محاربة الاستكبار للحصون الثلاثة؛ الإسلام والعلماء والاستقلال الثقافي
ثم قاموا بإجراء دراسة نفسية لمعرفة الطريقة التي يمكن من خلالها أن يضعوا أيديهم على هذه الثروات الضخمة في هذه البلدان، وماذا عليهم أن يفعلوا ليصلوا إلى تلك الثروات بسهولة دون أن يواجهوا أي معارضة أو صِدام. وقد قاموا بدراسات كثيرة في هذا الصدد، ووجدوا أنّ في البلاد الإسلامية حصنين شامخين يقفان عائقًا في طريق تحقيق أهدافهم، وأنّ القضاء عليهما هو مفتاح تحقيقها: أحدهما؛ مبدأ الإسلام، فلو أنّ المسلمين طبّقوا تعاليم الإسلام كما أراد الله تبارك وتعالى له أن يكون، لانتهى أمر المستعمرين. هذا فيما يخص الإسلام. الأمر الآخر هو علماء الدين، فلو كان العلماء أقوياء لما استطاع المستعمرون استغلال هذه البلاد بالنحو الذي يريدون، فهم يستهدفون الشعب بأكمله، ولو أنّ لأحد من الشعب القوّة لكانت لهؤلاء. ولذلك؛ سعوا إلى هدم هذين الحصنين كيفما اتّفق، بأيدي الشعوب نفسها، أينما كانوا ووجدوا، من خلال الدعاية التي بدأوا بها منذ زمن بعيد؛ لأنّ المستعمر يعلم أنّ الخطر إذا ما داهمه وهدّد مصالحه، فسيكون هذان الحصنان هما مصدره وليس لغيرهما مثل تلك الخطورة.
وبطبيعة الحال؛ هناك جهة أخرى تقف عائقًا في وجه هيمنة الاستكبار، وهي جهة ثقافة المجتمعات. لقد عاينوا هذه المجتمعات وقاموا بدارستها، واستنتجوا أنّ الاستقلال الثقافي لهذه الشعوب سيؤدي إلى ظهور مجموعة من السياسيّين المستقلين والأمناء، وهذا الأمر يضرّ بمصالحهم أيضًا. بناءً على ذلك؛ فقد رأوا أنّ هناك عائقين: من جهة؛ الإسلام والعلماء؛ أحدهما مبدأ الإسلام، والآخر علماء الدّين. ومن جهة أخرى؛ هناك احتمال أن تُنشئ الثقافة – إذا كانت ثقافة مستقلة – شبابًا ورجالاً تكون مقدرات البلاد في أيديهم لا محالة، وسيحول ذلك أيضاً دون تحقيق مآربهم، ولهذا سعوا إلى تقويض هذه الحصون الثلاثة[1].
[1] في لقاء مع الجالية الإيرانية المقيمة في باريس، 15/10/1978.