العداء بين المسلمين؛ رغبة أمريكا والصهاينة

إنّكم ترون بثّ المناظرات بين الشيعة والسنّة في دولة أوروبية غير إسلامية ـ ومن أقدم وأكثر الدول عداءً للدول الإسلامية ـ، يستضيفون شخصية من الشيعة، وأخرى من السنة، لكى يأتيا ويتناقشا معاً على شاشة التلفزيون؛ ماذا يقصدون بهذا يا ترى؟ ما هو الهدف وراء قيام دولة مسيحية، دولة استعمارية ذات تاريخ أسود، من بثّ المناظرات بين الشيعة والسنّة؟ هل تريد هذه الدولة أن تُظهر الحقيقة؟! هل يريد هؤلاء للمستمعين والجمهور أن يعرفوا الحقّ ويفهموا الحقيقة من خلال هذا النقاش والجدال؟! أو أنّهم يريدون تأجيج نار الخلاف والفرقة من خلال هذه الأحاديث ومما قد يصدر من أحد الضيوف أثناء هذه الحوارات؟ إنّهم يريدون صبّ الزيت على هذه النار؟
مثل هذه التصرفات يجب أن توقظنا؛ يجب أن تعيدنا إلى رشدنا؛ يجب أن نكون على حذر. الشيعة لديهم منطق قويّ وحجج دامغة؛ إنّ أدلة متكلمي الشيعة زعلمائهم في المباحث المذهبية أدلّة صلبة وقويّة، لكن لا علاقة لذلك بأن يقوم أحد في عالم التشيّع ويبدأ بشتم مخالفيه وسبّهم وإثارة العداوة؛ فذاك أيضاً في المقابل، يقوم بمثل ما قام به هذا، وثيرون الجدل والنزاع. نحن نعلم؛ إنني أعلم بما يجري اليوم، وأعلم بما كان في الماضي، هناك أموال طائلة تُنفق لكي يكتب السنّة والشيعة كتباً في اللعن والشتم والافتراءات ضد بعضهم الآخر، المركز الذي يموّل الطرفين هو مركز واحد. الأموال التي تُصرف لتأليف ونشر كلا الكتابين تُنفق من جيب واحد. أ ليست هذه أموراً مثيرة للقلق؟ عليكم أن تنتبهوا إلى هذه الأمور.
اليوم وبفضل ولاية أمير المؤمنين؟ع؟، وباسم تلك الشخصيّة الفذّة، وبالاستعانة من روح أمير المؤمنين العظيمة، أشرت إلى هذا الامر لتأكيد ما قاله إمامنا الجليل على مر السنين وأكدنا نحن عليه أيضاً، وليعلم الجميع أنه لا ينبغي أن يتخيّل أحد في زاوية ما أنّه يدافع عن الشيعة ويتصوّر أنّ الدفاع عن الشيعة هو القدرة على تأجيج نار العداء ضد الشيعة وغير الشيعة. هذا ليس دفاعاً عن الشيعة؛ هذا ليس دفاعا عن الولاية. إذا كنت تريد كنه هذا العمل وباطنه، فهو خدمة لأمريكا؛ إنّه خدمة للصهاينة. لا بأس في الاستدلالات المنطقية، ألّفوا الكتب، ناقشوا واستدلوا؛ فقد كتب علماؤنا، وما زالوا يكتبون وليكتبوا. لدينا آراء شيعية مستقلة في الفروع، وفي الأصول، وفي كثير من القضايا، فليناقشوها ويستدلّوا عليها ويعبّروا عنها، وما سوى ذلك فليجيبوا عليه بالدليل المنطقي، لا بأس بذلك. لكن هذا يختلف عن السبّ والقذف وإثارة العداوة، يجب الانتباه إلى هذا[1].
لاحظوا؛ فيما يتعلق بدعم القضيّة الفلسطينية – وهذا مثال أودّ أن أطرحه – لم تصل أيّ دولة أو حكومة في دعم هذه القضيّة إلى مستوى الجمهورية الإسلامية. العالم بأسره يعترف بذلك. لقد وصل الأمر إلى درجة، أنّ بعض الدول العربيّة استنكرت وارتفع صوتها قائلة: إنّ إيران تريد تحقيق أهدافها وأغراضها هنا! بالطبع؛ لم يكترث الفلسطينيون لهذه النعرات. وكذلك في قضيّة غزّة – في هذه الحرب التي استمرت 22 يوماً منذ بضعة أشهر، ساهمت الجمهورية الإسلاميّة بكافّة إمكانياتها ومستوياتها؛ من قيادة ورئاسة ومختلف المسؤولين والشعب والمظاهرات والمال والمساعدات والحرس وغيره، في خدمة الشعب الفلسطيني المظلوم والمسلم. وفي خضمّ هذه الأحداث، فجأة رأينا فيروساً يتكاثر؛ يذهبون دائماً إلى بعض الشخصيات، والعلماء، والشرفاء، ويقولون: أيّها السادة! أ تدرون من هؤلاء الذين تساعدونهم؟ أ تعلمون أنّ أهل غزّة نواصب! نواصب يعني أعداء أهل البيت؟عهم؟، وقد صدّق البعض كلامهم! شاهدنا الرسائل تأتي وتروح إلينا يتساءلون: يا سيدي! إنّ هؤلاء نواصب. قلنا: العياذ بالله؛ لعنة الله على الشيطان الخبيث الرجيم. هناك في غزّة مسجد اسمه مسجد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟ع؟، وأيضاً مسجد الإمام الحسين؟ع؟؛ كيف يكون هؤلاء نواصب؟ أجل؛ أهل غزّة من أتباع المذهب السنيّ. لكن ليسوا نواصب؟! هكذا يتحدثون، هكذا يتصرفون، هكذا يعملون.
كما أنّ هناك أعمالاً وتصرفات في النقطة المعاسكة أيضاً؛ حيث يقوم البعض ويذهبون إلى قم، ويتصفحون كتب الشيعة، ليروا إن كانت هناك إهانة لمقدسات أهل السنّة، فيلتقطون صورة لتلك الصفحة، وينشرونها في الأوساط السنية، ويقولون انظروا أيّها السادة! هذه كتب الشيعة. أو يأتي خطيب جاهل أو مغفّل أو متحيّز ويتكلم على المنبر ويسيء إلى مقدسات أهل السنّة، فيقومون بتسجيل هذا الكلام، وتحويله إلى كاسيت أو قرص مضغوط، ونشره وبثّه هنا وهناك، والقول: انظروا أيّها السادة! هؤلاء هم الشيعة.
[1] في لقاء مع الألآف من الناس بمناسبة عيد الغدير الأغر بتاريخ 17-12-2008م.