مواضيع

ضرورة وحدة الأمة الإسلامية

إنّ من أمس حاجات الأمّة الإسلامية اليوم هي الوحدة والانسجام، أن نتّحد فيما بيننا، ونوحّد كلمتنا، ونوحّد قلوبنا. إنّ هذا واجب على كلّ من له تأثير في هذا المجتمع الإسلامي العظيم؛ من واجب الحكومات والمثقفين والعلماء ومختلف الناشطين السياسيين والاجتماعيين، في جميع البلدان الإسلاميّة، إيقاظ الأمّة الإسلامية وإعلامها بهذه الحقائق، وتبيين هذا الوضع المرير الذي أوجده أعداء الإسلام، ادعوهم للقيام بواجبهم. إنّ هذا هو واجبنا جميعا.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء! أينما كنتم، وأياً كان مذهبكم، اعلموا أنّ أعداء الإسلام والمسلمين اليوم يركّزون وبكلّ قدرة على خلق الخلافات وبثّ الفرقة. إنّهم يريدون ألّا يدعوا قلوب المسلمين تقترب من بعضها البعض؛ لأنهم يعلمون أنه إذا تضافرت الأيدي، والتقت القلوب، فستفكر الأمة الإسلامية في حلّ مشاكلها الكبيرة. ومنشأ وأصل كثير من هذه المشاكل ومن ضمنها قضية فلسطين، وقضية الكيان الصهيوني المزيّف؛ القوى العالميّة. العدوّ يعلم جيداً أنّنا سوف نحشد ونستخدم جميع قُدرات الأمّة الإسلامية وكل القوى في هذا السبيل وفي طريق مواجهة هذا العدوان الواضح؛ لذلك، لا يسمح للقلوب أن تتآلف وتقترب من بعضها البعض.

اليوم؛ يرفع أعداء الإسلام أصواتهم لبثّ الفرقة. قضيّة الشيعة والسنّة تطرح اليوم من قبل الأمريكان والبريطانيين، وهذا عار بالنسبة لنا. كذلك؛ من بين القضايا التي يطرحها المحللون الأمريكيون والبريطانيون والغربيون ويدرسونها ويؤكدون عليها، هو فصل الإسلام السنّي عن الإسلام الشيعي وخلق الصراع بينهما.

العدوّ يريد أن يفعل هذا، لقد كان الأمر هكذا دائما. لقد حاول أعداء العالم الإسلامي دائماً الاستفادة القصوى من الاختلافات الدينية والعِرقيةّ والجغرافية والمناطقيّة، وقد تمّ اليوم استخدام الأدوات الحديثة في توظيف هذا العمل، يجب أن ندرك هذا، ونكون حذرين ومستيقظين. إنّهم يريدون أن يُشغلونا ببعضنا البعض، لصرف انتباهنا عن النقطة الأساسية التي يجب أن نركّز عليها، إنّهم يريدون أن يشغلوا الشعوب الإسلاميّة، والأمم الإسلاميّة، والديانات الإسلاميّة، شيعةً وسنّة، وما إلى ذلك؛ لكي تُنسى قضية إسرائيل. كان ينبغي لقضية احتلال فلسطين أن تقرّبنا من بعضنا البعض؛ إلا أنّهم استخدموا هذه القضيّة لإبعادنا وبثّ الفرقة بيننا. فمن خلال قضية فلسطين، يبثّون الفرقة والاختلاف في العالم الإسلامي، ويحرّضون الحكومات ضد بعضها البعض.

القضيّة الفلسطينية، قضيّة واضحة. لا شك – في أيّ دين من الأديان الإسلامية – في أنّه عندما تتعرض أرض الإسلام، أرض المسلمين، للهجوم أو الاعتداء، يجب على جميع المسلمين الدفاع عنها. جميع الديانات الإسلامية متّفقة في هذه النقطة؛ هذه ليست نقطة خلاف. إنّهم يجعلون هذه المسألة المتفق عليها، محلاً للشك والاختلاف، ويفرّقون المسلمين إلى مجموعات. يُثيرون التعصبات الدينية والطائفيّة في القلوب، ويؤججون نارها؛ كي يحققوا خُطّتهم ويصلوا إلى أهدافهم بكلّ سهولة.

يجب أن نكون مستيقظين؛ هذا ما تقوله الجمهوريّة الإسلامية، فقد وضعت الجمهورية الإسلامية، منذ بداية تأسيسها، وضمن سطور خطّتها الأولى وأهدافها الرئيسية، توحيد المسلمين وتقريب قلوبهم من بعضهم البعض، ومنها القضية الفلسطينية.

ففي كلام الإمام الراحل؟ره؟ ترى هاتين النقطتين في غاية الوضوح والصراحة؛ إحداهما: مسألة وحدة المسلمين في جميع الأمور والحدّ من الخلافات والحدّ من الفرقة، ومنع الخلافات الفكرية والفقهية والعقائدية ونحوها من إثارة العداوة والعداء بين الجانبين؛ والأخرى هي: مسألة فلسطين.

الجمهورية الإسلامية ثابتة وملتزمة بهذا الكلام، ولا تزال تدفع الثمن. إنّ شعبنا ينظر إلى هذا الأمر على أنّه تكيلف، وعلى أنّه واجب شرعي، ويعلمون أنّه إذا تمّ قلع هذا السرطان القاتل والخطير من جسد المجتمع الإسلامي، فسوف تُحلّ الكثير من مشاكل المجتمعات الإسلامية وستنشأ الكثير من التعاملات.

البلدان الإسلامية اليوم تكوّن مجموعة كبيرة يمكنها تبادل العلوم فيما بينها، وتبادل الثروة، وتبادل الخبرات، وتبادل المعرفة والتجارب، ومساعدة بعضهم البعض على التقدم والوصول إلى القمّة. لقد وضعوا هذا الورم السرطاني في وسط هذه البلدان، وتسببوا في تباعد الدول الإسلاميّة. بطبيعة الحال؛ إنّ الشعوب ليست معادية لبعضها البعض؛ لكن للأسف الشديد، إنّ المسؤولين هم المقصّرون في بعض الحالات.

ينبغي أن نحتفظ بهذه النقطة في أذهاننا كعبرة ودرس وتذكير مهم بمناسبة مولد نبي الإسلام الكريم؟ص؟؛ لنتعلّم منها، ونعتبر، ولنقترب من بعضنا البعض؛ كما أصبحنا قريبين بالفعل[1].


[1] في لقاء بمنااسبة مولد الرسول  الأعظم؟ص؟ والإمام الصادق؟ع؟ بتاريخ 4-3-2010م.

المصدر
كتاب نهاية السرطان الصهيوني في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى