المحاضرة السادسة
قوله تعالى: <وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ 16 وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ 17 فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ>[1].
المنافقون وأقسامهم
تتحدّث هذه الآيات الشريفة عن فريق ثالث، هو غير فريق المؤمنين وغير فريق الكافرين، هذا الفريق الثالث هو مع ثورة الباطل بتوجهاته، وهو فريق المنافقين. طبعًا؛ هناك بعض المفسّرين يفسرون هذه الآيات بغير ذلك، ويقولون: إنّ المراد من قوله تعالى: <وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ> إلى آخر الآية الكفّار أيضًا، لكنّ سياق الآيات في هذه السورة لا يساعد على ما ذهبوا إليه؛ فجملة من هذه الآيات الشريفة تتحدّث عن الذين في قلوبهم مرض وغيرهم، كما في قوله تعالى: <فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ>[2] وباقي الخصوصيات، والمراد من هذه الآيات المنافقون.
أقسام النفاق
وإذا أردنا أن نشرح طبيعة الآيات التي تتحدّث عن النفاق في القرآن الكريم، فسنعرف من خلال تلك الآيات أنّ المنافقين على أقسام:
القسم الأول: منافقون في العقيدة؛ بمعنى أنّهم يستبطنون الكفر ويُظهرون الإيمان، فحقيقة باطنهم كفر، لكنّهم يقولون: نحن مؤمنون خوفًا أو طمعًا أو لأيّ مبرّر كان، كما تقول الآية الشريفة: <نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ>[3]، إلى أن تقول: <هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ>[4]. فهذا قسم من النفاق، وهو النفاق في العقيدة، فهؤلاء المنافقون في العقيدة استسلموا واقعًا، لا أنّهم أسلموا؛ لأنّ الإسلام لابدَّ أن يكون بطواعية، والاستسلام فرض عليهم الإسلام.
القسم الثاني: المنافقون في العمل، هؤلاء المنافقون هم مرضى القلوب، هؤلاء الذين في قلوبهم مرض، تتحدث عن هؤلاء الآيات 7 إلى 20 من سورة البقرة، ومنها: <وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ>[5]. قد يقال إنّ هذا النفاق هو نفاق في العقيدة بقرينة قوله تعالى: <وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ>، لكن سياق الآيات يتحدث عن مرضى القلوب وهو نفاق عملي، نفاق أخلاقي، وبالملازمة يكون نفاقًا في العقيدة، تقول الآية الشريفة: <يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ>[6]؛ أي عندهم مكر، وعندهم حيلة <في قُلوبِهِم مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا>[7]، فالمرض القلبي يبدأ بنقطة سوداء، وهذه النقطة السوداء تتّسع إلى أن تشمل القلب كلّه بالتدريج <زادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذابٌ أَليمٌ بِما كانوا يَكذِبونَ>[8]. من جملة خصوصيات مرضى القلوب هؤلاء، أنهم يُظهرون بالمظهر الخارجي أنّهم مُصلحون ويريدون الإصلاح <وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ>[9]، والقرآن الكريم يصرّح بأنّهم هم المفسدون، ولكن لا يشعرون، فالذي يقومون به هو إفساد، وليس بإصلاح! <وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ>[10]، يوجّهون الإهانات للمجتمع المؤمن، ويعتبرون أنفسهم مثقّفين ومتنوّرين ونُخبًا وأساسيين بهذه الصور والأشكال، لكنّ حقيقتهم ليست كذلك، <أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ>[11]، <وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا>، فهؤلاء عندما يلتقون بالإنسان المؤمن يقولون له: نحن معك، نحن جماعة الإسلام وجماعة الإيمان، <وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ>[12]، نحن نخدع هؤلاء أهل الإيمان؛ أي يؤول الأمر بهم إلى أنّهم يصيرون مع الشياطين، والطغاة، والمستبدين، والظالمين، والفسقة، والمجرمين، والمعتدين، ويحاولون أن يحيكوا لهم المؤامرات مع أعداء الإسلام خفيةً، لكنّهم ظاهرًا مع جبهة الإسلام. <اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ 15 أُولئِك الَّذينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدينَ>[13].
ثمّ يأتي الله تبارك وتعالى بمثالين لهذا النفاق.
القسم الثالث: ونُطلق عليه النفاق السياسي أو النفاق لخط ولاية محمّد وآل محمّد (ص)، ويمثله المنافقون الذين يخطّطون لاستلام السلطة ويخطّطون عن طريق إحياء العلاقات الاجتماعية والسياسية والقبَلية، وقد اتّضح ذلك في صدر الإسلام في زمن النبيّ الأكرم (ص)؛ حيث كانت الأمة الإسلامية التي تنتمي إلى رسول الله (ص) عدة تيّارات:
التيار الأول: كان هناك تيار معروف باسم تيار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) الذي كان موجودًا في زمن رسول (ص) الله يسمّونهم (شيعة عليٍّ)، وقد صرّح بهم الرسول الأقدس عدّة مرات؛ منها قوله (ص): «يا علي شيعتك هم الفائزون يوم القيامة»[14]، و«عليٌ خيرُ البرية»[15].
التيار الثاني: وهو تيار معادٍ لأمير المؤمنين (ع)، ويحاول دائمًا أن يروّج ضدَّ أمير المؤمنين والجماعة الخاصّين به في زمن رسول الله (ص)، ومن هذا التيار، أولئك الذين عندما رجعوا من غزو اليمن، أخذوا يشتكون عند رسول الله من أمير المؤمنين، ومنهم خالد بن الوليد وغيره. وتفصيل الكلام في ذلك ليس محور بحثنا.
التيار الثالث: وهم المستضعفون، والفقراء، الذين هم دائمًا محتاجون، وعادةً ليست عندهم عشيرة ولا قبيلة ولا جماعة يعتنون بهم، لكنّ الإسلام جعلهم إخوة متحابّين مع الأمة الإسلامية.
التيار الرابع: الأنصار.
التيار الخامس: المهاجرون.
وهناك تيارات أخرى من هذا القبيل.
أصحاب التيارات وولاية النبيّ (ص)
وأصحاب تلك التيارات، باستثناء تيار أمير المؤمنين عليّ (ع) في زمن رسول الله، لم يكونوا مستوعبين لولاية رسول الله (ص)، ولا زعامته للأمّة بالتنصيب الإلهيّ، وأنّ له كرامات وله مقامات، وأنّه نبيّ ورسولٌ وولي؛ أي مخبر عن الله وينزل عليه الوحي، فالرسول يعني صاحب رسالة، وصاحب قرآن، ووليٌ؛ أي هو زعيم سياسي واجتماعي وولي أمر الأمة الإسلامية بتنصيب من الله تبارك وتعالى. فهؤلاء لم يكونوا مستوعبين ومدركين لمسألة الولاية؛ فما كان يحكم عقولهم والموجود عندهم هو الزّعامة العشائرية، والنظام القبائلي والاجتماعي. ولكن بما أنّ للرسول (ص) مقامًا عاليًا ومنزلة رفيعةً، وأنّه نبيٌّ ورسول، فإنّهم قبلوا ولايته هذه، لكنّهم كانوا يخطّطون لما بعد رسول الله؛ أي يخطّطون لإعادة سلطة النظام الاجتماعي السياسي القبائلي، فهؤلاء مع رسول الله ظاهرًا، لكنّهم في واقع الأمر يخطّطون لاستلام السلطة المستقبلية، وتسمى تلك الجماعة بالمصطلح القرآني بــ (المنافقين)، لكنّ نفاقهم نفاق سياسيٌّ. إذًا؛ عندنا نفاق عقائدي، ونفاق أخلاقي (عملي)، ونفاق سياسي لاستلام السلطة المستقبلية، يمارسه أصحاب النظام الاجتماعي والسياسي العشائري. أمّا الآيات القرآنية التي تتحدّث عن هذا الخط، فربّما تكون هذه الآية الشريفة: <فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ 22 أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ>[16]. لقد ذكرنا سابقًا أنّ أمير المؤمنين (ع) كان يقول في فضل هذه السورة: «آيةٌ نزلت فينا وآيةٌ في بني أمية»؛ أي أنّ هذه الآية في بني أمية، فهناك خطان: الإسلام العلوي، والإسلام الأموي.
إذًا؛ هذا النفاق سياسي؛ لذلك، عندما أراد الرسول الأكرم أن يبلّغ ولاية أمير المؤمنين، كان يحتاط في ذلك الأمر، فبلّغه الله تبارك وتعالى له (ص) بأنّه لا احتياط فيه؛ بل <… بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ>[17]؛ أي أنّ الله يعصمك من هؤلاء. إذًا؛ هذا أيضًا تيار آخر ونفاق آخر، ونسمّيه النفاق السياسي.
القسم الرابع: النفاق الاجتماعي، والمقصود بالنفاق الاجتماعي ظاهرة التغالب على أساس المكر والخداع والكذب، الأمر الذي يسمّيه أصحاب الدنيا دهاء وكياسة، فيقولون: فلان كيّس؛ أي لديه القدرة على إدارة أموره وتمشيتها في المجتمع، فهو ينافق ويراوغ، فهؤلاء يعملون بمقولة: (إن لم تكن ذئبًا أكلتكَ الذئابُ)، فإما غالب أو مغلوب، لكنّ الله تبارك وتعالى يقول لنا في الحياة الاجتماعية: <يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ>[18]، الصدق بشكلٍ مطلق في العقيدة، والصدق بشكلٍ مطلق في العمل، والصدق بشكلٍ مطلق في السلوك، والصدق بشكلٍ مطلق في القيم، والصدق بشكل مطلق في الكلام، <مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ>[19]. وأمّا الإنسان غير الصادق في الحياة، فإنّه يعيش بحالة ازدواجية، ويجمع بين المتناقضات، ويحاول أن يرضي الجميع ويجمع بين الحق والباطل، فهذا منافق اجتماعي، فهو يريد أن يسلك في جميع ذلك القبيح والحسن، والحق والباطل.
روايات في النفاق
وفي هذا الصدد توجد روايات؛ فمنها مثلًا:
الرواية الأولى: عن الإمام الصادق (ع) يقول: «أربع من علامات النفاق: قساوة القلب، وجمود العين، والإصرار على الذنب، والحرص على الدنيا»[20]. هذا هو المنافق بالحياة الاجتماعية؛ حيث يقول المنافق: نريد أن نعيش، فهو مستعدٌّ لفعل كلِّ شيء، هؤلاء هم الذين يصفهم الإمام الحسين (ع) بقوله: «إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا، وَالدِّينُ لَعْقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ». هذا أيضًا نفاق اجتماعي.
الرواية الثانية: عن الرسول الأكرم (ص): «علامة المنافق ثلاث – أي آية المنافق ثلاث – إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اُؤتمن خان»[21]. وغيرها الكثير من الروايات الواردة في الباب.
إذًا؛ لدينا أربعة أقسام من النفاق: النفاق العقائدي، والنفاق الأخلاقي، والنفاق السياسي، والنفاق الاجتماعي.
وهنا نشير إلى نقطة مهمّة، وهي أنّ كلّ قسم من هذه الأقسام قابل للاجتماع مع غيره؛ فالنفاق الاعتقادي قد يؤدّي إلى النفاق الأخلاقي، والنفاق الأخلاقي قد يؤدّي إلى النفاق السياسي، والنفاق السياسي قد يؤدّي إلى النفاق الاجتماعي، بعض الناس قد تشمله جميع تلك المراتب من النفاق، وبعضهم يشمله بعضها، وباصطلاح النسب الأربع: بينها عموم وخصوص من وجه. لكن أيّ قسم من تلك الأقسام الأربعة للنفاق هو الأسوأ من بينها؟ إنّه النفاق الأخلاقي؛ فهو مرض في القلب يؤدي إلى إنكار العقيدة، ويؤدّي إلى الارتداد، ويؤدّي إلى النفاق السياسيّ، ويؤدّي إلى أن يتحول الشخص إلى عنصر معادٍ للإسلام.
الفرق بين استماع المؤمنين وغيرهم إلى الرسول (ص)
النقطة الأخرى التي تتعلّق بهذه الآية الشريفة في قوله تعالى: <وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ>[22]، هي أنّهم يأتون بذريعة طلب العلم، فيحضرون مجلس رسول الله (ص) لتلاوة القرآن، وللتزكية، وتعلّم الكتاب، وتعلّم الحكمة، فحالهم كحال باقي المؤمنين، لكن بمجرّد أن يُختم المجلس ويخرجون من عند رسول الله (ص) <حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ>[23]، من مجلس رسول الله، سرعان ما يقولون للجماعة المؤمنين الصادقين الذين اكتسبوا العلم من رسول الله: <قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا>[24]. آنفًا؛ أي وقتًا قريبًا من زمن التكلّم، فإنّهم يحضرون عند رسول الله مثلًا في المسجد، ويصغون إليه جيدًا كأنّهم مؤمنون حقًا؛ حتى يجلبوا الانتباه إليهم، ولكن بمجرّد أن يخرجوا يقولون: ماذا يقول؟ وما هو كلامه؟
قيل: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبيّ بن سلول، ورفاعة بن التابوت، والحارث بن عامر، وزيد بن الصلت، ومالك بن الدخشم.
لكن برأينا توجد أدلة على أنّ هؤلاء الذين ذكرت أسماؤهم صاروا مؤمنين، مثل مالك بن الدخشم، الذي صار مؤمنًا وحَسُن إسلامه، والآخرون كذلك باستثناء عبد الله بن أبي بن سلول، فقد كان من رؤوس المنافقين. والآية المباركة تشمل جماعة آخرين أيضًا وليست منحصرة بهؤلاء فقط. والمهمُّ أنّهم عندما يستمعون إلى رسول الله ويخرجون، <قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا>[25]. والذين أوتوا العلم، هم أصحاب رسول الله (ص) الذين تعلّموا العلم منه، هؤلاء هم الطلاب المميزون الذين يصغون إليه جيّدًا. أما المنافقون، فيقولون لهم: ما هو معنى هذا الكلام؟ ماذا قال آنفًا؟ هذا الكلام نتيجة الكبر واتّباع الهوى، ونتيجته <طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ>[26]؛ لأنّهم لا يفقهون شيئًا ولا يفهمون حديثًا، كما يقول تعالى: <فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا>[27] أو ما هو هدفهم من هذا الكلام؟ يريدون أن يوجّهوا إهانة لرسول الله؛ لأن قلوبهم مريضة، أو للتحقير، أو للاستهزاء، لكن الأقوى أنّ كل هذه الأمور ربما تكون صحيحة. إذًا؛ <حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا>[28]، ماذا يقول الله عنهم؟ <أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ>[29]، هؤلاء طُبع على قلوبهم، والطبع بعد مرتبة الختم يعني أنّ قلوبهم مسدودة، قلوبهم مملوءة حقدًا وكراهية وكبرًا وجهلًا وتعصبًا وأنانية، فقلوبهم كانت لا تستوعب العلم، وذلك لوجود الموانع التي تحول بينهم وبين العلم.
سبب الطبع على القلب
سؤال: ما هو سبب الطبع على القلب ومرض القلب؟ القرآن في هذه الآية يقول: <وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ>[30]؛ أي أنّ تبعية الأهواء هي سبب الطبع على القلب، ففي البداية يبدأ من التزيين، تزيين القلب، ثمّ يتشكل رين على القلب، وهو صدأ؛ كما أنّ الحديد يصدأ، وبعد الرين يكون وقْر على القلب، والوقر مانع، فلا يسمعون بعد الوقر، يقول الله تعالى: <عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً>[31]؛ يعني أنّ قلوبهم مسدودة إلى أن يصلوا إلى درجة الطبع على القلوب نتيجة اتّباع الأهواء.
يعني أنّ مرض القلب يؤدّي بهم إلى هذه الأمور بالتدريج حتى يأخذ بهم إلى الهاوية، فما معنى الهاوية؟ الهاوية تعني الارتداد؛ لذلك تخاطبهم الآيات بعد ذلك وتقول: <فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ 22 أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ 23 أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا 24 إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ>[32].
يعني يبدأ من التسويل، من الإملاء، إلى أن يصل إلى مرتبة الطبع على قلوب هؤلاء، وهذه هي الطبقة الأولى، والمراد منها واضح.
أما الطبقة الثانية، فهم: <وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ>[33]، هم الذين يستمعون إلى رسول الله <اهْتَدَوْا>؛ أي تعلّموا واستمعوا لرسول الله بآذانٍ صاغية وبحالة تسليم وإذعان وقبول للحق؛ لذلك، فإنّ هؤلاء اهتدوا؛ أي صارت عندهم معرفة ونظرة كونية وتوحيدية شاملة <زادَهُمْ هُدىً>، بمعنى ازداد علمهم، <وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ>، ليس العلم فقط؛ بل العمل أيضًا، يعني أنّ الله أعطاهم تقوى، أعطاهم حكمة نظرية وحكمة عملية، وهذه الطبقة الثانية هي التي تكون مقابل تلك الطبقة.
سؤال: كيف يمكن لعدة من الناس يحضورن مجلسًا معًا، فنجد أنّ بعضهم يتعلمون والبعض الآخر لا يتعلمون؟
الجواب: هؤلاء الذين لا يتعلّمون لابدّ أن يرفعوا موانع المعرفة، وموانع المعرفة تعني أنّ قلب ذلك المستمع ليس مستعدًا لقبول الحق، وقد أشارت إلى ذلك الآية الكريمة: <ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ>[34]، فالتقوى هنا تعني الاستعداد لقبول الحقّ والاستعداد للمعرفة.
وفي كتاب الكافي، عن عبد الله بن ميمون القدّاح عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ (ص)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! مَا اَلْعِلْمُ؟ – أريد أن أتعلّم، فماذا أفعل حتى أتعلّم؟ – قال – رسول الله: الأول – الإنصات – ًاالسكوت – قال: ثم مه؟ قال: الاستماع – بعد الإنصات تستمع جيدًا، ولا تشغل ذهنك وتفكر بأمور أخرى – قال: ثمّ مه؟ -بعد الاستماع – قال: الحفظ – الحفظ بالقلب وليس الحفظ بالذهن؛ أي استيعاب الكلام – قال: ثمّ مه؟ قال: العمل به – بعد الحفظ لابدَّ أن تعمل بالذي سمعته – قال: ثمّ مه يا رسول الله؟ قال: نشره»[35]. لا تكتفِ بأن تعلّمت؛ بل تُعلّم الآخرين وتنشر الحق، ونشر الحقّ في هذا الزمان هو جهاد التبيين، كما أطلق عليه السيد الولي الإمام القائد (حفظه الله) في خطاباته.
المقصود بالهداية
المهمُّ أنّ المراد بالهداية هنا في الآية بقرينة المقابلة – لماذا قال: آنفًا؟ – اتّباع الحق نتيجة التسليم والخضوع له، فيفتح الله عليهم وينوّرهم أكثر <زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ>[36]. المقصود بالتقوى هنا التسليم المطلق للحقّ، بخلاف المنافقين الذين يتّبعون أهواءهم، فمن ناحية نظرية، فإنّ جماعة الإيمان يكون لديهم علم وعمل، فالإنسان لابدّ أن يتعلّم دائمًا، فالله تبارك وتعالى يخاطب الرسول الأقدس (ص) مع أنّه الرسول الأول: <وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا>[37]. يقول الإمام الصادق في حديث آخر: «إِنَّ لَكَ قَلْبًا وَمَسَامِعَ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَهْدِيَ عَبْدًا فَتَحَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ – يجعله يتوجّه جيدًا – وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ خَتَمَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ»[38]؛ أي ختم الله على قلوبهم، فلا يصلحون أبدًا، وهو قد ذُكر في قوله تعالى: <أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا>[39].
ثمّ كيف يسمع هؤلاء المؤمنون الذين اهتدوا وزادهم رسول الله هدى؟ إنّهم يسمعون ويبكون من شدّة التأثّر، كما يقول تعالى: <إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا>[40]، ويقول: <وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ>[41]. هذا هو حال أهل الإيمان، بيدَ أنّ الآيات الشريفة توجّه تهديدًا وتحذيرًا لهؤلاء المنافقين بقوله تعالى: <فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا أَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ>[42]، إنّ الفاء في قوله تعالى: <فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا> يطلقون عليها في اللغة العربية الفاء الفصيحة، وهي الفاء التي توضّح الكلام، فما معنى أنّها الفاء التي توضّح الكلام؟ <فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً>؛ أي أنّها تفيد التعليل لمؤاخذتهم. والأشراط: جمع الشرط – بفتحتين – تعني شروط وعلامات القيامة، فأشراط الساعة بمعنى علامات القيامة؛ حيث يذكر القرآن الكريم هنا تهديدًا لهؤلاء المنافقين وللكفار: <فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً>؛ يعني: فهل ينتظرون إلا يوم القيامة يأتيهم دفعةً وفجأةً؟ يتفاجؤون بأن حلَّت القيامة.
معنى أشراط الساعة ومصاديقها
سؤال: ماذا يعني <فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا> وصارت القيامة؟ يُتصوّر القرب للقيامة هنا على وجوه:
الوجه الأول: القرب بالنّسبة إلى طول مدّة هذا العالم من زمن خلق آدم إلى يومنا هذا؛ أي إذا قسنا زماننا وزمان النبيّ الأكرم منذُ زمان خلق آدم، فالزمان أقرب إلى يوم القيامة.
الوجه الثاني: القرب بالقياس لموت كلّ أحد، فكلُّ واحد منّا معرّض للموت «من ماتَ فَقد قامَت قِيامَتُهُ»[43]. فهذا المنافق وهذا الكافر لابدَّ أن ينتبه إلى أنه يمكن أن يموت في أيّ لحظة وتقوم قيامته، فإمّا أن ينتقل إلى روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران؛ لأنّ الموت قريب، وهذا الكافر والمنافق يطّلع على كلّ شيء، فهناك ينتبه، ولكنّ ذلك الانتباه لا يفيده بعد ذلك <فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد>[44]، فلا ينفعه شيء هناك، فيقول: <يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي 24 فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ 25 وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ>[45].
أشراط الساعة تعني الحوادث التي أخبر النبيّ بوقوعها من جملة علامات يوم القيامة المذكورة، فواحدة منها: بعثة النبيّ (ص) وختم النبوّة، فقد قال: «بُعِثْتُ أنا والساعةَ كَهاتَيْن»[46]، وجمعَ بين السَّبَّابةَ والوُسطى؛ أي هي قريبة جدًا. ومن جملة أشراط الساعة نزول القرآن، ومن ذلك أيضًا انشقاق القمر، ومن جملة ذلك المعاصي التي تحدث؛ مثل أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويُفشى الزنا، حتى قال البعض: الفتن والحوادث المهمّة، مثل ظهور المهدي المنتظر صاحب الأمر والزمان (عجل الله فرجه). نعم؛ صحيح أنّ كلّ هذه الأمور أشراط الساعة، لكنّ أشراط الساعة في الآية الشريفة بعض علامات القيامة، وليس كلّ علامات القيامة، العلامات القريبة مثل الموت <اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ 1 مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ 2 لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ>[47]. قلب الإنسان مشغول في لهوه يسمع كلام النبيّ، كلّ نبيّ جديد يأتي يسمعون كلامه، لكن بمجرّد أن يخرجوا من عند النبيّ يتبدّل حالهم.
يقول النبيّ الأكرم (ص) في رواية، وهي موجودة في كتاب جامع السعادات للنراقي وفي كُتب ورسائل السير والسلوك؛ مثل رسالة بحر العلوم: «لولا الشياطين يحومون حول قلوبكم، لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع»، وفي رواية أخرى: «لوْلا تمَريجٌ في قُلوبِكُمْ وتَكثيرٌ في كَلامِكُمْ، لَرَأَيْتُمْ ما أَرَى ولَسَمِعْتُمْ ما أَسمع». والتكثير في كلامكم يعني أنّكم مشغولون باللهو واللعب والكلام الزائد الذي لا طائل من ورائه، وتهدرون وقتًا بلا مبرر. والتمريج في القلوب أنّ القلب يتحوّل إلى معلف للحيوانات – نستجير بالله! – نتيجة الحرص، والطمع، والحسد، وما شاكل هذه الأمور.
يأتي شخصٌ من أصحاب الإمام الباقر (ع) يقول لمولانا: إذا أجلس بمجلسكم قلبي ينفتح وأُحلِّق بالسماء، وإذا أخرج من المجلس، نشمُّ رائحة الدنيا فنتغير، فقال له الإمام الباقر (ع): «والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء»[48]. فماذا على الإنسان أن يفهم من ذلك؟عليه أن يفهم أنه لابدَّ أن تكون عند الإنسان استقامة في خط الإيمان وخط التقوى؛ لا أن يكون ملتزمًا في يوم وغير ملتزم في يوم آخر. شهر رمضان فرصة، فينبغي أن نغتنم هذ ه الفرصة، الشهر نفحة إلهية «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ أَلاَ فَتَعَرَّضُوا لَهَا».
إذًا؛ يقول الله تعالى: <فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً>[49]؛ أي دفعةً وفجأة ، <فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا>[50]، وأشراطها: علامات القيامة، وقد تبين بعضها، <فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ>[51]، أنّى: يعني كيف حالهم؟ كيف حالهم إذا باغتهم الموت ولا يمكنهم أن يرجعوا، فإنّهم يقولون: <قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ>[52]، وليست هناك من فائدة، فقد جاء أشراطها. وأنّى اسم حالة يدلّ على الحالة، يعني كيف حالهم؟ استفهام إنكاري؛ أي كيف تحصل لهم الذكرى؟ فإنّهم لا يتذكّرون ذلك الوقت. نستجير بالله من ذلك! ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على أنفسنا ويوفّقنا للتقوى وللهداية ولرعاية الحجّة المنتظر (عجل الله فرجه)، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
- [1] محمد: 16-18
- [2] محمد: 22
- [3] المنافقين: 1
- [4] المنافقين: 4
- [5] البقرة: 8
- [6] البقرة: 9
- [7] البقرة: 10
- [8] نفس المصدر
- [9] البقرة: 11
- [10] البقرة: 13
- [11] نفس المصدر
- [12] البقرة: 14
- [13] البقرة: 15-16
- [14] بحار الأنوار، ج65، ص7
- [15] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج18، ص299
- [16] محمد: 22-23
- [17] المائدة: 67
- [18] التوبة: 119
- [19] الأحزاب: 23
- [20] بحار الأنوار، ج69، ص176
- [21] جامع أحاديث الشيعة، ج23، ص1156
- [22] محمد: 16
- [23] نفس المصدر
- [24] نفس المصدر
- [25] نفس المصدر
- [26] نفس المصدر
- [27] النساء: 78
- [28] محمد: 16
- [29] النحل: 108
- [30] محمد: 14
- [31] الإسراء: 46
- [32] محمد: 22-25
- [33] محمد: 17
- [34] البقرة: 2
- [35] الكافي، ج1، ص48، باب النوادر من كتاب فضل العلم، ح4.
- [36] محمد: 17
- [37] طه: 114
- [38] بحار الأنوار، ج5، ص204
- [39] محمد: 24
- [40] الأنفال: 2
- [41] المائدة: 83
- [42] محمد: 18
- [43] بحار الأنوار، ج58، ص7
- [44] ق: 22
- [45] الفجر: 24-26
- [46] جامع أحاديث الشيعة، ج23، ص740
- [47] الأنبياء: 1-2
- [48] محمد الريشهري، ميزان الحكمة، ج2، ص1173
- [49] محمد: 18
- [50] نفس المصدر
- [51] نفس المصدر
- [52] المؤمنون: 99