مواضيع

المفاوضات مع الكيان الصهيوني؛ مغالطة كبيرة

من المغالطات الكبرى الأخرى؛ أن يُقال بأنّ السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب الفلسطيني هو التفاوض! التفاوض مع مَن؟ مع الكيان الغاصب المستبدّ الضّال الذي لا يؤمن بأي مبدأ سوى مبدأ القوّة؟! على ماذا حصل من انغرّ بهذه الألاعيب وهذا الخداع؟ ما حصلوا عليه من الصهاينة، باسم الحكم  الذاتي ـ بغضّ النظر عن طبيعته المهينة والمذلّة ـ أوّلاً؛ كان بتكلفة باهظة تتمثل في الاعتراف بملكية الكيان الغاصب لكامل الأراضي الفلسطينية تقريباً. ثانياً؛ إنّهم في بعض الأحيان قد داسوا هذه الحكومة الهشّة والمزيّفة التي حصلوا عليها تحت أقدامهم بأعذار واهية؛ إنّ محاصرة ياسر عرفات في مبنى إدارته في رام الله مع أنواع الإذلال والتحقير له، حادثة لن تُنسى. ثالثا؛ سواءً في عهد عرفات أو في عهد من أتى بعده خاصّة، تعاملوا مع مسؤولي الحكم الذاتي وكأنّهم رؤساء مراكز شرطة؛ حيث أوكلوا لهم مطاردة المجاهدين الفلسطينيين واعتقالهم ومحاصرتهم من خلال قوات الاستخبارات والشرطة، وبالتالي زرع بذور الكراهية والنفاق والفتنة بين المجموعات الفلسطينية. رابعاً؛ إنّ هؤلاء لم يحصلوا على هذا الإنجاز الضعيف إلا بفضل جهاد المجاهدين ومقاومة الغيارى من الرجال والنساء الذين لا يقهرون. فلو لم تحدث الانتفاضات، لما أعطاهم الصهاينة حتى هذا القدر من الحكم أبداً نظراً للتنازلات المتتالية التي أعطاها زعماء فلسطين التقليديون. أو التفاوض مع الولايات المتحدة وإنجلترا، اللتين ارتكبتا أكبر خطيئة في خلق ودعم هذا الورم السرطاني، واللتين هما طرف في هذا النزاع قبل أن تكونا وسيطتين. لن تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية أبداً عن دعمها الشامل وغير المشروط للكيان الصهيوني ولجرائمه الواضحة والبيّنة كالحادث الأخير في غزّة.

الرئيس الأميركي الجديد أيضاً، الذي تولى منصبه حاملاً شعار تغيير سياسات إدارة بوش، يدّعي الالتزام غير المشروط بتأمين الأمن لإسرائيل؛ أي الدفاع عن إرهاب الدولة، والدفاع عن القمع والعنف، والدفاع عن المجزرة التي راح ضحيّتها المئات من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين خلال 22 يوماً؛ وهذا يعني ذات الاعوجاج الذي حدث في عهد بوش وليس أقلّمنه ذلك.

كذلك؛ التفاوض مع الهيئات التابعة للأمم المتحدة؛ فهو نهج عقيم أيضاً؛ ولربّما لم تكن الأمم المتحدة قد تعرّضت لاختبار بيّن ومفضوح مثل القضيّة الفلسطينية.

فسرعان ما اعترف مجلس الأمن ـ ذات يوم ـ باحتلال فلسطين من قبل جماعات إرهابية جرّارة، ولعب دوراً أساسيا في نشوء هذا الظلم التاريخي واستمراره، وبعد ذلك، وعلى مدى عدة عقود، وقف صامتاً تجاه الإبادة الجماعية والتهجير وجرائم الحرب وأنواع المجازر التي ارتكبها هذا الكيان؛ بل أكثر من ذلك، عندما صوتت الجمعيّة العامّة على عنصريّة الصهاينة[1]، فإنّ مجلس الأمن لم يوافقها الرأي؛ بل نأى بنفسه عنها 180 درجة. إنّ دول العالم المستبّدة، التي تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن، إنّما تستخدم هذا المجلس العالمي كأداة.

والنتيجة هي أنّ هذا المجلس ليس فقط يحول دون مساعدة النشاط الأمني في العالم؛ بل حيثما يفترض أن تصبح مفاهيم مثل حقوق الإنسان أو الديمقراطية ونحوها وسيلة لاستكبارهم وهيمنتهم، فإنّه يهرع إلى مساعدة هذا الكيان ويضفي المشروعية على أنشطته غير القانونية بغطاء من الخداع والأكاذيب.


[1] في 10 تشرين الثاني-نوفمبر 1975 م، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً اعتبرت فيه الصهيونية أحد مظاهر العنصرية.

المصدر
كتاب نهاية السرطان الصهيوني في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى