مواضيع

المحاضرة السابعة

قوله تعالى: <فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ 19 وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ 20 طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ 21 فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ 22 أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ>[1].

أهداف بعثة الأنبياء (عليهم السلام)

هذه الآيات الشريفة تبدأ بالتفريع على ما مضى من التقابل بين جبهة الحقّ وجبهة الباطل، جبهة الإيمان وجبهة الكفر، والنتائج المتوخّاة من هذا التقابل، وتخاطب الرسول الأعظم (ص): <فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ>؛ أي فليكن عندك ثبات واستقامة على منهج التوحيد منهج لا إله إلّا الله، وليكن طريقك طريق التوحيد علمًا وعملًا.

طبعًا؛ الهدف من بعثة الأنبياء (عليهم السلام) هو بالأساس نشر كلمة التوحيد، فللأنبياء أهداف ابتدائية، وأهداف متوسطة، وأهداف أساسية:

الأهداف الابتدائية: هي تحقيق الأمن والنظام والاستقرار ودفع الأذى والمكروه عن الناس.

الأهداف المتوسطة: تحقيق العدل «أُمرت لأعدل بينكم». وتلك الأهداف الأولية أيضًا إشارة للآيات الشريفة: <إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ>[2].

الهدف الأساس: هو نشر كلمة التوحيد <داعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجًا مُنِيرًا>[3] إلى آخر الآية. هنا التركيز أيضًا على مبدأ التوحيد، <فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ>، فعملية الاستغفار هذه ينبغي أن تلتزم بها لنفسك ولذنبك، وأيضًا دعاءً للمؤمنين <واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ>. طبعًا؛ جاء في الرواية: «أنّ خير العلم التوحيد»، <فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ>. وخير العمل الاستغفار.

معنى استغفار الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)

الاستغفار للأنبياء ولنبيّ الإسلام خاتم الأنبياء محمّد المصطفى (ص)، وكذلك لأهل البيت (عليهم السلام)، ليس بمعنى أنّهم نستجير بالله يرتكبون المعاصي والذنوب المحرمات ويتركون الواجبات وأمثال هذه الأمور، ثمّ يستغفرون الله لارتكابهم تلك الأمور؛ بل إنّ هذا الاستغفار هو غاية، وحفظ، وصيانة، ومن مراتب تزكية النفس، ومن مراتب جهاد النفس مثل ما قلنا في الرواية: «خير العمل الاستغفار»، وهذا الاستغفار ليس فيه استثناء، فهو يشمل الجميع حتى الأنبياء والملائكة أيضًا.

والشيخ البهائي (رضوان الله تعالى عليه) لديه رسالة اسمها الأربعينية، يقول فيها: استغفار النبيّ دفع، وليس برفع. وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندنا رفع ودفع؛ فالرفع هو أنه إذا كان هناك منكر، فتأمر بالمعروف وتنهى عن هذا المنكر الواقع، والدفع هو الوقاية قبل أن يقع المنكر، كأن تحاول أن تمهّد الأرضيات حتى لا يقع هذا المنكر. يقول: استغفار الأنبياء دفع، وليس برفع، يعني من أجل الوقاية.

والآن؛ نحاول أن نستفسر أكثر عن هذا المعنى؛ استغفار الأنبياء واستغفار نبيّ الإسلام بأيّ معنى؟ والذنب بأيّ معنى <واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ>[4]؟ طبعًا؛ كلمة الذنب والسيئة والمعصية والإثم والخطيئة والفسق والفجور في القرآن الكريم بمعنى متقارب، لكن ما معنى أنّ النبيّ (ص) أو الأنبياء يرتكبون ذنبًا؟ فهناك معنى ثانٍ للذنب؛ بمعنى اتّبع مثل الذنب، ذنب الحيوان يعني اتّبع له الذنب.

مراتب الذنب

وللذنب عدّة مراتب؛ وهي:

الأولى: مخالفة الشرع والفقه والقانون؛ وهذه المرتبة حاشا لقدسيّة الأنبياء والنبيّ الأكرم (ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) أن يقعوا فيها وأن يرتكبوا معصية بهذا المعنى، فهم مأمورون بتطبيق الشريعة على المجتمع وشرحها لهم، ويعرفون أنّ الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية، وهم أساس البشر.

الثانية: مخالفة الأخلاق؛ فمخالفة الأخلاق وارتكاب الرذائل وعدم التحلّي بالفضائل ليست مخالفة قانونية؛ بل هي مخالفة أخلاقية، فهل الأنبياء (عليهم السلام) والنبيّ الأكرم (ص) يرتكبون مخالفة أخلاقية؟ حاشا وكلا. لماذا؟ لأنّ الله تبارك وتعالى يقول: <وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيم>[5].

الثالثة: مخالفة الآداب؛ بمعنى ارتكاب ما لا يتناسب مع شأن الرسول وشأن القيادة الصالحة، وهو ما يصطلح عليه في هذا الزمان: خلاف المروة، وهذا أيضًا بعيد عن قدسية الأنبياء (عليهم السلام) والنبيّ الأكرم (ص). لماذا؟ لأنّه (ص) يقول: «أدَّبَنِي رَبِّي فأحسَنَ تأدِيبي»[6]، قمّة وغاية في الأدب.

الرابعة: ارتكاب ما هو مخالف للحبّ المطلق والبغض المطلق، فأدنى غفلة قلبية عن المحبوب تُعتبر ذنبًا عظيمًا، وهذا، في عالم العشق، كثيرًا ما يحدث بين العاشق والمعشوق، فذلك العاشق المتيّم بحبّ المعشوق يترك الأكل والشرب والراحة والنوم وذهنه وقلبه وروحه مستغرق بحبّ المعشوق، يتغزّل ويكتب ويذهب إلى البيت يسأل عن أحواله، حتى إنّ الناس حينما يرون أنّه لا يأكل ولا يشرب ويعتريه الحزن يقولون له: هل أنت عاشق؟ العاشق هذه طبيعته، فطبيعته أن يترك كلّ شيء، والغفلة ولو لحظة عن المعشوق في عالم العشق تعتبر ذنبًا كبيرًا في عالم العشق وعالم الحبّ؛ فالنبيّ الأكرم (ص) والأنبياء (عليهم السلام) مستغرقون في محبّة الله، ولكن مع ذلك هناك ضرورة في الحياة اليومية من أكل وشرب ونوم واستراحة ومراجعات وتكلّم مع الناس، وخوض في قضايا مختلفة، وعمل في زراعة وأمثال ذلك، فإنّهم حسب الظاهر مشغولون بهذه الأمور، لكنّ عقولهم وقلوبهم وعواطفهم وأرواحهم مع الله تبارك وتعالى. وهذا في اللغة الفلسفية يقال له: «عالَمُ الوحدة مع الكثرة»، فهو متّحد مع الله لكنّه يعيش في عالم التكثّر وهو عالم التزاحم؛ أي وحدة مع الكثرة، وكثرة مع الوحدة، لكن مع ذلك في هذا العالم قد يشتغل بضروريات الحياة، وهذا الاشتغال عند أولياء الله وعند الإنسان الكامل المستغرق في حبّ الله تبارك وتعالى قد يُعتبر جريمة ومعصية وذنبًا عظيمًا بالنسبة إليه، والنبيّ الأكرم (ص) يقول: «إنّه ليغان على قلبي، وإنّي لأستغفر الله في كلّ يوم سبعين مرةً»[7]، وفي بعض الروايات: «مائة مرّة». يغان: يعني يكون هناك غن على قلبي؛ أي صداع، فمن أين هذا الصداع؟ يفسّره الإمام الراحل (ق)، فيقول: من كثرة الارتباط مع الناس؛ حيث يتحدّثون حول قضايا دنيوية كثيرة، فهو في تلك الحالة بدلًا من أن يكون مستغرقًا مثلًا في حبّ الله فإنه يصغي بشكل كامل إلى المراجعين حتى يجيبهم، وهذه الحالة يعتبرونها بالنسبة للنبيّ (ص) استغفارًا من ذنب؛ لأنّه يكون بعيدًا عن حالة الاستغراق في العشق والحب الإلهيّ.

وهناك آيات كثيرة تتحدّث عن هذا المعنى؛ مثلًا قوله تعالى: <وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ>[8]، وقوله تعالى: <فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا>[9].

استغفار النبيّ (ص) وسائر الأنبياء (عليهم السلام) في القرآن

ًاوأمّا استغفار الأنبياء في القرآن، فكثير، كما في قول نوح (ع): <رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا>[10]، وقول إبراهيم (ع): <رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ>[11]، وقول موسى (ع) لنفسه وأخيه: <قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ولِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ>[12]، وكذلك ما حُكي عن النبيّ الأكرم (ص): <سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ>[13].

وهكذا بحث الاعتراف بالظلم؛ مثل قول ذي النون: <أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ>[14]، فالأنبياء يعدّون الأعمال المباحة ظلمًا لأنفسهم؛ مثل قول آدم (ع) وزوجته: <رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ>[15]، بينما في عالم الشرع لا تعتبر خطيئة آدم معصيةً شرعية؛ بل هي معصية بمعنى آخر، أو قوله تعالى: <إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا 1 لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا 2 وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا>[16]. طبعًا؛ سورة الفتح لا يختلف الأمر فيها، فلا علاقة بين الفتح وبين غفران الذنب ما تقدّم منه وما تأخّر، وهذا مهم، فالذنب على حدّ زعم مشركي قريش أنه عندما يدخل لفتح مكة، يقولون: هذا النبيّ قتل آباءنا وأبناءنا وبني عمومتنا، وقد ارتكب ذنبًا، ونحن نطلبه، وينبغي أن ننتقم ونقتصّ منه. هذا يعتبر ذنبًا بالنسبة إليهم، لكن بعد هذا الفتح الإلهيّ الكبير للنبيّ (ص) من خلال فتح مكة، فإنّ الله تبارك وتعالى يمحو هذا الذنب الذي في أذهانهم ويتمّم نعمته على النبيّ. ونظيره حصل مع موسى (ع)؛ حيث يقول: <وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ>[17]، فإنّهم يطلُبُونه؛ لأنه قتل رجلًا منهم، والله تبارك وتعالى يمحو هذه الحالة لهم. وعلى كل حال؛ بحثنا حول: <فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ>[18].

طبعًا؛ أنبياء الله مُخلِصون ومُخلَصون، يقول الله تعالى: <وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ>[19]، مستغرقون في ذكر الآخرة، وهذا دليل إخلاصهم، أو كما في سورة يوسف: <إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ>[20]، أو سورة مريم: <مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا>[21]، أو كما حكى الله تعالى عن إبراهيم. ما هي خطيئة إبراهيم الخليل؟ إنّ هذه الخطيئة قد تحدّثت عنها الآية: <وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ>[22].

الجواب الصحيح هو الموجود في مناجاة الذاكرين للإمام السجاد (ع)؛ حيث قال: «أستَغفِرُكَ مِن كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيرِ ذِكرِكَ، ومِن كُلِّ راحَةٍ بِغَيرِ أُنسِكَ، ومِن كُلِّ سُرورٍ بِغَيرِ قُربِكَ، ومِن كُلِّ شُغلٍ بِغَيرِ طاعَتِكَ». هذا هو معنى <اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ>[23]؛ حيث يتعلّق الأمر بالاستغراق في الحبّ الإلهيّ، وأدنى غفلة واهتمام بالمباحات يُعتبر، في عالم المخلِصين والمخلَصين؛ الأنبياء الكرام وأولياء الله وخلفاء الله، ذنبًا وخطيئةً كبيرةً.

بحث فلسفي في استغفار الأنبياء (عليهم السلام)

وإذا أردنا أن نبحث هذا البحث بلغة فلسفية، بلغة الحكمة المتعالية، فإنّ الملا صدرا يقول: الإنسان في أسفاره المعنوية والسير والسلوك المعنوي، يطوي أسفارًا أربعة:

الأول: سفر من الخلق إلى الحق؛ يعني هجر هؤلاء الناس هجرة فكرية وقلبية؛ ليترك العادات والتقاليد، ويستغرق في تزكية نفسه.

الثاني: سفر في الحقّ بالحقّ؛ هو مع الحقّ وبعيد عن الناس، ويستغرق دائمًا مع الحقّ، فيصنع نفسه بشكل كامل.

الثالث: سفر من الحق إلى الخلق؛ يسافر من الحق جلّ وعلا لأجل هداية الخلق، فبعدما يكون كاملًا وتكمل طاقاته المعنوية، يرجع إلى الناس حتى يهديهم. ًاطالب العلم، إذا أراد أن يصل إلى المراتب العليا، فعليه أن يهذّب نفسه، وبعد مراتب التهذيب يشتغل بالناس، فهو سفر من الحقّ إلى الخلق.

الرابع: سفر في الخلق بالحقّ؛ هو مع الناس يأكل ويشرب ويحضر في السوق ويتحدّث ويحاضر ويتلو لهم القرآن ويعلّمهم الحكمة، وهو مشتغل ومهتم بشؤون الناس، لكنّه مع هذا الاهتمام بالناس وللناس، ذهنه وعقله وفكره وقلبه في عالم آخر.

رحم الله الشهيد الحاج قاسم سليماني؛ حيث انتشرت له صورة مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله (حفظه الله) وهي آخر زيارة، وبعد هذه الزيارة أتى إلى سوريا والعراق وكان استشهاده، فهناك كلمة مكتوبة تحت هذه الصورة، وهي أنّ السيد حسن نصر الله يقول عن الشهيد حاج قاسم: كانت حساباته في عالم آخر، ويعمل لغير الدنيا، ويعيش في عالم آخر. فالمؤمن يصل إلى هذه الحالات.

والأنبياء في سفرهم الثالث والرابع مستغرقون في حبّ الله تبارك وتعالى حتى في حال آكلهم وشربهم ونومهم وراحتهم ومراجعة الناس لهم وأجوبتهم على المسائل الشرعية وإلقاء المحاضرات والخطب، لكن مع ذلك وهم في هذه الحالة من الاستغراق في الحبّ الإلهيّ قد تكون حالة انشغال بالمباح، فيستغفرون الله من هذه المباحات التي يسمّونها في لغة علمائنا «تارك الأولى». ما هو ترك الأولى؟

يقول أستاذنا العلامة الشيخ المصباح اليزدي (رحمه الله) في كلمة عجيبة جدًا له: أنا أخشى أن نحاسب يوم القيامة على أداء الواجبات، فنقول لله تعالى: يا ربّ! هذه واجبات، وأنت قلت إنّها واجبة، وأنا عملت بها، فلماذا أحاسب عليها؟! فيقال لنا: كان هناك واجب أوجب منه. ففي عالم التزاحم بين الأهم والمهمّ، ينبغي أن تشتغل أنت بالأهم، وليس بالمهمّ، فمثل هذه القضايا تحدث أيضًا.

هذه خلاصة ما يخطر بالبال حول: <فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ>[24].

الاستغفار للمؤمنين

واحدة من مهامّ الأنبياء (عليهم السلام) والنبيّ الأكرم (ص) الاستغفار للمؤمنين والشفاعة لهم «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي»[25]. يقول الله تعالى في سورة النساء: <وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ>[26]، لو يلجأ الإنسان الذي يظلم نفسه ويرتكب المعاصي لمحضر الرسول الأكرم (ص) وأهل البيت (عليهم السلام)، <فَاسْتَغْفَرُوا اللَّه>[27] أولًا يطلبون مغفرة من الله، <وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ>[28] والرسول يطلب لهم المغفرة، <لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا>[29].

وهذا بخلاف الاعتقاد المسيحي، فالمسيحيون في زماننا الحاضر يقولون: المسيح قُتل وصلب بعنوان صك غفران للأمة؛ أي أنّ للأمة أن تفعل ما تريد، والله ينجّيهم لأجل صلب المسيح. نحن نقول: الأمر ليس كذلك، <فَاسْتَغْفَرُوا اللَّه>؛ أي أنّ الإنسان هو بنفسه لابدَّ أن يستغفر الله ويتوب، والرسول يدعو له أيضًا حتى تقبل توبته، <لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا>.

والأمر المهم <وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ>[30].

المتقلب: العمل المتفاوت؛ سواء أ كان ظاهرًا كالصلاة، أم باطنًا كالإيمان والنُصح، أم هو موجود داخل القلب.

والمثوَى: المرجع والمآل؛ يعني أنّ الله تبارك وتعالى يعلم أحوالكم جميعًا ويعلم مصيركم ويعلم بكلّ حركة وسكنة، وأعدّ لحركاتكم وسكناتكم ثوابًا وجزاءً، وهذا يساعد على كلمة <وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ>؛ لأنّ الآية تقول: <وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ>.

الفرق بين المؤمن والمنافق

ثمّ إنّ الآيات الشريفة تتحدّث عن طبيعة المنافقين – كما قلنا في المحاضرة السابقة -، يقول الله تبارك وتعالى: <وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ>[31]، كان أهل الإيمان يتمنّون أن ينزل أمر بالجهاد؛ إذ كانوا ممنوعين من الجهاد بمعنى القتال، وطبعًا؛ عندما نزل القتال أبلوا بلاءً حسنًا، لكنّ المنافقين كانوا – حسب الظاهر أيضًا – يقولون: لماذا لا يأمرنا الله بالقتال والجهاد؟ يقول تعالى: <فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ>[32]، محكم: مقابل متشابه؛ أي سورة واضحة في الأمر بالقتال وغير قابلة للتأويل، موجود فيها أيضًا: <فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ>[33]، و<رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ>[34]. طبعًا؛ هذه الآيات الشريفة تتحدّث عن الفرق بين المؤمنين والمنافقين، ففي أمر الجهاد، المؤمن، إذا أُسندت إليه مهمّة جهادية، فهو مستعد أن يقوم بالواجب ويتصدّى وينتظر ذلك، أمّا المنافق، فيخاف من الموت، وهذا قَدَرُهم وحظّهم، وليس عندهم توفيق للجهاد، والله تبارك وتعالى يهدّدهم بقوله: <فَأَوْلَىٰ لَهُمْ>، هذا أولى لهم، والآيات الشريفة الأخرى توضّح هذا الخوف: <فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ>[35]، أو <كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ>[36]، وفي غزوة بدر، كان هناك قسم من هؤلاء الـ 313 يكرهون القتال ويريدون الغنيمة <وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ>[37]، يجادلون رسول الله (ص) مع أنّ رسول الله قال لهم: <يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ>[38]. وهؤلاء كذلك الشخص الذي يريدون أن يأخذوه إلى الإعدام، فهو يساق وهو ينظر إلى الموت من الخوف <كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ>[39]، وفي الآية الأخرى يؤنبهم الله تعالى: <تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ>[40]، إنّهم لا يريدون أن ينتصر الإسلام بالتضحية والفداء؛ بل يريدون من الإسلام الغنيمة فقط، وهذه هي طبيعة المنافقين. ينظرون هنا إشارة إلى أنّهم واقعًا يخافون.

قوله تعالى: <أَوْلَىٰ لَهُمْ>، فيه احتمالان:

الأول: قدرهم وحظّهم بنحو التهديد؛ مثل قوله تعالى: <ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ 33 أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ 34 ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ>[41]، هذا نوع تهديد؛ أي كان هذا حظك أنت ولا تستحق أكثر منه.

الثاني: تأديب للمنافقين بأنّه أولى لهم من الخوف من الموت أن يطيعوا الله ويقولوا قولًا معروفًا، وهو قوله تعالى: <سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا>، أو قوله تعالى: <إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا>[42]، فذلك أولى لهم وأنفع، ومثل قوله تعالى: <ذلِكَ أَزْكى‌ لَهُمْ>[43]، وهو يرتبط بقوله تعالى: <فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ>[44].

كلا الاحتمالين وارد في السورة، وأولى لهم أن يكونوا كذلك ويختاروا الجهاد والجدية في الجهاد. طبعًا؛ كان من بين هؤلاء المنافقين الذين أشارت إليهم هذه السورة، عبد الله بن أبي بن سلول الذي كان رأس المنافقين في أُحد؛ حيث ألقى كلمة في أثناء المعركة، قال فيها: «لا نعلم علامَ نُقتل ونقتل أنفسنا ها هُنا! أيّها الناس هذا القتال لا ينفع»، ومن شدّة خوفه رجع هو وأتباعه مخذولين وكانوا ثلث الجيش، وكان ذلك في السنة الثالثة من الهجرة. طبعًا؛ الآية الشريفة تقول: <فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ>[45]، وقد أوضحنا في الجلسات السابقة المقصود بالذين في قلوبهم مرض، وقلنا: النفاق على أربعة أقسام: نفاق عقائدي، ونفاق أخلاقي، ونفاق سياسي، ونفاق اجتماعي، <فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ> هنا نفاق أخلاقي، لكنّ هذا يؤدي إلى السياسي والاعتقادي والاجتماعي أيضًا، والأساس في ذلك هو اتّباع الهوى.

الفرق بين التقية والنفاق والمداراة

سُئلتُ: ما هو الفرق بين التقية والمداراة والنفاق؟

الجواب: التقيّة؛ استبطان الحقّ وحفظ النفس وحفظ المؤمنين بعدم إظهار الحق، فهي ترسم هدفها، وهو حفظ المؤمنين؛ بخلاف النفاق الذي هو استبطان الباطل وإظهار الحق، فالفرق جوهري بين التقية والنفاق؛ فالمنافق على باطل ويقول: أنا على حق، بينما في التقيّة هو على حق لكنّه لا يظهر الحق؛ وذلك لأجل حفظ المؤمنين.

أمّا المداراة، فتختلف عن النفاق؛ فالمنافق الاجتماعي صاحب مطامع ومصالح يريد ما تطمح إليه نفسه ومصالحه، نفعي انتهازي، لكنّ المداراة فيها نية التقرّب إلى الله من خلال خدمة الناس وكسب الجمهور وهداية الناس وحمايتهم وتأليف قلوبهم <لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ>[46]، <فَبِما رَحمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُم>[47]، فالمداراة شعبة من الرحمة الإلهية، وتختلف جوهريًا عن النفاق الاجتماعي. جوهر المداراة وجوهر التقية هو الرحمة الإلهية وسلامة القلب، وجوهر النفاق يرجع إلى مرض القلب، وفرق كبير بين الاثنين.

تتميم في معنى <أَوْلَىٰ لَهُمْ>

قال تعالى: <يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ>[48]، ما هو معنى الأولى؟ <طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ>[49]؛ أي عندما صار الأمر جديًّا وقامت المعركة، كان عليك أن تحضر في الخطّ الأول، <فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ>[50]؛ أي كان الأولى لهم أن يأخذوا بكلام الله، العزم: يعني القطع على تحقيق الأمر وأنّه لا محيص عنه، فالمعركة جديّة. <مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلوا تَبديلًا>[51]، هذا الصدق هو <أَوْلَىٰ لَهُمْ>.

في معاني التولّي

يقول الله تعالى: <فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ>[52]. (هل) في اللغة العربية تدلّ على التحقيق، فهي استفهام بمنزلة قد، فالمعنى هل سيتحقّق <إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ>، وأنتم تزعمون أنّكم تولّيتم ابتغاء حفظ أنفسكم وحفظ ذوي القرابة من أنسابكم؟!

المعنى الأول للتولية هنا هو الإعراض، بمعنى هل صحيح أنّكم أعرضتم عن الجهاد؛ لأجل حفظ أنفسكم وحفظ أرحامكم بينما هذا الإعراض يسبّب الفساد في الأرض ويسبب قطع الأرحام؟!

فالتولي هنا هو بمعنى الإعراض والرجوع عن القتال، كما قد ذكرت ذلك الآيات الشريفة في تعالى: <فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ>[53]، وقوله تعالى: <فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى>[54].

وهناك معنى ثانٍ للتولية؛ وهو أنّ التولية مأخوذة من الولاية لا الإعراض؛ يعني إذا وصلتم إلى السلطة، لا يكون منكم إلّا الفساد في الأرض والظلم وسفك الدماء وقطع الأرحام، فهذه الآية مفسّرة ببني أمية في رواية أمير المؤمنين (ع) كما ذكرناها عن نور الثقلين؛ يعني أنتم أيّها المنافقون تأبون أن تحضروا وتقاتلوا في سبيل الله في ميدان الجبهة والقتال إذا وصل الأمر إليكم؛ لحفظ أنفسكم وحفظ جماعتكم وحفظ أرحامكم، لكن إذا وصلتم إلى الحكم، فشأنكم الإفساد في الأرض وقطع الأرحام، وهو شأن بني أمية، هم المصداق الأبرز لهذه الآية الشريفة. فما هو حكمهم؟ <أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ>[55]، يطردهم الله من رحمته، <فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى‌ أَبْصارَهُمْ>، أصمّهم؛ لأنّهم لا يسمعون الحقائق، وأعمى أبصارهم لا يرون الواقعيات نتيجة اتّباعهم الهوى والتزيين والطبع على القلب والرَّين <كَلَّا بَلْ رانَ عَلى‌ قُلُوبِهِمْ>[56]. ما هي النتيجة؟ القلب يقفل؛ يعني لا يصل إلى قلبهم شيء من الهداية؛ لذلك، يؤنّبهم الله ويقول: <أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‌ قُلُوبٍ أَقْفالُها>[57].

وللحديث صلة، نتحدّث عنه في الليالي القادمة إن شاء الله، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.


  • [1] محمد: 19-23
  • [2] النحل: 90
  • [3] الأحزاب: 46
  • [4] محمد: 19
  • [5] القلم: 4
  • [6] بحار الأنوار، ج16، ص210
  • [7] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج11، ص184
  • [8] المؤمن: 55
  • [9] النصر: 3
  • [10] نوح: 25
  • [11] إبراهيم: 41
  • [12] الأعراف: 151
  • [13] البقرة: 285
  • [14] الأنبياء: 87
  • [15] الأعراف: 23
  • [16] الفتح: 1-3
  • [17] الشعراء: 14.
  • [18] محمد: 19
  • [19] ص: 45
  • [20] يوسف: 24
  • [21] مريم: 51
  • [22] الشعراء: 82
  • [23] محمد: 19.
  • [24] محمد: 19
  • [25] بحار الأنوار، ج8، ص30
  • [26] النساء: 64
  • [27] نفس المصدر
  • [28] نفس المصدر
  • [29] نفس المصدر
  • [30] محمد: 19
  • [31] محمد: 20
  • [32] نفس المصدر
  • [33] محمد: 4
  • [34] محمد: 20
  • [35] الأحزاب: 19
  • [36] الأنفال: 5
  • [37] الأنفال: 6
  • [38] الأنفال: 7
  • [39] الأنفال: 6
  • [40] الأنفال: 7
  • [41] القيامة: 33-35
  • [42] النور: 51
  • [43] النور: 30
  • [44] محمد: 21
  • [45] محمد: 20
  • [46] الأنفال: 63
  • [47] آل عمران: 159
  • [48] محمد: 20
  • [49] محمد: 21
  • [50] نفس المصدر
  • [51] الأحزاب: 23
  • [52] محمد: 22
  • [53] النجم: 33
  • [54] طه: 60
  • [55] محمد: 23
  • [56] المطففين: 14
  • [57] محمد: 24
المصدر
كتاب تفسير سورة محمد | آية الله الشيخ عباس الكعبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى