النظرة المريضة للمستكبرين تجاه الآخرين
ينظر المستكبرون إلى العالم نظرة استكبارية خاصة، وذلك من خلال ما يستحوذ عليهم من مرض نفسي بداخلهم. هذا المرض هو الذي جعلهم لا يعيرون أيّ أهمية للشعوب ولا يعتبرونها جزءًا من هذا العالم. كارتر نفسه وبعض الأشخاص ممن لا يتعدّى عددهم خمسين ألفًا من مجموع سكان العالم الذي يناهز ثلاث مليارات نسمة؛ أولئك الذين يملكون زمام الحكومات، يجبرون الآخرين على الظلم والتعدّي؛ حيث يرى وأمثاله أنّ الشعوب ليست شيئًا مذكورًا؛ وهؤلاء الذين هم فئة قليلة مثل كارتر ومجموعته؛ للأسف يعتبرون أنفسهم هم العالم بأسره، وهذه هي نظرة المستكبرين الذين لا يرون وجودًا لطبقات الشعوب الكبيرة الأخرى التي لا يُعتبر كارتر وأمثاله قطرة في بحرها، وهذا يرجع إلى المرض النفسي التي جعلهم لا يرون إلا أنفسهم. ولذا؛ حينما يجلس أحد هؤلاء على كرسي رئاسة الجمهورية وينظر بعينه المريضة، ويرى نفسه رئيساً آمراً على عدد من الوزراء والنواب والعملاء في مختلف البلدان، يعتقد أنه لا يوجد في العالم أحد له قيمة إلا هؤلاء الجلاوزة الجواسيس؛ لذلك، يعتبر هؤلاء الجواسيس دبلوماسيين وسياسيين. فمحمد رضا كان مصاباً إلى حد ما بهذا المرض الذي كان سبب هلاكه. إنّ هذا المرض، هو الذي يكون سببًا في ألا يرى الإنسان إلا نفسه وجمعاً من المتملقين والمهرجين حوله فقط، ولا يحسب للشعب حساباً، ولا يقيم له وزناً، ولا يدرك أنّ الشعب هو أساس الدولة، وأنّ رجال الدولة هم الأقلية الذين انتُدبوا لخدمة الشعب لا للتحكم فيه والتسلط عليه. لقد كان ذلك الرجل (محمد رضا بهلوي) مصاباً بهذا المرض، ولذلك كان لا يرى لأحد حقاً سواه، وكان يرى نفسه فوق الجميع، وأنه الآمر فوق كل آمر، فلا يحسب لأحد حساباً، ولا يقيم له وزناً، وهذا هو سبب خيانته لهذا الشعب. ولقد كان سبب كل تلك الخيانات أنّه كان لا يرى لأحد حقاً في استجوابه، فلم يكن يتصور وجود قدرة تقف في وجه الأسنة والأسلحة النارية. كلا؛ هناك قدرة أخرى. هذا المرض هو السبب لارتكابه لتلك الجرائم؛ لأنّه يُعمي صاحبة عن رؤية قدرة أخرى غير قدرته، فكانت النتيجة ما رأيتموه ورأيناه جميعاً. فكارتر كان مصاباً بنفس هذا المرض، لكنّ قدرته كانت أشدّ؛ فكلّما زادت القدرة والسلطة، اشتدّ هذا المرض، وما إن تضعف يضعف معها[1].
[1] في لقاء مع الخطباء والوعّاظ، 20/11/1979.