مواضيع

واجباتنا تجاه المستكبرين

الاستقامة والثبات

1-    المفاهيم، الأبعاد، والخصائص

السيرة القيمة للأنبياء وأولياء الله في الوقوف ضد الظلم

لقد قدّم النبي  (ص) شهداء، وكذلك فعل الأنبياء. فسيرة الأنبياء والعظماء قائمة على هذا المعنى؛ وهو أنهم كانوا يعارضون الطاغوت حتى لو أدى ذلك إلى ضررهم، حتى لو قتلوا أو قتل أحبّاؤهم، لما لوقوف الإنسان ضد الظلم ومقاومته وعدم السماح بانتشاره من قيمة عظيمة[1].

ملخص لتاريخ مقاومة الأولياء الإلهيين ضد السلاطين الظالمين

منذ بداية تاريخ الإنسانية وإلى يومنا هذا، وقف الأنبياء والعلماء ضد الحكومات الظالمة. أ لم يكن لديهم عقل؟! أ لم يعلم الله تبارك وتعالى حين أرسل موسى لاجتثاث فرعون بقضية عدم جواز معارضة الملك؟! وفي رواية منقولة عن «الطبري»[2] أو «ابن الأثير»[3]، أنّ النبي  (ص) كان يكره كلمة «ملك الملوك»، وكان يقول إنها أبغض الكلمات إليه، وأنها من الكلمات التي نسبت إلى البشر؛ وهي مختصّة بالله سبحانه وتعالى.

لقد كان الأنبياء منذ القدم وإلى زمن الرسول الأكرم  (ص) والأئمة (عليهم السلام) يقفون دائمًا في وجه الظلم. حتى عندما كانوا في السجن، كانوا يقاومون، فموسى بن جعفر (ع) لم يترك مسؤوليته في المواجهة حتى عندما كان يقبع في ظلمات السجن. وأبو عبد الله الحسين (ع)، رغم التقيّة الشديدة، وحسب «الرواية المقبولة» كان يقاوم بالكلام والتبليغ؛ كان يبلّغ ضدّهم ويدفع الناس لمعارضتهم.

وقد تصدّى الإمام الحسن (ع) لمعاوية عندما كان حاكمًا، رغم أنّ الجميع آنذاك كانوا على بيعة ذلك الوضيع ويخشون سلطانه، وقد فعل ذلك ما أمكنه. وعندما لم يترك له بعض العلافين مجالاً للقيام بعمله، وفي تلك الظروف، أبرم الصلح الذي فضح معاوية. لقد فضح الإمام الحسن (ع) معاوية، بالقدر الذي فضح فيه سيد الشهداء (ع) يزيد. فالمواجهة كانت قائمةً دائمًا.

بعد ذلك، تصدّى العلماء للوقوف في وجه القوى الظالمة؛ لأنهم رأوا أنّ هؤلاء المستبدّين الماجنين ينفقون ميزانية الدولة على المفاسد والملذّات؛ يقترضون على حساب الشعب لينفقوه على الفسق والفجور. فكم هي المبالغ الضخمة التي اقترضها ذلك الشخص ليسافر إلى أوروبا مرتين أو ثلاثًا؟! وهذا ما جعل العلماء العظام يقفون في وجههم، فقد كانت القدرة بأيديهم.

والشعب كان شعبًا حيًّا تجاوب معهم؛ فتقدّم العمل. وكذلك؛ سيكون الحال معنا إذا ما كنّا نحن أحياءً، فلا تختلط عليكم الأمور. ولكن لكلٍّ منّا حكمه الخاص. فإذا كان هناك مائة مليون شخص، ولكلٍّ منهم رأيه الخاص، فلن نتمكن من العمل؛ لأنّ «يد الله مع الجماعة»؛ والأمر يحتاج إلى الاتحاد، والفرقة لا تنتج عملاً.

ولو أنّ علماء إيران اليوم، في قم، مشهد، تبريز، أصفهان، شيراز، وبقية مناطق البلاد، اعترضوا على هذا الأمر وعلى هذه الأعمال القذرة التي يقومون بها، والجرائم التي يرتكبونها، والفساد الذي يريدون نشره وتدمير البلاد، فإنّ ذلك سيترك أثره[4].

رسالة عاشوراء؛ الوقوف ضد الظلم في كل زمان ومكان

يجب أن يقفوا في مواجهة الظلم والاستبداد. هذه الكلمة «كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء» هي كلمة عظيمة يُساء فهمها؛ فيُظنّ أنها تعني أنّ علينا البكاء كلّ يوم! لكن مضمونها يختلف عن ذلك. ماذا فعلت كربلاء؟ وما الدور الذي لعبته في يوم عاشوراء؟ يجب أن تكون جميع الأراضي كذلك. كان دور كربلاء يتمثّل في مجيء سيد الشهداء (ع) إليها ومعه فئة قليلة من الناس، ووقوفهم في وجه ظلم يزيد والحكومة الطاغية وإمبراطورية ذلك الزمان، وضحّوا بأنفسهم وقتلوا، لكنهم لم يقبلوا الظلم، فانتصروا على يزيد. يجب أن يكون الأمر كذلك في كل مكان وفي كل يوم. يجب أن يعي شعبنا في كلّ يوم أنّه يوم عاشوراء، وأنّ علينا أن نقف ضد الظلم، وأنّ هذه الأرض هي أرض كربلاء، وأن علينا أن نؤدي دور كربلاء؛ الأمر لا ينحصر في أرض معيّنة ولا بأفراد معيّنين، فقضية كربلاء ليست منحصرة في سبعين شخصًا ونيّقًا ولا بأرض كربلاء؛ بل يتعيّن على كل أرض أن تؤدي هذا الدور، وألا تغفل عنه في كل الأيام.

يجب على الشعوب ألا تغفل عن ضرورة مواجهة الظلم، فقد ورد في بعض الروايات – التي لا أعلم صحتها من سُقمها – أنّ أحد الأمور المستحبة هو أن يحمل المؤمنون السلاح وهم ينتظرون؛ أن يكون السلاح جاهزًا[5]. لا أن يضعوه جانبًا؛ بل أن يحملوه لمواجهة الظلم والجور. فإنّ هذا تكليف، ومن شُعب النهي عن المنكر، وواجب علينا جميعًا أن نقف ضد هذه الأجهزة الظالمة، ولا سيّما تلك التي تعارض أسسنا[6].

مقاومة النبي  (ص) والأئمة (عليهم السلام) في مختلف الساحات

لقد واجه النبي الأكرم  (ص) والأئمة الهداة (عليهم السلام) مختلف أشكال الغربة من أجل الدين الحق والقضاء على الباطل، وقد أظهروا الاستقامة والصمود. لم يخشوا الاتهامات والإهانات والهمز واللّمز من أمثال «أبي لهب» و«أبي جهل» و«أبي سفيان». وفي الوقت نفسه، واجهوا أشد الحصارات الاقتصادية في شِعب أبي طالب، ولكنهم واصلوا في طريقهم ولم يستسلموا. ثم اهتمّوا بالهداية والتنمية، بتحمل الهجرات والمرارات في سبيل دعوة الحق ونشر رسالة الله والحضور في الحروب المتوالية وغير المتكافئة ومواجهة الآلاف من المؤامرات والعقبات. لقد ضجّت قلوب الصخور والحجارة والصحاري والجبال والأزقة والأسواق في مكة بصدى رسالتهم[7].

قلق النبي  (ص) من عدم استقامة الأمة لثقلها

يقول النبي  (ص) في أحد أحاديثه: «شيّبتني سورة هود»[8]؛ الآية التي وردت في سورة هود، وردت أيضًا في سورة الشورى باستثناء كلمة واحدة، ولكنه يقول عن سورة هود «شيّبتني»؛ لأن الأمر بالاستقامة ورد فيها لرسول الله  (ص) والذين معه، وهذا يعني أنّ النبي كان يشعر بثقل استقامة الأمة على كتفيه، والقلق الذي كان يشعر به النبي بشأن عدم استقامة الأمة، هو – على الأرجح – الذي دفعه إلى قول هذه الكلمة. الاستقامة في كل الأمور.. وهذا يتبع اهتمام الإنسان بالله تبارك وتعالى والأنبياء (عليهم السلام) وخاصة النبي الخاتم  (ص) وكيف عاشوا وما الذي تحملوه من مصائب وكيف استقاموا معها، وأيّ المصائب رأى النبي  (ص) من هؤلاء الناس، وأيّها توقّع خلال هذه السنوات التي كان فيها بينهم والتي تزيد على العشرين سنة! فهو ولي أمر هذه الأمة، وقد طلبت استقامة الأمة منه <فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ>[9]؛ وهذا ما كان يقلق رسول الله  (ص)[10].

معنى الاستقامة في الجهاد

الاستقامة تعني أن ألا نخشى المشاكل إذا ما ظهرت ونتخاذل عند مواجهتها في الجهاد أو الحروب التي يخوضها شعبٌ يريد أن يكون شريفًا، وأن يحقق الإسلام والنهضة الإسلامية. هذا هو أمر الله .. لم يسبق في التاريخ لشعب قوامه ثلاثون مليونًا أن هزم وقطع يد قوةٍ عظمى قوامها مئات الملايين مجهّزة بكلّ ذلك العتاد. أيُّ أمر أكبر من هذا الأمر؟ اليوم هو يوم الاستقامة. اليوم هو يوم الصمود. يجب على الإخوة والأخوات أن يستقيموا ويصمدوا، وستصل هذه النهضة إلى النصر النهائي إن شاء الله تعالى[11].

صمود الشعب؛ يعني مواجهة جميع القوى في العالم

لقد اجتثثتم سلطنة طاغية عمرها 2500 سنة ونظامًا كان مدعومًا ومؤيدًا من جميع القوى العظمى في العالم. لقد أزحتم جميع قوى العالم وقضيتم على النظام بالكامل وأعلنتم حكومة إسلامية في إيران. هذا الأمر ليس أمرًا صغيرًا كما قد تتصورون؛ بل هو أمرٌ كبيرٌ جدًا. أنتم شعبٌ وقف في وجه جميع قوى العالم وصمد أمامها. ورغم أنّ الجميع كان ضدكم إلا أنكم صمدتم وأزحتم الجميع. لا تغفلوا عن حقيقة أنكم فعلتم شيئًا نادرًا وفريدًا في التاريخ[12].

يجب على شعبنا بشكلٍ عام أن يعي دائماً أنه صمد أمام جميع القوى؛ سواء القوات المسلحة أو الأشخاص الذين يشغلون وظائف معينة أو الطبقات الأخرى من الملايين من الشعب. إنّ جميع قوى الشرق والغرب وأتباعهم يعادون اليوم هذه الجمهورية الإسلامية على أساس أنّ برنامجها هو الإسلام وأنّ الإسلام جاء لمنع كل أنواع الظلم والاضطهاد والعدوان والاستغلال. فوقفتم وأحكمتم قبضتكم وقلتم من البداية: «لا شرقية ولا غربية»، نحن لا نميل نحو الشرق ولا نحو الغرب؛ بل نريدها جمهورية إسلامية حرّة مستقلة[13].

القدر المطلوب من الصمود ومواجهة القوى العظمى

أنتم الذين قلتم لجميع القوى العظمى: «نحن صامدون وجاهزون للمواجهة»، وإنكم ستهزمون أمريكا والاتحاد السوفييتي وغيرهما. يجب أن تكونوا أقوياء؛ بحيث لو جاءكم – لا سمح الله –  الأعداء من وراء بيوتكم، فستتصدّون لهم وتقاتلونهم بكلّ بسالة[14].

الصمود الحاسم والواعي الذي أبداه الشعب الإيراني في مواجهة القوى العظمى

إخوتي وأخواتي؛ نحن اليوم في وضع يتطلب منّا أن نتعامل معه بوعي. نحن نواجه قوة عظمى في الغرب وقوة عظمى أخرى في الشرق، وكلاهما يريد التهامنا. ولكننا بفضل الله تعالى وجهود إخواننا وأخواتنا المؤمنين في إيران، نقف بحزم أمامهم ولن نسمح لأي قوة أن تواجهنا أو تتدخل في شؤوننا. فعليكم ألا تخشوهم؛ لأنكم تحت حماية الله تبارك وتعالى، وكل القوى فانية أمام قدرته[15].

يوم القدس؛ يوم الصمود بكل قوة في وجه الأجانب

إنّني أعتبر يوم القدس يوم الإسلام ويوم الرسول الأكرم  (ص)، وهو يوم ينبغي أن نجهّز فيه كلّ قوانا، وأن يخرج فيه المسلمون من العزلة التي يعانون منها، وأن يقفوا بكل قوة في وجه الأجانب. وهذا ما فعلناه نحن، فقد وقفنا في وجه الأجانب بكلّ قوة، ولن نسمح بتدخل الآخرين في بلادنا، ويجب ألا يسمح المسلمون للآخرين بالتدخل في بلدانهم[16].

2-    الأهمية والضرورة

الثبات على طريق الدين؛ مهمة القرآن الثقيلة للأمة الإسلامية

هناك آية واحدة وردت في سورتين من القرآن الكريم؛ حيث وردت بتذييل صغير في إحدى السور، وبدونه في السورة الأخرى. في سورة الشورى، ورد في الآية <وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ>[17]؛ حيث أمر الله رسوله  (ص) بأن يستقيم في المهمّة التي أُمر بها. وفي الأخرى؛ وهي سورة هود، ورد في الآية <فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ>[18]؛ فعلاوة على أمر الله تعالى للنبي  (ص) بالاستقامة والثبات، أمر كذلك وأولئك الذين آمنوا به ورجعوا إلى الله معه، بالثبات والاستقامة. هناك أشخاص في هذا العالم، يعملون من أجل شرفهم وشرف شعبهم وشرف الإسلام، فإذا هم استقاموا وثبتوا ولم ترعبهم الحوادث، فإنهم سيحقّقون أهدافهم؛ لأن الاستقامة أمرٌ مهمٌ وصعب. في السورة الثانية، وهي سورة هود، التي وردت فيها الآية المذيّلة بأمرنا جميعًا وفي مقدمتنا الرسول الأكرم  (ص) بالاستقامة، روي عنه  (ص) أنّه قال عن هذه السورة والآية: «شيبتني سورة هود لمكان هذه الآية»[19]؛ لأنها بيّنت أنّ جميع الشعوب الإسلامية وجميع المسلمين، مأمورون بالاستقامة والثبات وعدم التزلزل في هذه المهمّة التي كلّفوا بها. فهناك من يباشر مهمة ما، ولكن عند حدوث بعض المشاكل، يفقد السيطرة على نفسه ولا يستطيع الحفاظ على استقامته. وهناك الكثير ممّن يبقى على استقامته ويثبت حتى النهاية. وهذا ما علّمه الله تبارك وتعالى للمسلمين من وجوب الحفاظ على الاستقامة والثبات.. الرسول الأكرم  (ص) وهو الذي يمثّل أكثر الموجودات استقامة، إلا أنّ الله تعالى خاطبه قائلاً: <فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ> أي أن يكون ثابتاً! لا يزلزله شيء. وقد ورد في رواية عن أمير المؤمنين (ع) أنّه كان يقول: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِالنَّبِيِّ  (ص) وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسا»[20]. وحيث يصل إلى قوله أنت وأمّتك، يقول النبي: «شيّبتني هذه الآية»؛ لأن الاستقامة ليست بالأمر الهيّن وإن كنت أقدر عليها وبعضكم يستطيع أيضًا، ولكن ليس من المؤكد أن تكون الأمة بأكملها قادرة على ذلك، فالاستقامة في الأمر أصعب من الأمر نفسه؛ فالكثير من الانتصارات التي تحقّقها الشعوب، تفقدها مرّة أخرى لغياب الاستقامة لديهم في الأمر الموجود، فيضعفون، وتذهب تلك الانتصارات هباءً منثوراً[21].

أهمية الاستقامة

نسأل الله العلي القدير ونتوسّل إليه أن يعينهم[22] في الثبات على الصراط المستقيم وأن يتفضل عليهم بالاستقامة عند مواجهة أحداث الثورة ومشكلاتها الحتمية. وليعلم الشعب العزيز أنّ «الاستقامة» لها من الأهمية الكبرى ما جعل النبي  (ص) في رواية عنه يقول: «شيّبتني سورة هود» هناك حيث قيل له استقم أنت ومن تاب معك. نحن وأنتم الذين نفتخر باتّباعنا له وندّعيه، يجب أن نتحلّى بالاستقامة في الحفاظ على الدّين والإسلام العزيز والجمهورية الإسلامية، وأن نحلّ المشاكل بإقبال واستقامة ثورية. ليكن الله معينكم وحافظكم أيّها الأعزّاء، وليمنّ عليكم بالصبر الثوري لكيلا تضعفوا في المشكلات، وليرزقكم البصيرة الثورية حتى لا تتأثروا بمن يختلقون الأجواء اللادينية والمتكبرين الذين يتجاهلون الإسلام والثورة الإسلامية، ولا تتبعوا مروجي الشائعات الذين يعارضون المصالح العامة للثورة، وتقوموا بمواجهتهم[23].

ضرورة وقوف أعضاء المجلس في وجه القوى الشيطانية

أنتم يا أعضاء المجلس الذين تتمتعون بدعمٍ جادٍّ من الشعب العزيز، يجب أن تقفوا بكل قوّة ضد القوى الشيطانية التي كانت تحكم مصيرنا في النظام السابق العميل، ولا تخشوا أي قوّة غير قوّة الله القادر، ولا تفكروا في شيء آخر غير مصلحة البلاد. واعلموا أنّ اليساريّين أو اليمينيّين أو جذور النظام الفاسد السابق سيطمعون في التأثير على المجلس لفرض أهداف أجنبية خبيثة من خلال التصنّع والخداع. وعليكم جميعًا أن تنتبهوا لمخططات وقضايا اليوم، وأن تستعيذوا بالله تعالى من كيد الأعداء. ونسأل الله العلي القدير أن يحفظنا جميعًا من الزلل[24].

سيرة الأنبياء، الوقوف في وجه الطاغوت والتواضع أمام الضعفاء

أتمنى أن تكونوا جميعًا كما كانت سيرة الأنبياء (عليهم السلام)؛ حيث كانوا يقفون بثباتٍ ضد الطاغوت ويتواضعون أمام الضعفاء والفقراء والمستضعفين والمحتاجين؛ بحيث عندما يدخل العربي إلى مسجد رسول الله  (ص)، يقول: أيّكم رسول الله؟ في الوقت الذي كان رسول الله  (ص) فيه على رأس الحكومة، كان في المدينة وكانت الحكومة متمركزة هناك، لكن الوضع كان كذلك. من ناحية أخرى؛ لم يكن خاضعًا لأي قوة؛ لأنه كان يرى الله تعالى. فمن يدرك أنّ القوة لله جميعًا وأنّ الآخرين ليسوا بشيء، فعندها لا يمكن أن يكون خاضعًا لأيّ قوّة أخرى[25].

ضرورة وقوف الشعب في وجه مؤامرات المنافقين وشرورهم

الآن؛ على الشعب الشريف والمجاهد في إيران أن يقف في مواجهة جميع المؤامرات والشرور، وكما قطع بقيامه وثورته أيدي القوى الكبرى وحثالتها عن إيران، عليه أيضًا ألا يخشى من أي قوة أو شر ليواصل ثورته الإسلامية لإقامة العدل الإلهي. وعلى القوات المسلحة الإسلامية، بما في ذلك الجيش وحرس الثورة وقوات التعبئة وغيرها من القوات العسكرية والأمنية، وحتى القوات الشعبية في الجبهة وخلفها، أن تطرد المرتزقة الهائجين كالسيل الجارف من بلدهم الإسلامي، وأن تنظف إيران العزيزة من هذه الشوائب والأوساخ، وأن تعلم أنّ النصر مع قوة الإيمان. وعلى الشعب البطل الذي لا يدّخر جهداّ لدعم قوات الأمن والحرس الثوري اعتقال وتسليم هذه الجماعات المفلسة التي تنشر الفوضى في الشوارع إلى المحاكم المختصّة، وعلى محاكم الثورة التعامل معهم وفقًا لأمر الله تعالى وأن تنفذ حكم القرآن الكريم دون إهمال أو إفراط، وتخمد الفتنة بمشيئة الله جلّ وعلا، وتبتعد عن التجاوز والإفراط[26].

لذلك؛ يجب أن يشعر الإنسان بالأسف والحزن لهذه العمليات الإرهابية والأعمال التخريبية التي وقعت قبل يومين في طهران. لقد قُتِلَ الأطفال والشباب في شوارعنا، وتم استدراجهم إلى القيام بأفعال شريرة. من المؤسف جدًا أن يتورط شبابنا وأطفالنا بهذا الشكل مع هؤلاء الذين يظهرون في الشوارع ويحرقون الممتلكات الخاصة والممتلكات العامّة؛ مثل سيارات شركة النقل العام والمناطق التابعة للمستضعفين. لا تعتقدوا أنّ هؤلاء يدّعون الجهاد من أجل الشعب والمستضعفين؛ بل هدفهم ومبتغاهم هو إلحاق الضرر بهذه الأشياء التي يملكها المستضعفون؛ الأشياء التي تم جمعها للمستضعفين، للمعوقين، للمتضررين من الحرب؛ هدفهم هو إحراق هذه الأشياء.

لا تخشوا هؤلاء المهزومين، فهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة. وشعب إيران الشريف يقف أمامهم بكلّ قوّة، كما تقف القوات العسكرية والأمنية والحرس وقوات التعبئة وغيرها من القوات المسلحة – الذين هم من الشعب نفسه – في الحرب ضد الكفّار وأولئك الذين يخدمونهم[27].

ضرورة الاهتمام أكثر بإعداد الشباب للوقوف في وجه القوى

أيها الإخوة! على الشباب خلف الجبهة أن يكونوا فعّالين وأن يلتحقوا طوعاً بهذه الحرب ويسارعوا لحلّ هذه القضية. ورغم أنّ نشاط الشباب عالٍ، إلا أنه يحتاج إلى  أكثر من ذلك، وأن يكون كلّ يوم أفضل من اليوم الذي سبقه، وعليهم أن يجهّزوا أنفسهم للوقوف في وجه هذه القوى العظمى[28].

الأهمية الكبرى للوقوف بين صفوف الشعب الإيراني على حساب النفس

هذا الشعب الذي يتواجد في جميع أنحاء البلاد، ويقف بقبضة محكمة الآن في الساحة. هذا الشعب التي زارني أحد شبابه وكان قد فقد كلتا قدميه، ومع ذلك، يقول ادعوا لي بالشهادة. هذا الشعب الذي تأتي أحد أمهات الشهداء وتقول لدي أطفال آخرين وأنا على استعداد لتقديمهم للشهادة. الشعب الذي يصلي شبابه في الجبهات صلاة اللّيل ويجاهدون في سبيل الله ويرون أنّ هذا الجهاد فخرٌ لهم وقد تخلوا عن الحياة المادّية المريحة ويقضون لياليهم وأيامهم في الخنادق في هذا الطقس الحار والجفاف والشدة ويتقدمون، هل سيستسلم بقتلي وقتل أمثالي؟[29]

ضرورة استمرار الاستقامة العامة للشعب حتى النصر النهائي

فليستقم شعبنا، ولتستقم جامعاتنا وحوزاتنا العلمية العريقة، ليستقم جيشنا وكل شيء لدينا، فالاستقامة سبب استمرار هذه النهضة والثورة، وانتشارها في كل مكان .. وشعبنا مستقيم حتى الآن في هذه الثورة التي قام بها، وهو بحمد الله منتصر حتى الآن. أنتم منتصرون في هذا العالم. لقد أصبح لكم صيت في كل ركن من أركان العالم، فحكومات العالم تخشى منكم بطريقة ما، خوفًا من أن تصبح شعوبهم مثلكم، فاستقيموا حتى تحققوا النصر النهائي[30].

أنا أتمنى أن يستمر شعبنا في الاستقامة كما فعلوا حتى الآن من أجل الدفاع عن الإسلام. استقيموا وأرضوا النبي  (ص). وأنا أتمنى أن يمنّ الله تعالى عليكم جميعًا بالتوفيق لخدمة الإسلام وقطع أيدي الخونة من هذا البلد[31].

المقاومة؛ السبيل الوحيد للانتصار على القوى العظمى

عندما شعر الشعب الإيراني بالحاجة إلى مقاومة الشاه وأمريكا بأنفسهم، قاوموا السلطنة التي استمرت 2500 سنة وأزالوها. ما حدث في إيران كان معجزة. ولا يجب أن ننسى هذا الدرس وهو أنّه علينا مقاومة القوى العظمى[32].

3-    عوامل الاستقامة والصمود ولوازمها

الإخلاص؛ عامل ثبات الأنبياء واستقامتهم في تحمل صعوبات الهداية

العمل الذي يكون إلهيًا ولا يكون له دافع سواه، مثل الأعمال التي كان الأنبياء (عليهم السلام) يقومون بها في دعواتهم، هذه الأعمال ليس لها دافع سوى الله تبارك وتعالى. ولذلك؛ تحمّل الأنبياء العظام خلال الدعوة والهداية الكثير من المشقات، ولم تثنهم هذه المشقّات عن العمل الذي كانوا يقومون به. ويجب أن نقول إنّ هذه المشقات التي تبدو – حسب الدوافع البشرية – صعبةً بالنسبة لنا، لم تكن كذلك بالنسبة لهم؛ لأن الهدف الذي كانوا يتحركون نحوه ويعملون من أجله، كان هدفًا كبيرًا جدًا وعاليًا جدًا لدرجة أنّ جميع المشقات التي كانوا يتحملونها كانت تهون من أجل هذا الهدف. فالهدف كان أهم؛ ولذلك، ترون أنّ الأنبياء قضوا كل حياتهم في السعي لتحقيق هذا الهدف الذي لديهم، ولم يتراجعوا خطوة واحدة إلى الوراء، ولم تتزلزل أرواحهم[33].

الأمل في استمرار صمود الشعب في ثورته الإلهية مع مراعاة الله تعالى

الحمد لله، الآن شعبنا صامد، ونحن نأمل أن يستمر هذا الصمود، وأن يكون الأساس هو التوجّه إلى الله تعالى. يجب أن يكون الله تبارك وتعالى هو وجهة أنفسنا جميعًا، يجب ألا يكون هناك انحراف عن الثورة، وأن تكون إلهية. <أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى>[34]؛ <إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ تَقُومُوا>[35]؛ قوموا لله؛ وأيّ انحراف في هذه الثورة لن يرضي الله تعالى وستعقبه الهزيمة، وإن كانت إلهية، فالنصر مضمون إن شاء الله. يجب أن يعتبر الجميع أن ّالهدف هدفٌ إلهي. ليكن قيامكم لله وفي سبيل ونجاة شعبٍ هم عباد الله، وتأكدوا أنكم ستتقدمون بهذا الوضع إن شاء الله[36].

خدمة الإسلام؛ الدافع الرئيسي لمقاومة الشعب الإيراني في الحرب

يجب على الشعب الإيراني أن يكون مدركًا أنه يخدم الإسلام. الفرق بيننا وبينهم هو أنّ دافعنا هو الإسلام. لقد حفظ التاريخ الأشخاص الذين خدموا في الإسلام وقاتلوا وضحّوا منذ صدر الإسلام وحتى الآن. لقد عانى النبي الأكرم  (ص) من العديد من المشاكل التي مرّت علينا، فكان مسجونًا لعدة أشهر أو سنوات، كان محاصرًا في شعب أبي طالب؛ ومع ذلك قاوم، وهو الأمر الذي كان يجب أن يقوم به[37].

التوكّل على الله؛ لازم محاربة القوى العظمى والصمود أمامها

المسألة التي أود أن أذكركم بها بشدة هي أن تزيلوا من أذهانكم أنه «لا يمكن مواجهة القوى العظمى». إن كنتم تريدون، فستستطيعون؛ لأن الله هو معينكم. هذه الهمسات التي تم توجيهها بواسطة القوى العظمى التي تقول إنكم لن تكونوا قادرين على مواصلة الحياة حتى تعتمدوا على واحدة من القوتين، هي بالتأكيد خاطئة بنسبة 100٪. يجب أن تقفوا على أقدامكم وتكونوا أقوياء ثابتين مع الله تعالى وتحاولوا التقدّم في الإنسانية قبل التقدّم في الأمور الأخرى. في هذه الحالة، سيساعدنا الله على الحفاظ على استقلالنا وحريتنا وإسلامنا[38].

الاتّكال على الله؛ عامل الصمود في مواجهة جميع القوى

على الرغم من أنّ إيران تمتلك عددًا محدودًا من السكّان لا يتجاوز الأربعين مليون نسمة، وتمتلك أسلحة وذخائر محدودة، إلا أنها تقف في وجه جميع القوى ولا تخشاها؛ وذلك لأنها تعتمد على قوة واحدة وهي الله سبحانه وتعالى. فعندما تثق بالله وتتصل به، لن تحتاج إلى الاتصال بالآخرين[39].

أهم عوامل الاستقامة؛ الإيمان والثقافة الإسلامية لا القومية

في ذلك الوقت، كان الدفاع عن الشعب وعن إيران، وما زال كذلك. في ذلك الوقت، ودفاعهم ذلك لم يكن مقاومة على الإطلاق؛ بل كان فاسدًا بشكل أساسي، وكان من الواضح أنّ الجيش أجوف من الداخل. واليوم، أنتم ترون حالة الجيش والحرس الثوري وقوات التعبئة، هؤلاء الذين قاوموا وصمدوا لأكثر من سنتين. ولم تكن القومية هي التي جعلتهم هكذا؛ فلو كانت القومية هي السبب، فقد كان لأولئك قومية أيضًا. أولئك الذين يعتقدون أنّ الأمر يعود إلى القومية فهم لا يفهمون شيئًا، وإلا لما وصلوا إلى الحالة التي هم عليها اليوم. إنه الإيمان؛ هو الذي جعلهم هكذا. ذلك الجندي الذي يصلي صلاة الليل في خندقه، سيقاوم مثل الأسد؛ لأنه يقاتل في سبيل الله. أمّا الجندي الذي يشرب الخمر هناك ويلعب القمار، من أجل مَن يعمل؟ بمجرد رؤيتهم لجنودنا، يستسلم ثلاثون ألفًا منهم للأسر، يأتون ويرمون أنفسهم في الأغلال. هل تعتقدون أننا لو واجهنا العراق، الذي يدعمه جميع البلدان، ويدفع له هؤلاء الشيوخ البائسون الكثير من المال والأسلحة التي تأتي من كل مكان، هل تعتقدون أنه إذا حدث ذلك في ذلك الوقت، مع الحالة التي كان عليها والحالة التي كانت عليها بلادنا؛ حيث لم يكن للشعب أي علاقة بهذه القضايا؛ بل كان هناك الجيش فقط، جيش ليس بذلك الجيش الذي يعتمد عليه، أنهم كانوا يستطيعون المقاومة لساعة واحدة؟ الله تعالى أراد أن يجنّبهم ذلك في ذلك الوقت، وهذا يعود أيضًا لكون الشاه خاضعًا لأمريكا، فلم تكن هناك حاجة للقيام بأي شيء ضدّ خادمهم. واليوم، بعد أكثر من سنتين، أنتم تنهضون ببسالة. وهؤلاء الناس، الرجال والنساء، يتّبعونكم ويبذلون جهدًا لتقدمكم. ثقافة الإسلام هي التي حققت هذا، وليست ثقافة القومية ولا ثقافة الشاه[40].

التغيير الإلهي؛ عامل مهم في استقامة الشباب أمام الشرق والغرب

لقد رحمنا الله تعالى بأن غيّر حالكم جميعًا، وأنقذ جميع شبابنا من تلك الدوامة وأدخلهم في بيئة إسلامية. يجب على الإنسان أن يقف أمام الشرق والغرب ولا ينحني لهم أبداً لكونهم يمتلكون أمورًا متقدّمة[41].

الصبر والاستقامة في مواجهة المصائب تأسّيًا بالمعصومين (عليهم السلام)

لا تحزنوا ولا تقلقوا ولا تضطربوا، وأبعدوا الخوف والرعب عن أنفسكم؛ فأنتم تتبعون قادة صبروا واستقاموا أمام المصائب والبلايا، وما نراه اليوم لا يقارن بما مرّوا به. لقد تجاوز قادتنا العظام أحداثًا مثل يوم عاشوراء وليلة الحادي عشر من محرم وتحملوا مصائب عظيمة في سبيل دين الله تعالى. فماذا تقولون اليوم؟ ممّ تخافون؟ لماذا أنتم مضطربون؟ من المخجل أن يفقد أولئك الذين يدّعون اتّباع الإمام علي والإمام الحسين (ع) أمام هذه الأعمال المخزية والفاضحة للنظام الحاكم[42].

أنتم أتباع رسول الله  (ص) الذين تحملوا الكثير من المعاناة والألم في سبيل دين الله تعالى. في مكة مع كل تلك الضغوط والاتهامات والإهانات، وفي المدينة مع كل تلك الحروب والدفاعات المحطِّمة، وقفوا كالجبل الصامد وخدموا الإسلام والمسلمين[43].

من شروط الصمود؛ عدم اعتماد المفكرين على الشرق والغرب

من واجبنا أن نقف في وجه القوى العظمى، ولدينا القدرة على الصمود؛ بشرط أن يتخلى المفكرون عن الغرب والشرق والتغريب والتشريق، وأن يتبعوا الصراط المستقيم للإسلام والوطنية.. أيّها المفكرون الملتزمون والمسؤولون! دعونا نتخلى عن التفرقة والتشتت ونفكر في الناس ولأجل إنقاذ هؤلاء الأبطال الذين قدموا الشهداء في هذا السبيل، أنقذوا أنفسكم من شر المدارس الشرقية والغربية. قفوا على أقدامكم وابتعدوا عن الاعتماد على الأجانب[44].

الوحدة والأخوة الإسلامية؛ شرط من شروط الصمود أمام القوى العظمى

لن تتمكّنوا من الصمود في وجه القوى ما لم تتحدوا وتضعوا اليد في اليد وتحافظوا على الأخوة الإسلامية[45].

اهتمام الشعب بمؤامرة العدو طمس روح الاستقامة

يجب أن ينتبه الشعب إلى هذه المسائل؛ الأشخاص الذين يقومون بالدعاية المغرضة ويملؤون آذانكم بالنقائص والسلبيات، هؤلاء الأشخاص يريدون خطف هذا النصر منكم، يريدون أن يأخذوا الاستقامة منكم. والأمر كالآتي؛ إما أن تتّبعوا كلام المفسدين أو كلام الله تبارك وتعالى الذي يقول: <فاستقم كما أمرت ومن تاب معك>[46]. نحن جميعا مأمورون بالاستقامة والثبات[47].

4-    إحصاء بعض مواطن صمود الطبقات المختلفة

استقامة الشعب الإيراني وثباته الطويل في مواجهة القوى العظمى

لقد أظهر الشعب الإسلامي في إيران على مر السنين أنه لا يخشى من هذه الجعجعة والصخب، ويقف بثبات وصلابة أمام جميع القوى العظمى، وبعون الله تعالى، سيقوم الشعب الشريف في إيران بإجراء الانتخابات في الوقت المحدّد وبقوّة وحزم، وحتى لو كانوا تحت الصواريخ والقنابل، فسيذهبون بالتأكيد إلى صناديق الاقتراع وسيؤدون واجبهم الشرعي والإلهي[48].

صمود علماء الدين في التوعية في المجالات والأدوار المختلفة

في كل قصة نواجهها، نرى أنّ علماء الدين هم الهدف. فكان محمد رضا يسميهم رجعيين، يقول: «هؤلاء هم عملاء الرجعية»؛ حتى أصبحوا يقولون: «هؤلاء هم عملاء الإنجليز». لقد رأيت هذا الأمر بنفسي ذات يوم عندما كنت في سيارة في طهران، وسمعت الرجل منهم يقول للآخر – وقد كنا ثلاثة أشخاص معمّمين -، لقد مضى وقت طويل منذ أن رأيت هذه الأشكال، إنهم صنيعة الإنجليز في النجف وقم لكي يفعلوا بشعبنا ما يريدون. كنا في ذلك الوقت عملاء للإنجليز ورجعيين! واليوم أيضًا نحن رجعيون! رجال الدين رجعيون! وهم المثقّفون!

طوال الفترة التي أتى فيها رضا خان وقام بالانقلاب، كانوا هؤلاء الرجعيون هم من وقفوا في وجهه وأحكموا قبضتهم حتى النهاية، رجال الدين الرجعيّين هؤلاء هم الذين قاموا ضده، وهم الذين قاموا بتوعية الناس وكشف الحقيقة لهم. لقد تعرضوا لضربة من قبل هذه الجماعة؛ ولذا يريدون فصل الناس عنهم. كانوا قد فصلوا الأكاديميين بشكلٍ أكبر، والآن يريدون فصل جميع الناس عن هذه الجماعة حتى يتمكنوا من القيام بأي عمل يريدونه، ولا يعترض أحدٌ فيتّبعه آخرون[49].

تثمين صبر واستقامة المتضرّرين من الحرب

في الختام، أود أن أرسل سلامي إلى جميع الإخوة والأخوات الذين يواصلون حياتهم البطولية في بيئة الحرب، ولا يخافون من القتل في سبيل الله على يد أعدائه، ويدافعون بكلّ ما أوتوا من قوّة عن وطنهم العزيز طلبًا لمرضاة الله تعالى، ومواساة لمجاهدي الإسلام، ويبذلون كل ما لديهم بإخلاص، ويسطرون بتضحياتهم المتكررة دروس الشجاعة والشهامة في تاريخ جهادكم الباسل، ويعلّمون المستضعفين في العالم أنّ وعد الله بأنّ الحكم لهم هو الحق، واسودّت وجوه القوى العظمى بمقاومتكم، وأنا أقف خاضعًا وخاشعًا أمام صبركم واستقامتكم[50].

الصمود في وجه العدو باستخدام معداته العسكرية!

الحمد لله، قواتنا الأمنية قوية الآن وكذلك معدّاتنا، هذه المعدّات التي أعدّها لنا العدو كثيرة جدًّا. كانت أمريكا قد أعدّتها لمواجهة الاتحاد السوفيتي ولكنها وقعت في أيدينا، ونحن نقف ضدها وضد أي دولة أخرى[51].

تحوّل أُسر الشهداء والمضحّين إلى بنيانٍ مرصوص بفضل الاستقامة

نبارك لأسر الشهداء الأعزاء والمفقودين والأسرى والجرحى، وللشعب الإيراني، الذين تحولوا باستقامتهم وثباتهم واجتهادهم إلى بنيانٍ مرصوص، لا يخيفهم تهديد القوى العظمى، ولا يضجّون من وطأة الحصار والنقص، ولا ينحنون أمام خيانة ووحشية صدام المجنون والمتهور الذي يهدم المدن ويدمر المنازل والمساجد والمستشفيات والمدارس؛ بل يواصلون شق طريقهم الذي هو طريق الإسلام والعزّة والكرامة والشرف والإنسانية، ويفضلون الحياة بعزّة في خيمة المقاومة على الحضور في قصور الذلّ وخدمة القوى العظمى والتسوية والسلام المفروض. وأنا أفتخر بأن أكون بينكم وإلى جانبكم، وأن أشارككم حزنكم ومصائبكم التي هي مصيبة الإسلام والمسلمين.. على أي حال؛ يعجز القلم والبيان عن رسم المقاومة العظيمة والواسعة لملايين المسلمين المولعين بالخدمة والتضحية والشهادة في هذا البلد؛ بلد صاحب الزمان (أرواحنا فداه)، والحديث عن بطولات أبناء الكوثر فاطمة الزهراء (عليها السلام) وشجاعتهم وخيراتهم وبركاتهم؛ فكل هذه الأمور تنبع من فن الإسلام وأهل البيت (عليهم السلام) ومن بركات اتّباع سيّد الشهداء (ع). وشعبنا قد شدّ أحزمته بإحكام ووقف بأجمعه في ساحة النزال بين الحق والباطل؛ رجالاً ونساءً، وشيوخًا وشبابًا، باستثناء قلّة قليلة من أهل النفاق الذين باعوا أنفسهم، وغيرهم من الجواسيس المرتبطين بالاستكبار العالمي. وأيّ سباق في سبيل الله أسمى من هذا؛ حيث يفكر الذين تضرروا من الفيضانات في مساعدة الجبهة، والمقاتلون في ساحة المعركة يقدّمون أيضا ممتلكاتهم المادية للمتضررين من الفيضانات؟ وأيّ تحول أعلى من هذا؛ حيث لا يشكو آباء وأمهات وأزواج الشهداء من فقدان أحبائهم؛ بل يعبّرون عن غبطتهم وحسرتهم لتخلّفهم عن قافلة الشهداء؟ وما أضلّ أولئك الذين لا يزالون ينكرون الحقائق والواقعيات، حتى بعد تجربة سنوات من مقاومة وصمود هذا الشعب البطل؛ حيث يواصلون تجهيز صدام المحتضر وحزب البعث العفلقي، وهو ما يقرّب أجله وأجلهم، ويجعل شعبنا أكثر صلابةً، ويجعل عزمهم على تسريع سقوط المعتدي أكثر جزمًا![52]

وقوف الشباب ضد مؤامرة الإبقاء على الطاغوت والحرب

لقد اتّحد الجميع للحفاظ على النظام السابق، ووضعوا اليد في اليد لتحقيق النصر في هذه الحرب، ويدّعون ذلك كل يوم، لكنّ شبابنا أفشلوا كلّ مخططاتهم، ويقفون في وجههم صامدين ويتقدّمون[53].

جهوزية الشعب الإيراني للوقوف في وجه كافة القوى العظمى

نحن لا نخشى الحصار الاقتصادي والحصار العسكري والتدخلات العسكرية للقوى العظمى. فحتى لو دخلوا هنا، سنقف بقوة ضدهم، والشعوب الإسلامية الأخرى أيضا ضدهم. يجب أن نمضي قدمًا بكلّ قوتنا حتى نتمكن من تطبيق أحكام الإسلام في بلادنا، وحتى في المنطقة والعالم كلّه[54].

وقوف «الجيش» كسدٍّ منيع وبنيانٍ مرصوص في الجبهات

تهانينا للجيش والقوات المسلحة والشعب الذي يحظى بجيشٍ كهذا، الذي أنقذ بجهاده العظيم وتضحيته الشجاعة بلادنا الحبيبة من شر جنود إبليس – الذين هاجموها بدعم من قوتين كبيرتين وسائر القوى التابعة لهما – ووقف ولا يزال يقف كسدٍّ منيع وبنيانٍ مرصوصٍ أمامهم. يوم الجيش في هذا العام هو يوم ملحمي للشعب؛ هو يوم فخر للوطن؛ هو يوم رفعة وعزة للجيش والقوات المسلحة الأخرى. تقديم التهاني والتبريكات للجيش والشعب ليس شعارًا؛ بل هو شعور وحقيقة؛ حقيقة تتجلّى في أرض المعركة؛ حقيقة يلمسها الصدّاميون وجنود إبليس. والضربات المتتالية والمستمرة للقوات المسلحة شاهدة على هذه الحقيقة التي سجّلها العالم[55].

بفضل الله، أدّى شعبنا بشكل عام وجيشنا وقواتنا المسلحة بشكل خاص وقواتنا الجوية بشكل أخصّ هذا الاختبار وهذه المهمة الإلهية بنجاح، فقدموا التضحيات وأظهروا الاستقامة[56].

تعوُّد الشعب الإيراني على الصبر الطويل والاستقامة عند المصائب

الآن افرضوا أنّ صدامًا هذا الخادم البائس، الذي يقود شعبه إلى الهلاك ويحمّلهم ما لا يطيقون، قد شن هجومًا يائسًا علينا، فإنّ لدينا الصبر والتحمل. طوال خمسين أو ستين عامًا، كان شعبنا وشبابنا تحت نير هذه المشكلات والمصائب. ونحن معتادون على تحمل الصعوبات وشبابنا معتادون عليها كذلك. والآن وقد وجدوا أنفسهم وذاقوا طعم الاستقلال، فإنّهم سيقفون بكل قوتهم، حتى لو استمرت هذه الحرب لعشرين عامًا[57].

صمود الشباب ضد العدو في معركة الحق والباطل

على الرغم من وفرة المعدات العسكرية والقوة البشرية التي يتمتّع بها العدو، وتقديم المساعدة المباشرة والأسلحة وكل هذه الأمور من مصر والأردن ودول أخرى، إلا أنّكم أظهرتم – أيها الشباب – رغم قلّة عددكم، أنّكم أقوياء من حيث الروح، ووقفتم أمام الجميع وهزمتموهم[58].

هؤلاء الشباب الذين كان النظام السابق يخطّط لتدمير حياتهم في مراكز الفساد، يعملون اليوم في مراكز النشاط والحرب في الحرس الثوري والجيش وكل ما يفيد البلاد، يملؤهم الإيمان لدرجة تجعلهم يقفون أمام كل شيء ويصمدون بكل قوّة[59].

تثمين صمود أهالي غرب البلاد وجنوبها خلال الحرب المفروضة

لقد أدّت خوزستان دَينها للإسلام وجاهدت من أجل القيم الإنسانية والشرف والوطن، ووقفت بشجاعة وما تزال ترسل شهداءها الأبرار في سبيل الله تبارك وتعالى. خوزستان سبّاقة في الدفاع عن الحق ضد الباطل، وتعتبر نموذجًا لبقية سكان البلاد. يجب أن يكون الغرب والجنوب قدوة للمناطق الأخرى. لقد سارع هؤلاء الشهداء الذين نشاهد صورهم المباركة إلى الله ولبّوا دعوة الإسلام وحققوا السعادة لأنفسهم والكرامة والعزة للغرب والجنوب؛ بل لكل إيران والإنسانية. ما يُعزينا في هذه المصائب التي نشارك فيها جميعًا، هو أننا لله وأنّنا إليه راجعون..

أنتم يا أهالي غرب وجنوب خوزستان وغيرها من الحدود الوطنية، قد وقفتم في وجه الظالمين والمعتدين على الإسلام وقدمتم الشهداء كشهداء صدر الإسلام، لقد خلّفتم الكثير من الشهداء للشعب. أنتم من حافظتم على شرف هذا الشعب وليكن الله تبارك وتعالى راضيا عنكم. أنتم فخرٌ للإسلام والشعب وبقية المجاهدين يدعمونكم والشهداء الذين قدمتموهم للإسلام هم شهداء الشعب كلّه، والمصيبة مصيبته والفخر فخره. هنيئًا لهؤلاء الشباب الأعزاء الشجعان الحاضرة صور بعضهم في هذا المجلس، وهم مصدر للتأثّر والفخر[60].

نرى جميعًا كيف يقاوم الناس في خوزستان والأماكن التي هي مركز للحرب والصراع. عندما أرى جموع المصلين يوم الجمعة في بعض مناطق خوزستان؛ مثل آبادان والأهواز ودزفول، أشعر بالفخر حقًا بأنّ لدينا مثل هذه الأماكن؛ وأنّ للإسلام مثل هذه المناطق؛ منطقة تتعرض للقصف في كل وقت وحين، تكون فيها صلاة الجمعة وإمامها بهذه القوة والعظمة. إنّ صلاة الجمعة التي تقام في مناطق الحروب تختلف عن تلك التي تقام في طهران أو قم أو أماكن أخرى، هناك ميزةٌ خاصة فيها. جمعة هذه المناطق الحربية، تعطي روحًا لإيران، تعطي روحًا للجيش[61].

صمود الشعب الإيراني أمام حزب رستاخيز ومؤسسه

حزب «رستاخيز» الذي تم تمجيده كثيرًا؛ سواء من قبل نفسه أو من قبل عملائه الخبثاء، فبالغوا في مدحه والإشادة به، وقال هو بنفسه إنه سيعطي من يرفض الانضمام إليه تذكرة ويطلب منه مغادرة البلاد، ورُوّج له بشدّة، وقف الشعب أمامه وأمام مؤسسه وأمام الدبابات والمدافع والبنادق، وأجبر هذا الديكتاتور على التخلي عنه كما لو أنّه لم يكن من قبل[62].

الاستعداد التام لمجاهدينا لمواجهة أيّ طارئ

نحن ننتصر في الجبهة الداخلية بفضل الله تعالى، ومجاهدونا في الميدان يقفون بثبات في مواجهة أي طارئ، من أي الطبقات كانوا؛ سواء من القوات البحرية – حفظهم الله – الذين هم حاضرون هنا اليوم، أو القوات البرية أو الجوية أو الحرس الثوري أو القوات المسلحة الأخرى[63].

وقوف الشهيد مدرس أمام رضا شاه والإنذار النهائي الروسي

في اليوم الذي جاء فيه رضا شاه وقام بكل تلك الأعمال، كان هناك رجل دينٍ في المجلس باسم (آية الله مدرّس)[64]، وقف في وجهه وقال «كلا». لم يكن هناك غير مدرّس وعدد قليل من الأشخاص حوله. لم يكن في جميع أنحاء البلاد من قوة تقف أمامه. مدرّس كان رجلاً متديناً معمّمًا يرتدي قميصاً وعباءة وسروالاً كرباسيّا – الذي انتُقد بسببه وقالوا فيه شعرًا – وقف أمام رضا شاه وقال «كلا».

في الوقت الذي قدمت فيه روسيا الإنذار النهائي لإيران – والذي كان في قضية لا أتذكرها الآن -، وكان جيشهم قد تحرك ووصل إلى مكان ما، طرحوا الإنذار في المجلس لكي يوافق النوّاب عليه، وبحسب ما ينقلون هم أنفسهم، فإنّ النوّاب كانوا جميعًا جالسين ولم يتكلّموا ولم يكن لديهم القدرة على فعل أي شيء، وما الذي يمكنهم فعله؟! وكتبوا أنّ هناك سيدًا واحدًا معمّمًا من العلماء، تقدّم بيد مرتعشة، وقال: إن كان لابدّ لنا من الهلاك، فلماذا نهلك بأيدينا! كلا؛ نحن نرفض هذا. وبهذا اكتسب النوّاب القوّة وصوّتوا ضد الخضوع للإنذار ولم يقبلوا بكلامهم، ولم يستطع الروس القيام بشيء، فقد كانوا يريدون إخافتنا[65].

مقاومة السيدة زينب (عليها السلام) في مواجهة المصائب

كيف يجب أن تكون مقاومة فئةٍ قليلة في مواجهة فئة كثيرة؟ وكيف يجب أن تكون الثورة ضد حكومة طاغية تسيطر على كل شيء؟ بواسطة فئة قليلة. هذا ما علمه سيد الشهداء (ع) للأمّة وأوصى به ابنه الجليل (ع) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) بعد حدوث تلك المصيبة، فما الذي يجب فعله؟ هل يجب الاستسلام؟ وهل يجب التخفيف من الجهاد؟ أو يجب أن نقف كما وقفت زينب (عليها السلام) بعد تلك المصيبة العظيمة التي «تصغر عندها المصائب»[66]، وتحدثت أمام الكفر والزندقة وبيّنت الأمر أينما سنحت الفرصة لذلك، ونبلّغ كما بلّغ الإمام علي بن الحسين (ع) كما ينبغي بالرغم من حالته الصحية السيئة[67].

مقاومة النساء أمام الطغاة تأسّيًا بالسيدة زينب (عليها السلام)

غدا هو يوم المرأة. يوم امرأة يفتخر بها العالم؛ يوم امرأة وقفت ابنتها أمام الحكومات الطاغية وخطبت تلك الخطبة وقالت تلك الكلمات التي يعرفها الجميع؛ امرأة وقفت أمام طاغية – لو تنفس في مجلسه الرجال لقتلهم جميعًا – ولم تخف وثبتت وأدانت الحكومة، أدانت يزيد وقالت له أنت لست جديرًا بالإنسانية، أنت لست إنسانًا. يجب أن تحظى المرأة بمثل هذا المقام. ونساء عصرنا – ولله الحمد – يشبهن تلك المرأة؛ فقد وقفن وأطفالهن في أحضانهم أمام الطاغية وأحكمن قبضاتهن وساعدن في الثورة[68].

مقاومة النساء المميّزة في قطع يد المستعمرين عن البلاد

لا شك في مقاومة جموع النساء المتديّنات، خاصة الفقراء في المجتمع، ولكنّ المستعمرين الخونة نجحوا في استقطاب العديد من الطبقات المترفة المحبّة للملذّات، فجعلوا يروّجون لأسيادهم. والآن؛ وبفضل الله العلي القدير ونشاط شعبنا العظيم، خاصة النسوة الشجاعات، قد قطعت أيدي المستبدين، ولا يزال هناك أقلية ضئيلة تواصل أعمالها الجاهلية، ونأمل أن ينتبهن – إن شاء الله تعالى- لمكائد الشياطين الكبار والصغار، وأن يتخلصن من خداعهم[69].

وأيّ شرف أعظم من أنّ نساءنا الكريمات اللاتي وقفن في وجه النظام الظالم السابق، وبعد القضاء عليه، وقفن أمام القوى العظمى وأتباعهم في الصف الأول، وأظهرن المقاومة والصمود، مقاومة لم يكن له سابقة في تاريخ مقاومة وشجاعة الرجال![70]

5-    أهداف الاستقامة ونتائجها

الاستقامة في الجهاد من أجل حفظ الإسلام باعتباره أصل كل شرف

إنّ الشعب الذي يرغب في الحفاظ على شرفه، يجب أن يحافظ على الإسلام الذي هو أصل كل شرف. يجب على هذا الشعب بالإضافة إلى الجهاد أن يستقيم فيه.. فالله تبارك وتعالى – الذي أوجب الدفاع على جميع الشعوب وجميع المسلمين، ونحن الآن ندافع عن شرفنا، ندافع عن الإسلام العزيز- كما أمر بالدفاع أمر جميع الشعوب بالاستقامة والثبات.. لقد جعل شعبنا العالم كله في حالة دهشة، فقد تغلب على أكبر القوى في العالم، وقطع عن بلده يد أكبر القوى في العالم من أعداء الإنسانية، وأصبح نموذجًا لجميع الدول المستضعفة. وفي الوقت الذي قمنا بهذا العمل، نحن مأمورون جميعًا – جيشنا وجميع القوات المسلحة وجميع المستضعفين – بالاستقامة والثبات في هذا الأمر، والنصر الذي حققناه. فالحروب فيها شهادة وخوف للكثيرين وجوع وغلاء ودمار وكل الأمور التي هي من متطلبات الحرب؛ خاصة الحرب التي حدثت في إيران، والنهضة التي قامت بها إيران، والتي جعلت القوى الكبرى تخطط وتقوم بمؤامرات ضدها، والحصار الاقتصادي هو أحدها. فالحرب تنطوي على هذه المعاني، وأنتم يا من ترغبون في إنقاذ بلادكم، قمتم بالثورة وقدمتم ما يقارب مائة ألف شهيد وأكثر من مائة ألف معاق في سبيل تحقيق النصر والوصول إلى ما أنتم عليه اليوم. يجب عليكم الاستقامة والثبات كما أمرتم، فثورتكم هذه ليس لها مثيل في العالم، ولم يصل أحدٌ لمثل هذا الاستقلال والحرية، والحفاظ على هذه المكتسبات يتطلب جهدًا. يقول الله تعالى -بما مضمونه-: استقيموا واثبتوا. لا يجب أن يرعبكم نقص البنزين. جيشنا يضحي بحياته، وأنتم تضعفون بسبب نقص البنزين. شبابنا، حراسنا، جيشنا، رجال الدرك، وقوات التعبئة، كلهم يقدمون التضحيات على الحدود، قدموا أنفسهم وما زالوا يفعلون، قدموا الشهداء وما زالوا مستقيمين ثابتين في مواقعهم ويمضون قدُمًا في كل يوم[71].

مقاومة الشعب أمام الضغوطات

تظهر مشاكل ما بعد الحرب؛ الواحدة تلو الأخرى، ونظامنا الناشئ، يقف إن شاء الله أمامها مثل الجبل. وكما قاوم الشعب العزيز حتى الآن ضغوط الحياة والاقتصاد من أجل الله ودينه، سيستمر في الاستقامة والثبات بكل قوته بعد ذلك. وإلا، فإن كل جهود هذه السنوات المليئة بالألم والقلق والفخر ستذهب أدراج الرياح[72].

حفظ أساس الإسلام؛ الهدف الأسمى لصمود المسلمين

يجب على الشعب أن يقف بحزمٍ ويدافع عن الإسلام والبلاد، ولا يترك مجالًا للخوف من المؤامرات؛ لأنه إذا تراجع قليلاً، سيتعين عليه التخلي عن الإسلام، وتكليفنا خلاف ذلك. لقد قام الشعب بالثورة وعليه أن يتحمّل تبعاتها. يجب على الشعب أن ينظر إلى الأنبياء (عليهم السلام) ونبي الإسلام  (ص)، ويروا كيف أنّهم لم يتخلّوا عن هدفهم رغم ما تعرضوا له، فإن كنّا مسلمين، يجب أن نتّبعهم. الاتّباع ليس فقط في الصوم والصلاة والمسجد؛ بل في المقاومة من أجل الحفاظ على أساس الإسلام. علينا الوقوف والمضيّ قدمًا حتى النهاية للحفاظ على أساس الإسلام[73].

مقاومة المدافعين عن النظام الإسلامي حتى تؤتي شجرة الإسلام ثمارها

لدينا في الجبهات أبناءٌ أعزاء يسعون لحفظ هذا البلد والجمهورية الإسلامية والدفاع عنها. لا يعرفون ليلاً ولا نهارًا، وجيشنا الشجاع والحرس الثوري العزيز وقوات التعبئة العامة والقبائل في بلادنا والشعب العزيز، جميعهم مجهّزون صامدون، لا يعطون أيّ أهمية للمشاكل التي تحدث خارجًا أو في الجبهة نفسها، ولا يتوقفون عن عملهم. الجميع يصبح أكثر تماسكًا وقوّة، والجميع مستعد لإنهاء هذه الرحلة وجعل هذه الشجرة المثمرة للإسلام تؤتي أُكُلها[74].

استقرار الإسلام وإقامة العدل؛ رؤية مقاومة الشعب

يجب علينا نحن أيضًا أن نتحمل الأعباء والمعاناة من مؤامرات القوى العظمى، نحن ملزمون بتنفيذ الأمر الإلهي؛ لذا، لا يجب أن نخشى الصعوبات. هل تراجع النبي الأكرم  (ص) في مواجهة الصعوبات؟ هل كان مستعدًا للاستسلام والتسوية؟ نحن أيضًا نقوم بعمل الأنبياء (عليهم السلام) والنبي الأكرم  (ص)، يجب علينا أن نقف ونقاوم حتى يستقر الإسلام ويُقام العدل وتُقطع أيدي الظالمين[75].

القيمة العظمى للوقوف في وجه الظلم؛ تعجيل الفرج

إنّ للوقوف في وجه الظالم والظلم وتوجيه ضربة محكمة له ومنعه من ظلمه قيمة عظيمة. نحن لدينا تكليف يا سيدي! انتظارنا لظهور الإمام المهدي (عج) لا يعني الجلوس في بيوتنا، وأن نأخذ السُّبحة في أيدينا ونقول: «عجّل الله فرجه»؛ «عجّل» تعني أن تعجّل ظهوره بعملك، يجب أن تمهّد الطريق لقدومه، والتمهيد يعني اجتماع المسلمين ووحدتهم، عندها سيظهر إن شاء الله تعالى[76].

القضاء على الفتنة؛ هدف المسلمين النهائي من الاستقامة في الحرب

الحرب مستمرةٌ حتى تزول الفتنة من العالم؛ أي أنّ أولئك الذين يتبعون القرآن يجب أن يأخذوا في الاعتبار أنه يجب عليهم مواصلة الحرب حتى تختفي الفتنة من العالم. وهذا الأمر هو رحمة للعالم ورحمة لكل شعبٍ في البيئة التي يعيش فيها[77].

استمرار وزيادة المقاومة الإعجازية للشعب حتى قطع جذور الفساد

يا شعب إيران المظلوم، الذي تعرّض ويتعرّض للهجوم من جميع الجهات؛ سواء كانت من خلال الدعاية أو السلاح، لقد وقفتم في وجه الجميع وقاومتم، ومقاومتكم تزداد يومًا بعد يوم، وآمل أن تزداد أكثر فأكثر. لقد صنعتم المعجزات في هذا القرن، شعب إيران هو شعب المعجزات. لا يوجد شعب آخر في العالم يمكنه القول إنه وقف في وجه جميع القوى. مع كل الأسلحة التي تمتلكها والتي تفوق الخيال، وحتى محمد رضا كان مجهزًا بجميع الأسلحة الحديثة، لكنّكم أنتم وأطفالكم وشبابكم ورجالكم ونساؤكم خرجتم ووقفتم بأيدي فارغة أمام المدافع الرشاشة والدبابات والقنابل وهزمتموها. وأنتم اليوم ذلك الشعب نفسه، والإسلام هو دافعكم الوحيد، وإذا نلتم الشهادة، فأنتم في العالم الآخر في صف شهداء صدر الإسلام وشهداء كربلاء، وإذا انتصرتم، فذلك أيضًا لصالحكم. فالشهادة لصالحكم والنصر لصالحكم، وأنتم منتصرون على أية حال.

دعوا الأبواق تقول ما تشاء؛ وليفعل المفسدون ما يريدون؛ ولتحدث الانفجارات؛ ولتقع الحرائق؛ فهذا الشعب العظيم المجاهد يستطيع تحمّل هذه الأمور وبإمكانه المضي قدُمًا. وقد رأينا منذ بداية النهضة وحتى الآن أنّ الخطوات أصبحت أكبر والصفوف أكثر تماسكًا، ولم تظهروا أيّ ضعفٍ منذ بداية الثورة. والجماهير المليونية المستضعفة وسكان الأحياء الفقيرة والطبقات المتوسطة، كانوا حاضرين وشاهدين في هذا الميدان، وقد وقفوا في وجه جميع القوى. وزادت قوة رجال ونساء إيران وتزايدت ثورتهم؛ على الرغم من العدد الكبير من الشهداء الذين قدموهم، فلم تخلو أيّ مدينة من شهيد، وإن شاء الله تعالى، ستصبح الصفوف أكثر تماسكًا، وسيستمرون حتى يقتلعوا جذور الظلم والقوى الفاسدة وجذورها من هذا البلد[78].

المقاومة الصلبة لتجنب حياة الذلّ

علينا أن نمضي قدمًا ونقاتل بقوّة ضد كل من يريد الاعتداء علينا. والموت أشرف ألف مرة من العيش تحت الضغط وانعدام الحياة الكريمة. أقول لشعب إيران، للجميع، للقوات المسلحة وطبقاتها، كونوا حازمين ومجهزين، وقووا أنفسكم كل يوم. وعلى الشعب أيضًا أن يكون أكثر عزمًا على الدعم، وأكثر استعدادًا للقتال دفاعًا عن الإسلام وأعراض المسلمين والقرآن الكريم وعن شعب إيران والشعوب الأخرى. يجب أن نقف بقوّة ولا نتراجع أبدًا[79].

استقامة القوات العسكرية لنيل تأييد الشعب والنصرة الإلهية

أوصي الجيش العزيز وبقيّة الإخوة الأعزاء أن يقدّروا هذه النعمة الإلهية، وأن يبذلوا قصارى جهدهم للحفاظ على هذا الحضور العام وهذا الدعم الكبير للشعب في الميدان، والطريق إلى ذلك هو الاستقامة والثبات في سبيل الهدف، والتضحية من أجل الإسلام العزيز وإيران والجمهورية الإسلامية. طالما أنكم تحمون وطنكم والإسلام والجمهورية الإسلامية باتحاد وتماسك كاملين، فلا تخافوا من مؤامرات أعداء الإسلام، وقِفوا كسدّ حديدي في وجههم، وهاجموا المعتدين المجرمين بكلّ فخر واسحقوهم. فالشعب العظيم متّحد على دعمكم، ويد العناية الإلهية وشعاع قوته الأبدية فوق رؤوسكم. فانتصروا وتقدموا بقوّة واطردوا أعداء الله من بلدكم، واقطعوا أيدي مفسدي الداخل والخارج، واستعينوا بالله العلي القدير[80].

الاستقامة؛ سبب انتصار الشعب في قيامه لله

أيها الشعب! لقد قمتم بالثورة، والحمد لله، كانت ثورتكم من أجل الله تعالى وإقامة أحكام الإسلام، كنتم جميعًا تنادون بـ«الجمهورية الإسلامية». لقد أطعتم الأمر الأول الذي أُمرتم فيه بالقيام، والآن بقي الأمر الثاني: <فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ>؛ استقيموا واحفظوا هذه الثورة. احفظوا هذا التحول الروحي الذي حصل لكم؛ هذا التحول الإنساني الذي هو أسمى من التحولات المؤثرة الخارجية؛ هذا التحول الذي جعلكم توّاقين لتقديم دمائكم في سبيل تحقيق آمالكم؛ هذا التحول الإنساني الذي جعلكم مستعدين لتقديم أرواحكم وأموالكم ووقتكم من أجل إخوانكم، كان هذا التحول مهمًا، وهو أسمى من أصل المقاومة[81].

الحفاظ على الدين يتحقق بالثبات في مواجهة الاستكبار

أُعلن للعالم بأسره وبشكلٍ قاطع أنه إذا أراد الاستكبار مواجهة ديننا، فسنقف في وجه العالم بأسره، ولن نستسلم حتى هلاك المستكبرين، فإما أن نتحرر جميعًا أو نصل إلى الحرية الكبرى وهي الشهادة. فكما انتصرنا في الثورة بمفردنا ودون مساعدة أو موافقة من أي دولة أو منظمة أو هيئة عالمية، وقاتلنا في الحرب بمظلومية أكبر من الثورة وهزمنا المعتدين بدون مساعدة أي دولة خارجية، سنتجاوز بعون الله تعالى بقية الطريق الوعر بالاتّكال على الله وحده وتأدية تكيفنا، فإما أن نتصافح في فرحة نصر العالم الإسلامي في العالم أجمع أو نتجه جميعًا نحو الحياة الأبدية والشهادة ونستقبل الموت الشريف، ولكن في كل الأحوال؛ النصر والتوفيق حليفنا ولن ننسى الدعاء كذلك. إلهي! منّ علينا واجعل الثورة الإسلامية مقدمة لانهيار قصور الظلم وأفول نجم المعتدين في جميع أنحاء العالم، وارزق جميع الشعوب من ثمار وبركات وراثة وإمامة المستضعفين والحفاة[82].

السبيل الوحيد لأخذ الحق والحرية؛ النهضة والصمود

يجب أن نحيا في مرحلة ما، أن نستيقظ وننتبه، وأن نأخذ حرّيتنا. يجب أن نأخذ حقّنا منهم بالحراب والمدافع الرشاشة؛ فهم لن يعطوها  بطوعهم. عليكم أن تقفوا في وجههم. لقد رأيتم أنّ هذا الشعب، هؤلاء العُزّل كيف وقفوا أمام المدافع والدبابات والرشاشات ومضوا قدمًا في إنجاز مهمتهم[83].

النصر هو النتيجة الحتمية لمقاومة الأمم ضد الجبابرة

يجب أن نشكر الشعب الإيراني، فهو شعب واعٍ ومقاومٌ في وجه الظلم. على الرغم من تجرّعه لكل هذا الظلم وتقديمه لكل هذه التضحيات، إلا أنه قاوم وصمد، وهذا الصمود سيؤتي ثماره، ولا شك في انتصار شعبٍ بعد نهضته ضد الحكومة وضد هؤلاء الجبابرة؛ إن شاء الله تعالى[84].

صمود العلماء؛ سبب تراجع النظام في المواقف المعادية للدين

لقد ساءت الأمور هذا العام[85]؛ لأن هذه المسائل حدثت، وتحسنت لأنكم أحييتم الإسلام، وقفتم في وجه الظلم، ولو لم تقفوا، الله وحده يعلم إلى أين كانوا سيذهبون. صمودكم جعلهم يتراجعون عن مطالبهم؛ قالوا: «كلا؛ الطلاق بيد الرجل. متى قلنا نحن غير ذلك؟!» هل هكذا هي المساواة في الحقوق؟! رجل من «حزب الشعب».. صرخ قائلاً: «يجب المساواة في الحقوق من جميع الجوانب». ينادون بالمساواة في الحقوق من جميع الجوانب من جهة، ويقولون من جهة أخرى: متى قلنا نحن أنّ الطلاق بيد المرأة؟! كلا؛ الطلاق بيد الرجل. ومن جهة يقولون: كلا؛ متى تحدثنا نحن عن الميراث؟! الميراث كما قال الله تعالى. ومن جهة أخرى يقولون: متى قلنا نحن أنّ على النساء أداء الخدمة العسكرية؟! هذا الكلام منشور في صحفكم يا سيدي! هذه الصحف التي يمليها عليكم جهاز الأمن[86].

صمود الطبقات المختلفة للشعب هو عامل من عوامل توقف العدو وتراجعه

لقد شهدتم هذه الحرب. ربما في البداية كان الكثيرون يعتقدون أنها مجرد حرب، وأنّ الخصم هو أمريكا ولا يمكن فعل أي شيء، وفجأة أدركتم أنهم شنّوا هجومهم في غفلة منّا – بالطبع بخيانة بعض أولئك الذين كانوا موجودين في ذلك الوقت – واحتلوا بعض المناطق على حين غرّة. وعندما وقف الشباب في وجههم، لم يعودوا قادرين على التقدم خطوة واحدة، والآن هم يتراجعون؛ لأنهم شعروا أنّ شبابنا وجيشنا والقوات الأخرى؛ مثل الحرس وقوات التعبئة وما شابه، قادرون على إيقافهم. وشعر الشعب أيضًا بضرورة إيقافهم، فالتحقوا من كل الطبقات. وحقيقة أنّ طلاب الجامعات التحقوا بالجبهة وقدّموا شهداء فيها، إنّما هو بسبب التحول الذي حدث في الأفكار وأننا يجب أن نتصدى، يجب أن نتقدم، يجب أن نعيش بأنفسنا وأن نحظى بحياة مستقلة[87].

الانتصارات الإعجازية؛ نتيجة الصمود في وجه الشرق والغرب

إنّ كون هذه الثورة الإسلامية ثورة غير عادية ولا تعتمد على أيّ من القطبين الشرقي أو الغربي، يعود إلى أنّ لديها خصائص خاصة. وبسلوكها الطريق المستقيم «لا شرقية ولا غربية» وقفت في وجه كلا القطبين ولم تخش من أيّ من القوى الخرافية، وهذا ما أدى إلى انتصاراتها الإعجازية. وعلى الرغم من أنها أدت أيضًا إلى الكثير من المؤامرات والتحريض ضدها، لكنها لم تتراجع في أي مرحلة قط[88].

الحفاظ على روح حبّ الشهادة

1-    ثقافة الإيثار والشهادة

سياسة «انتصار الدّم على السيف»

خطأهم يكمن في اعتقادهم أنّ كثرة العدد والأسلحة هي التي تنجز العمل، ولا يدركون أنّ ما ينجز العمل هو قوة سواعد الأفراد. فالقليل من الأفراد بأذرعٍ قوية وقلوبٍ مطمئنّةٍ متوجهة إلى الله تبارك وتعالى وحبّ الشهادة ولقاء الله، هو ما يحقق النصر. النصر لا يأتي بالسيف، النصر يأتي بالدم. النصر لا يأتي بالأعداد الكبيرة والجماعات، النصر يأتي بقوة الإيمان. «ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج»[89]؛ فالكثير يذهب إلى مكة، لكن القليل منهم من يؤدي الحج الإلهي حقًّا[90].

التضحية والإيثار؛ لا يعقلهما المؤمنون بالله

لا أستطيع أن أصدق أنّ شخصًا لا يملك مبادئ معنوية ويسعى لخدمة الناس، لا يمكنني الإيمان بذلك على الإطلاق. أولئك الذين لديهم مبادئ معنوية، أولئك الذين يؤمنون بالله، ويؤمنون بالجزاء والعطاء، يتعقّلون أنه يبذل الانسان نفسه وحياته يحصل على حياة أسمى؛ يعطي كل شيء ويحصل من الله على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. إنّه لأمر معقول أن نعطي عباءة ونحصل على مائة عباءة في قبالها؛ نعطي روحًا محبوسة في هذا الجسد لنتحرر، لنحصل على روحٍ إلهية، حرّة، محيطة، إرادتها فعّالة، تقول للشيء كن فيكون، وكل شيء طوع إرادتها، فمن المعقول أن يضحّي الإنسان ويبذل حياته ليحصل على مثل هذه الرّوح[91].

سبب ترحيب المسلمين بالشهادة على عكس الأديان الأخرى

أحد الاختلافات بين مدرسة الإسلام؛ مدرسة التوحيد، والمدارس المنحرفة والإلحادية، هو أنّ رجال هذه المدرسة يعتبرون الشهادة فوزًا عظيمًا: <يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا>[92]؛ يرحبون بالشهادة لأنهم يؤمنون بأنّ هناك عوالم أعلى وأكثر نورانيّة من عالم الطبيعة هذا. المؤمن في هذا العالم مسجون، وبعد الشهادة يتحرّر. هذا أحد الاختلافات بين مدرستنا والمدارس الأخرى. شبابنا يطلبون الشهادة؛ علماؤنا الملتزمون يتقدّمون للشهادة. أولئك الذين لا يؤمنون بالله وبيوم الجزاء، يجب أن يخافوا من الموت؛ يجب أن يخافوا من الشهادة. نحن طلاب مدرسة التوحيد لا نخاف الشهادة. فليختبرونا كما اختبرونا من قبل[93].

سبب ترحيب المسلمين بالشهادة على عكس الأديان الأخرى

رؤية المعاقين، والأمهات الثكلى، والآباء الذين فقدوا أبناءهم، والإخوة الذين قُتل إخوانهم، وأخيرًا الشهداء الذين فُقدوا في سبيل الإسلام، تجعل كل يوم بالنسبة لنا كيوم عاشوراء. ولا أعلم كيف أعزيكم، أيها الإخوة والأخوات، الذين فقدتم أحباءكم – الذين كانوا أحباءنا أيضًا – وكيف أعتذر! أنتم تعلمون أنّ الإسلام عزيز جدًا، عظيم جدًا، حتى أنّ نبي الإسلام  (ص) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام)، ضحوا بوجودهم، وبكل ما لديهم في سبيل الإسلام. ونحن الذين نتّبع الدين الإسلامي المقدّس ونتبع نبي  (ص) والأئمة من بعده، إذا قدمنا بعض التضحيات وضحينا في سبيل الإسلام كما ضحّوا هم، فسنشعر رغم صعوبة ذلك براحة فكرية[94].

سبب عدم خوف شيعة أمير المؤمنين (ع) من الشهادة

إذا كنا نخاف من السعي لتحقيق الأهداف الإسلامية، للهدف الذي ضحّى الأنبياء بأنفسهم من أجله، والذي قُتل من أجله الأولياء العظام، وأُحرق علماء الإسلام الكبار وقُطعت رؤوسهم وسُجنوا ونُفوا، فليس لدينا دين. هل يخاف المتدين أيضًا من ترك هذا العالم؟ إذا كنا نؤمن بما وراء هذا العالم، يجب أن نشكر الله على قتلنا في سبيله والتحاقنا بصفوف الشهداء. نخاف؟ من ماذا نخاف؟! يجب أن يخاف من ليس له مكان آخر غير هذا العالم. لقد وعدَنا الله تبارك وتعالى بمكان جيد إذا عملنا وفقًا لدينه، ونحن نأمل أن نكون كذلك. مما نخاف؟ ما الذي يخيفنا فيكم؟ غاية ما ستقومون به هو إعدامنا، وهذا الأمر هو بداية حياتنا المريحة، فنخرج من هذه الأعمال القذرة، ونتحرر من هذه المحن والآلام. قال سيدنا: «والله، لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه»[95]. وبالطبع؛ لا يمكننا أن ندعي مثل هذا الادعاء، لكننا شيعته، وإذا خفنا من الموت، فهذا يعني أننا لا نعتقد بما وراء الطبيعة[96].

بيان تفصيلي للرواية المشهورة: «ينظر الشهيد إلى وجه الله»

نقل في رواية عن رسول الله  (ص) بأن للشهيد سبع خصال، أوّلها أنه لأوّل قطرة من دمه مغفورٌ له كل ذنب .. ولكن أهم ما في الأمر هو الخصلة الأخيرة؛ حيث تقول الرواية «والسابعة أن ينظر إلى وجه الله وإنها لراحة لكل نبي وشهيد»، وربما يكون الأمر الهام هو أنّ الحُجب التي بيننا وبين الحق تعالى، بيننا وبين وجه الله وتجلياته، تنتهي بحجاب الإنسان نفسه، فالإنسان نفسه حجاب كبير، فجميع الحجب الموجودة؛ سواءً الحجب النورانية أم الظلمانية تنتهي بحجاب الإنسان‏ نفسه، فنفوسنا حجب بيننا وبين وجه الله عزّ وجل، وإذا ما حطّم الإنسان هذا الحجاب وبذله في سبيل الله عزوجل وقدم ما يملك من الحياة في سبيل ذلك، فإنه يكون بذلك قد حطم مبدأ جميع الحجُب، وحطم أنانيته وقدمها في سبيل الله سبحانه وتعالى. فإنّ جهاده في سبيل الله ودفاعه عن دين الله ودولته، وبذله وبكل إخلاص لكل ما يملك حتى نفسه، يُزيل هذا الحجاب ويُمزّقه، والله سبحانه وتعالى جزاءً لكل هذه التضحيات التي يقدمها الشهداء وبذلهم أغلى ما يملكون وتقديمهم أرواحهم في سبيله، يتجلى لهم عندما يمزقون هذا الحجاب، كما يتجلى للأنبياء أيضاً؛ لأنهم هم أيضاً نزعوا هذا الحجاب من خلال إرادتهم لكل ما يريده الله عزوجل وتفانيهم في سبيله، دون أن يروا لذاتهم أو أنفسهم أي وجود في مقابل الحق تعالى «فلما تجلّى ربّه للجبل جعله دكاً»[97]. فقد تجلّى الله في جبل طور أو في جبل إنّيّة موسى نفسه، وخرّ موسى صعقاً على إثر ذلك، فالأنبياء والأولياء وأمثالهم كانوا يمزقون هذه الحجب التي بينهم وبين الحق تعالى، وتحصل لهم حالة الصعق والموت الاختياري زمن حياتهم، فقد كان الله يتجلى لهم، وكانوا يدركون هذا التجلي وينظرون إليه بحسب نظرتهم العقلية والباطنية والروحية والعرفانية. والشهيد حسب هذه الرواية يماثل الأنبياء في هذا الأمر، فعندما يستشهد ويبذل روحه، يكون بذلك قد قدّم كل ما لديه في سبيل الله عزوجل، وبالتالي ينال ما ينالونه من اللطف والتجلي الإلهي والنظر إلى وجه الله، ذلك المقام الذي ليس بعده مقام في سلّم الكمال الإنساني. فالرواية المنقولة في الكافي، جعلت الشهداء في مصاف الأنبياء من حيث النظر إلى وجه الله وتجلي الحق تعالى إليهم، فالشهيد أيضاً ينظر إلى وجه الله وقد حطّم حجاب نفسه كما حطمه الأنبياء، ليصل إلى هذا المقام الذي يعتبر آخر مقام يمكن أن يصله الإنسان. ففي هذا بشارة للشهداء بأنهم وحسب أبعادهم الوجودية، يمكنهم الوصول إلى هذا المقام الأخير والذي يصل إليه الأنبياء[98].

الشهداء في قهقهة سكرتهم <عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ>..

لا يمكن أن نقول عن الشهداء شيئًا، فالشهداء هم شموع مجلس الأحبّاء. الشهداء في قهقهة سكرتهم وفي فرحة وصولهم <عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ>[99]، وهم من «النفوس المطمئنة» التي توجهت إليها كلمة الله <ادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي>[100]. والحديث هنا حديث العشق، والقلم ينكسر عند رسمه[101].

وصية الشهداء التي تصنع الإنسان هي وثيقة الإيمان والالتزام بالإسلام

نحن فخورون بالحشد العظيم الملتزم بالإسلام العزيز والشباب الغيور المجاهد الذين قاموا بشجاعة منذ بداية الثورة ولبّوا نداء الحق ووصل جمعٌ كثير منهم إلى لقاء الله الذي كانوا يأملون، وفقدَ جمعٌ عزيزٌ منهم سلامتهم أو سلامة أعضائهم الغالية في سبيل الإسلام ولتحقيق الهدف ونقابلهم بوجوه بشوشة نورانية. نحن فخورون أيضًا بالأمهات الشجاعات اللاتي فقدن أحبائهن والآباء الأعزاء الذين استشهد أبناؤهم وهم يتعاملون معنا كما لو كانوا يحتفلون بزفاف أحبائهم وشبابهم. وأنا كلما التقيت بهؤلاء الأعزاء العظماء أو رأيت وصية الشهيد التي تصنع الإنسان، أشعر بالحقارة والخضوع. هم يحملون وثيقة إيمانهم والتزامهم بالإسلام، وقبور الشهداء وأجساد المعاقين، تحكي عظمة أرواحهم الخالدة، وإن كان لديهم شكوى فهي أنهم لم يصلوا إلى نعمة الشهادة، وإن كانوا قد بلغوا ثواب الشهادة، إلا أنّهم ينوحون لأنهم لا يستطيعون العودة إلى الجبهات للدفاع، ويصرخون «الحرب الحرب حتى النصر»[102].

2-    مكانة حب الشهادة وأهميّتها

حبّ الشهادة غير المسبوق حتى في صدر الإسلام

هذا التطوّع والاندفاع إلى جبهات الحرب وحب الاستشهاد لم يكن بهذا الشكل في الماضي، حتى في عصر رسول الله  (ص) وعصر أمير المؤمنين (ع).[103]

لقد اخبرني أحد السادة أنه رأى في الجبهة فتى لا يبلغ من العمر سوى اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة سنة وقد قطعت يده، ولكنه أمسك يده المقطوعة وانطلق نحو ساحة الحرب[104].

هل يوجد هناك مثل هؤلاء الحرس الذين يبكون من أجل التوجّه إلى جبهات الحرب ويستشهدوا؟[105]

شهداء اليوم يحشرون مع شهداء صدر الإسلام

إنّ شبابنا الذين يقاتلون في سبيل الله، أجرهم على الله، وهل يعقل ألا تشمل عناية الله تعالى من عمل من أجله؟! فالشهداء منهم – إن شاء الله – سيُحشرون مع شهداء صدر الإسلام[106].

حل كافة مشاكل البلاد يكمن في روح حب الشهادة لدى الشعب

اليوم؛ الجميع ثوريون ومستعدون للشهادة. وأنا أعلن بحزم أننا نستطيع بسهولة أن نقف بوجه الاعتداءات الأميركية. وقد تستطيع أميركا هزمنا، لكنها لن تستطيع هزم ثورتنا. وهذا هو السبب الذي جعلني متأكداً من أننا سننتصر. الحكومة الأمريكية لا تفهم معنى الشهادة، ونحن نستطيع بهذه الروح حلّ جميع مشاكل إيران. انظروا إلى شعارات الشعب وهم يهتفون: «إنّ كارتر لا يدرك منطق الاستشهاد»[107].

حبّ الشباب المسلم للشهادة؛ سبب انتصار الإسلام وحفظه

الإسلام هو الذي أتى بهذا النصر، والشهادة هي التي حقّقت هذا النصر، وهي التي حفظت الإسلام، ومنذ البداية كان الإسلام يتقدَّم بها، وها أنتم ترون شبابنا يطلبون الشهادة، واليوم عندما كنت واقفاً في الخارج كان هناك شابٌّ قويّ يهتف من بعيد أن: «ادعوا لي بالشهادة». كان هذا الشعور هو الذي دفعنا وإيّاهم إلى الأمام، هو شعور الشهادة. وشعور الاندفاع نحو الشهادة من أجل الإسلام هو الذي قادنا للنصر[108].

الإيمان بالله وحبّ الشهادة؛ سبب انتصار الشعب الإيراني

لم بكن الشعب الإيراني يمتلك شيئًا؛ بل كان يمتلك الايمان، وإيمانه هو ما نصره على جميع القوى. وحكومات ومسلمو جميع البلدان تمتلك كل شي‏ء ولكنها تفتقر إلى الإيمان. الايمان بالله وحب الشهادة هو الذي نصر بلدنا وشعبنا. حب الشهادة مقابل الكفر، مقابل النفاق، لحفظ الإسلام وحفظ القرآن الكريم[109].

لقد حدث لشعبنا تحول كبير لم يسبق له مثيل في التاريخ، إلى الحد الذي جعله يعتبر الشهادة فوزًا عظيمًا[110].

إحباط المؤامرات والتهديدات الأمريكية مرهونٌ يحبّ الشعب الإيراني للشهادة

لقد أثبتم للعالم أنَّ إيران لن تخضع لأيِّ ظلم، ولن تخرج من الساحة لأيّ تهديد، وأنها مستندة إلى القدرة الإلهية العظيمة، ومن يستند إلى قدرة الله تعالى ويعمر قلبه الإيمان ويعتقد بالمعاد ويعرف الله والقضاء الإلهي، لا يمكن أن يغادر الساحة. فليفكّروا في شيء آخر. ومن يتصوّر أنهم سيعودون بعد شهرين أو ثلاثة أو سنة أو سنتين؛ عليه أن يفكّر في شيء آخر، فهذا التفكير لن يوصلهم إلى نتيجة. وعلى القوى العظمى كذلك أن تفكر في أمر آخر؛ بل الأفضل لها أن تتخلى عن هذه الأعمال، وعن دعم عميلهم هذا الخبيث الذي فضحهم، لقد تلاعبوا بهذا البائس وتبيّن لهم فيما بعد أنَّ الأمر ليس كما قالوا، وأنّ هذا التخبّط لا يجديهم الآن نفعاً. لقد ظنّوا أنَّ إلقاءهم لبعض القنابل على المدن الإيرانية سيُجبر الإيرانيين على‏ إخلاء الساحة، إلا أنّ الشعب خرج يوم القدس هاتفاً بشعاراته المدوية التي طغت على أصوات المدافع والقنابل؛ لأنها كانت صادرة عن قلوب مؤمنة؛ لذلك تغلبت على كل شيء؛ حتى البيت الأبيض كما ذكر ذلك مراسلو وكالات الأنباء، وأنّ أمواج هذا الإيمان أخذت تخرج الدنيا كلها من نير الظلم الذي سيطر عليها على مرّ التاريخ، وقد ملأ لحن هتاف: «لا للظلم» الأرجاء، وأوقفت الأيدي القوّية للشعوب القوى العظمى عند حدها، وستفعل ذلك في المستقبل أيضاً[111].

نحن لا نخشى المؤامرات الأمريكية، ولا نخاف تهديداتها، وشعبنا لا يخشى ذلك أيضاً، إنّ الذي يخاف هو من اتخذ الدنيا دار قراره، ولم يعتقد بالآخرة، أمّا من اعتبر الدنيا دار فناء لا دار بقاء هو هذا الشعب الذي يستقبل الشهادة برحابة صدر، والشباب الذين يزورونني يطلبون مني أن أدعو لهم بأنّ يرزقهم الله الشهادة، والأمهات يأتين ويطلبن مني أن أدعو بالشهادة لأبنائهن. هذا الشعب الذي أحدث الله تعالى فيه هذا التحوّل لا يخشى شيئًا؛ فبمَ يخوفنا السيد كارتر؟ هل يخوّفوننا من جنودهم؟ أو من جيشهم؟ فليرسلوا من يشاؤون، ويفعلوا ما يشاؤون، ثم لينظروا ما إذا كان بإمكانهم أن يخدعوا هذا الشعب اليقظ الواعي بكلماتهم الفارغة أو لا؟[112]

خدمة الشهداء والجرحى؛ خدمة للنبي الأكرم  (ص) والأنبياء (عليهم السلام)

خدمة الشهيد أعظم قيمة من سائر الخدمات. إنّ الجريح الذي حمل روحه على كفّه وقدّمها ولكنه لم ينل شرف الشهادة، قد أدّى نصيبه من التضحية أيضًا. فعليكم أنتم الذين تخدمون الشهداء من خلال مؤسستكم التي هي مؤسسة الشهيد أن تعرفوا قدر هذه المؤسسة وهذه الخدمة. فما قيل عن الشهيد لم يُقل إلا في قليل من الناس؛ فقد جُعلوا في مصافّ الأنبياء. ولهذا فإنّ خدمتهم هي خدمة للنبي الأكرم  (ص) وخدمة للأنبياء (عليهم السلام). اعلموا أنكم تعملون في سبيل الشهيد، ومؤسستكم هي مؤسسة الشهيد. وفضل الشهيد لا يدانيه فضل، وإنّ الشهادة أفضل من كل شيء، فقد ورد في رواية عن رسول الله  (ص): إنّ فوق كل ذي برٍّ برُّ حتى يقتل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله، فليس فوقه برٌّ[113]. والنكتة واضحة؛ وهي أنه لا يمكن تصوّر برٍّ أفضل وأسمى من برِّ من قدّم كل ما لديه وقدّم حياته التي هي أغلى ما عنده في هذا الوجود في سبيل الله. أنتم الآن تخدمون عوائل الشهداء الذين هم مرتبطون بهم ويحبّونهم. وخدمتكم هذه لا يمكن تصور خدمة أعظم منها، وفقًا لهذه الروايات[114].

اختصاص إحصائيات شهداء الثورة الإسلامية بطبقة الفقراء في المجتمع

أعدّوا إحصاءً لأولئك الذين قُتلوا – حينما تتمكنون من ذلك – وابحثوا إن كان بينهم أحد من أبناء المسؤولين أو كبار التجّار أو الملاّك أو الجنرالات أو الوزراء أو الشيوعيّين، فإن عثرتم عليهم فأبلغونا! كل الضحايا كانوا مسلمين نزلوا إلى الشوارع هاتفين «الموت للشاه» و«نحن نريد جمهورية إسلامية». نعم جميع قتلانا كانوا من هذا الشعب المسلم. ومن هنا؛ فالغنائم ملك لهم، ويجب أن تُعطى للفقراء الذين عانوا وقدموا الشهداء من شبابهم، وفقدت عجائزهم فلذات أكبادهن. إنّ هذه الأموال المنهوبة يجب أن تُصرف في تأمين حياة الكريمة لهؤلاء[115].

لن أنسى عندما رأيت مجموعة من الرجال العجائز والنساء العجائز والأطفال من سكان الأكواخ، عندما سُئل أحدهم إلى أين تذهبون؟ فقالوا: إنّنا ذاهبون للمشاركة في المظاهرات. هؤلاء هم الذين لم يكن لديهم قوت يومهم ولليلتهم، لكنهم بعزيمتهم العالية، وبقوتهم المعنوية الإلهية، خرجوا ضد ذلك النظام وقدموا الشهداء وانتصروا، وهم الذين يدعمون الجمهورية الإسلامية ويقفون بثبات في الجبهات وخلفها[116].

ويل للمتخلّفين عن قافلة الإيثار والشهادة العظيمة

اللهم اجعل سجلّ الشهادة مفتوحًا دائمًا أمام المتلهفين، ولا تحرمنا الوصول إليه. اللهم إنّ بلادنا وشعبنا في بداية طريق النضال وهم بحاجة إلى مشعل الشهادة، فاحفظهم بحفظك واحرسهم بحراستك. طوبى لكم أيها الشعب! طوبى لكم أيها النساء والرجال! طوبى للجرحى والأسرى والمفقودين وعوائل الشهداء العظيمة! وويل لي وأنا المتخلّف عنهم وقد تجرّعت كأس قبول القرار المسموم، وإني لأشعر بالخجل أمام عظمة وتضحية هذا الشعب العظيم، وويل لمن تخلّف عن هذه القافلة! وويل لمن وقف على الحياد والتزم الصمت أو انتقد وهاجم هذه المعركة الكبرى والاختبار الإلهي العظيم![117]

3-    أهداف تضحية الشهداء بأرواحهم ونتائجها

إعلاء راية التوحيد؛ هدف التضحية بالأنفس منذ صدر الإسلام وإلى الآن

لقد قدمنا أحباءنا بكلّ حزن وفخر في سبيل هدف هو إسقاط النظام الطاغوتي ورفع راية الإسلام المجيدة، وهذا هو بالضبط طريق الإسلام ومنهج المسلمين الحقيقيين منذ صدر الإسلام، وسيبقى كذلك مدى التاريخ، وقد ضحّى النبي الأكرم  (ص) بكل شيء في سبيل الإسلام ورفع راية التوحيد، <ولكم في رسول الله أسوة حسنة>[118].[119]

تضحية الشعب الإيراني بحياته وماله في سبيل إحياء المدرسة الإلهية

وما نهضتم من أجله – أيها الشعب الشريف المجاهد وتسعون إلى تحقيقه، وتقدمون في سبيله الأرواح والأموال – هو أسمى وأعلى وأثمن مقصد ومقصود يمكن السعي من أجله منذ نشأة العالم في الأزل وإلى ما بعده إلى الأبد، وهو المدرسة الإلهيّة بمعناها الواسع وفكرة التوحيد بأبعادها الرفيعة التي تشكل أساس الخلق وغايته في رحاب الوجود، وفي درجات ومراتب الغيب والشهود. وقد تجلّت بتمام معناها ودرجاتها وأبعادها في المدرسة المحمدية؛ وانصبّت جهود جميع الأنبياء والأولياء (عليهم السلام) على تحقيقها، وتوقّف الوصول إلى الكمال المطلق والجلال والجمال اللامتناهي عليها. فهي التي منحت التّرابيّين شرفًا على الملكوتيّين وما فوقهم، وما يحصل للبشر من سير فيها لا يتحقق لأي مخلوق من الخلق في السر والعلن.

إنّكم أيها الشعب المجاهد، تسيرون تحت راية ترفرف في جميع أرجاء العالم المادي والمعنوي – سواءٌ أدركتم ذلك أم لا – وتسلكون طريقًا هو الطريق الوحيد لجميع الأنبياء (عليهم السلام)، والمسلك الفريد نحو السعادة المطلقة. وبهذا الدافع يحتضن جميع الأولياء الشهادة في سبيلها، ويرون الموت الأحمر «أحلى من العسل»، وشبابكم في الجبهات قد تذوقوا رشفة منها فولهوا[120].

بذل الشعب الإيراني روحه وأمواله وأبناءه من أجل تحقيق العدل الإلهي

يجب أن نشكر الشعب الذي عمل في جميع المراحل، قبل الثورة وأثناءها وحتى انتصارها، باتّحاد وتكاتف من أجل إقامة العدل الإسلامي وطرد الأشرار والأنظمة الفاسدة وإقامة نظام الجمهورية الإسلامية، وقد كانوا حاضرين في الساحة منذ البداية وبكل قوتهم، وبذلوا جهودًا جبّارة وقدّموا الأموال والأرواح والأبناء والعوائل من أجل ظهور العدل الإلهي وتثبيت الأحكام السماوية[121].

اقتداء الشهداء بالمعصومين (عليهم السلام) في كسر الصمت القاتل أمام الظلم

إنّنا نتقدّم بالشكر والتهنئة لهؤلاء الغيارى الذين يضحّون في سبيل الهدف المقدّس للإسلام ولا يبخلون بأنفسهم وأموالهم، ويأبون الخضوع للظلم، ويكسرون بكلّ شجاعة الصمت القاتل ببذل أرواحهم، وقد وجدوا طريق نبي الإسلام  (ص) وأئمة الشيعة (عليهم السلام) واقتدوا بهم وسلكوا منهجهم[122].

نظرة الشعب العاشق للشهادة إلى الغنيمة الإلهية التي لا تزول

أما الشعب الذي يسعى للشهادة، ويعشق رجاله ونساؤه الشهادة ويصرخون طلبًا لها، مثل هذا الشعب لا يبالي نقصان شيء ما أو زيادته، ولا يهتم لحالة الاقتصاد، فهذا شأن من ربط نفسه بالاقتصاد وتعلّق قلبه به. أما من تعلّق قلبه بالله عزّ وجل، فهو لا يسعى خلف الوفرة أو الندرة، والزيادة أو النقصان، وارتفاع الأسعار أو انخفاضها. وهذه الأمور لا تعني شيئًا لمن كان هدفه أن يصبح شهيدًا؛ فلو قلت له مثلاً إنّ ماله قد سُرق أو إنّ الأسعار ارتفعت، فهو لن يهتم لهذا الكلام، فهو لم يذهب ليحوز على غنيمة. الغنيمة التي يبحث عنها هي تلك الغنيمة التي لا تزول أبدًا؛ هي الشيء الذي ليس فيه هزيمة؛ هي العمل الذي لا يؤتى به سوى لله تبارك وتعالى، وشعبنا يقوم بهذا العمل، وأنا آمل أن نصبح جميعًا هكذا[123].

الجهاد والشهادة في سبيل الله؛ ضرورة لاكتساب القيم الإنسانية

إن كنتم تريدون أن تصبحوا بشرًا وأن تكونوا مرفوعي الرأس في الدّنيا، فإن الأمر ليس بتلك السهولة؛ بل يتطلب جهدًا عظيمًا، فإن أنتم خضعتم  للآخرين، فلن تكون لكم أيّة قيمة. وإن أردتم أن تتحرروا من هيمنة الآخرين وتعتمدوا على أنفسكم، فإنّ لهذا الأمر قيمة إنسانية وكرامة، ويتطلب جهدًا وتضحية، ويستتبع حرمانًا وجهادًا ودفاعًا وشهادة، وهو يمثّل القيم الإنسانية التي عمل من أجلها الأنبياء (عليهم السلام)؛ واستشهد من أجله الإمام الحسين (ع)، فلو كان فكّر وأصحابه في الجهد الذي يتطلّبه إحداث مثل هذه الثورة التي لا تزال آثارها باقية حتى الآن، لما استطاعوا تحقيقها، ولكن عندما يكون العمل لله تبارك وتعالى، فإنّ الجهد يكون أقل[124].

دماء الشهداء تروي شجرة حرية الشعب المسلم

لا يجب أن نقلق من تقديم التضحيات؛ فهكذا كانت سيرة الأنبياء والأولياء (عليهم السلام) الذين كانوا يقومون في وجه الظلم، ويثورون فيَقتلون ويُقتلون ويقدّمون شبابهم وأصحابهم، وليس علينا القلق الآن من احتمالية سفك الدماء! بل يجب أن تُسفك الدماء، ولا يمكن لشعب يريد أن ينقذ نفسه من وطأة كل هذه الجرائم والخسائر التي لحقت به، أن يتحصل عليها مجانًا. إحدى الأمهات وقفت – على ما يبدو في مقبرة جنّة الزهراء – وقالت إنّ شجرة الحرية تحتاج إلى سقاية، وإنّ دم ابنها هو أحد الأمور التي تسقيها. هذه عيّنة من نسائنا الشجاعات. فكم من نفوس طيبة ضُحّي بها منذ صدر الإسلام حتى الآن! والإسلام بحاجة إلى مثل هذه التضحيات[125].

بركات دماء الشهداء الطاهرة في الدفاع المقدس

كنّا كل يوم نشهد بركة من بركات الحرب ونستفيد منها في كافّة الميادين. لقد صدّرنا ثورتنا إلى العالم في الحرب، وأثبتنا مظلوميّتنا وظلم المعتدين لنا؛ في الحرب، كشفنا القناع عن وجه نفاق الإمبريالية، لقد عرفنا أصدقاءنا وأعداءنا في الحرب، وتوصلنا إلى ضرورة الاعتماد على أنفسنا، وكسرنا هيبة القوتين العظميين الشرقية والغربية، ورسّخنا جذور ثورتنا الإسلامية المثمرة، وزرعنا شعور الأخوّة والوطنية في نفوس كل فرد من أبناء شعبنا، وأظهرنا للعالم وخاصة لشعوب المنطقة أنه يمكن مقاومة جميع القوى والقوى العظمى لسنوات طويلة. حربنا ساعدت أفغانستان، وستؤدي إلى تحرير فلسطين. لقد جعلت الحرب جميع قادة الأنظمة الفاسدة يشعرون بالذلّ أمام الإسلام؛ وأدت إلى الصحوة في باكستان والهند، وهي السبب في نمو صناعتنا العسكرية وتطورها الكبير، والأهم من كل ذلك، تحقق استمرار روح الإسلام الثوري في ضوء الحرب.

كل هذه البركات كانت بفضل دماء الشهداء الطاهرة خلال ثماني سنوات من القتال؛ كل هذه البركات كانت بفضل جهود الأمهات والآباء والشعب الإيراني العزيز خلال عشر سنوات من النضال ضد أمريكا والغرب والاتحاد السوفييتي والشرق. حربنا كانت حرب الحق ضد الباطل وهي لن تنتهي؛ حربنا حرب الفقر والغنى؛ حرب الإيمان والرذيلة. وهذه الحرب موجودة منذ آدم وإلى آخر يوم في الحياة. وما أقصر نظر الذين يعتقدون أنّ الشهادة والبطولة والتضحية والإيثار والصلابة غير ذات جدوى! لأننا لم نصل إلى الهدف النهائي في الجبهة[126].

الحفاظ على الإسلام والثورة؛ الثمرة المؤكدة لدماء الشهداء والمؤثرين

لا تتوقعوا أيها المقاتلون أن يقدّركم أحد مثلي أو أي شخص أخر من البشر، لن يستطيع أحد ذلك؛ فالله تعالى قد اشترى أنفسكم إذ قدمتم أعظم ما لديكم – وهو النفس – في سبيل الله؛ سواء أولئك الذين استشهدوا وظفروا بلقاء بالله إن شاء الله تعالى، أو أنتم الحاضرين هنا وتستعدون للشهادة. لقد حققتم أمرين لا يستطيع أحد من البشر تقديرهما – إلا من كان من أولياء الله وألهمه الله تعالى ذلك -: أحدهما؛ هو أعظم ثرواتكم، وهي الحياة التي قدمتموها على طبق الإخلاص. والآخر؛ هو أنكم قدمتم هذه الهدية بإخلاص، الأهم هو الإخلاص الذي يظهر فيكم أيها الشباب. لقد كفلتم بإخلاصكم وتضحياتكم الجمهورية الإسلامية. والانتصارات التي تحقّقت على أيديكم خصوصًا في الفتح المبين، لا يمكن قياسها بأي معيار ولا يمكن لأي لسانٍ وصفها، لكنّ صدقكم وإخلاصكم في محضر الحق تعالى أسمى من كلّ ذلك، فالإيثار بإخلاص أعظم عند الله تعالى[127].

قد يطرح في المستقبل بعض الأشخاص عمدًا أو جهلاً هذا السؤال بين الناس: ماذا كانت ثمرة الدماء والشهادة والتضحيات؟ لا شك أنّ هؤلاء يجهلون عوالم الغيب وفلسفة الشهادة، ولا يدركون أنّ من ذهب إلى الجهاد من أجل رضا الله تعالى فقط، وقدم رأسه على طبق الإخلاص والعبودية، لا تؤثر فيه حوادث الزمان؛ لا تؤثر على خلوده وبقائه ومنزلته الرفيعة. ونحن بحاجة إلى طيّ مسافة طويلة لندرك بشكلٍ كاملٍ قيمة شهدائنا ونهجهم، وأن نبحث عنها مع مرور الوقت وتاريخ الثورة والأجيال القادمة. لا شك أنّ دماء الشهداء قد ضمنت الثورة والإسلام، ودماء الشهداء قدّمت للعالم درسًا أبديًا في المقاومة. إنّ طريق ونهج الشهادة لا يمكن أن يُطمس، وستقتدي هذه الشعوب والأجيال القادمة بنهج الشهداء، وسيكون هذا التراب الطاهر للشهداء مزارًا للعشاق والعارفين والمفجوعين وملجأ للأحرار إلى يوم القيامة. طوبى لأولئك الذين رحلوا شهداء! طوبى لأولئك الذين فقدوا أرواحهم ورؤوسهم في هذه القافلة المنيرة! طوبى لأولئك الذين ربّوا هذه الجواهر في كنفهم![128]

تزلزل أركان قصور الظلم في الشرق والغرب، من بركات سَحَر الشهداء

إنما تقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية وثورتها ثابتة على قمة العزّة والشرف تُضيء مشعل الهداية للأجيال العطشى بفضل هممهم[129] العالية، وشكّلت قطرات دمائهم سيلاً عظيمًا وعاصفة مرعبةً أطاحت بأركان قصور الظلم والاستبداد في الشرق والغرب، وألبستهم سواد الحزن على فقد حلفائهم وخدَمهم من أمثال مثل محمد رضا خان والسادات والنميري وكذلك قوتهم ومفاخرهم الشيطانية، وما زالت القصة في بدايتها، وسيواجهون كوابيس أخرى. يجب أن يستعدوا لزوال وموت أتباعهم من أمثال صدام وعملاء مثل الكيان الإسرائيلي الغاصب، فكل هذا من بركات سَحَر شهدائنا. ونحن في انتظار رؤية الشمس. ويجب أن نقول للشهداء: <وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ>[130].[131]

استقبال الشعب الإيراني للشهادة؛ سبب انتصاره

لقد تقدّمنا بفضل هذه التعاليم، واستقبل شعبنا الشهادة من أجل هذا الهدف. ولأن الشهادة كانت هدفه، فقد تغلب بالقبضة والدم على جميع القوى الجهنّمية؛ على الدبابات والمدافع الرشاشة، وعلى القوى العظمى التي اصطفّت خلف الشاه المخلوع. إنّنا نريد أن يكون هذا السّر بين جميع الحكومات والشعوب[132].

نجاة البلاد من الغرق كان بفضل جهاد الشهداء والمضحين

أيها الشهداء العظام، ويا أيها الشهداء الأحياء الأعزاء! لولا جهادكم وجهاد إخوانكم وأخواتكم الأكارم في جبهات القتال وخلفها، الذين بإخلاصهم جلبوا عناية الله القادر الخاصّة، أيّ قوّة أو أي آلةٍ حربية كانت لتنقذ الجمهورية الإسلامية من هذا البحر المتلاطم العاصف، الذي تكاتف فيه الشرق والغرب وأتباعهم وتضافروا على إغراقه، ومازالوا يحاولون؟! إنّ عُمي البصيرة هؤلاء والجهلة الفارغون من المعنويات لم يعلموا أنّ هذه السفينة هي سفينة نوح (ع)، وربّانها ونصيرها هو الله تعالى. لقد جاء هؤلاء بكلّ تجهيزاتهم ومعداتهم المادية لمحاربة الإيمان والمعنوية ودولة صاحب العصر الزمان (عج). والآن؛ بعد سنوات من التجربة، لم يتّعظوا واستمرّوا في تحركاتهم اليائسة. ولكن لا خوف على سفينة موج البحر ونوح (ع) ربّانها[133].

دماء الشهداء الشباب؛ مطهرة للأرض الإسلامية من المجرمين

على الرغم من أننا فقدنا شهداء أعزّاء وشبابًا متميزين، ولنا إخوان وأخوات معاقون ومبتوروا الأطراف، شهداء كانوا نور ثورتنا، وإخوان وأخوات معاقون هم ثروة ثورتنا الإسلامية، ويتمتعون باحترام خاص لدى شعبنا الوفي، إلا أننا في المقابل، أنقذنا شعبًا عظيمًا وقطعنا مخالب الذئاب آكلة لحوم البشر – وحوش على هيئة البشر – عن شرايين حياة شعبٍ عظيم. وبمشيئة الله وعزم شعبنا العزيز، طهّرنا أرضنا الإسلامية إلى الأبد من دنس وجود المجرمين الهمج والخونة النهابين، وتحت راية «الله أكبر» المباركة، ضمنّا الحرية والاستقلال لبَنِي أرضنا[134].

تأثير دماء الشهداء في زيادة التماسك والقوة المعنوية للشعب الإيراني

إنّ شعبنا عازم وجازم وثابت ويقف دفاعًا عن مصالح الإسلام، وإذا ما استشهد أيّ شخص، فلن يكون لذلك أثر إلا أن يصبح الشعب أكثر تماسكًا وتقوى معنويّاته، كما كان الحال في صدر الإسلام؛ فلمّا كان الأفراد الملتزمون يُقتلون، كان جيش الإسلام والناس يصبحون أقوى ويمضون قدمًا، ولأن شعبنا لا ينظر إلى غير الإسلام وتوجيه نفسه نحو الله تعالى والسير في سبيله، فهو بريء من هذه الأمور المادية التي تسبب الضعف في الأفراد[135].

إثبات حقّانية الوعد الإلهي باستخلاف المستضعفين في الأرض

أحيّيكم جميعًا أيّها الإخوة والأخوات الذين تواصلون حياتكم البطولية في أجواء الحرب، ولا تخشون من الموت في سبيل الله على يد أعداء الله، وتدافعون بكل ما أوتيتم من قوة عن أرضكم الغالية طلبًا لرضا الله تعالى، واستنهضتم مجاهدي الإسلام، وقد قدّمتم ذلك كلّه في حالة من الإخلاص، وسجلتم وبتضحياتكم المتكررة مشاهد الشجاعة والفداء في تاريخ نضالاتكم الطويلة، وعلّمتم المستضعفين في العالم دروس التضحية والشجاعة وأنّ وعد الله باستخلاف المستضعفين في الأرض حقّ، أحيّيكم يا من سوّدتم بجهادكم وجوه القوى العظمى وسائر القوى، وأقف أمام صبركم واستقامتكم خاضعًا خاشعًا[136].

إنّ شعبًا يسعى شبابه اليافعون إلى الشهادة في سبيل الهدف، وهو الإسلام، لا يخافون من المؤامرات والاغتيالات. فالمحاولات الإجرامية ضد الأشخاص الذين قضوا أعمارهم في خدمة الخالق والخلق تجعل إرادتهم أكثر تصميمًا، وتزيد حقّانية مذهبهم وضوحًا[137].

درس تضحية وإيثار الشعب الإيراني للأجيال القادمة

إنّ تضحيات الشعب المجاهد في سبيل الإسلام ووحشية طغاة نظام الشاه في هذا اليوم وغيره من الأيّام، تُعد درسًا قيّمًا جدًا في التضحية يعرّف بالشعب المظلوم الشجاع والنظام الإجرامي البهلوي على مر التاريخ، حتى تدرك الأجيال القادمة كيف تحقّقت هذه الجمهورية الإسلامية وبأي تضحية وتفانٍ، وحتى يحافظوا بدورهم على هذه الهديّة الإلهية العظيمة بشجاعة وشهامة وإيثار وتضحية بأحبائهم بإذن الله تعالى[138].

خط الشهادة الأحمر، خط تاريخ الإسلام المشرّف

خط الشهادة الأحمر هو خط آل محمد وعلي (عليهم السلام). وقد ورّث هذا الشرف أهل بيت النبوة والولاية إلى ذرّيتهم الطيّبة ومن ثم إلى أتباع خطّهم. فسلام الله وسلام الأمة الإسلامية على هذا الخط، ورحمة الله الواسعة على الشهداء الذين ساروا على هذا الخط عبر التاريخ، والفخر والعزة لأبناء الإسلام الأقوياء الذين صنعوا النصر، وللشهداء الذين سلكوا طريقهم. والخزي والعار واللعنة الأبدية على أتباع ومريدي شياطين الشرق والغرب، وخاصة الشيطان الأكبر أمريكا المجرمة، التي ظنت أنها بمخططاتها الشيطانية الفاشلة قادرة على إضعاف أو إخراج شعبٍ قام لله تعالى وللإسلام العظيم وقدم آلاف الشهداء والجرحى، من الساحة بهذه الألاعيب. إنّ هؤلاء هم أتباع سيد الشهداء (ع) الذي ضحىّ بكل شيء في سبيل الإسلام والقرآن الكريم؛ من طفله ذي الستة أشهر إلى الشيخ ذي الثمانين سنة، وأحيا الإسلام العزيز بدمائه الطاهرة. وإنّ جيشنا وحرسنا الثوري وقوات التعبئة وسائر القوات المسلحة العسكرية والأمنية والشعبية، جميعهم يتّبعون هؤلاء الأولياء الذين ضحّوا بكل شيء في سبيل الهدف والعقيدة وجلبوا الشرف والفخر للإسلام وأتباعه العظام[139].

السعادة والحياة الأبدية؛ نتيجة لحظة من عناء الشهادة

إن أنتم طهرّتم أنفسكم، فلا تخشوا شيئًا؛ فالموت أمر يسير، وليس بالأمر المهم. هذا ما كان يقوله أمير المؤمنين (ع): «والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمّه»؛ لأنه فَهِم حقيقة الدنيا وما وراءها؛ فهم حقيقة الموت، وأنّ الموت هو الحياة. لقد قدمنا الشهداء، لكنّ شهداءنا أحياء؛ هم أحياء عند ربّهم يرزقون؛ هم خالدون. ونحن أيضًا نسأل الله أن يوفقنا للشهادة. إنها لحظة واحدة وسعادة دائمة؛ عناء لحظة واحدة، تليها سعادة أبدية[140].

4-    وظيفتنا تجاه الشهداء المضحّين

ضرورة مواجهة الدعاية لمحو قيمة الإيثار والشهادة

في هذه الأيام، قد يبدأ المغرضون الجهلة بحملاتهم الدعائية السامة لمحو دماء الشهداء الأبرار وتدمير عزّة وفخار الشعب. وسيجيب شعبنا العزيز – إن شاء الله – ببصيرة ووعي على جميع المؤامرات[141].

حفظ دماء الشباب مرهون بإصلاح الثقافة والنظام التعليمي

يجب على المجلس والشعب والمفكرين الملتزمين أن يؤمنوا بهذه الحقيقة وأن يأخذوا إصلاح الثقافة ومن ضمنها إصلاح المدارس من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة على محمل الجد، وأن يبذلوا كل ما في وسعهم لمنع الانحراف. فليس لفئة قليلة من الأفراد القدرة على إصلاح هذا الأمر الهام الضخم وجعله إسلاميًا ووطنيًا وفي خدمة البلاد بشكلٍ كامل. نحن جميعًا مسؤولون ويجب علينا جميعًا أن نبرئ ذمّتنا أمام الله وأمام خلقه. ونحن نملك في هذا الزمان فرصة ثمينة، فلن يُقبل عذر أحد، ويجب على الجميع أن يبذلوا جهدهم في هذا الأمر الحيوي كلّ على قدر استطاعته، لكي لا تذهب دماء الشباب الشجعان المجاهدين وجهود الشعب وتضحياته السخية سدىً[142].

الدفاع عن مصالح المستضعفين لمنع ضياع دماء الشهداء

أيها الإخوة الأعزاء؛ الإخوة المفكرون؛ الكتّاب وأصحاب الأقلام؛ الأكاديميون؛ الطلاب الكرام؛ علماء الدّين الأجلاء؛ التّجار المحترمون؛ العمال والموظفون الأعزاء! لنتحد معًا؛ لتكن جميع أقلامنا وخطواتنا وكلماتنا في صالح هذه الطبقة المستضعفة. لا تدعوا دماء هؤلاء الشهداء تذهب سدى[143].

الفرقة في صفوف الشعب المتراصّة؛ عامل ضياع دماء الشهداء

إذا أصغيتم إلى سموم الأعداء وإلى الوساوس المستمرّة المرتبطة بأمريكا وغيرها، ولو قدر الله وحدثت فرقة في صفوفكم المتراصّة، فإنّ جميع جهودكم المضنية ودماء شهدائكم الطاهرة ستذهب هدرًا[144].

ضرورة اتباع طريق الشهداء في إنشاء دولة إسلامية مستقلة

إنّ فقدان شخصيات عظيمة يجب ألا ينسينا تلك القضايا التي كانت محل اهتمام شهدائنا وأساس خدمتهم. يجب أن نولي اهتمامًا أكبر لما كان يشغل بال شهدائنا في المجلس، وشهدائنا في الحكومة، وشهدائنا في السلطة القضائية، يجب ألا ننسى طريقهم الذي كان يتمثل في انتصارنا في الحرب وتطهير بلادنا من رواسب أمريكا والاتحاد السوفييتي، وأن تكون بلادنا دولة إسلامية مستقلة وحرة. يجب ألا ننسى هذا الطريق.[145]

ضرورة تعظيم أيام استشهاد شهداء الثورة الإسلامية العظام

لابدّ من تعظيم هذه الأيام العظيمة، وأيام أربعين سيد الشهداء (ع)، ويوم عاشوراء وأمثالها. وكذلك؛ يجب تعظيم أيام استشهاد أحبائنا أيضًا؛ مثل يوم الشهيد مفتّح، أولئك الذين كانوا في خدمة الإسلام وقُتلوا بأيدي أعداء الإسلام. لقد قدّمتم كل هؤلاء الشهداء في سبيل الحرية والاستقلال، ويجب أن تحافظوا على هذه الحرية والاستقلال بكل ما أوتيتم من قوّة، وأن تساعدوا الجميع على الجبهات حتى يرفع الله – إن شاء الله – هذه الغائلة قريبًا[146].

ضرورة تقدير تطلّع مجاهدي الإسلام للشهادة

الآن؛ بفضل عناية ربّ الأرباب ودعاء حضرة بقية الله الأعظم (عج)، وبفضل تضحيات وبطولات الشعب العظيم في إيران وقوة الإيمان والإيثار لدى الأبطال الأعزاء في سبيل أهداف الإسلام العظيم والقرآن الكريم، وجدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية طريقها بكلّ فخر وقوّة وهي تتقدم بثبات، علينا أن نعترف بعجزنا أمام المجاهدين الأعزاء الذين دافعوا عن أرضهم الإسلامية بحبّهم للشهادة وبطولاتهم، وأضاءوا بدمائهم الطاهرة مصابيح الحرية لجميع الشعوب الأسيرة. وكذلك؛ نشكر الأمهات والآباء والأخوات والزوجات والإخوة الكرام الذين قاموا بدعم المجاهدين الأعزاء بكل جدية في الدفاع المقدس عن الإسلام والدولة الإسلامية من خلف جبهات القتال ولم يقصروا في شيء. ونشكر كل الشعب العظيم والملتزم الحاضر في جميع الميادين[147].

ضرورة مطالعة وصايا الشهداء

اقرأوا هذه الوصايا التي يكتبها هؤلاء الأعزاء. لقد عبدتم الله لخمسين عامًا، والله يتقبل منكم، خذوا يومًا واحدًا لقراءة إحدى هذه الوصايا وتأملوا فيها[148].

استغلال دماء الشهداء لأغراض شخصية؛ ممنوع بشكل قاطع!

لقد قدّمنا الدماء منذ 15 خرداد حتى الآن، في الحقيقة أنتم من قدمتم الدماء، أنا جالس هنا لم أفعل شيئًا؛ فليس لي أيّ حق. أنتم من قدم الدماء؛ أنتم من ذهب إلى الميدان؛ أنتم من قاتل؛ ليس لدينا أيّ حق. وما علينا إلا أن نخدمكم، ولا يجب أن نستفيد نحن من ذلك لأغراض شخصية. ويلٌ لي إن كنت أردت استغلالكم لأغراض شخصية! ويل لي إن سُفكت دماؤكم وأنا استفدت منها![149]

الوظائف الأخرى

الإيمان الراسخ والاتكال على الله لقطع يد الأجانب

يجب أن نرسخ جميعًا إيماننا ونتوكل على الله تبارك وتعالى، وبالتوكل على الله تبارك وتعالى لا نسمح للأجانب بالتدخل في بلادنا من الآن فصاعدًا، وأن يأخذوا مدّخراتنا مجانًا ودون مقابل؛ كما رأيتم كيف أخذوا نفطنا، ولو بقي الشاه لبضع سنوات أخرى، كما كان يقول، لنفد النفط تمامًا[150].

القدرة الإلهية؛ عامل في هزيمة حروب القوى العظمى ضد إيران

كان لخصومنا وأعدائنا كل أنواع الأسلحة الحربية، وكانت القوة بأيديهم. الدبابات والمدافع والرشاشات والجنود أيضًا بأيديهم؛ كل شيء كان بأيديهم. من ناحية أخرى؛ كان يتم دعمهم بشكل شامل؛ أمريكا، الاتحاد السوفيتي، بريطانيا، الجميع كان يدعمهم؛ حتى الدول الإسلامية كانت تدعمهم! كل الأسلحة الحربية كانت بحوزتهم، وكل الدعم من القوى العظمى وسائر القوى كان لديهم، لكن يجب أن أقول إنّ الله تبارك وتعالى أبطل كل حيلهم[151].

ضرورة وعي المسلمين تجاه بث التفرقة من قبل المستكبرين

لو كان هناك حكومة مثل تلك التي كانت في صدر الإسلام، حكومة واحدة وكل شيء تحت طاعتها، لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. هؤلاء – الأجانب – جدّوا في تفريق الحكومات وتقسيمها لصالحهم. وأخيرًا عندما انتهت الحرب، قسّموا الدولة العثمانية التي كانت دولة واسعة إلى حوالي خمس عشرة دولة متفرقة؛ وكلهم عملاء لهم! يجب أن يستيقظ المسلمون، يجب أن يستفيقوا من هذا النوم الذي أُغرقوا فيه لثلاثمائة عام[152].

ضرورة إيجاد الذات المفقودة للمسلمين لمواجهة القوى العظمى

يجب على المسلمين أن يستيقظوا حقًا. اليوم ليس يومًا ليعيش فيه المسلمون كلّ في زاوية، يعيشون حياة منعزلة ولكل منهم في كل بلد حياة خاصة به، هذا لا يجدي في مثل هذا الوقت الذي تبتلع فيه سياسات القوى العظمى كل شيء، يجب أن تستيقظ شعوب المسلمين. أنا يائس من معظم الحكومات، لكن يجب أن تستيقظ الشعوب، وأن تكون جميعها تحت راية الإسلام وتحت سيطرة القرآن. الحمد لله؛ عدد المسلمين قريب من مليار، وبلدانهم غنية، وأفرادهم أكفاء، لكن أولئك الذين يريدون حكم هذه البلدان قد أثروا عليهم بسبب الدعاية السيئة التي قاموا بها على مدى مئات السنين تقريبًا، والنفوذ الذي أحرزوه في الجامعات، في الأماكن التي هي مراكز لتربية أبناء المسلمين، فجعلوا المسلمين يشعرون باليأس من أنفسهم؛ أي أنهم فقدوا أنفسهم. يجب على المسلمين أن يتحلوا بالجدية ليجدوا مجدهم مرة أخرى[153].

الصحوة؛ الخطوة الأولى للخروج من هيمنة القوى العظمى

أتمنى أن يمنّ الله تبارك وتعالى علينا وعلى جميع المظلومين والمستضعفين في العالم بالنصر، حتى يتمكن الجميع من التحرر من هيمنة هذه القوى العظمى، وهذا أمر يجب أن يحدث. لقد وصل الأمر إلى قيام المستضعفين ضد المستكبرين، وقد استيقظوا. الصحوة هي الخطوة الأولى، واليقظة هي الخطوة الأولى. وفي السير العرفاني أيضًا، اليقظة هي الخطوة الأولى. وفي هذا السير – وهو أيضًا سير إلهي وعرفاني – الصحوة هي الخطوة الأولى، وقد استيقظت الدول الإسلامية، والشعوب المسلمة، والشعوب المستضعفة في جميع أنحاء العالم، ويتلقى الأمريكيون ضربات هذه الصحوة، وإن شاء الله سينتصرون[154].

ضرورة «قيام» المستضعفين في مواجهة القوى العظمى

أيتها الشعوب المسلمة! أيتها الشعوب المظلومة في جميع البلدان الإسلامية! أيتها الشعوب العزيزة التي وقعت تحت سيطرة أشخاص يقدّمون ثرواتكم لأمريكا وأنتم تعيشون بمشقة وذل! استيقظوا، قوموا من أماكنكم. أيها المستضعفون في العالم! قوموا وواجهوا القوى العظمى، فإذا وقفتم، لن يستطيعوا فعل شيء[155].

ضرورة التنظيم والتنسيق في الثورة ضد المستكبرين

كلكم تعانون من مصيبة واحدة، كلكم أسرى لنفس المصيبة؛ المصيبة مشتركة بيننا جميعًا، ونحن جميعًا ضحايا لها. ليست قضية تخص رجال الدين وحدهم، أو الأحزاب وحدها أو الجامعات وحدها. ليست مسألة خاصة. إذا كانوا يأخذون النفط، فإنهم يأخذون نفط الجميع، وإذا كانوا يستوردون كميات كبيرة من نقاضة الحديد إلى البلاد، فهذه مصيبة للجميع؛ وإذا كانوا يجلبون مستشارين أمريكيين إلى هنا، فهذه مصيبة للجميع، وليست مختصّة بشخص أو اثنين فقط. إذا كانوا يبنون قواعد لأمريكا، فهذا يتعلق الجميع، إذا كانوا يخونوننا، فهم يخونون الشعب؛ يخونون الجميع.

يجب أن نتحد جميعًا. ومن الخطأ أن يعزف كلّ شخص لحنًا خاصًا به؛ هذا هو الفشل. يجب أن يتم تنظيم هذه الثورة، يجب على العقلاء وقادة الأمة تنظيم هذه النهضة الموجودة بالفعل والآن؛ أي يجب أن تكون هناك علاقات بين جميع الأطراف، يجب أن تكون هناك علاقات بين جميع المدن، يجب أن تكون المجالس في يوم واحد. فأحد أنواع العلاقات التي أردت إنشاءها في قم، ولم يسمحوا – أصلحهم الله إن شاء الله – بذلك، أن يكون في جميع أنحاء إيران يوم عطلة، يوم تجمّع يجتمع فيه أهل العلم. يعني؛ لنفترض يوم السبت أو ليلة السبت، يكون هناك تجمّع لأهل العلم في طهران، وتجمّع لأهل العلم في خراسان، وآخر في هذه القرية، وهكذا في مكان آخر. لقد كانت هذه خطة تنظيمية، لم يسمحوا بها؛ لم يفهموا[156].

ضرورة الوحدة والتجمع الحقيقي للمسلمين في مواجهة أمريكا

إنّكم ترون كيف أنّ عددًا محدودًا من الصهاينة اليهود في فلسطين، قد أثر على الدول العربية التي يزيد عدد سكانها عن مائة مليون نسمة بطريقة جعلت بعضهم يستسلم لهم، والبعض الآخر عاجز عن فعل أي شيء. مضت السنين وإسرائيل تستولي على أراضي الفلسطينيين، وكل هذا العدد من العرب والدول العربية لا يملكون القدرة على استردادها! يقولون إنّ أمريكا تدعمها. كلا؛ بل إنكم لستم أهلاً لذلك؛ فلو اتحد مائة مليون عربي، فلا أمريكا ولا أوروبا ولا أي جهة أخرى تستطيع فعل شي، ولكنهم غير متحدين. نعم؛ ما يفعله أولئك هو أنهم لا يسمحون لهم بالاتحاد. وإذا ما أحسّوا بأنّ هذه الدول العربية تريد أن تتحد، يفعلون ما يفكك هذا الاتحاد؛ كأن يأخذوا رئيس جمهورية مصر إلى أمريكا ويبرمون معه اتفاقًا، ويأخذونه في طريق لا يسلكه الآخرون، ويفعلون بآخر نفس الشيء. وما هذا إلا بسبب قلة فهمنا وعدم لياقتنا نحن المسلمين الذين نعيش كأسرى تحت سيطرة الآخرين، ويسلب الأمريكيون والسوفييت وأمثالهم مصالح الشرق[157].

الحفاظ على وحدة الكلمة؛ مفتاح النصر على القوى العظمى الشيطانية

ما تم تحقيقه حتى الآن من نجاح ونصر بحمد الله، كان مفتاحه هو وحدة الكلمة. وحدة كلمة جميع فئات الشعب الايراني، أدت إلى إجبار القوى العظمى على الركوع، ورفض تلك القوى الكبرى الشيطانية التي كانت تدعمها، ودفعها جميعًا جانبًا. وحدة الكلمة هي المفتاح، يجب الحفاظ على هذه الوحدة، وبالحفاظ عليها ستستمرون حتى النهاية بإذن الله[158].

الحاجة إلى التسليح والتدريب العسكري لمواجهة أمريكا

يجب أن نجمع كل قوانا لإنقاذ هذه البلاد. يجب أن نتحمل مهما كانت الصعوبات التي تواجهنا..

أكرر مرة أخرى؛ عليكم أن تدركوا أنكم تواجهون قوة ستدمّر وطنكم إذا غفلتم عنها لحظة واحدة؛ لا يجب أن تغفلوا. إنّ عدم غفلتكم يعني أن تصرخوا بكل قوتكم ضد أمريكا؛ أن تتظاهروا ضدها، وكل فعل من أفعالكم الإيجابية يجب أن يكون ضدها. فجهزوا قواتكم، وابحثوا عن تدريبات عسكرية خاصة بكم، وعلّموا أصدقاءكم، علموا الأشخاص الذين يسيرون في الطريق دون تدريبات عسكرية[159].

عدم الخوف؛ شرط النصر في الثورة من أجل الاستقلال والحرية

لا تخافوا من التصريحات الفارغة لحكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفييتي التي تدّعي دعم الشاه للحفاظ على مصالحها. وأنتم لا تخشونها فعلًا. بشهادة التاريخ، لا قوة يمكنها أن تطفئ نار قلب شعبٍ مظلوم قام من أجل الحرية والاستقلال[160].

الإرادة القوية في النضال؛ شرط لإنهاء جرائم أمريكا

إنّ شعوب العالم الأحرار دائمًا ما يعانون من القوى العظمى؛ وخاصةً أمريكا المجرمة، وما لم يعزموا على مواجهة الكفر والشرك العالمي والتصدي لأمريكا المهيمنة، فإنّهم سيشهدون جريمة جديدة كل يوم. يجب على شعب إيران الشريف أن يدرك أنّ اليوم هو يوم النضال والقتال ضد كل الشياطين التي تنفق مقدّرات جميع حفاة العالم الحقيقية على عيشها الرغيد وتجهيز الأسلحة التي تهدف بواسطتها إلى السيطرة على عالم الجائعين إلى الأبد[161].

أيّها المسلمون في جميع دول العالم! بما أنكم قد وقعتم تحت الهيمنة الأجنبية وأصبحتم تعانون من الموت البطيء، فلابد لكم من التغلب على الخوف من الموت، واستغلال وجود الشباب المتحمس الذي يسعى للشهادة والمستعد لكسر خطوط جبهة الكفر. لا تفكروا في الحفاظ على الوضع الراهن؛ بل فكروا في الهروب من الأسر، والتحرّر من العبودية، والهجوم على أعداء الإسلام؛ لأن العزة والحياة تكمن في ظل النضال. وأوّل خطوة في النضال هي الإرادة، وبعد ذلك، اتخاذ القرار بأن تحرّموا على أنفسكم سيادة الكفر والشرك العالميّين؛ وخاصةً أمريكا[162].

الاستلهام من الثورة الإيرانية في النضال ضد الشيطان الأكبر

إنّ الثورة العظيمة للشعب الشريف والمناضل في إيران، كانت انعكاسًا لثورات التحرير والحركات الأصيلة للشعوب المناضلة في العالم وخاصة الشعب الجزائري الشقيق البطل، التي أدت إلى إزالة أكبر القوى الشيطانية، والأمل أن تكون دليلاً للشعوب المستضعفة والمسلمين في العالم، وأن يتمكنوا بتضامنهم ووحدتهم من إزاحة سيطرة جميع القوى الاستعمارية عن رقاب الشعوب؛ وخاصة الشيطان الأكبر أمريكا ناهبة العالم[163].


  • [1] في لقاء مع الشعب ومسؤولي النظام، 22/12/1983.
  • [2] صاحب كتاب تاريخ الطبري.
  • [3] صاحب كتاب كامل التّواريخ المعروف بتاريخ ابن الأثير.
  • [4] في لقاء مع علماء النجف، 22/06/1971.
  • [5] بحار الأنوار، ج52، ص366.
  • [6] في لقاء مع هيئة فاطميّون في طهران، 26/09/1979.
  • [7] في رسالة إلى مسلمي إيران والعالم وحجاج بيت الله الحرام، 28/07/1987.
  • [8] الدر المنثور، ج4، ص 396-398.
  • [9] سورة هود، جزء من الآية 112.
  • [10] في لقاء أئمة الجمعة والجماعات في محافظات خراسان، باختران، فارس .. إلخ، 11/06/1983.
  • [11] في لقاء عوائل شهداء القوات الجوية، 29/12/1980.
  • [12] في لقاء مع أعضاء الجمعية الإسلامية للطلاب الإيرانيين في أوروبا، 10/08/1981.
  • [13] في لقاء قادة الجيش والمعلمين و..، 18/08/1981.
  • [14] في لقاء مع الخطباء الدينيين على أعتاب شهر محرم، 05/11/1980.
  • [15] في لقاء مع أهالي جماران، 18/05/1980.
  • [16] في لقاء مع الشعب، 16/08/1979.
  • [17] الشورى: 15
  • [18] هود: 112
  • [19] الدر المنثور، ج4، ص 396-398.
  • [20] بحار الأنوار، ج 16، ص232
  • [21] في لقاء مع أسر شهداء القوات الجوية، 29/12/1980؛ وتكرر هذا المضمون في خطاب بحضور مسؤولي وزارة التربية والتعليم العالي، 19/09/1982
  • [22] المراد، الشعب الإيراني.
  • [23] في رسالة إلى الشعب الإيراني بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلامية، 11/02/1982.
  • [24] في رسالة إلى أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، 29/08/1982.
  • [25] في لقاء أعضاء المجلس الحكومي، 29/08/1982.
  • [26] في رسالة إلى الشعب الإيراني بمناسبة أسبوع الدفاع المقدّس (دراسة أسباب الحرب المفروضة وأبعادها)، 18/09/1981.
  • [27] في لقاء مختلف فئات الشعب، 29/09/1981.
  • [28] في لقاء مختلف فئات الشعب، 16/12/1981.
  • [29] في لقاء أعضاء مقر الجهاد الصناعي، 29/06/1981.
  • [30] في لقاء مع مسؤولي وزارة التربية والتعليم العالي، 19/09/1982.
  • [31] في لقاء مع مسؤولي الاقتصاد والزراعة، 15/05/1984.
  • [32] في لقاء مع الهيئة المركزية لحزب الله اللبناني، 28/02/1988.
  • [33] في لقاء نوّاب البرلمان وأعضاء الحكومة، 28/10/1980.
  • [34] سبأ: 46.
  • [35] المصدر نفسه.
  • [36] في لقاء الجالية الإيرانية المقيمة في الخارج، 23/11/1978.
  • [37] في لقاء مع مجموعة من سكان المناطق الحدودية، 30/09/1980.
  • [38] في لقاء مع أعضاء حركة أمل اللبنانية، 28/10/1981.
  • [39] في لقاء موظفي القوات الجوية وموظفي شركات الطيران، 08/02/1983.
  • [40] في لقاء قادة الجيش وقوات التعبئة، 19/12/1982.
  • [41] المصدر نفسه.
  • [42] في لقاء مع رجال الدين والطلاب في قم، 22/03/1963.
  • [43] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 11/02/1985.
  • [44] في رسالة إلى الشعب الإيراني بمناسبة السنة الجديدة، 21/03/1980.
  • [45] في لقاء مع أعضاء اللّجان المركزية للثورة، 10/04/1983.
  • [46] هود: 112.
  • [47] في لقاء مع عوائل شهداء القوات الجوية، 29/12/1980.
  • [48] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 31/03/1988.
  • [49] في لقاء مع أعضاء المجلس الإسلامي للعمال، 25/06/1980.
  • [50] في رسالة من إحدى عشرة نقطة إلى القوات المسلحة والشعب الإيراني، 21/01/1981.
  • [51] في لقاء مع سفراء الدول الإسلامية، 20/10/1980.
  • [52] في رسالة للشعب الإيراني، 05/02/1987.
  • [53] في لقاء مع أعضاء مجمع المدرسين والأساتذة الجامعيّين، 27/08/1985.
  • [54] في لقاء أهالي جماران، 18/05/1980.
  • [55] في رسالة للشعب الإيراني والقوات المسلحة، 16/04/1981.
  • [56] في لقاء مع عوائل شهداء القوات الجوية، 29/12/1980.
  • [57] في لقاء الطلاب المسلمين أتباع خطّ الإمام، 03/11/1980.
  • [58] في لقاء مع مجاهدي الإسلام، 09/03/1982.
  • [59] في لقاء مع مسؤولي وموظفي العتبة الرضوية المقدسة، 25/07/1982.
  • [60] في لقاء مع عوائل الشهداء والجرحى في خوزستان، 02/04/1981.
  • [61] في لقاء مع أئمة الجمعة في خوزستان، 03/02/1982.
  • [62] في لقاء مع الجالية الإيرانية المقيمة في الخارج حول سرّ انتصار الثورة، 21/01/1979.
  • [63] في لقاء مع قادة وموظفي قوات الجيش البحرية، 13/06/1982.
  • [64] وُلد آية الله السيّد حسن مدرّس سنة 1870م وفي فترة الدستورية والنضال ضد رضا خان، لعب دورًا مهمًا، وفي عام 1937م نال درجة الشهادة على يد عملاء رضا خان في كاشمر.
  • [65] في لقاء مع الجالية الإيرانية المقيمة في الخارج، 30/10/1978.
  • [66] بحار الأنوار، ج44، ص245.
  • [67] في لقاء مع رجال الدين في قم وطهران وأذربيجان، 17/10/1982.
  • [68] رسالة إذاعية وتلفزيونية إلى الشعب الإيراني، 16/05/1979.
  • [69] في رسالة إلى الشعب الإيراني بمناسبة يوم المرأة، 14/04/1982.
  • [70] المصدر نفسه.
  • [71] في لقاء مع عوائل شهداء القوات الجوية، 29/12/1980.
  • [72] في رسالة إلى موظفي صناعة النفط، 10/01/1985.
  • [73] في لقاء مع أعضاء لجنة إقامة أسبوع الحرب، 09/09/1984.
  • [74] في لقاء رجال الدين في طهران، 01/07/1983.
  • [75] في لقاء مع أعضاء لجنة إقامة أسبوع الحرب، 09/09/1984.
  • [76] في لقاء مع مسؤولي الجمهورية الإسلامية والمسؤولين العسكريّين والوطنيّين، 22/12/1983.
  • [77] في لقاء مع مسؤولي النظام الإسلامي، 11/12/1984.
  • [78] في لقاء مع عوائل الشهداء، 18/10/1981.
  • [79] في لقاء مع أئمة الجمعة والجماعات في محافظات خراسان، باختران، فارس ..، 11/06/1983.
  • [80] في رسالة إلى الشعب الإيراني والقوات العسكرية، 18/04/1982.
  • [81] في لقاء أساتذة وطلاب جامعتي تبريز وكاشان، 25/05/1979.
  • [82] في رسالة إلى مسلمي إيران والعالم وحجاج بيت الله الحرام، 28/07/1987.
  • [83] في لقاء مع موظفي القوات البحرية، 06/02/1979.
  • [84] في لقاء مع رجال الدين والطلاب، كانون الثاني 1978.
  • [85] 1963م.
  • [86] في لقاء مع رجال الدين في قم، 02/05/1963.
  • [87] في لقاء مع مجلس أمناء الجامعة الوطنية، 13/12/1981.
  • [88] في رسالة إلى نواب البرلمان، 28/05/1984.
  • [89] بحار الأنوار، ج27، ص181.
  • [90] في لقاء مع مجاهدي الإسلام، 09/03/1982.
  • [91] في لقاء الإيرانيّين المقيمين في الخارج، 21/01/1979.
  • [92] النساء: 73.
  • [93] في لقاء مع الشعب، 04/05/1979.
  • [94] في لقاء مع عوائل الشهداء في باوه وقادة الجيش، 01/10/1979.
  • [95] نهج البلاغة، الخطبة 5.
  • [96] في لقاء مع طبقات الشعب، 15/04/1964.
  • [97] الأعراف: 143.
  • [98] في لقاء مع مسؤولي مؤسسة الشهيد وجمع من عوائل الشهداء، 23/09/1980.
  • [99] آل عمران: 169.
  • [100] الفجر:29 و30.
  • [101] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 23/09/1988.
  • [102] رسالة إلى شعب إيران، 10/02/1982.
  • [103] في لقاء مع أئمة الجمعة في محافظة مازندران ودشت گرگان، 10/03/1982.
  • [104] في لقاء مع أئمة الجمعة في محافظة كرمان، 25/05/1982.
  • [105] في لقاء مع مسؤولي النظام، 21/03/1982.
  • [106] في لقاء مع الطلبة المسلمين أتباع خط الإمام، 03/11/1980.
  • [107] في لقاء مع مجلة التايم، 05/01/1980.
  • [108] في لقاء مع نساء الأهواز وقم وبروجرد، 01/06/1979.
  • [109] في لقاء مع قادة وموظفي القوات البحرية في الجيش، 13/06/1982.
  • [110] في لقاء مع مقاومي الدول الإسلامية، 06/04/1979.
  • [111] في لقاء مع مسؤولي النظام، 20/06/1985.
  • [112] في لقاء مع موظفي بلدية الأهواز، 08/11/1979؛ تكرّر مضمون هذه المطالب في لقاء مع ممثلي مجلس الشورى الإسلامي، 12/08/1980؛ ولقاء مع مختلف الطبقات الشعبية، 19/01/1981؛ وفي لقاء مع جمع من مختلف الطبقات الشعبية، 11/04/1981؛ وفي رسالة إلى الشعب المسلم في إيران، 18/06/1981؛ وحكم تنفيذ رئاسة الجمهورية للآية الله خامنئي (دام ظله)، 09/10/1981؛ وفي لقاء مع جمع المسؤولين في وزارة النفط، 30/05/1982؛ وفي لقاء جمع المسؤولين في النظام في يوم عيد الفطر المبارك، 20/06/1985؛ وفي لقاء مع جمع أعضاء المجلس الأعلى للدفاع والقادة العسكريين، 03/10/1981.
  • [113] بحار الأنوار، ج 7، ص60.
  • [114] في لقاء مع مسؤولي مؤسسة الشهيد وجمع من عوائل الشهداء، 10/01/1981.
  • [115] في لقاء جمع من رجال الدين، 06/03/1979.
  • [116] في لقاء المجلس المركزي لجنة الإغاثة، 08/05/1983.
  • [117] في رسالة إلى شعب إيران، 20/07/1988.
  • [118] سورة الأحزاب: 21.
  • [119] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 20/06/1978.
  • [120] الوصيّة السياسية -الإلهية للإمام الخميني؟ق؟.
  • [121] في لقاء مع مسؤولي البلاد، 09/10/1981.
  • [122] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 27/07/1978.
  • [123] في رسالة إذاعية – تلفزيونية إلى الشعب الإيراني ومسلمي العالم، 21/03/1985.
  • [124] في لقاء مع أعضاء المجالس المحلية لتوزيع البضائع في طهران، 31/01/1984.
  • [125] في لقاء مع الجالية الإيرانية المقيمة في الخارج، 25/10/1978.
  • [126] في رسالة إلى علماء الدين، المراجع، المدرّسين، الطلاب وأئمة الجمعة والجماعات، 22/02/1989.
  • [127] في لقاء مع مجاهدي الإسلام والطلبة، 17/04/1982.
  • [128] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 20/07/1988.
  • [129] الشهداء.
  • [130] المائدة: 20.
  • [131] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 05/02/1987.
  • [132] في لقاء مع أعضاء هيئة ليبيّة، 20/04/1979.
  • [133] في رسالة إلى عوائل الشهداء والشعب الإيراني، 07/02/1985.
  • [134] في رسالة إلى الشعب الإيراني في ذكرى انتصار الثورة، 11/02/1980.
  • [135] في لقاء جمع من مختلف طبقات الشعب، 01/09/1981.
  • [136] في رسالة من 11 مادة إلى القوّات المسلحة والشعب الإيراني، 21/01/1981.
  • [137] في رسالة إلى السيّد رضي الشيرازي، 15/07/1979.
  • [138] في رسالة إلى الشعب الإيراني بمناسبة يوم الله 8 أيلول، 08/09/1982.
  • [139] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 12/09/1981.
  • [140] في لقاء مع جمع من الحرس، 05/03/1979.
  • [141] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 20/07/1988.
  • [142] في رسالة إلى الشعب الإيراني ومسؤولي النظام، 11/02/1983.
  • [143] في لقاء جمع من تلاميذ قم وطهران، 04/11/1980.
  • [144] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 11/02/1984.
  • [145] في لقاء جمع من عوائل شهداء السابع من تير (02 تموز)، 02/07/1981.
  • [146] في لقاء جمع من مختلف طبقات الشعب، 16/12/1981.
  • [147] في رسالة إلى المجاهدين وعوائل الشهداء، 01/09/1985.
  • [148] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 22/06/1981.
  • [149] في لقاء جمع من علماء الدين ومختلف طبقات الشعب، 05/06/1979.
  • [150] في لقاء مجموعة الأبحاث الوطنية والاجتماعية، 19/11/1978.
  • [151] في لقاء جمع من عشائر أذربيجان الشرقية، 19/09/1979.
  • [152] في لقاء مع ممثلي البرلمان القطري، 07/03/1979.
  • [153] في لقاء مع الهيئة المركزية لحركة أمل اللبنانية، 20/05/1980.
  • [154] في لقاء مع المشاركين في المؤتمر الدولي لمناقشة التدخلات الأمريكية في إيران، 04/06/1980.
  • [155] في لقاء مع جمع من الضيوف الأجانب، 10/02/1982.
  • [156] في لقاء علماء الدين والطلبة، 13/05/1987.
  • [157] في لقاء مع الجالية الإيرانية المقيمة في الخارج، 31/10/1978.
  • [158] في لقاء مع الطلاب وموظفي شركة النفط، 06/02/1979.
  • [159] في لقاء جمع من الحرس، 25/11/1979.
  • [160] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 26/10/1978.
  • [161] في رسالة شكر لآية الله منتظري، 04/07/1988.
  • [162] في رسالة إلى الشعب الإيراني، 20/07/1988.
  • [163] في رسالة شكر للسيد الشاذلي بن جديد، 06/04/1980.
المصدر
كتاب مقاومة الاستكبار في فكر الإمام الخميني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى