد من المسرحيات المصوّرة والتي كان العديد منها يقام في قاعة المركز الثقافي بالسنابس، كان أبو قسّام بارعاً في الفكاهة لدرجة أن من يراه في مسرحية فكاهية لا يصدّق أن الشهيد يصلح للأدوار الجادة.

وفي المقابل؛ فإن من يراه في الأدوار الجادة لا يمكن أن يصدّق أنه ممثل فكاهي بارع، إن من يعرف الشهيد محمد سهوان على خشبة المسرح، فإنه يعلم أن الشهيد هو أحد الممثلين الشموليين القادرين على أداء مختلف الأدوار بإتقان بالغ جداً.

الشهيد محمد سهوان ومشروع النور المحمدي

مع بداية 2015م، كان السجن يشهد انفتاحة استثنائية، وكان «مبنى 4» يضم حوالي ألف معتقل مما يجعله أقرب إلى قرية صغيرة ومجتمع متكامل يحوي مختلف أصناف البشر ومختلف الطاقات، الانفتاحة حملت معها عبثاً كبيراً، فالعمل الإسلامي كان لايزال محدوداً، وفي أقصى الحالات كان يتم تنظيم احتفالات مشتركة بين عنابر الجانب الواحد.

لكن كان «أبو قسّام» صاحب رؤية تمتد أبعد من ذلك، كانت شخصية الشهيد محمد سهوان تنظر للعمل الإسلامي من منظور مختلف عن الآخرين، فـ «أبو قسّام» لم يكن ينظر للجانب الديني بمعزل عن العمل الاجتماعي أو الجانب الرياضي، كما أنه لم يقتصر في وجهة نظره على أبناء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بمعزل عن إخوانهم من عامة المسلمين.

كان الشهيد محمد سهوان يدرك ضرورة مراعاة كافة الفرق الإسلامية ودمجها ضمن مشروع مركزي واحد يضم كامل المبنى.

كما كان يرى ضرورة قراءة احتياجات الأجانب المنقطعين عن أهلهم، وأن يتم توفير احتياجاتهم الأساسية ضمن منظور إسلامي يحمي هؤلاء من الفاقة ومن سوء الاستغلال، كان الشهيد هو صاحب فكرة مشروع «النور المحمّدي»، فذهب بفكرته إلى كل من «الأستاذ محمد سرحان»، و«أبو رضا (عبدعلي خير)»، وتعاون الثلاثة لصياغة مسودة المشروع الذي كان أوّل مشروع شموليّ يغطي مختلف الجوانب في كل تاريخ السجن.

تم الإعلان عن مشروع «النور المحمّدي» في أحد الاحتفالات المركزية على مستوى المبنى، ولازلت أتذكر في الإعلان كلمات الشهيد وهو يقول بأن هذا المشروع سيكون القدوة لكافة المشاريع اللاحقة في السجن حتى بعد عشر أو عشرين عاماً من التدشين، وبعد كلمة المؤسسين تم فتح المجال أمام الجمهور لإبداء الملاحظات، فانصب النقاش على نقاط جزئية وعلى آليات إقرار المشروع، ولكن سرعان ما استقر الرأي على أن يتم طرح المشروع للتصويت في مختلف العنابر وذلك لضمان الأخذ برأي المعتقلين، ولكل عنبر أن يحدد إن كان يريد الانضمام للمشروع أم لا.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشخصيات التي دعت للمشروع «أبو قسّام»، «الأستاذ محمد سرحان»، و«أبو رضا»، كانت تحظى بمكانة عالية لدى المعتقلين وشعبية جازفة، وهذا ولّد لدى المعتقلين ثقة خاصة بهم.

مما انعكس على نتائج التصويت على المشروع؛ حيث تم إقرار «النور المحمّدي» في كل العنابر وبلا استثناء! بل كان الإقرار بأغلبية ساحقة جداً، نتائج التصويت أعطى المشروع دفعة استثنائية، وأكسبت «النور المحمّدي» دعماً جماهيرياً.

شخصية الشهيد محمد سهوان في رعاية الأجيال

قبل ثورة «14 فبراير»، كان هناك خلاف كبير حول مشاركة الفئات العمرية الصغيرة في الحراك الميداني، وكان الشهيد مؤمناً بضرورة نقل الشعلة الثورية إلى الأجيال القادمة؛ كي يواصلوا الجهاد ضد العصابة الحاكمة؛ ففي إحدى الأيام خرجت مجموعة ملثمة من الشباب الثوري في السنابس، وقاموا بحرق الإطارات في الشارع.

ثم جاءت مجموعة من الصغار يريدون المشاركة، فقام الشباب بصرفهم خوفاً عليهم، لكن الشهيد كان له رأي آخر؛ حيث اعترض على الشباب قائلاً: «إذا ما تحملتون بهذا الجيل فمنهو اللي راح يتحمل بهم؟!، هذا هو جيل المستقبل… لا تطردونهم؛ لأنهم هم اللي راح يواجهون آل خليفة».

وها نحن اليوم نشهد كيف أن أولئك الصغار، قد اشتد عودهم، واستلموا الراية! وكيف أنهم نقلوا العمل الميداني لآفاق لم يكن يحلم بها أحد! ومن المهم اليوم أن نتوجه بالرعاية إلى الأجيال القادمة؛ كي تستمر شعلة العمل الثّوري وصولاً لثورة «صاحب العصر والزمان (عج)».

رغم كل الأمور التي كان يعاني منها الشهيد إلا أن أكثر ما كان يهمه هو احتياجات الشباب ايضاً. يقول «أبو رضا» – وهو شريك «أبي قسّام» في تأسيس «النور المحمّدي»- إن أحد المواقف التي أثرت فيه بعد الخيمة، كان لقاؤه بالشهيد في هذه الفترة، وذلك خلال الزيارة، يقول «أبو رضا» إن «أبا قسّام» احتضنه وهو يبكي طالباً منه أن ينتقل إلى مبنى 6 ومعه الرادود عيسى الغيص، وذلك كي يساعده في المسؤولية.

كان الشهيد محمد سهوان يترجاه باكياً: «لا تتركوني وحدي… الحمل ثقيل والشباب يحتاجون لنا».

الشهيد محمد سهوان - كتاب ابو قسام

شخصية الشهيد محمد سهوان في مبنى 6

في البداية كانت الظروف صعبة جداً في مبنى 6، ولكن سرعان ما تمكن الشهيد من كسب احترام المرتزقة الأردنيين عبر شخصيته اللبقة، فكان يستخدم علاقاته بهم كجسر من أجل الحصول على بعض المكتسبات لباقي السجناء؛ مثل الحصول على وقت أكثر في الساحة وما إلى ذلك.

مبنى 6 تحول سريعاً لأفضل مبنى في السجن، وذلك مقارنة إلى باقي المباني التي تعرضت للضربة؛ حيث تم فتح الأمور في مبنى 6 أسرع من باقي المباني، ولم يمضِ سوى وقت قليل حتى تم تقسيم المبنى بين النزلاء القدامى والمعتقلين الصغار في السن المسجلين في «مركز ناصر التعليمي».

بصورة عامة، فإن التعامل يكون أصعب مع المعتقلين الذين لم تصل أعمارهم إلى سن الـ «21» عاماً، كما يكون الانفلات والتهور طاغياً على تصرفاتهم، لكن الشهيد محمد سهوان تمكن بسرعة من تكوين مكانة لائقة به بين هؤلاء، فتمكن من كسب حبهم واحترامهم، حتى صارت كلمته مسموعة لديهم.

بل صار صديقهم المفضل ومرشدهم الذي يلجؤون إليه في كل كبيرة وصغيرة في المبنى، شخصية الشهيد محمد سهوان وعلاقته الممتازة بالمعتقلين من جانب وبالمرتزقة من جانب آخر جعلت من المبنى مكاناً حيوياً وخالياً من المشاكل الضخمة، فكل مشكلة تطرأ كانت تحل بصورة سريعة وقبل أن تتفاقم.

في إحدى الحلقات النقاشية في مبنى 6، سأل أحدهم الشهيد: «أنت تتعرض للاعتقال منذ التسعينات، ألم تتعب؟!»، فأجابه الشهيد: «أنا مستعد أن أموت أو استشهد داخل السجن من أجل أن يكون للأجيال القادمة مستقبل زاهر».

كلمات الشهيد تستحق من القارئ أن يقف عليها، ويتأمل في حجم الإيمان والصمود الذي كان يعيشه الشهيد، كان «أبو قسّام» يعيش هذه الحالة رغم كل السنوات التي أمضاها في السجن؛ سواءً في التسعينات أو في هذه الثورة.

اقرأ كامل كتاب أبو قسام عن شخصية الشهيد محمد سهوان .

شخصية الشهيد محمد سهوان في الخيمة

مر الشهيد في مرحلة «الخيام» التي كانت من أشد وأصعب الفترات في تاريخ السجن، وليس المجال هنا لوصف التعذيب الجماعي الذي تعرض له المعتقلون في تلك الفترة العصيبة، ولكن رغم صعوبة الوضع، فإن شخصية الشهيد محمد سهوان لم تتبدل، ولم يتخلى عن روح المسؤولية اتجاه الآخرين.

فحينما تم فتح الاتصال، فإن زوجة أحد المعتقلين اشتكت إلى زوجها ما تعانيه من إحدى الشخصيات التي كانت لها مكانة في الخارج، والذي كان يحمل مسمى «ناشط»، لكن ذلك النشاط لم يكن سوى غطاء لمآرب أخرى، فهذا الناشط كان يحاول استغلال غياب الأزواج في المعتقل من أجل التقرب  لزوجاتهم، فكان من بينهن زوجة صديق الشهيد، وحينما علم الزوج بذلك لم يكن بيده حيلة، فهو في السجن، وحتى الاتصال كان يتصل لدقائق قليلة لا تكفي كي يتصرف  خلالها. هذا الزوج قام بمشاورة «أبي قسّام»، فما كان من الشهيد إلا أن طمأنه وأخبره بأنه سيتصرف في الموضوع.

«أبو قسّام» كانت له عائلة أيضاً، وكان بحاجة لكل دقيقة اتصال كي يتواصل مع أهله، ورغم هذا فقد سخّر اتصاله عدة مرات من أجل زميله، فاتصل الشهيد إلى أحد الأشخاص الذين يثق بهم، وطلب منه الذهاب إلى هذا الناشط وأن يهدده كي يتوقف، وبالفعل قام هذا الشخص بالمطلوب، ولأن الناشط فضحه الله لاحقاً وفي أكثر من جانب فقد سقط من أعين الناس، وليس المجال هنا للحديث عنه؛ بل أقتصر على توضيح شهامة الشهيد محمد سهوان ، فرغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها في الخيمة إلا أن ذلك لم يمنعه من الوقوف مع الآخرين والعمل على حل مشاكلهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى