خطابات

كلمة الشهید سماحة السيد حسن نصرالله في الذكرى السنوية لاستشهاد القائد السيد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار)




أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد الله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا ونبينا ‏خاتم النَّبيين أبي القاسم محمَّد بن عبدالله، وعلى آله الطيبين الطَّاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع ‏الأنبياء والمرسلين‎.‎

الإخوة والأخوات، السَّلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، مُجدداً تجمعنا الذكرى السنوية للقائد الجهادي الكبير والأخ العزيز والحبيب السيد مصطفى بدر الدين ‏الشهيد السيد ذو الفقار رحمه الله ورضوان الله تعالى عليه، في هذه المناسبة في البداية نتوجه مجدداً إلى عائلته الكريمة والشريفة فرداً فرداً، نُجدد عزاءنا بفقد الحبيب ‏وتبريكنا بحصول العزيز على هذا الوسام الإلهي الرفيع، طبعاً في بداية الكلمة ونحن في قلب المعركة مع ‏هذا العدو أود أن نتوجه أيضاً إلى عوائل الشهداء من آخر خطاب لليوم، نُعزيهم بفقد أعزائهم وأحبائهم، ‏نُبارك لهم بشهادتهم ووصولهم إلى هدفهم الأسمى وإلى رضوان الله وإلى قرب الله عز وجل، إلى عائلات ‏الشهداء الشريفة الصابرة المحتسبة كل التحية وكل السلام.

نتوجه أيضاً إلى الجرحى من المقاتلين طبعاً ‏أتحدث هنا عن الشهداء في كل الساحات والجرحى في كل الساحات، أسأل الله سبحانه وتعالى لهم الشفاء ‏والعافية وأن يمن الله تعالى على الصامدين أيضاً في كل الساحات وعلى النازحين المتنقلين من مكان إلى ‏مكان وعلى كل البيئات الحاضنة بالثبات والحفظ والصبر والأجر وعظيم الأجر.

وأيضاً نتوجه بالتحية إلى ‏المقاتلين، المجاهدين، الصابرين، الثابتين، الشجعان في كل الجبهات الذين يُسطرون منذ ثمانية أشهر أروع ‏مشاهد البطولة والرجولة والشجاعة والقوة والعنفوان والإرادة والعزم والحماس واليقين بالنصر والتوكل ‏على الله سبحانه وتعالى.

طبعاً بين أيدينا أيضاً متوافقةً أو متزامنةً مع ذكرى قائدنا الشهيد السيد ذو الفقار ‏مناسبات عديدة ذات صلة بفلسطين والمعركة مع هذا العدو، غير المناسبات الدينية والسياسية الأخرى، 15 ‏أيار ذكرى احتلال فلسطين، اغتصاب فلسطين، ذكرى الحادثة المرّة والأليمة والقاسية التي ما زالت تجر ‏على منطقتنا على كل شعوب منطقتنا الآلام والكوارث وهي قيام هذا الكيان الغاصب، لدينا أيضاً 17 أيار ‏اتفاقية العار بين الدولة اللبنانية في ذلك الحين والعدو ولاحقاً سقوط هذه الاتفاقية، ولدينا 25 أيار عيد ‏المقاومة والتحرير، بطبيعة الحال إذا أبقانا الله على قيد الحياة ب 25 أيار نُريد أن نتكلم كلمتين ولذلك بعض ‏الموضوعات كالعادة سأقوم بتقسيمها حينها بين كلمة اليوم وبين كلمة الموعد الآخر إن شاء الله، لذلك أنا سأتحدث كلمة في المناسبة وكلمة حول المشهد القائم حالياً المعركة القائمة وكلمة حول ملف النزوح ‏السوري في لبنان باعتباره اليوم القضية الأولى على المستوى الوطني.‏

أثر الشهداء وتضحيات جبهة المقاومة في الميدان السياسي والعسكري

نستعيد في الذكرى السنوية لقائدنا الشهيد العزيز السيد ذوالفقار بعض ما قُلنا في السابق ونزيد عليه اليوم، ‏تحدثنا عن أوسمته الحقيقية، تعرفون اليوم في العالم نرى مشاهد خصوصاً في العالم العربي واحد يضع على صدوه من هنا إلى هنا أوسمة وهو لم يخض معركة، هنا نتحدث عن أوسمة حقيقية، وسام ‏المقاتل المجاهد، أن يكون الإنسان مجاهداً مقاتلاً في سبيل شعبه وأمته وقضيته ودينه وإيمانه، هذا بحد ذاته ‏شرف كبير بمعزل عن الرتبة التنظيمية أو القيادية التي يحظى بها، ووسام المقاتل في الميدان ووسام الجريح، ‏كلنا نعرف الجراح التي لازمته حتى الشهادة، ووسام الأسير السجين خلف القضبان، ووسام القائد الذي يتحمل ‏المسؤولية، ووسام صانع الإنجازات والانتصارات، وختم الله سبحانه وتعالى لهم بالوسام الأرفع والأعلى وسام الشهيد وسام ‏الشهادة.

أيضاً نستعيد الإنجازات من خلال حضوره في مختلف المواقع في المقاومة وعمليات المقاومة قبل ‏عام 2000 وصولاً إلى التحرير، في العمليات النوعية وفي مقدمها عملية أنصارية، في كل الجهود لتحرير ‏الأسرى وقيادة المفاوضات، في الجهد الأمني لتفكيك شبكات الجواسيس والعملاء الصهاينة في لبنان وفي ‏تفكيك شبكات الإرهابيين الذين أرسلوا السيارات المفخخة إلى البقاع والضاحية وبيروت، وصولاً إلى ‏المعركة الامتحان الأعظم والأكبر لنا جميعاً كانت وما زالت وهي معركة سوريا. الآن وفي كل ما تشهده ‏ساحاتنا نراه حاضراً نرى وجه ذو الفقار وصوته وصورته ونداءه ورايته ولواءه وقبضته كما هو الحال مع ‏كل الشهداء وخصوصاً مع القادة الشهداء، نرى نتائج وثمار جهادهم وتضحياتهم ودمائهم الذكية.

اليوم عندما ‏نأتي إلى جبهتنا اللبنانية، هذا الحضور القوي في الجبهة للمقاومة لقادتها لمجاهديها لأسلحتها المتنوعة ‏لأساليب قتالها وتكتيكاتها لشموخها وثباتها، يحضر الشهداء وخصوصاً القادة بما أسسوا وبما جهزوا وبما ‏دربوا وبما ربوا وبما هيأوا. يحضر الحاج عماد مغنية القائد الشهيد، السيد مصطفى بدر الدين القائد الشهيد، ‏القادة الشهداء الآخرون مع كل مسيرة انقضاضية على أهداف العدو أو مسيرة استطلاعية تأتينا بالصور ‏النقية عن أهداف للعدو نتذكر الشهيد القائد الحاج حسان اللقيس، مع كل سلاح من أسلحة المقاومة مع كل ‏معركة يحضرنا شهداء وقادة شهداء. في مجموع المقاومة أيضاً يحضرنا القادة الحاج قاسم سليماني الشهيد ‏الكبير وأيضاً الشهيد القائد اللواء الحاج زاهدي، الشهيد القائد اللواء سيد حجازي، الشهيد القائد العميد السيد ‏رضي الموسوي. هؤلاء الذين واكبونا وساندونا وقضوا معنا سنوات طويلة من عمرهم المبارك من قادة ‏حرس الثورة الإسلامية في إيران.‏

هذه المقاومة هي التي تُقاتل اليوم في هذه الجبهة هي نتيجة تراكمية لتضحيات الماضين والحاضرين ‏والآتين في المستقبل، من الإمام موسى الصدر أعاده الله بخير وأخويه، إلى الشهيد السيد عباس الموسوي، ‏إلى الشهيد الشيخ راغب حرب، إلى كل الشهداء والمضحين الذين مضوا والمقاومين الذين ما زالوا على ‏عهدهم في موقع الصدق والوفاء بما عاهدوا الله سبحانه وتعالى عليه. أيضاً وهنا نبدأ بالدخول إلى المشهد ‏السياسي والميداني لو بدأنا من حيث انتهت المسيرة الدنيوية والحياتية والظاهرية للشهيد السيد مصطفى ‏بدر الدين في سوريا حيث خُتم له بالشهادة. اليوم أيضاً نرى بركة هذا الحضور وثمرة هذه الدماء وهؤلاء ‏الشهداء وهذه التضحيات. سوريا التي أُريد لها أن تصبح عند الأمريكيين بالكامل هذا كان الهدف، كثير من ‏الشعارات التي قُيلت هي شعارات حق ولكن كان يُراد بها باطل. كان المطلوب أحد الأهداف الرئيسية في ‏الحرب الكونية على سوريا أن تُصبح سوريا في دائرة الأمريكيين وخاضعة للإدارة الأمريكية كالكثير من ‏الأنظمة والدول في عالمنا العربي والإسلامي أو أن تغرق في حرب أهلية مدمرة تستمر لعشرات السنين ‏كما يحصل وحصل في دول أخرى أيضاً. الدولة أو البلد الذي تعجز أمريكا عن أن تفرض جماعتها ‏للسيطرة عليه وإدارته تأخذه إلى حرب أهلية مدمرة. اليوم عندما نجد أن سوريا تجاوزت هذه الحرب ‏الكونية وما زالت في موقعها، تصوروا لو كانت النتائج مختلفة وجاء 7 تشرين وطوفان الأقصى، لو ‏كانت سوريا اليوم في الموقع الأمريكي، لو كانت سوريا اليوم في الموقع الإسرائيلي كما أريد لها خصوصاً ‏في جنوب سوريا ماذا كان يمكن أن يكون حال لبنان؟ وحال المقاومة في لبنان؟ وحال كل جبهات الإسناد ‏لفلسطين ولغزة مع العراق ومع إيران خصوصاً؟ مع اليمن قد لا تكون سوريا على تماس مباشر، مع كل ‏الذي حصل على سوريا وفي سوريا ومع كل المعاناة والحصار والأوضاع المعيشية الصعبة التي ينتظر ‏فيها الأمريكيون وحلفاؤهم أن يتزلزل الموقف في سوريا أو يتبدل أو يتغير، سمعنا قبل أيام موقف السيد ‏الرئيس بشار الأسد في اجتماع حزبي واسع. أنا أنقل النص لأنه مهم في نتيجته، يقول: «طالما أن الوضع لم ‏يتغير والحقوق لم تعد لا للفلسطينيين ولا للسوريين، فلا شيء يُبدل موقفنا أو يزيحه مقدار شعرة – كل ‏المعاناة التي تعيشها سوريا حتى الآن وسوريا ما زالت في دائرة تهديد الحرب الكونية توقفت تراجعت ولكن ‏سوريا ما زالت في دائرة تهديد – وكل ما يمكن لنا أن نُقدمه ضمن إمكانياتنا للفلسطينيين أو لأي مقاوم ضد ‏الكيان الصهيوني سنقوم به دون أي تردد، وموقفنا من المقاومة وتموضعنا بالنسبة لها كمفهوم أو كممارسة ‏لن يتبدل، بالعكس هو يزداد رسوخاً، لأن الأحداث أثبتت أن من لا يمتلك قراره هو لا أمل له بالمستقبل، ومن ‏لا يمتلك القوة لا قيمة له في هذا العالم».‏
أنا عندما كُنت أستمع إلى هذا الكلام من الرئيس الأسد كُنت أشعر بأن دماء السيد مصطفى بدر الدين ‏ودماء كل الشهداء ومن جملتهم شهداؤنا قد أثمرت وأعطت النتيجة المطلوبة، لأن أحد أهداف حضورنا في ‏سوريا هو الدفاع عن سوريا لتبقى في جبهة المقاومة في موقع المقاومة في محور المقاومة وهذا هو الحال ‏الآن، سوريا التي ما زالت تحتضن فصائل مقاومة فلسطينية ما زال موقفها راسخًا وثابتًا، ما زالت تُشكّل ‏ساحة الدعم والإسناد بتواصل حركات المقاومة كلّ في موقعه ومن خلال ظروفه وإمكانات هذه المعركة.‏

من هنا أيضاً نَنتقل إلى المعركة الأساسية اليوم في الجبهة الرئيسية وهي جبهة غزة، جبهة الضفة هي ‏مُكمّلة لجبهة غزة، جبهة لبنان واليمن والعراق وإيران وسوريا هي جبهات إسناد عسكرية أو سياسية أو ‏معنويّة أو مادية لكن المعركة الأساسية هي في غزة.‏

القضية الفلسطينية من النسيان إلى صدارة المشهد العالمي

دعونا نتكلم قليلًا عن هذا الحدث الذي يرتبط بمصير كل المنطقة، يمكن مقاربة هذه الأحداث الكبرى التي ‏تجري في منطقتنا من عدة زوايا، الآن لن نتكلّم من كل الزوايا فسنختار زاوية، إحدى هذه الزوايا المهمّة ‏ما يرتبط بالأهداف، أهداف المقاومة الفلسطينية ومعها محور المقاومة وأهداف العدو الإسرائيلي ومعه ‏حاميته وداعمته الولايات المتحدة الأمريكية.‏

في بداية المعركة إذا أخذنا زاوية المقاومة الفلسطينية، في بداية المعركة قُلنا أن من جملة أهداف المقاومة ‏الفلسطينية يعني حماس والجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة الفلسطينية الوطنية والإسلامية والشعبية، من ‏جملة الأهداف التي أعلنت وتحدّث عنها قادة المقاومة وقادة فصائل المقاومة، وأيضًا أنا وإخواني وغيرنا ‏تحدثنا عنها في بداية المعركة كان إعادة إحياء القضيّة الفلسطينية وإعادة التذكير بالحقوق الفلسطينية، ‏وإعادة تذكير بفلسطين المنسيّة، فلسطين المنسيّة بقدسها ومقدّساتها الإسلامية والمسيحيّة، والمنسيّة بغزّتها ‏وضفّتها وال48 المحتلّة، وشتاتها ومخيّماتها خارج فلسطين كانت منسيّة قبل 7 تشرين. فلسطين التي كان ‏بعض الحكّام العرب سيوقّعون حكم موتها من خلال اكتمال آخر مراحل التطبيع مع العدو الإسرائيلي ‏والذي كان متوقعًا أن يحصل خلال أشهر، الهدف كان إعادة فلسطين إلى العالم، إلى الذاكرة، إلى الوجدان، إلى الحياة، إلى المعادلات، إلى المعركة، ‏إلى الميدان، إلى الإنجاز، إلى استعادة الحقوق، إلى خوض الشروط على العالم، هذا كان واقع الحال ‏لفلسطين وفي المقابل إسرائيل باتت تتحوّل إلى موجود طبيعي معترف به يروّج له من قبل الأنظمة ‏العربية، بعض الأنظمة العربيّة، والفضائيات العربيّة، إسرائيل في نظر العالم والمجتمع الدولي هي الدولة ‏الديموقراطيّة الوحيدة في منطقتنا. هنا كانت إسرائيل وهنا كانت فلسطين عشيّة 7 تشرين 2023 للميلاد، ‏اليوم نحن في الشهر الثامن لهذه المعركة، اليوم بفعل الصمود والمقاومة والتضحيات الجسام للنساء ‏والأطفال والمقاومين والمجاهدين هذا الواقع ما يرتبط في فلسطين وقضية فلسطين وما يرتبط بالعدو، ‏وموقع العدو، تغّير بنسبةٍ كبيرةٍ جدًا.‏

فلسطين اليوم هي القضيّة الأولى في العالم، اسم فلسطين، والفلسطينيين، والشعب الفلسطيني، ‏وأطفال فلسطين، ونساء فلسطين، واسم غزّة على كلّ شفتٍ ولسان في كل أنحاء العالم. حقّانيّة الشعب ‏الفلسطيني، مظلوميّة الشعب الفلسطيني اليوم يتحدّث بها كل العالم، في الأمم المتحدة وظهور من الأكاذيب ‏والأضاليل الإسرائيلية والأمريكية حول ما جرى في 7 تشرين، وادعاءات القتل، وذبح الأطفال، ‏واغتصاب النساء التي بان زيفها، في الأمم المتحدة أكثر من 140 دولة تُطالب بوقف إطلاق النار ووقف ‏الحرب، في الأمم المتحدة أكثر من 140 دولة تُطالب بإعطاء عضويّة كاملة لفلسطين ودولة فلسطين ومن ‏يمثّل فلسطين، ويرفضها تسع دول، أميركا وبعض هذه الدول لا يسمع أحد باسمها، ويعني عندما سمعنا ‏الأسماء مع احترامنا لمواطنيها، كي نعرف هذه الدول من هي وأين هي ، سوف تقعد لتفتش عن ذلك.‏

التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات الطلابيّة في عدد كبير من جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، ‏وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وأوروبا، وأستراليا التي تحمل علم فلسطين واسم فلسطين وتتضامن مع ‏شعب فلسطين، هذا المشهد هو من صنع 7 تشرين وما بعد 7 تشرين إلى اليوم، من صنع هذه المعركة ‏هذا الصمود، هذه البطولات، هذه التظاهرات أغضبت نتنياهو صارت معاداة للسامية وتحضّر للمحرقة، ‏أغضبت ترامب والإدارة الأمريكية، هذا التصويت في الأمم المتحدة قبل أيّام أخرج مندوب إسرائيل عن ‏طوره وأعصابه، لاحظوا أن المشهد يبرز من المنتصر ومن المهزوم، عندما يخرج مندوب العدو ‏الإسرائيلي في الأمم المتحدة يأتي بالتلافة ويبدأ بالتلف، قيل أنه كان يتلف ميثاق الأمم المتحدة، ووجّه ‏الإهانة، هذا أحد أشكال العلو والاستكبار، والاستعلاء، والعتو الإسرائيلي، صار يهين الدول التي هي حرّة ‏في تصويتها، هذا طبعًا عن ماذا يعبّر؟ عن نظرة إسرائيل للأمم المتحدة وللقرارات الدوليّة، هذه دعوها ‏لوقت لاحق مع جماعة لبنان وسوف نتكلّم في 25 أيّار، الذين يُراهنون على المجتمع الدولي كي يُساعد في تطبيق القرارات ‏الدوليّة، الرد عليهم دعوهم يشاهدوا منظر سفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة كيف يتلف ميثاق الأمم المتحدة، ما ‏هو 1701، 1559؟ «حكي فاضي يعني يلحق بعضه»، ووجّه الإهانة للجميع لكن برأيي أنا كمحلّل يعني ‏كمراقب، أهم مشهد إعلامي سياسي يعبّر عن صورة الانتصار للمقاومة الفلسطينية عندما رفع مندوب ‏إسرائيل في الأمم المتحدة صورة القائد الكبير الشجاع الأستاذ أبو إبراهيم يحيى السنوار حفظه الله ونصره ‏الله، تُريدون أن تعرفوا من المهزوم ومن المنتصر؟ شاهدوا هذا المشهد، الغضب، الإحباط، اليأس في وجه ‏مندوب الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة وصورة السنوار المرتفعة أمام كل كاميرات العالم، هذا يعبّر ‏عن المشهد، الحديث اليوم في العالم كله عن حق الفلسطينيين في دولة، 6 تشرين 2023 كان العالم نسي ‏فلسطين والشعب الفلسطيني فضلّا عن دولة لفلسطين.‏

اليوم العالم كله يتحدّث عن دولة فلسطينية ودولة للفلسطينيين وأنه لا حل بالمنطقة إلا بإقامة الدولة ‏الفلسطينية، هذا الموقف اليوم في العالم يُرعب أول شيء نتنياهو وبن غفير وسيموتريتش وحكومة العدو وكل ‏الصهاينة، لأن الصهاينة أجمعين يُجمعون على رفض دولة فلسطينية، ويعتبرونها تهديدًا وجوديًا لكيانهم ‏وهذا ما كانوا لا يريدون أن يسمعوه أصلًا، 7 تشرين، طوفان الأقصى وصمود الفلسطينيين إلى اليوم أجبر ‏العالم كلّه ليتحدّث عن دولة فلسطينية، وأجبر الولايات المتحدة الأمريكية المنافقة والكاذبة أن تتحدّث عن ‏دولة فلسطينية، وأجبر العالم كلّه أن يعترف أنه لا يمكن نسيان فلسطين ولا تجاهل الشعب الفلسطيني ولا ‏مسح الحقوق الفلسطينيّة والقضية الفلسطينيّة، وأن الحل الوحيد في المنطقة كما يقولون هم هو إقامة دولة ‏لهذا الشعب دولة حقيقيّة، هذا هو الانتصار الحقيقي، هذا انتصار كبير، بالمقابل صورة إسرائيل في العالم، ‏اليوم إسرائيل دولة ديمقراطية، دولة القانون، الدولة التي تحترم القانون الدولي وتراعي الضوابط، الدولة ‏التي تريد أن تعيش بسلام مع جيرانها، الدولة المحبّة للسلام، جاء طوفان الأقصى والأشهر الثمانية ‏والصمود في الأشهر الثمانية، ودماء الأطفال والنساء في غزة وفلسطين، وجنوب لبنان وكل منطقة لِتقدّم ‏الصورة الحقيقيّة لإسرائيل أمام العالم.‏

إسرائيل قاتلة الأطفال، قاتلة النساء، إسرائيل المستكبرة على المجتمع الدولي، على القرارات الدوليّة، ‏على القوانين الدولية، على القيم الإنسانيّة، على القيم الأخلاقية، على كل ما هو خير وصحيح وحسن في ‏هذا العالم هذه اليوم صورة إسرائيل في العالم. إسرائيل الكاذبة، المنافقة، المُدّعية، القاتلة، المجرمة، ‏المتوحشة، هذه النتيجة السياسيّة، الآن ننقل لأهداف العدو، هذه النتيجة السياسيّة الإعلامية الإستراتيجية ما ‏كانت لتتحقق من خلال العمل الدبلوماسي والسياسي والإعلامي والعلاقات الدوليّة وجهود الفلسطينيين ‏ومعهم كل العرب لو كان العرب موجودين، وكل الدول الإسلامية لو كانت مشاركة ما كانت هذه النتائج ‏التي تحدثت عنها قبل قليل لتتحقق بعشرات السنين ولن أقول بمئات السنين، ولكن تحققت بفعل المقاومة ‏والصمود والتضحيات والفداء، هذا أحد أوجه انتصار الدم على السيف، انتصار الدم الفلسطيني على السيف ‏الصهيوني والأمريكي، وبالتالي الأحداث في غزة واستمرار الصمود والمقاومة في غزة وضعت العالم كله ‏أمام حقيقة، أن هناك أحداث في المنطقة يمكن أن تجر إلى حرب إقليمية، ويمكن أن يكون لها تداعيات ‏على الوضع الدولي والعالمي، إذًا العالم مسؤول أن يجد علاجًا وحلًا لا أن يُدير ظهره كما كان يفعل خلال ‏كل السنوات الماضية.‏

جبهة العدو الإسرائيلي

عجز العدو الإسرائيلي بعد ثمانية أشهر من القتال

نأتي إلى جهة العدو بكلمتين، في الأهداف المعلنة والمضمرة اليوم الشهر الثامن، أنا نصيحتي لكل الذين ‏يتابعون، الشعب اللبناني، الشعب الفلسطيني، شعوب المنطقة، شعوب العالم، إذا أردنا أن نُقيّم النتائج أو ‏الأحداث أو الوقائع ، علينا أولًا أن نذهب إلى الميدان نرى ما يجري في الميدان في الحقيقة في العالم ‏الواقعي، وليس في العالم الافتراضي، وثانيًا ما يقوله العدو حول المعركة معه، ما يقوله رؤساء ووزراء العدو، ‏جنرالاته الحاليون والسابقون، خبراء العدو، معلّقوه، كتّابه، شارعه، ناسه العاديّون هم ماذا يقولون، ‏تصريحاتهم، طوائفهم، مقابلاتهم، مقالاتهم، استطلاعات الرأي، من هنا نأتي ونقيّم بآخر خطاب هناك ناس ‏علّقوا، قالوا السيّد يستشهد بما يقوله العدو، هؤلاء لا يعرفون لا سياسة ولا شعر، ولا أدب عربي، ولا ‏تاريخ، أما من زمان منذ كنّا صغارًا نحفظ هذا الشعر: والفضل ما شهدت به الأعداء، هذا شعر موجود، ‏شاهد العدو ماذا يتكلّم وماذا يقول، وما يُظهر وما يُخفي، هذا أساسي للتقييم.‏

نعم إذا أردنا أن نُقيّم من خلال الاستماع إلى بعض الفضائيات العربية التي تتحدث من اليوم الأول عن ‏انتصار إسرائيل وهزيمة المقاومة ونهاية حماس وبقيّة فصائل المقاومة، إذا أردنا أن نستمع إلى تحليلات ‏الموجسين في المدينة والمثبّطين والمتصهينين من العرب، لا داعي لنعذب أنفسنا بأن لا نقاتل ولا نقاوم ولا ‏نحرر ولا شيء، يجب أن نستسلم ونخضع، لذلك دعكم من هؤلاء كما كنت أقول دائمًا، نأتي للعدو، ‏العدو ماذا يقيّم وماذا يقول. إخواني وأخواتي باعتبار أنا متابع الإعلام الإسرائيلي بشكل تفصيلي، أنا أُزودكم ‏بخلاصة، إجماع في إسرائيل على الفشل، حتى الآن في الشهر الثامن لا أحد يتكلّم عن انتصار إسرائيلي، ‏نتنياهو يتكلم أننا على خطوة واحدة من النصر المطلق فيسخر منه الإسرائيليون حتى الحلفاء الذين معه، ‏أين هو النصر المطلق الذي تتحدث عنه، دعنا نشاهده، إجماع لدى العدو عن الفشل.‏

 عندما يتحدثون عن الأهداف كلهم، وهذا صار كلامًا محفوظًا ومكرراً ويقولون لك أنت وضعت 3 أهداف، ‏اليوم قلتم القضاء على حماس والمقاومة الفلسطينية موجودين ويقاتلون وما زالوا في الشهر الثامن ‏وينفذون عمليات نوعيّة ويصوّرونها وينزلونها في وسائل الإعلام، أنتم تقولون أو قلتم بأنكم تريدون من ‏خلال عمل عسكري والحرب أن تستعيدوا الأسرى، وهذه 8 أشهر ما زال العدد الأكبر من الأسرى في يد ‏المقاومة الفلسطينية، الإسرائيليون يتحدثون هكذا ولست أنا من يقول، أنتم قلتم الهدف الثالث هو أن ‏نُنهي التهديد الذي يشكّله قطاع غزة، أنت تقول خلصت وما زال لديك رفح وبعدها تخرج الصواريخ ‏وتنزل على غلاف غزة، وتنزل على بئر السبع، وتنزل على عسقلان أمس، إذاً لم ينتهي هذا التهديد ولم ‏يطلق سراح الأسرى ولم يتم القضاء على حماس في الشهر الثامن. هذه أهداف العدو المُعلنة في الحد ‏الأدنى والمضمرة في موضوع تهجير الفلسطينيين الذي لم يتحقق أيضاً بفعل تمسّك الفلسطينيين بأرضهم ‏وثباتهم وصمودهم، اليوم المسألة لا تقتصر فقط على الفشل في تحقيق الأهداف، إذًا المقاومة بالجزء الأول ‏قُلنا أن أحد أهدافها كان إحياء القضية الفلسطينية وتحدثنا عن الموضوع، وعندما أتينا للعدو قُلنا نجد أن لا هدف من ‏أهدافه قد تحقق، المسألة ليست فقط عدم تحقيق أي هدف من أهداف العدو بل المزيد من الخسائر ‏الإستراتيجية التي تحدثنا عن بعضها في مناسبات أخرى، تصوّروا إسرائيل هذه التي تُقدّم نفسها أقوى ‏دولة في المنطقة وأقوى جيش في المنطقة وأقوى سلاح جو في المنطقة، ويدعمها ويساندها أقوى دولة في العالم لا يوجد نقاش أن أمريكا أقوى دولة في العالم، وترسل لها مئات الطائرات المحملة بالصواريخ والقنابل وعشرات السفن والجسر المفتوح والخبرات والتكنولوجيا والأقمار الصناعية وأجهزة المخابرات، بل تتدخل لتدافع عنها في البحر الأحمر في مواجهة الإخوة في اليمن، في العراق في مواجهة الإخوة في العراق، وأيضا في مواجهة الصواريخ والمسيرات الإيرانية في عملية الوعد الصادق قبل أسابيع، كل ما تستطيع أن تفعله أمريكا تقوم به، اليوم إسرائيل التي تقدم نفسها أقوى دولة في المنطقة وتدعمها أقوى دولة في العالم في إزاء ومقابل من؟؟ غزة، قطاع غزة ربما مساحته 370 كيلومتر مربع، أكثر أو أقل قليلاً، فقط مليوني نسمة شعب صامد محاصر من عشرين سنة وحركات مقاومة تملك إمكانيات عسكرية متواضعة نسبة للجيوش النظامية بل نسبة لبقية حركات المقاومة في المنطقة لأنها في حالة حصار، ومع ذلك إسرائيل هذه ثمانية أشهر تعجز عن تحقيق أياً من أهدافها، ما هي النتيجة؟ هنا ليس فقط فشل،هذا معناه هذه الدولة هي دولة عاجزة هي دولة فاشلة، هي دولة غير جديرة بالثقة، لا حكومتها ولا قيادتها ولا جيشها ولا أجهزتها الأمنية، هذا أين تأثيره الاستراتيجي؟ هنا يجب أن نقرأه عند شعب هذا الكيان الذي جيء به من كل أنحاء العالم بوعد اللبن والعسل والأمن، هنا عندما تأتي استطلاعات الرأي تظهر النتيجة، الناس الذين يقولون لك ما هي نتيجة هذا القتال لمدة 8 أشهر في غزة ومحور المقاومة؟ هو يرى التضحيات والخسائر التي سوف أعود إليها بعد قليل، من أهم النتائج عليك أن ترجع وترى أن هذا الكيان بعد 8 أشهر هو لا يسلم بأن هناك نصر ولا توجد صورة نصر، في استطلاعات الرأي 70 بالمئة من الإسرائيليين يطالبون باستقالة رئيس الأركان غير مسؤوليته عن السابع من تشرين التي يعترف بها، لو هذه السبعة ثمانية أشهر عنده إنجازات حقيقية لما طالبوا باستقالته الآن ولكانوا يقولون له اكمل ولاحقا نتحدث، لكن رئيس الأركان هو قائد الجيش، يعني قائد الجيش الفاشل والعاجز، عندما تتحدث باستطلاعات الرأي عن الثقة بالجيش الإسرائيلي، الثقة بالحكومة الإسرائيلية، الثقة بالدولة كدولة، انظروا إلى الأرقام .

هزيمة إسرائيل واقع جديد ومستقبل غامض

من أهم النتائج أن هناك 30 في المئة اليوم بالحد الأدنى يقولون هذه دولة لا يمكن العيش فيها، هذا ما كان يجري لولا طوفان الأقصى ولولا الحرب في غزة ثمانية أشهر ولولا جبهات المساندة، رقم غير عادي 30 في المئة من شعب يصل إلى قناعة أن هذه دولة لا يمكن أن نعيش فيها، خلص هذا الموضوع انتهى.

استطلاعات الرأي عن الذين خرجوا من فلسطين، هناك ناس يتحدثون عن 80 في المئة وهناك ناس يقولون 40 في المئة لا يريدون العودة، هذه هي الهجرة المعاكسة، اليوم الإنجاز الحقيقي في المشهد القائم أن هذه إسرائيل التي تقف خلفها أمريكا لا نريد الحديث أكثر من ذلك، يعني في ظهرها أوروبا والغرب والوضع العربي الذي ترونه ووضع المنطقة الذي ترونه، بالرغم من غربة الفلسطينيين ومظلومية الفلسطينيين هذا الإنجاز يتحقق ويتعمق ويزداد يوماً بعد يوم ويزداد يوماً بعد يوم، الدولة العاجزة عن استرداد أسراها بعد ثمانية أشهر، الدولة العاجزة عن تحقيق نصر حاسم في قطاع غزة المحاصر منذ عشرين عاماً، الدولة العاجزة عن إعادة مستوطني غلاف غزة إلى غلاف غزة، الدولة العاجزة عن إعادة مستوطني شمال فلسطين إلى شمال فلسطين، الدولة العاجزة عن تأمين سفنها في البحر الأحمر وفي بحر العرب والآن في المحيط الهندي، وبناءً على وعد قائد أنصار الله العزيز والحبيب السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ستكون أيضاً عاجزة عن حماية سفنها في المرحلة الجديدة من التصعيد في البحر الأبيض المتوسط، الدولة العاجزة عن حماية كيانها أمام صواريخ ومسيرات آتية من آلاف الكيلومترات وتحتاج إلى استنفار أمريكي، فرنسي، بريطاني، عربي، ومع ذلك تفشل في نهاية المطاف، هذه القيادة هذا الجيش هذا الكيان كل يوم يُثبت أمام شعبه وأمام شعوب المنطقة يثبت عجزه وفشله، كل ما حاولوا أحد الأهداف المضمرة في الحرب على غزة وفيما يجري في المنطقة وإن كان أعلنها فيما بعد الإسرائيليون استعادة صورة الردع، ردع الفلسطينيين عن مواصلة القتال، ردع اللبنانيين عن مواصلة القتال، ردع اليمنيين، ردع العراقيين، ردع إيران، ردع سوريا، بعد ثمانية أشهر أين أصبحت صورة الردع الإسرائيلية المتآكلة؟ أيضاً أحيلكم على الجنرالات والخبراء والرؤساء والقادة الإسرائيليين ماذا يقولون في هذا المجال؟عندما نصبح أمام دولة فاشلة ودولة عاجزة، ودولة لم تتمكن من ترميم صورة الردع بل تراجعت الصورة اكثر، خصوصا بعد عملية الوعد الصادق من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران واستمرار الجبهات المفتوحة في غزة، في الضفة، في لبنان، في اليمن، من العراق، هذه دولة بلا ردع وبلا جيش ناجح وبلا قيادة ناجحة ما هو مستقبل هذه الدولة؟ ولذلك اليوم ترتفع الأصوات في كيان العدو لتتحدث عن مأزق، مأزق إسرائيل في المنطقة ومأزق إسرائيل في غزة، كبار جنرالات ورؤساء أركان سابقون، نواب رؤساء أركان، رؤساء شعب عمليات، معلومات، رؤساء وزارة، رؤساء حكومات، وزراء حرب، وزراء خارجية يقولون نحن في مأزق، هذا المأزق أمس وزير خارجية أمريكا بلينكن عبّر عنه بوضوح وصراحة أن إسرائيل في مأزق إذا أكملت ستواجه تمرد وإذا انسحبت تكون قد خسرت الحرب ولن تحقق أهدافها، كبار الجنرالات والمسؤولين الإسرائيليين ماذا يقولون؟ يقولون إن نتنياهو من خلال إصراره على مواصلة الحرب يجرنا إلى الهاوية، هذا صحيح، اليوم يُقال في إسرائيل ما قاله سماحة الإمام الخامنئي بعد أسابيع قليلة من الحرب في غزة، عندما قال: لقد علق الإسرائيليون في غزة فهم لا يستطيعون الانسحاب ولا يستطيعون البقاء، اليوم الإسرائيليون يقولون ذلك إذا بقينا هذا الاستنزاف اليومي والقتل اليومي والعمليات اليومية وأيضا جبهات الإسناد مفتوحة ومستمرة ولم يتمكنوا من إيقافها، وتأثيرات هذا على معنويات الجيش والعائلات والشعب الإسرائيلي والأمن الإسرائيلي والاقتصاد الإسرائيلي، يعني معركة استئناف، يعني ذهاب إلى الهاوية، وإذا خرجنا من غزة من دون أسرى ومن دون القضاء على المقاومة الفلسطينية، ومن دون القضاء على إمكانيات وسلاح المقاومة، نحن نعترف بفشلنا وهزيمتنا في أكبر معركة مع الفلسطينيين منذ 1948، هذا الذي يجري اليوم أيها الإخوة والأخوات إذا راجعنا التاريخ هي أكبر معركة يخوضها الشعب الفلسطيني مع العدو الإسرائيلي وتخوضها إسرائيل مع الشعب الفلسطيني، حرب حقيقية معركة حقيقية، هو طالع مهزوم هذا ما الذي ستكون نتيجته على الكيان؟ انه غداً الفلسطيني سيفرض شروطه، الفلسطيني بات لديه جرأة اكبر ولديه ثقة اكبر ولديه حضور اكبر على المستوى الميداني والإقليمي والدولي، هذا بالنسبة لإسرائيل كارثة حقيقية لذلك هو عالق بالمأزق، تصوروا مثلاً واحدة من سجالات الإسرائيليين اليوم وأمس بشكل صريح رئيس أركان الجيش يقول أنتم الحكومة لأنه ليس لديكم تصور سياسي لليوم التالي نحن مجبرين بإعادة الدخول إلى جباليا وحي الزيتون وهذا منهك للجيش، اليوم نتنياهو يتحدث عن الأثمان الباهظة التي تُدفع، تصوروا قيادة دولة ليس لديها تصور واضح عن اليوم التالي لماذا ليس لديهم تصور واضح عن اليوم التالي؟ ليس انه ليس لديهم تصور واضح بل لأن لديهم مأزق، ما الذي سيفعله في اليوم التالي، يطلع مع نتنياهو أن يأتي بدول عربية تدير قطاع غزة وتعمر غزة وتحميه من غزة، هذه الدول العربية حتى اشد المطبعين معه اعترض على هذا الطلب وعلى هذا الموقف، حتى اشد المطبعين معه، ما الذي سيقوم به؟ يقولون له البديل أن نأتي بالسلطة الفلسطينية من رام الله فيقول لهم: لا أبداً هذا غير قابل للنقاش، بقاء حماس أبداً هذا غير قابل للنقاش، ما الذي تريده يا حبيبي؟ هو لا يعرف ماذا يريد، هو كان لديه أمل وحيد، أن يركب سلطة مدنية فلسطينية من عشائر ومن عائلات أو من بعض قوى سياسية صغيرة غير معادية بتعبيرهم، هؤلاء لم يجدهم في غزة، وبالتالي هو عنده طريق مسدود، طريق مسدود، هو يواصل القتال لأنه يبحث عن صورة نصر هذه النقطة الأخيرة بمشهد غزة، والإصرار على موضوع رفح رغم أنه يبدو في الظاهر أن هذا يؤدي لمشكل مع الأمريكان في مكان ما بمعزل أن هذا حقيقي أم مسرحية يُحكى فيه، لماذا انت مُصر على رفح؟ تريدون دليل على أن نتنياهو يعترف بالهزيمة وأنه لم يحقق نصراً هو لديه أكثر من تصريح ماذا يقول؟ هو يقول: «إن من يمنعنا عن الدخول إلى رفح يريدنا أن نكون مهزومين في هذه الحرب» يعني ماذا؟ يعني أنه حتى الآن هو مهزوم، وكي يخرج من صورة الهزيمة فهو يحتاج الذهاب إلى رفح، هو يبحث عن صورة نصر وليس عن نصر حقيقي، لأنه كما قلنا سابقا حتى لو دخل إلى رفح خير إن شاء الله، هل هذا يعني أن المقاومة انتهت في غزة؟ هل هذا يعني أن السلاح أُلقي في غزة؟ هل يعني أن شعب غزة تخلى عن خيار المقاومة؟ هل هذا يعني أن الأسرى الصهاينة سيتم إطلاق سراحهم بلا قيد وبلا شرط؟ ليس على الإطلاق، إذا ما هو النصر المطلق الذي سيتحقق لو دخل إلى رفح، هذا تعبير عن الوهن الإسرائيلي، الوهن السياسي، الوهن العسكري، نعم هناك تضحيات جسام، لكن هذا في هدف المقاومة، هذا في هدف العدو.

نعم هناك تضحيات جسام، عشرات ألاف الشهداء، عشرات آلاف الجرحى، مئات آلاف الوحدات السكنية، انظروا في عالمنا العربي للأسف بدل من أن يتحول أعداد الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة والمآسي في غزة، بدل من أن تتحول إلى وسيلة لإدانة العدو ولفضح العدو ولتحميل إسرائيل مسؤولية المجازر والكوارث والجرائم والإبادة، يُحولها البعض من المتصهينين العرب إلى وسيلة للتثبيط ولإحباط العزائم ولتحميل المقاومة في فلسطين مسؤولية هذه الكوارث الإنسانية، وهذا طبعا قمة التضليل والتزوير والخيانة في الحقيقة، قمة التزوير والتضليل والخيانة هو ما يفعله بعض هؤلاء المتصهينين العرب وبعض الفضائيات العربية، هذه التضحيات يفرضها وحشية العدو، جرأة العدو، سكوت العالم عن العدو، سكوت المجتمع الدولي عن العدو، ولا تتحمل مسؤوليتها المقاومة التي تدافع عن شعبها ومقدساتها وقضيتها وحاضره ومستقبله.

النفاق الأمريكي بين دعم الاحتلال وقمع الأصوات الحرة

أَختم هذا المشهد كله بكلمتين عن الأمريكان فقط للتذكير بأن المسرحيات التي نشاهدها هذه الأيام لا يجوز أن تخدع أحداً، الأمريكان موقفهم التزامهم مع إسرائيل، أمن إسرائيل، قوة إسرائيل،القول بأنه الآن هناك شحنة سلاح يوقفها الأمريكي عن الإسرائيلي، فإنه في الحقيقة يقوم بوقفها عنه لِعدة أيام، وغدا يعود ويرسل إليه غيرها، الإسرائيليون يقولون لا تقلقوا يعود ويرسلها، هذا الخداع هذا النفاق الأمريكي يجب أن ننتبه له دائما وإن لا نؤخذ ببعض الخلافات التكتيكية أو المواقف التي يبدو فيها سجال بين المسؤولين الأمريكان والمسؤولين الإسرائيليين، وحول ما حصل في الأيام القليلة الماضية نجد أنه كانت هناك وساطة مصرية قطرية وقُدمت ورقة والأمريكان وافقوا عليها ومفترض كان أن الإسرائيلي يوافق وخرج بلينكن ليقول وبقي أسبوع يدور في المنطقة ويقول: الكرة في ملعب حماس، قُدم لحماس عرض سخي لنرى ما هو موقفها، بايدن تحدث بنفس الكلام، لم يبقى مسؤول أمريكي إلا تحدث بنفس الكلام، فاجأتهم حماس بالنيابة عن الفصائل المقاومة الفلسطينية أنها قبلت بالورقة المصرية القطرية ففاجأتهم وأكيد تفاجأوا ومن تفاجأ هو نتنياهو أكثر شخص، أنا في جلسة كنت أقول للإخوان على سبيل المزاح: نتنياهو يكون الآن جالس يصلي ويدعي وشاهدتموه مجددا عاد وحط القلنسوة ويصلي، عاد نتنياهو ليصلي ويدعي ويدفع صدقة ونذورات حتى لا تقبل حماس، فقبلت علق، لا يستطيع السير بالاتفاق لأن الاتفاق الذي وافقت عليه حماس في نهاية المطاف هو هزيمة لإسرائيل وسقوط لنتنياهو وبن غفير وسموتريتش.. الخ، فأعلن نتنياهو رفضه، الأمريكان بلعوا ألسنتهم، سكتوا على الآخر وبدلوا موقفهم، يا ترى أخواني وأخواتي لو أن حماس رفضت الورقة المصرية القطرية ما الذي كان جرى بالدنيا؟ كان أمريكا وأوروبا والغرب والمجتمع الدولي حمل حماس مسؤولية كلما يجري في المنطقة ولكنه لم يُحمل نتنياهو وحكومة نتنياهو شيئا لأنه رفض الورقة التي وافقوا عليهم هم وهم أيدوها.

في الأمم المتحدة، في مجلس الأمن الفيتو الأمريكي في مواجهة دولة فلسطين بالوقت الذي يقول لك حل الدولتين، في الأمم المتحدة الرفض الأمريكي، الدول في العالم التي تُعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية تُهددها الإدارة الأمريكية، المحكمة الجنائية الدولية التي قيل بأنها قد تصدر قرار اعتقال بحق نتنياهو وعدد من قادة العدو تُهددها أمريكا بأنها ستفرض على قضاتها ومسؤوليها عقوبات، هذه أمريكا، ما الذي تغير في الموقف الأمريكي، الطلاب أمريكا التي تتحدث عن حرية التعبير وحرية الرأي والتعددية والديمقراطية، طلاب جامعيين ماذا فعلوا؟ لا حرقوا ولا كسروا ولا قتلوا ولا دمروا ولا اعتدوا ولا شيئ، اعتصموا تظاهروا رفعوا فقط علم فلسطين وتحدثوا عن فلسطين ،حتى لم يقولوا أننا نؤيد حماس أو الجهاد أو.. أو..، بل تحدثوا عن فلسطين والشعب الفلسطيني وأطفال فلسطين ونساء فلسطين، وكل الذي طالبوا به هو وقف الحرب فقط، كل العالم رأى الشرطة الأمريكية كيف تصرفت مع طلاب الجامعات وما الذي قاله بايدن وماذا قال ترامب وماذا قال رئيس مجلس النواب الأمريكي وما الذي قاله الحزب الجمهوري وماذا قال كثيرون، وكيف طالبوا بالتصرف مع الطلاب وكيف عاقبوا الطلاب، ناس منعوهم من الشهادات، ناس حجبوا عنهم المنح، ناس.. ناس.. سيأخذونهم إلى عقوبات بسبب ذنبهم هذا، هذا من فوائد ما يجري، إذا ما زال هناك أحد في عالمنا العربي وفي عالمنا الإسلامي يصدّق كذبة الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وأمريكا رائدة الدعوة إلى الحرية ‏والديمقراطية، هذا كله كلام فارغ. جاء طوفان الأقصى، جاءت دماء أطفال غزة ونساء غزة لتفضح كلّ هذه ‏الأكاذيب والأضاليل والخداع. ‏

في نهاية المطاف أيّها الأخوة والأخوات، الآن الإسرائيلي بقي بوجهه وأمامه ويتحدّث أنّه سيأخذ رفح، ‏والأمريكي «لأ وبأ» ولا تدخلوا بعملية كبيرة بل بعملية قضم، بمعزل عمّا سيحصل، لو فرضنا أخذ رفح، ‏ولاحقًا ماذا؟ الآن عاد إلى جباليا، نتنياهو قال أنّ حماس عندها 24 كتيبة وقضى على 20 وبقي 4 في رفح، ‏هؤلاء الذين يقاتلون في جباليا وحي الزيتون وفي وسط القطاع، هؤلاء من أين؟ هؤلاء جاءوا من الخارج؟ ‏هذا دليل أنّه كلّ الذي يقوله هو مُجرّد أكاذيب ليصنع انتصارًا وهميًا.

الاحتلال بين خيارَي الهزيمة والاستنزاف

نحن بتقديرنا العدو عنده خيارين لا ثالث لهما، أي يا صبي يا بنت، إما أن يُكمل أو يتوقف أليس كذلك؟ ‏ليس هناك خيار ثالث، إذا توّقف ليس عنده خيار سوى العودة إلى الورقة التي وافقت عليها حماس بالنيابة ‏عن الفصائل، وهذا هزيمة للعدو، هزيمة بكل ما للكملة من معنى، ونتحدّث عنها لاحقًا الآن ليس هنالك ‏وقت كافٍ، وإن أكمل فهو يُكمل في حرب استنزاف تأكله على المستوى البشري والأمني والاقتصادي ‏والروحي والمعنوي والنفسي، وهو يفرض حربًا ستطول عليه أيضًا، ومهما أخفى من خسائر، بالأمس ‏وعلى ذمّة وسائل الإعلام، أمس تنشر صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية (الصحيفة المشهورة) بالصفحة ‏الأولى كل الصفحة سوداء وتكتب فيها أسماء وليس أرقام، أي هي لا تقول 1500 جندي إسرائيلي ‏قُتل من 7 تشرين إلى اليوم، بل أسماء 1500 جندي وضابط إسرائيلي، في وقت أنّ حكومة العدو حتى ‏الآن لا تعترف بـ 700 قتيل، أي أقل من النصف، أي أن العدد الحقيقي بالحد الأدنى بحسب يديعوت أحرونوت ‏مُضاعف، قد تُخفي يوم واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة، نحن نُشيّع شهداءنا على التلفاز وهم يدفنوهم بالسر، ‏فلتأتوا بجنازاتهم عبر وسائل الإعلام؟ حتى الـ 700 أين جنازاتهم؟ فلتأتوا بـ 700 جنازة في الكيان، لا ‏يوجد.

إذًا الاستنزاف البشري سيستمر، الاستنزاف الأمني، المعنوي، النفسي، الاقتصادي، وكما قال له أصدقاؤه ‏وخصومه، إصرارك على هذه الحرب يأخذ إسرائيل إلى الهاوية، إلى الكارثة. وفي كلّ الأحوال، سواءً ‏أوقف الحرب المقاومة ستنتصر، أو أخذ بالكيان إلى الهاوية فهذا يعني هو النصر التاريخي للمقاومة. ولذلك ‏مهما كانت التضحيات اليوم، مهما كانت المعاناة اليوم، الشهداء، الجرحى، هذه المعركة معركة حقيقية جدّية ‏تاريخية في غزة، في الضفة، في المحور كلّه، تصنع مُستقبل حقيقي وإنجاز حقيقي وتاريخ حقيقي.

جبهة الإسناد اللبنانية

فيما يتعلّق بجبهة الإسناد اللبنانية، أتحدّث عنها أكثر في 25 أيار إن شاء الله، لكن هذه الجبهة مستمرة في ‏الإسناد تُطوّر عملياتها كمًّا ونوعًا بما يتناسب مع الظروف والتطورات القائمة، تفرض مُعادلات، تفرض ‏مُعادلات في الميدان، أيضاً أتحدث عنها لاحقًا، الإسرائيلي بدأ بالحديث عنها، الربط بين جبهة الإسناد ‏اللبنانية وغزة هذا أمر قاطع ونهائي وحاسم، الذي أحب أن أقوله لكم اليوم أنّ الأميركي سلّم بهذه الحقيقة، ‏والفرنسي الذي عنده مبادرة أيضاً سلّم بهذه الحقيقة، والعالم كلّه سلّم بهذه الحقيقة، وجزء كبير من ‏الإسرائيليين سلّموا بهذه الحقيقة، ولذلك الأميركي أبلغ نتنياهو وحكومة العدو لا يوجد حل في جبهة الشمال ‏أي مع لبنان قبل وقف الحرب في غزة، والآن أصوات كثيرة داخل الكيان تقول لحكومة العدو لا يوجد حل ‏في الشمال بدون وقف الحرب في غزة، وأيضًا قلنا ونقول للمستوطنين (جماعة الشمال) المستعجلين أن ‏يعودوا قبل 1 أيلول، وتاريخ 1 أيلول تاريخ مهم لأنه يعني التسجيل بالمدارس وبداية العام الدراسي، إذا ‏استمر الوضع القائم في الشمال يعني عشرات الآلاف المهجرين من الشمال سيظلّون مُهجّرين، وحتى لو ‏توقّفت الحرب لديهم مشكلة أنهم سيبقون في أماكن التهجير بسبب العام الدراسي، وعلى قصة أول أيلول ‏هناك مشكل بين نتنياهو وبين غانتس وآخرين، نقول لهم: الحل إذا كنتم تريدون معالجة الوضع اذهبوا إلى ‏حكومتكم وقولوا لها أوقفوا الحرب على غزة، جبهة لبنان هدفها الأول والحقيقي هو المساهمة في الضغط ‏على العدو لوقف الحرب على غزة، ولذلك هذا الارتباط قائم بين الجبهتين، لن يستطيع أن يفُكّه أحد، كلّ ‏الضغوط الداخلية التي حصلت عندنا في الداخل اللبناني لم تعطِ نتيجة، كلّ الضغوط الخارجية لم تعطِ ‏نتيجة، كلّ التهويل لم يعطِ نتيجة، كلّ مواعيد الحرب الشاملة على لبنان التي روّج لها الصهاينة وبعض ‏اللبنانيين أيضاً لم تُؤتَ ثمارها ولن تُؤتي ثمارها. ‏

أيضًا يجب أن نقول شيء عن هذا وزير الحرب الإسرائيلي، يعني هناك واحد اسمه وزير دفاع يفهم ‏وبرأسه عقل يقول – هذا الكلام قبل شهر – يقول نحن قضينا على نصف مقاتلي حزب الله، والنصف الثاني ‏مختبئ، كنت أقول عنه «مسطّل» الآن أقول عنه هذا «مستهبل ومكتّر كمان»، نصف مقاتلي حزب الله ‏قتلناهم وقضينا عليهم والنصف الثاني مختبئ. هل الجبهة في الشمال في الجنوب اللبناني تقول ذلك يا ‏غالانت؟، على كلٍّ، جبهتنا تفرض حالة الردع، تفرض المعادلات، عنصر قوة حقيقي، وبالاختصار أيضاً كما قلت ‏عن غزة، اقرأوا ماذا يقول العدو؟ قادة العدو، وزراء العدو، جنرالات العدو، سكان الشمال، عن جبهة ‏الشمال، شمال فلسطين محتلة، شو بدكم بالمتصهينين العرب ماذا يقولون. ‏

النازحون السوريون في لبنان بين الإجماع الوطني والضغوط الخارجية

العنوان الأخير الذي وعدنا أننا سنتحدث به موضوع النازحين السوريين في لبنان الذي اليوم تحوّل إلى ‏قضية أولى، قضية وطنية أولى على المستوى الوطني. ‏

أولًا: اللبنانيون مجمعون على أن هذه مشكلة، الحمد لله ربّ العالمين أنّ هناك إجماع، وجدنا قضية يحصل ‏عليها إجماع لبناني، هذه نعمة، فهناك إجماع لبناني أنّ هذه مشكلة وهي مشكلة وطنية وأنها يجب أن تُعالج، ‏لأنّ هذا جديد، قبل سنة واثنين وثلاثة هناك قوى سياسية في لبنان لم تكن موافقة على معالجة هذه القضية، ‏كانوا معتبرين أنّ ملف النازحين هذا ملف جزء من المعركة السياسية التي تخوضها أميركا وأوروبا ضدّ ‏الرئيس ونظام الرئيس بشار الأسد وهم أيضاً جزء من هذه المعركة، هذه القوى السياسية، الآن انقلب ‏السحر على الساحر، يعني قصة لا يعود النازحين إلا على دمنا وعلى جثثنا هذه انتهت، فالحمد لله. ‏

أنا لا أُريد أن أفتح ملفات قديمة ولكن أنا أقول وضعنا الحالي أنّ هناك إجماع أنّه نعم هذا الملف يجب أن ‏يُعالج، أيضاً هذا ممتاز، هذا الإجماع الثاني. ‏

حسنًا، كيف نُعالج؟ الآن نحن ما نقوله هو التالي، انظروا، نستطيع اليوم وغدًا والآن أن أتحدث ثلاث أو ‏أربع ساعات، قلنا وقلتم وقدّمنا وقدّمتم وفعلنا وفعلتم ونحمّل مسؤوليات ونُسجّل نقاط ونفتح دفتر حساب هذا ‏لا يُقدّم ولا يؤخر شيئًا، يجب الاستفادة من هذه الفرصة الإجماع الوطني اللبناني حول هذه القضية للذهاب ‏جدّيًا لمعالجتها. اجتماع مجلس النواب الذي دعا له دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري يوم الأربعاء هو فرصة، ‏أنّ السادة النواب يُقدّمون أطروحات واقتراحات عملية، وإن شاء الله لا تتحول الجلسة إلى جلسة مكايدات ‏ومناكدات وتسجيل نقاط ومزايدات وإلى آخره، طالما هناك إجماع على هذا الموضوع ولسنا مختلفين عليه ‏فلنبحث عن الحل. ‏

أولًا: يجب أن يكون هناك تشخيص صحيح للمشكلة، يعني لما يكون هناك مرض يأتي الطبيب ويقول ما هو ‏هذا المرض، يعني إذا المشكلة بالكلوة لا يذهب على الكبد أو على المعدة أو على القلب، فلنُشخّص المشكل ‏أين؟ المرض أين؟ السبب أين؟ كُلنا يعرف أيها الأخوة والأخوات أنّ الذي يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى ‏هي أميركا وأوروبا وما يسمونه المجتمع الدولي، أنا أتذكر قبل سنوات أنا ذهبت إلى الشام ونسّقت مباشرة ‏مع الرئيس بشار الأسد في موضوع عودة النازحين إلى منطقة القصير باعتبار أنّه نحن كُنا في القصير ‏وكان يُقال أنّنا نتحمّل مسؤولية، وشكّلنا ملف للنازحين ونحن صرنا نتصل بكل العائلات النازحين في لبنان ‏الذين هم من سكان منطقة القصير، مدنها وقراها، تعلمون ما كانت النتيجة؟ نحن نشجعهم على العودة ونقول ‏لهم نحن عندنا ضمانات ونحن معكم وإلى جانبكم وهناك التزام من الدولة السورية، الذي كان يمنعهم من ‏ذلك هي الجمعيات اللبنانية المُموّلة من الأوروبيين والجمعيات الأوروبية والمفوضية الأوروبية، فزادوا لهم ‏الدعم المالي وزادوا لهم التقديمات حتى لا يعودوا، نحن اعتبرنا إذا عاد عشرات الآلاف إلى منطقة ‏القصير هذه بداية جيّدة. ‏

إذًا المشكل ليس في سورية، أنّه والله الدولة في سوريا لا تريد النازحين أن يعودوا، لا لا ليس هناك مشكلة ‏هناك، نحن هذا الموضوع راجعنا فيه طويلًا، المشكل أنّ هناك من لا يريد للنازحين السوريين أن يرجعوا ‏إلى سوريا، من هو هذا الذي لا يريد؟ من هو هذا الذي لا يريد؟ لبنانيًا بصراحة كانت قوى 14 آذار، الآن ‏عدّلوا موقفهم ممتاز، يعني أصبح يمكننا أن نقول أنّ القوى السياسية في لبنان كلها تريد عودة النازحين إلى ‏سوريا باستثناء بعض المستفيدين ماليًا، جماعة الـ ‏NGOS‏ وجماعة التمويل الأوروبي، لكن بالموقف ‏السياسي هناك إجماع، العقبة أين؟ عند الأمريكان والأوروبيين، بدل أن نجلس ونجلد بعضنا ونصرخ على ‏بعضنا وبدل ما وفد يذهب لوحده ووفد آخر يذهب لوحده، فلتتشكل مجموعة، الآن مجلس النواب يستطيع ‏أن يعمل توصية يطلب من قوى سياسية، يطلب من الحكومة، وفد يذهب إلى أميركا وأوروبا، إلى الدول ‏التي تمنع لبنان من إعادة النازحين إلى سوريا، أولاً يقنعوهم، والحمد لله أمس سمعنا يوم الأحد سمعنا ‏صوت باتجاه تحميل أميركا وأوروبا مسؤولية، يعني بعد سنوات طويلة، وهذا يجب أن يتأكّد، هذا يجب أن ‏يتكرّر، هذا أولًا. ‏

ثانيًا: لا مناص من التواصل مع الحكومة السورية، يا أخي تريد أن ترد مليون ومليونين على سوريا ولا ‏تريد أن تتحدّث مع الحكومة السورية، أيضاً الحمد لله هذا عُولج، يعني القوى السياسية التي كانت ترفض ‏قبل أشهر وليس قبل سنوات، قبل أشهر، أيّ تواصل رسمي بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية الآن ‏موافقين، المفترض أن يكونوا موافقين، هذه أيضاً خطوة جيدة وتفتح الأبواب.‏

ثالثًا: نعم هناك ظروف صعبة، فلنكن موضوعيين وواقعيين، هناك كثير من النازحين الموجودين في لبنان ‏يمكن إذا تقول له الآن ارجع على سوريا لا يرجع، تقول له أعطيك ضمانات أمنية ويا أخي لا يوجد خطر ‏ولا يوجد مشكلة يُفضل البقاء، لماذا؟ لأنّ هنا عنده مساعدات وعنده بطاقة صحية وعنده تعليم وعنده فرص ‏عمل، إلى ما شاء الله فرص عمل وعنده دولار ويرسل دولار إلى أين؟ لعند أقاربه في سوريا، فما الحافز؟ ‏لماذا يرجع؟ وقاعد بالبلد وخير إن شاء الله وأمن وأمان. المشكل عندما يُقال أنّه يجب مساعدة سوريا لتأمين ‏وتهيئة الظروف لعودة النازحين، هذا كلام ليس للاحتجاج فقط، هذا كلام واقعي ومنطقي، وأنا أقول لكم ‏الآن إذا يعطونها مليارات لسوريا يكون جيدًا، ولكن في الحد الأدنى رفع العقوبات عن سوريا، يعني مجلس ‏النواب اللبناني إذا حقًا يريد أن يعود النازحين على سوريا إحدى الخطوات الأساسية مطالبة الولايات ‏المتحدة الأمريكية بإلغاء قانون قيصر، مطالبة الدول الأوروبية بإلغاء العقوبات على سوريا، سوريا أيها ‏الإخوة والأخوات هي تحتاج إلى مساعدات ولكنها بلا مساعدات إذا ألغيت العقوبات عنها لديها من الثروة ‏البشرية من العقول من الخبراء وأيضاً من الإمكانيات المادية ما تستطيع أن تتعافى به خلال سنوات، مما يفتح الأبواب لعودة النازحين إليها، أما كل ما ستفعله وتقوله: إذا قانون قيصر والعقوبات لم ترفع عن النظام لن تستطيعوا عودة النازحين إليها، هذا واقعي جدا وحقيقي جدا، هو بحاجة إلى مياه وكهرباء وفرصة عمل ولقمة عيش ويريد ويريد ويريد، ولذلك يجب أن يقال ساعدوا النازحين السوريين داخل سورية، ما تعطوه للنازحين داخل لبنان أعطوه إياه في سورية، أمن وأمان موجود، حسنا يوجد وسائل الضغط، المظاهرات لا بأس فيها تعبر عن رأي والكلام والخطابات والمواقف والقرارات كله جيد، لكن نحن في الماضي اقترحنا أو أيدنا فكرة أعود وأؤكد عليها، كم نازح سوري استطاعوا أن يصلوا إلى قبرص، فقامت قائمة قبرص وأوروبا، وجاء الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية إلى لبنان، واقترحوا أن يقدموا حلولا ويقدموا مساعدات وما شاكل، الحل بالضغط وهذا إذا حصل عليه إجماع لبناني فلنتكل على الله، هناك من يود أن يقول أن هذه الحكومة هي حكومة الثنائي، هذا غير صحيح، نعم للثنائي تأثير في مكان ما، لو كانت هذه الحكومة حكومة الثنائي كُنا أتينا بأطنان الفيول التي تحل مشكلة الكهرباء في لبنان من إيران ولِحلت المشكلة، بالنهاية هذه حكومة ويوجد رئيس حكومة ويوجد ضغوط دولية ويوجد ويوجد ويوجد، معه حق أو لا، معها حق أو لا، هذه وقائع موجودة لا يستطيع أحد أن يتجاهلها، اليوم يجب أن نحصل على إجماع لبناني، موقف رسمي وشعبي لبناني يقول: فلنفتح البحر، عندها فليقل لا رئيس الحكومة، قيادة الجيش تابعة للسلطة السياسية، السلطة السياسية نحن وزرائنا وبقية الوزراء أغلبهم موافقون، هذا بحاجة إلى غطاء وطني فلتتفضلوا واعملوا غطاء وطني، نحن لم نطرح ولا يوم أن نجبر النازحين السوريين على أن يركبوا السفن وان يغادروا إلى قبرص والى أوروبا، ونحن اليوم لا نقول ذلك، نحن نقول أعطوهم هذا الهامش هذه الفرصة، اسمحوا لهم، الآن هم ممنوعين، ولذلك يذهبون تهريب ويصعدون بالقوارب المطاطية ويغرقون في البحر وما شاكل لأن الجيش اللبناني ينفذ قراراً سياسياً بمنع الهجرة، لكن إذا اتخذ قراراً سياسياً وطنياً، تريدون أن تحلوا موضوع النازحين، هذا هو الحل، الباقي ستسمعون خطابات لها أول وليس لها آخر لا تثمن ولا تغني من جوع، لكن أمام قرار وطني يقول: فتحنا البحر، أيها النازحون السوريون أيها الإخوة كل من يريد أن يُغادر إلى قبرص وأوروبا هذا البحر أمامكم فاتخذوه سفنا وأركبوه، كثير من هؤلاء النازحين يرغبون بالهجرة، وكثير منهم في نهاية المطاف سوف يأتي الأوروبيين ويدفعوا ليس فقط مليار يورو بل 10 مليار و20 مليار و 30 مليار، نحن نضمن لرئيس الحكومة أن يضع رجلا على رجل وأن يضع شروط أيضا، فقط افتحوا البحر، ليست بحاجة إلى شيء إلا إلى نعم والى قرار شجاع والى جرأة، لأنه عندما يأخذ هذا القرار سوف تتصل السفيرة الأميركية وسفراء الدول الأوروبية ووزارة الخارجية الأميركية ويمكن البنتاغون ويمكن الـCIA ويهددون ويرعدون ويزبدون، هذا الموضوع حله سهل يحتاج إلى شجاعة وإلى إرادة سياسية فقط، الحل سهل، الحل واضح، سوف يأتون إليك ويسألونك عن الحل، تقول لهم بأننا نريد أن نتساعد نحن والدولة السورية لإعادة النازحين إلى سورية، وان تُقدم لهم المساعدات داخل سورية، كله يصبح قابلا للحل، لا يوجد شيء آخر بيد اللبنانيين،الآن إذا قرر 4 أو 5 مليون لبناني أن يتظاهر خير إن شاء الله، نصرخ، خير إن شاء الله، “نُولول” خير إن شاء الله، هذا ماذا يقدم ويؤخر عند الأوروبيين والأميركيين، الذي يقدم ويؤخر مثلا في الجبهة عندما تكون قويا وحاضرا وتقيم معادلة معينة، ليس مثلا أن تتوسل وتتسول، حسنا بملف النازحين ما الذي يمكننا فعله كلبنان، يقولون لك مثلا الأمن العام، ماذا يفعل الأمن العام؟ هل يستطيع الأمن العام والجيش اللبناني معا أن يحملا مليون ومليونين نازح سوري وان يضعهم على الحدود وأن يزعبهم إلى سورية؟ هذا كلام غير واقعي وغير حقيقي، لا الأمن العام ولا الجيش اللبناني يستطيعان أن يفعلا هذا الشيء، لا تحملوا المؤسسات العسكرية والأمنية ما لا تطيق، ولا الدولة اللبنانية ما لا تقدر عليه، ولا نغفل عن البعد الإنساني بالموضوع، بكل الأحوال نحن برأينا هذا هو الحل، اذهبوا وتكلموا مع سورية وتفاهموا معها، والضغط على الأميركيين والأوروبيين لأنهم هم الذين يمنعون عودة النازحين، الضغط يكون بفتح البحار والشواطئ ليصل النازحون بأمن وأمان، يصعدون السفن مرتبة وحقيقية وليس بقوارب مطاطية تُعرضهم لخطر الموت والغرق، هذا ما يغير الموقف، غير ذلك نحن نستهلك أنفسنا ونشغل أنفسنا بقضية لن نصل فيها إلى نتيجة، السيادة الحقيقة والإرادة الحقيقة هي هنا، وبالتالي إذا الشعب يوما أراد الحياة يجب أن تكون هناك إرادة حياة، ولكن إذا غداً اتصلت السفارات والسفراء وضغطوا وحكوا وهددوا وأرعدوا والعالم تقرر أن تتراجع هذا يعني أننا نضيع الوقت في هذا الملف،

في نهاية المطاف فيما نشهده في منطقتنا الدرس الكبير هو هذا، عندما نكون أسياد أنفسنا وأسياد قرارنا، سياديين حقيقيين ووطنيين حقيقيين، أناس حقيقيين وأحرار حقيقيين، ولسنا عبيداً عند هذا السفير وذلك السفير، عندما نمتلك عناصر القوة السياسية أو الشعبية أو العسكرية أو الميدانية نعم نستطيع أن نفرض شروطنا على العدو وعلى الخصم وعلى العالم لأننا نعيش في عالم لا يفهم إلا منطق القوة.

لِشهيدنا القائد السيد مصطفى بدر الدين ذو الفقار رحمه الله عهدنا ووعدنا بمواصلة الطريق وهذه ثمار دمائه في لبنان في فلسطين في سورية في العراق في اليمن وفي كل محور المقاومة تنضج وتثمر وتحقق الانتصارات تلو الانتصارات.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى